Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 17 أبريل 2025 10:02 صباحًا - بتوقيت القدس

هل بتسليم السلاح تَسْـلم الأرواح؟

هذا هو السؤال ومحور النقاش الأوسع مؤخراً، لكن لا يمكن لأحد تقديم إجابة قاطعة عليه، وحتى بالنظر إلى التجارب التاريخية، نجد أن الجواب كان نصف نعم؛ فحتى في السياقات التي كان فيها الجواب "نعم"، كانت سياقات مختلفة تماماً، لم يكن احتلالاً إحلالياً.

تجربة منظمة التحرير الفلسطينية وخروجها من بيروت كانت مفصلاً مهما في فهم هذه القضية، حينها - وخلال هذا العدوان أيضاً – قيل: لو كانت المنظمة فوق أرض فلسطينية لما خرجت، أو سلمت سلاحها، ولو جزئياً، واليوم، رغم أن المقاومة تقف على أرضها، تعلو الأصوات ذاتها – وأخرى إقليمية ودولية – مطالبة بتسليم السلاح، لحماية الأرواح، وعلى أهمية حمايتها، فهي المخزون والسلاح الاستراتيجي للفلسطيني، وبالنظر إلى أن المعركة في جوهرها وجودية، وإنه صراع على التاريخ والجغرافيا، لكن السؤال الأهم، هل يهدد - ما تبقى من سلاح المقاومة في غزة – أمن إسرائيل؟ أم أن تجريد الفلسطيني من كل شي هو الغاية؟ الواقع يقول إن المشكلة ليست في سلاح المقاومة بحد ذاته، فلو سلمنا - جدلاً- إنه كان هاجساً أمنياً قبل السابع من أكتوبر، من غير المؤكد أن الحال كذلك اليوم، بعد ثمانية عشر شهراً من العدوان، لم تتلق فيها أي دعم او إسناد، بينما كان فضاء الكون وبحره وبره جسوراً بلا حدود، حملت للمحتل أدوات القتل وأشدها فتكاً، ما يكشف عن أن الهاجس الحقيقي هو الفلسطيني ذاته. هذا الكائن المعجون من عزم ودم، الذي لم ييأس لسبعة عقود ويزيد، ولم يفت من إرادته الحصار والتجويع، ولا النار والحديد، كما لم تفلح المنافي في كسر إرادته، لذلك يطرح التهجير.

في هذا التوقيت تحديداً، ربما من المفيد النظر إلى الخلف قليلاً، والتمعن في تجارب الماضي، قبل الانسياق وراء وعود تتكرر منذ عقود بلا مقابل، فتسليم السلاح – في ظل الاحتلال – يعني عملياً القبول بالاستسلام دون ضمان لأي حقوق، والتجارب تظهر أن نزع السلاح كان نتيجة استسلام تام، لا خياراً تفاوضياً، وبهذا، فإن طرحه تحت شعارات إنسانية، يعد تغليفاً لمطلب سياسي بغطاء أخلاقي زائف.

التجارب العالمية مجتمعة – على اختلافها - تؤكد أن نزع السلاح لم ينجح إلا في إطار تسوية عادلة وشاملة، وبضمانات سياسية حقيقية وواضحة، وإصلاحات وإجراءات لبناء الثقة، الأمر غير الممكن في هذه الحالة، ففي التجارب التي فرض فيها نزع السلاح بالقوة دون معالجة المظالم، أدى إلى مجازر ونزاعات لا تزال قائمة الى يومنا، وفي حالات أخرى لم يمنع نزع السلاح الغزو، بل أدى إلى فوضى وولادة تنظيمات "إرهابية" لم نسمع بها "في آبائنا الأولين".

من هنا، يمكن تفهم مواقف الرافضين، مهما كانت نسبتهم، قلة أو كثرة، فبالنسبة لهم، لا يمثل السلاح مجرد وسيلة قتالية، بل رمزاً في وجه محتل لا يعترف بإنسانيتهم، سواء كانوا عزلاً أو مسلحين، تلك قناعة متجذرة في الوعي الشعبي عموماً، الذي خبر وعوداً واتفاقات أكل عليها الزمان، واتفاق أوسلو مثال على نزع سلاح فصائل المنظمة مقابل حلم بدولة، فكانت النتيجة أن تمدد الاحتلال، فأكل الحلم، وابتلع الأرض، ولم يتوقف عن القتل، فيما اكتفى "الوسطاء" أحياناً بالشجب والصمت.

ذلك ما عبر عنه بعض الغزيين بالقول "نخشى أن إسرائيل ستقتلنا سواء كنا مسلحين أو لا"، هذا الشعور يعيد تعريف السؤال، هل تسليم السلاح سيحمي الأرواح، أم سيكشفها أكثر؟  

ثم إنه ومن زاوية قانونية وأخلاقية، يرى الفلسطيني أن مقاومته مشروعة طالما أنه تحت الاحتلال، على قاعدة أن المقارنة بين سلاح المحتل وسلاح صاحب الحق مرفوضة، جملة وتفصيلاً، فضلاً عن أن الذاكرة الفلسطينية مثقلة بتجارب مريرة، ترك فيها الفلسطيني للذبح دون حماية او ضامن.

