Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 03 نوفمبر 2024 10:10 صباحًا - بتوقيت القدس

وزن الكتاب ذهــــباً

أسرَّ لي صديق كاتب بأنه يخاف على مكتبته العريقة التي جمعها على مدار ستين سنة وأكثر. يخشى أن تذهب هذه النفائس خردة أو زبالة على جوانب الحاويات. وأسر بأنه ندم أن صرف جل عمره في القراءة والتأليف والبحث وأخذ الحياة على محمل الجد، ويسألني بحزن: ماذا قدمت لي مؤلفاتي؟ أنها حتى لم تطعمني خبزا أو بصلا.


تذكرت الجاحظ مع همس الصديق. الجاحظ الذي مات بعد أن سقطت عليه مكتبته برفوفها وكتبها الثقال. ولكني لا أصدق أن موته كان صدفة، بل أجزم أنه كان انتحارا مبرمجا، بعد أن شعر في لحظة حانقة أن تعبه وسهره في القراءة والكتابة والتأليف والبحث لن يجد صدى في الآخرين.


وربما هو السبب ذاته ما دفع فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة أبو العلاء المعري أن يحرق كتبه، ظاناً بها على الناس، الذين لم يقدروا له جهوده. وكثر من فعلوا بكتبهم مثل ذلك، فيوسف بن أسباط، جعل كتبه في غار مجهول، ثم سدَّ بابه، أما أبو سليمان الداراني، فقد جمع كتبه الكثيرة في تنور وسجرها بالنيران، وقال: والله ما أحرقتك، حتى كدت أحترق بك. وتاج الأمة داود الطائي، طرح كتبه في البحر، كي لا تصل إلى الناس الذي لم يأخذوا بيده، وسفيان الثوري، مزقها وطيرها في الريح، وقال: ليت يدي قطعت من ها هنا، بل من ها هنا ولم اكتب حرفاً!.


ولم تقنعني حادثة أحد الخلفاء العباسيين، عندما أراد أن يشجع العلم والأدب، فأمر أن يمنح الكاتب الذي يؤلف كتاباً أو يترجمه، أن يمنح وزن هذا الكتاب ذهباً، لكنّ الذي راقني جداً، أن أحد الانتهازيين فكر بالذهب أكثر؛ فنقش كتابه على صخرة ثقيلة، ودحرجها لبلاط الخليفة، كي يعطى بها ذهباً.


لا أحلم أن يمنح الكاتب وزن كتابه ذهباً، بل أتوق لو أن الكتاب في بلادنا، يستطيعون أكل لقمة خبزهم من ريع كتبهم. ولكننا اكتفينا بندب حالنا ولم نعمد إلى ما من شأنه أن يعيد الكتاب إلى قيمته الحقيقية.


وبالطبع لا يعجبني أن ييأس الكاتب أو أن يقدم كتبه وجهوده قرباناً للمجهول أو إلى تنور النيران، بحجة أن الآخرين لا يستحقون، وأن الزمن عاق. ولا يعجبني أن ييأس القراء أيضاً، ويؤلمني أن يتخلصوا من كتب قد تكون لهم الملاذ الأخير في زمن يعزُّ فيه الصديق.

دلالات

شارك برأيك

وزن الكتاب ذهــــباً

المزيد في أقلام وأراء

الذكاء الاصطناعي: أداة تطور أم وسيلة للسيطرة على الشرق الأوسط؟

بقلم : صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

الذكاء الاصطناعي والمناصرة الفلسطينية

عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

غزة النازفة!

ابراهيم ملحم

غزة تصرخ: متى تتوقف حرب الانتقام؟

حديث القدس

عار على البشرية

بهاء رحال

إرث الواقع العربي والحاجة إلى تيار تقدمي ديمقراطي جامع

مروان أميل طوباسي

اليوم الدولي لحقوق الإنسان يكشف بشاعة جرائم الاحتلال الإسرائيلي

عبدالله توفيق كنعان, أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

"الاستيطان" القومي والديني اليهودي.. أحدث الخطط والتحديات

أسعد عبدالرحمن

إعدام النطاسيّ الأخير!

ابراهيم ملحم

حرب الإبادة.. لغة إسرائيل في غزة

حديث القدس

تحديات المستقبل الفلسطيني في ظل التحولات الإقليمية والمخططات الإسرائيلية

فادي أبوبكر

سوريا الجديدة.. الجمهورية السورية الاتحادية

كريستين حنا نصر

لن تطول سكرة الفرح في سوريا

وسام رفيدي

عهد جديد لسوريا

حمادة فراعنة

إسرائيل تواصل العبث بالشرق الأوسط

حديث القدس

سوريا:نهاية حكم أم نهاية دولة!

د. ناجي صادق شراب

عهد جديد لسوريا

حمادة فراعنة

سوريا على مفترق الطرق.. أسئلة تطرحها التحولات الجارية

مروان اميل طوباسي

جرعات طبيعية للتعافي من الضغوطات النفسية

د. غسان عبدالله

الفرد الفلسطيني جوهر السلم الأهلي وأساسه

صبا جبر

أسعار العملات

الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:06 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.59

شراء 3.58

دينار / شيكل

بيع 5.06

شراء 5.04

يورو / شيكل

بيع 3.6

شراء 3.66

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 227)