أقلام وأراء

السّبت 02 سبتمبر 2023 10:27 صباحًا - بتوقيت القدس

في ظل انحسار الهيمنة الاميركية .. هل ستشهد المنطقة تسويات سياسية ؟

منذ فترة ونحن نتابع متغيرات تستهدف النظام الدولي القائم على الهيمنة أحادية القطب الأميركية، وقد شمل ذلك متغيرات وتحولات بالمواقف السياسية ودور اللاعبين من دول وقوى بالاقليم ايضاً. خاصة بعد زيارات عدد من زعماء الدول الكبرى للمنطقة وحضور اجتماعات لتجمعات إقليمية فيها في محاولة توسيع قاعدة التحالفات السياسية الدولية كجزء مما يجري في هذا العالم .


وقد رافق ذلك حضور"٣٣" دولة ومشاركة عدد من دول الإقليم في لقاءات التجمعات الاقتصادية الناشئة كالبريكس وشنغهاي والتي من المرجح تحولها إلى تكتلات جيوسياسية تساهم في حسم الصراع القائم اليوم بين الشرق والغرب، بمساهمة تجمعات إقليمية من مختلف القارات الأخرى، وتحديدا منها اللاتينية والأفريقية. التي تشهد متغيرات تطيح باستغلال قوى الاستعمار الغربي لمقدراتها، تساهم بإيجاد نظام دولي جديد متعدد الأقطاب. بعد أن كان الدور الأميركي في كلا القارتين أدى الى انهيار أمني وانمائي بمشاركة دول غربية، الأمر الذي أدى الى الفقر والبطالة وارتفاع  أعمال الإرهاب والجرائم هنالك.


لقد بدأت سرعة هذه التحولات بشكل واضح بعد المواجهة العسكرية التي فرضتها الولايات المتحدة بالوكالة في وسط القارة الأوروبية وتحديدا في منطقة اوراسيا. التي تعتبرها الولايات المتحدة ذات أهمية جيوسياسية كبرى يتم السيطرة من خلالها على أوروبا ومن ثم على العالم وذلك لمحاولات حصار روسيا ومنع تمددها .
وتعود هذه الرؤية الأميركية إلى عهود سابقة كتبها مستشار الأمن القومي الأميركي بريجنسكي وتحديدا ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي.


فكان الهدف الأساس من ما سمي بالربيع العربي تغيير المعادلات الشرق أوسطية من خلال اضعاف الدولة الوطنية وقدراتها، في محاولة لبسط الهيمنة والقوة الإسرائيلية كجزء من المخطط الأميركي بالشرق الأوسط. وقد منيت بالفشل، حيث جرت الرياح بما لا تشتهيه السفن والقواعد الأميركية المنتشرة اليوم في معظم بحار  ودول العالم. هذا بالإضافة الى فشل زيارات بايدن للدول العربية في وقت سابق وانهيار مشروع الناتو العربي .


وقد انضوى كل ذلك تحت محاولة الإدارة الأميركية تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي أعلنته كونداليسا رايس قبل ما يقارب من "٢٥ عاما" والذي حظي بدعم الثعلب الصهيوني شمعون بيريس وجماعته آنذاك.


إن أطماع الولايات المتحدة القائمة على رؤيتها الاستراتيجية للأمن والطاقة والسياسة الخارجية بخصوص الشرق الأوسط وشرق المتوسط، وفق قانون خاص اقره الكونغرس، لم تتوقف بغض النظر عن تغير الإدارات فيها، فعملت على ابتداع ما سمي بالسلام الابراهيمي وما تبعه من اتفاقيات تطبيع دون ثمن، وتغيب متعمد للحقوق السياسية لشعبنا الفلسطيني وتجاوز لإرادته، في محاولة استدامة الاحتلال الاستيطاني بغطاء من الأنظمة المطبعة وبتجاوز للقانون الدولي والانظمة والقرارات الأممية بل وانتهاكها .


