
أقلام وأراء
الخميس 11 مايو 2023 10:30 صباحًا - بتوقيت القدس
صدقت زوجة خضر عدنان وأصابت

حقاً، صدقت بضع كلمات للسيدة رندة خضر عدنان محمد موسى، والأرجح أن يتفق عقلاء مختلف الأقوام، أياً كان مُعتقدهم، أنَّ كلماتها تُغني عن مجلدات من مقالات الرثاء، وأشعار التغني بصمود زوجها الذي قضى، مضرباً عن الطعام، في سجون إسرائيل، يوم الثاني من مايو (أيار) الحالي، وضمَنَتها التالي: «سنستقبل المهنّئين، لأنّ هذه الشهادة عرس وفخر لنا، وتاج على رؤوسنا»، وفق ما أوردت «الشرق الأوسط» في عددها الصادر الأربعاء الماضي. إضافة لما سبق، أصابت زوجة الراحل تماماً في مخاطبتها المحتل الإسرائيلي بما يلي: «احفظوا وجوه أبنائي جيداً. والله ما ربيناهم إلا على العزة والكرامة»، مثلما أنها أصابت، كذلك، في ندائها الذي وجهته إلى فصيل «الجهاد الإسلامي»، الحركة التي إليها ينتمي الراحل، وإلى فصائل المقاومة عموماً، وتضمن الآتي: «لا نريد مَنْ يضرب الصواريخ وتُضرب غزة بعدها... لا نريد أن تراق قطرة دم».
كم هو رائع، مثير للإعجاب، لافت للنظر، وموضع تقدير، أن تمتلك زوجة الأسير، وأم أبنائه، بعدما بلغها الخبر، أنه قضى نحبه، فاحتسِب شهيداً، القدرة على أن تتمالك أعصابَها في تلك اللحظة، حتى لو أن الوفاة كانت متوقعة بعد تواصل الإضراب عن الطعام أسابيع عدة، ثم تواجه تحديين معاً، لكلٍ منهما قدر من الأهمية كبير، بل والأغلب أن تترتب عليه آثار لعلها لن تخلو من متاعب جمة. التحدي الأول أن تخاطب سجان زوجها، والمتسبب في موته، فلا تتردد في توجيه تحذير مضمونه أن الأبناء يواصلون السير على دروب الآباء، بعدما يقضون في مواجهتهم مع المحتل. أما ثاني التحديين - وهو الأصعب، وفق تقديري - فهو أن تكظم غيظها، وتقدم مصالح شعبها، فتكبح نزعة الانتقام للزوج الراحل، ولا تسمح لها أن تجمح، ثم تطلق صيحة العقل المعطرة بأريج حزن قلب مجروح؛ «لا نريد من يضرب الصواريخ وتُضرب غزة بعدها... لا نريد أن تراق قطرة دم». ذلك نداء عقل سوف يُسجل للسيدة رندة موسى، رفيقة درب خضر عدنان، في وثائق التاريخ، وسوف يكون موضع تقدير كل ذي ضمير.
كم حري بقيادات فصائل المقاومة، بمختلف تياراتها، أن تتأمل نداء رندة خضر عدنان، وأن تتدبر في ندهة أمٍ مكلومة، لم يحل حزنها العميق دون توجيهها كلمة ترتفع بها فوق جرحها الذاتي، فتقدم مسؤولية أمان شعبها وأمنه، سواء في قطاع غزة، أو الأراضي الفلسطينية كافة، على أي شأن آخر. قبل أن يقع سهو، أو نسيان، خلال الاستطراد في المقال، يقتضي الإنصاف الموضوعي القول إن قيادة حركة «الجهاد الإسلامي»، سارعت إلى التجاوب مع مطلب زوجة الراحل، فأوقفت إطلاق صواريخ بدأ فور إعلان الوفاة، وأدى، بالطبع، إلى قصف إسرائيلي على مناطق سكنية في غزة، فأودى بحياة رجل مسن. هذا التجاوب يستحق أن يُسجل لحركة «الجهاد الإسلامي»، عندما تُراجع وثائق التاريخ، وتُدرس مواقف الحركات والفصائل الفلسطينية في التعامل مع مطالب قواعدها الشعبية.
وحري كذلك بالعقلاء، إن كانوا موجودين، بين ساسة إسرائيل الحاليين، أن يكفوا عن وهم أن يقبل عموم الفلسطينيين أي سلام غير شامل لحقهم في دولة تتمتع باستقلال حقيقي كامل، فوق جزء من وطنهم الذي انتُزع منهم قبل 75 عاماً. لن يتحقق العدل، ولن ينهض السلام القابل للاستمرار، إنْ لم يستطع المحتل الإسرائيلي تقبل حقيقة أن بالوسع إخراج الفلسطيني من أرض أجداده بالقوة، ولكن ليس من قوة، أياً كانت، مهما بلغت، ومهما تجبرت، تستطيع أن تضع فلسطين خارج قلوب أهلها الطبيعيين، يتوارثون رباط الانتماء إليها جيلاً بعد جيل.
