أقلام وأراء

الثّلاثاء 23 مايو 2023 10:02 صباحًا - بتوقيت القدس

ذكريات عن النكبة المنكوسة و النكسة المنكوبة

يفصل ذكرى نكبتنا عام 48 عن نكستنا عام 67 عشرون يوما ، عشت في الأولى طفلا صغيرا و شهدت الثانية فتى في العاشرة ، لكن نقطة التحول في حياتي بدأت بعد ان نلت شهادة الثانوية العامة بمعدل جيد جدا ، يعادل معدلات اليوم المرتفعة التي تقل عن 100% بقليل ، يومها عرض علي ابي بشيء من الاذلال والانكسار ان يعلمني مهنة الحلاق او السائق ، كان حينها ثلاثة من اشقائي الأكبر يتعلمون الطب والهندسة ، بينهم اختي "نعيمة" التي كانت في كلية للمعلمات في الأردن ، وواضح انه لم يعد باستطاعته تعليم المزيد ، لكني أدركت معنى العرض (سائق او حلاق) لاحقا ، من ان هاتين المهنتين تجنيان ارباحهما فورا و يوميا دون الاضطرار لانتظار شهر كما باقي المهن و الوظائف ، لم ترق لي منحة "الصيدلة" في اليونان التي اقترحها علي اخي الأكبر طالب الطب هناك "نبني بناية من طابقين ، في الثاني عيادة و في الأرضي صيدلية" ، رفضت فكرة "الصيدلة" لانها لا تختلف كثيرا عن الدكان ، و مع ذلك سافرت الى الأردن للالتحاق ببعثة الى العراق ، لكن خالي الذي كنا نحبه حبا تقديسيا ، نصحني بعدم التغرب ، خاصة ان هناك جامعة جديدة فتحت في بيت لحم ؛ تبقى عند اهلك و تدير بالك على اخوتك الأصغر . 


لكن السبب الحاسم كان : اذا لم تلتحقوا انتم طلاب فلسطين بالجامعة الفلسطينية الوليدة ، كيف سيصبح لديكم جامعات . عدت من فوري الى بيت لحم متأخرا بضعة أيام ، لكن الخوري الأخ برندن اول عميد للجامعة عندما رأى شهادتي رحب بي بحفاوة ، و قلت له انني فقير ولا يملك ابي دفع اقساطي لأنه يصرف على ثلاثة من اخوتي ، فقال لي ان الجامعة تقدم منحا للمتفوقين الحاصلين على ما يسمى مرتبة الشرف . ومن يومها لم أدفع أي قسط طوال السنوات الأربع اللاحقة . واجهتني مشكلة الاندماج مع بقية الطلبة الذين ينحدرون من أسر غنية ، يلتحقون بالجامعة من أجل الوجاهة و ليس من أجل الحاجة الى الشهادة والوظيفة ، و اكتشفت مبكرا ان مشكلة الاندماج يعاني منها أيضا نفر آخر من الزملاء ، كنت ابحث عنهم بعد انتهاء المحاضرة فلا أجدهم ، و عندما سألت كل واحد منهم ، قالوا انهم يخرجون من الجامعة لانهم لا يجدوا مكانا بين بقية الطلبة ، خاصة الطالبات ، ولا يستطيعوا الذهاب الى الكافتيريا لانهم لا يملكوا نقودا ثمن الطعام او الشراب .


 احدهم من حوسان والثاني من بيت امر والثالث من صوريف . كشفوا لي انهم يخرجون الى السوق واحدهم الى الجبل المقابل لمخيم الدهيشة (الدوحة اليوم) ، فقلت لهم ان الحل الأمثل ان نبقى داخل الجامعة و ان نحضر طعامنا معنا من بيوتنا ، انت تحضر رغيفين من خبز الطابون الذي تعده أمك يوميا وانت تحضر بندورة او بصل من مقثاتكم وانت تحضر الزعتر وانا احضر الزيتون ، و بدأنا نأكل بشكل جماعي مكشوف ، شيئا فشيئا راق المشهد و ربما الطعام لآخرين و أخريات من بيت ساحور و بيت جالا والقدس و بدأوا يقاسموننا طعامنا ، و في نهاية السنة الدراسية ، كنا قد اكتسحنا مجلس اتحاد الطلبة ، و لاحقا أممنا الكافتيريا .

دلالات

شارك برأيك

ذكريات عن النكبة المنكوسة و النكسة المنكوبة

المزيد في أقلام وأراء

مساومة أميركية اسرائيلية على دماء الفلسطينيين

حديث القدس

أمريكا تريدها وهماً تفاوضياً وإسرائيل تسعى لمنعها واقامة الدولة الواحدة اليهودية العنصرية

مروان أميل طوباسي

من يردع عصابات المستوطنين ومن يحمي شعبنا؟

بهاء رحال

في معاني الليلة الإيرانية

أحمد جميل عزم

"اسرائيل" ومأزق الرد وعدم الرد

راسم عبيدات

دعوات الصقور لضرب إيران الآن مخطئة

مارك شامبيون

جرائم ضد الإنسانية

حديث القدس

تحذيرات بايدن والفعالية المنقوصة--

حسن ابو طالب

ازدواجية ليست مفاجئة... ومستمرة---

بكر عويضة

رغم نفاق الاعلام الغربي .. هزمت إسرائيل...

فتحي كليب

أسباب تغيير الموقف الأميركي ودوافعه

حمادة فراعنة

حول مقولة (المسرحية) واستدخال الهزيمة

وسام رفيدي

في الذكرى السادسة والثلاثين لرحيل أول الرصاص وأول الحجارة

عباس زكي

١٧ نيسان : فلتهز صرخة أسرى فلسطين المدوية أرجاء العالم

حديث القدس

إيران ضربت إسرائيل في حزامها

حمدي فراج

الفلسطينيون والمنطقة بدون الأونروا؟!

علي هويدي

مقبرة مستشفى الشفاء الإجرامية

حمادة فراعنة

جبهة الضفة الغربية تشتعل

راسم عبيدات

الاحتلال الإسرائيلي وترتيبات اليوم السابق لانتهاء الحرب على غزة

محسن محمد صالح

تومــاس فريدمــان والنصائح المسمومة‎

هاني المصري

أسعار العملات

الخميس 18 أبريل 2024 10:59 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.78

شراء 3.77

دينار / شيكل

بيع 5.34

شراء 5.32

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.0

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%72

%24

%5

(مجموع المصوتين 127)

القدس حالة الطقس