واليوم فان هذه الإدارة تحاول تحقيق أهداف عدة من خلال محاولة عودتها للشرق الأوسط بتكتيكات سياسية جديدة بعد أن روجت لانسحابها، على اثر فشل سياساتها بسوريا والعراق واليمن، أمام صمود شعوبها والتواجد الروسي والصيني متعدد الاشكال فيها، بعد أن قامت بتوتير العلاقات مع الصين خشية فقدان هيمنتها.


وتتلخص هذه الأهداف باعتقادي من خلال محاولة إيجاد تسويات سياسية تتعلق بقضيتنا وقضايا الشرق الأوسط بشكل عام، من اجل تحقيق مكسب انتخابي لإدارة بايدن والحزب الديمقراطي مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية ومن اجل مساعدة دولة الاحتلال  واخراجها من ازمتها المتفاقمة حتى تحافظ على قيمتها كشريك استراتيجي، ومن اجل مواجهة التمدد الروسي ودور الصين المتنامي بالمنطقة.  حيث أنجزت هذه الأخيرة، اتفاق المصالحة الإيراني السعودي، وتقدمت بورقة مبادرة سياسية للرئيس "ابو مازن" لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التي حظيت بموافقة عربية أيضا.


من الواضح عبر مسير الأحداث أن اليوم ليس كما كان بالأمس فيما يتعلق بالعلاقات الأميركية العربية. فيبدوا أن الدول العربية قد أدركت قيمتها المضافة في معادلات السياسة الدولية، واصبحت تتجه لعلاقات جديدة متعددة، مبنية على الاحترام وتبادل المنافع مع الشرق بما فيها روسيا والصين بحقول مختلفة، وبعيدا عن شكل العلاقات القائم بالسابق مع الولايات المتحدة والغرب عموما الذي استنزف قدرات تلك الدول واحاطها بنوع من الهيمنة السياسية والاقتصادية عليها .


لذا، فقد كان من الضروري للولايات المتحدة أمام هذا الواقع المتغير ولخدمة الأهداف التي تحدثت عنها، أن تلجأ إلى سياسة استباق الأحداث في محاولة لاعادة تموضعها بالشرق الأوسط من خلال استكمال وتوسيع الانضمام لاتفاقيات ابراهام. فكان بدء الحوار الأميركي السعودي من جهة والأميركي الإسرائيلي من جهة اخرى لمحاولة الوصول الى تطبيع العلاقات بين الرياض وتل ابيب بعد عدد من الإجراءات التي سببها الإعلام أو تم الإعلان عنها رسميا . وتسعى ايضا الى حل قضايا الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان، بعد نجاحها في ترسيم حدودهما البحرية العام الماضي.


وقبل زيارة نتنياهو سيزور زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد واشنطن هذا الأسبوع ويلتقي بمسؤولين كبار في البيت الأبيض والخارجية الأميركية لنقاش أمر التطبيع الذي تسعى له الولايات المتحدة بين المملكة السعودية وإسرائيل، اضافة الى استعراض آفاق التغيير الحكومي بدولة الاحتلال حتى تكون أكثر قبولا وأقل اعتراضا على موضوع التطبيع .