فقط، حين يتوصل غلاة متطرفي النهج الصهيوني، وليس المعتدلين في أوساط بني إسرائيل، إلى ضرورة التوقف عن إنكار ورفض حقائق ترجع جذورها إلى ما قبل تلقي موسى (عليه السلام) التوراة ومجيء الديانة اليهودية، وتؤكد أن شعب فلسطين وُجد على هذه الأرض، وزرع تربتها، وأقام قرى ومدائنَ على ضفاف وديانها، وشواطئ سواحلها، وتخوم جبالها، حتى يتم ذلك فعلاً، وليس قولاً فحسب، سوف تبقى المواجهات قائمة حيثما أمكن إشعال أوارها، ومن بينها معارك «الأمعاء الخاوية»، التي يلجأ إليها الأسير الفلسطيني اضطراراً، بعدما يتجاوز سجانوه كل مدى في الظلم، فيجيز لنفسه الجوع المفضي للموت. رحم الله خضر عدنان، وشدَّ أزر رندة، وأبنائها، وربط على قلوبهم جميعاً. بالاتفاق مع "الشرق الاوسط"
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
تحية وتقدير للتضامن العالمي مع شعبنا وحقوقه !!
حديث القدس
من ينزل نتنياهو عن الشجرة وكيف؟!
المحامي إبراهيم شعبان
الخيار في المقاومة
حمادة فراعنة
الحجيج المخابراتي للدوحة لإيجاد مخرج ما... المقاومة تفرض خياراتها
وسام رفيدي
اخطاء التسوية السياسية المعتادة
د.أحمد رفيق عوض/ رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية/جامعة القدس
في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ، تحية للمقاومة
منيب رشيد المصري
لا أمن ولا سلام لاسرائيل بدون دولة فلسطينية
حديث القدس
فلسطين عابرة للقارات
عصام بكر
حماس... شكراً
حمادة فراعنة
حل الدولتين
يونس السيد
هل تكون هدنة غزّة مدخل الحلّ؟
عبد الباسط سيدا
الرأي العام الأمريكي.. والاتجاه نحو تأييد الشعب الفلسطيني
جيمس زغبي
المعضلة والمخرج (2)
نبيل عمرو
المقاومة تحقق المزيد من الانتصارات
حديث القدس
صفقة التبادل الجزيئة والهدنة المؤقتة ،هل ستقودان الى تفكيك حكومة نتنياهو...؟؟؟
راسم عبيدات
إجراءات الدعم بعد الوجع
حمادة فراعنة
جنرالات إسرائيل و«جنرالات» غزة
غسان شربل
نجاح تبادل الأسرى بالمحتجزين يمهد الطريق نحو تحرير جميع الاسرى
المحامي علي أبو هلال
إسرائيل .. من الدلف فالمزراب فالمستنقع
حمدي فراج
صفقة الأسرى انتصار للمقاومة ... ماذا بعد؟
هاني المصري
الأكثر تعليقاً
الأكثر قراءة
غزة تعيد صياغة العالم اخلاقيا

الاحتلال يعيد المعتقلة المقدسية الطفلة نفوذ حماد إلى الأسر بعد قرار بالإفراج عنها

أسماء الدفعة السادسة من المعتقلين الذين سيفرج عنهم اليوم

القسام تنشر رسالة تلقتها من إحدى الأسيرات الإسرائيليات المفرج عنهن

المحامي الجبريني: الطفلة المعتقلة نفوذ حماد أصيبت بجروح جراء اعتداء الاحتلال عليها في "المسكوبية"

"الوقت يعمل ضدّ إسرائيل": مخاوف عسكرية من تمديد الهدنة في غزة

إصابة ثلاثة طلاب فلسطينيين في اعتداء مسلح بولاية أميركية

أسعار العملات
الأربعاء 29 نوفمبر 2023 1:30 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.67
شراء 3.65
يورو / شيكل
بيع 4.03
شراء 4.0
دينار / شيكل
بيع 5.18
شراء 5.15
هل تستطيع إسرائيل خوض حرب طويلة في غزة؟
%80
%20
(مجموع المصوتين 381)
القدس
()
شارك برأيك
صدقت زوجة خضر عدنان وأصابت