رغم ذلك، هناك أصوات منهكة تطالب بالخروج من دائرة النار والدم، تطالب بحفظ الأرواح، لا بتسليم مجاني للسلاح، ومن المنتقدين من يعتبر امتلاك السلاح ورقة تفاوض لا ينبغي التفريط بها.

في هذا السياق، تبرز المصالحة الفلسطينية كشرط أساسي لأي نقاش عقلاني، بين من يعتبره "سلاح الشعب"، ومن يراه "سلاحا غير شرعي" خارج إطار الدولة، الدولة التي لا وجود لها - حالياً على الأقل - كما أن هذا  الملف كان الصاعق الذي فجر كل اتفاق سبق، كلياً او جزئياً، فلا يختلف اثنان على أن الانقسام أشد خطراً من السلاح، لأنه يضعف الفلسطيني أكثر، ويكشف مواطن ضعفه، فيجعله لقمة سائغة، وفرصة لا تفوّت في عيون أعدائه، فربما يكمن الحل في نموذج يقوم على التوافق الوطني، حكومة تمثل شتات الفلسطينيين، تحسن سبل عيشهم، وتعزز صمودهم، وقد تفتح باباً جديداً لإعادة التفكير في "عقيدة السلاح" ضمن إطار وطني جامع، دون إفراط أو تفريط، بالحقوق أو أدوات حمايتها.

أخيراً يمكن القول، ليس هذا السلاح ما يهدد الأرواح في غزة، بل الصمت، وغياب العدالة، والمساءلة، فبين سلاح المقاومة وسيف الاحتلال، يدرك الغزيون أن قوتهم في البقاء، وأن تسليم السلاح دون زوال الاحتلال، لن يحفظ الأرواح، ولن ينهي الحرب، بل يقتل فيهم أعز ما يملكون، قدرة البقاء.


دلالات

شارك برأيك

هل بتسليم السلاح تَسْـلم الأرواح؟

منير محمود قبل حوالي شهر واحد

هيوستن - الولايات المتّحدة 🇺🇸

حضرة الكاتب ان كانت اسرائيل تعلم يقينا ان مشكلة اسرائيل وفلسطين تتوقف على الارض ليعيش الفلسطينيين بسلام لفعلت ذالك من وقت طويل ولكن اسرائيل تعلم ان الاسلام يريد القضاء علئ اليهود جميعا والقرآن

المزيد في أقلام وأراء

الوقت من دم وموت وخراب

مصطفى إبراهيم

سوريا الجديدة تنفض غبار التحالفات القديمة و تنفتح على العالم و تنضم الى الحضن العربي

زيارة ترامب.. ومقياس الفلسطينيين للنجاح والفشل

جهاد حرب

نكبة ثانية ومشروع التهجير يتكرر.. هذه المرة برعاية إنسانية!

دلال صائب عريقات

جدعون.. أسطورة توراتية في خدمة الإبادة

أمين الحاج

الاستفراد الأحادي

حمادة فراعنة

لا تيأسـوا من رحمة الله...!

عربات جدعون وقمة بغداد.. بين التهجير الممنهج والاختبار العربي

ثرثرة على ضفاف دجلة!

ابراهيم ملحم

"بين الأيدولوجيا والبراغماتية.. آن أوان إنقاذ ما تبقى من فلسطين

رام الله - "القدس" دوت كوم

فاروق الشرع في مذكّراته... رجل دولة في نظام متهالك

بين بلفاست وغزة: دروس من أيرلندا الشمالية للفلسطينيين

فلسطين من التقسيم إلى التطهير العرقي.. النكبة مستمرة

رفعت قسيس

الحب في زمن الحرب بغزة.. بين لهيب المعاناة ولهفة القلوب

حلمي أبو طه

جولة ترامب.. الرابحون والخاسرون

عوني المشني

هل يعود حكم المماليك؟

جواد العناني

النكبة والإبادة والحد الأدنى

حمزة البشتاوي

لا رهان على الموقف الأمريكي فالزيارة استثمارية!!

محمد علوش

التعليم في فلسطين.. رسالة الأمل وصوت الهوية في زمن التحديات

د. سارة محمد الشماس

كل يوم في المخيم هو تذكير بأن النكبة لم تنتهِ

محمد أبو عكر أسير سابق مضى خمس سنوات في الاعتقال الاداري

أسعار العملات

الأربعاء 07 مايو 2025 11:16 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.62

شراء 3.61

دينار / شيكل

بيع 5.11

شراء 5.1

يورو / شيكل

بيع 4.11

شراء 4.1

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 1245)