الآن، وبعد تسريبات اعلامية واسعة تتعلق بتفاصيل هذا المسار وتقديم ملاحظات إلى كافة الجهات المعنية بالاتفاق، فاني لا أعتقد اولا ، أن الأميركيين وبموافقة الكونغرس قادر، أو أنه يرغب بالضغط على إسرائيل بقبول "تنازلات جوهرية " في شأن قضيتنا الوطنية. وثانيا فإن لا هذه الحكومة المتطرفة الدينية أو في حال أتت حكومة بتحالف مع لابيد وغانتس والتي ترغب بالتعاطي السياسي الجوهري مع ملف القضية بما يؤدي إلى وقف مشروعهم الاستيطاني التوسعي الصهيوني أو ببداية القبول باقامة الدولة الذي يتطلب موضوعيا انهاء الاحتلال والانسحاب من الأراضي المحتلة. وثالثا فان المملكة السعودية لن تكرر تجارب فاشلة اخرى من التطبيع أو ما حدث مؤخرا في ليبيا، فهي، اي السعودية، تمتلك مقومات قيادة العالم العربي اليوم بعد المصالحة مع إيران وامتلاك العلاقات المتميزة مع روسيا والصين، الدولتين ذات الإمكانيات التي من الممكن تعويض ما لن تلبيه الولايات المتحدة لها .


المسألة لا يجب ان تؤخذ بردود سريعة تحت مبررات السياسة البرغماتية بعدم معاداة الأمريكان الان وبعدم تكرار الموقف من اتفاقيات التطبيع السابقة التي لم ترضي شعوب الدول بها ولم تحقق سلاما ولم تغير من واقع شعبنا وجرائم الاحتلال شيئا.


برأيي، ان الشروط التي يجب أن تقبل بها إسرائيل للسير في اي اتفاقية برعاية كان من كان، يجب أن تتلخص بالموقف السياسي لقبول مفاوضات بجدول زمني ورعاية دولية على شاكلة المبادرة الصينية وسندا لمبادرة السلام العربية القائمة على القانون الدولي والقرارات الأممية، تُفضي الى انهاء الاحتلال الاستيطاني قبل اي شيء، والقبول بحق شعبنا بتقرير مصيره. وبغير ذلك تكون المسألة أو ما يدور من مفاوضات هي ذر للرماد في العيون.

دلالات

شارك برأيك

في ظل انحسار الهيمنة الاميركية .. هل ستشهد المنطقة تسويات سياسية ؟

المزيد في أقلام وأراء

مقارنة بين نكبتين.. من الطنطورة إلى الشابورة

إبراهيم ملحم

لاجئ وحتما عائد

حديث القدس

ذكرى النكبة محطة العودة

حمادة فراعنة

حق العودة بعد السابع من أكتوبر

عصري فياض

في يوم أوروبا.. بين مواقفها والوقائع بعد ٧٦ عاماً من جريمة النكبة

مروان إميل طوباسي

استقلالهم ونكبتنا

بهاء رحال

فلسطين و "إسرائيل".. من الهولوكوست اليهودي إلى الهولوكوست الفلسطيني

إبراهيم أبراش

عن القدس في ظل حرب الإبادة

يونس العموري

جبل غزة الذي لا ينحني….

محمد دراغمة

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

فلسطين لم تهزم … كانت وصارت وستبقى فلسطين

حديث القدس

من خرق ميثاق الأمم المتحدة غير المستعمرة؟

حمادة فراعنة

طوفان الأقصى: طبقا لأرقامهم فقط

وليد عبد الحي

الوقت عامل العوامل.. إن لم تقطعه قطعك ووزع لحمك على القبائل

حمدي فراج

هل تريد أميركا وقف الحرب فعلًا؟

فايد ابو شمالة

العدالة الدولية البطيئة أشد أنواع الظلم!!

المحامي إبراهيم شعبان

في ذكرى النكبة الـ76 ... بداية نهاية المشروع الصهيوني‎

هاني المصري

في ذكرى النكبة.. الميناء الأمريكي وخطر التهجير.. عود على بدء

جمال زقوت

باقون هنا ..على درب فلسطين

حديث القدس

الذكرى 76 لنكبة فلسطين.. التاريخ يعيد نفسه والنتائج مختلفة

ماجد الزير

أسعار العملات

الأربعاء 15 مايو 2024 9:44 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.67

شراء 3.65

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.97

يورو / شيكل

بيع 5.18

شراء 5.15

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%2

%98

(مجموع المصوتين 47)

القدس حالة الطقس