أقلام وأراء

الأربعاء 10 يناير 2024 10:07 صباحًا - بتوقيت القدس

المكوك ( بلينكن) هل أخفق بالتحليق في فضاء اسرائيل ؟

لم يسبق لمسؤول اميركي رفيع المستوى ان زار اسرائيل خمس مرات خلال ثلاثة اشهر مثلما فعل وزير الخارجية انتوني بلينكن الذي قام بزيارات مكوكية منذ السابع من اكتوبر واخر زياراته ،وربما لن تكن زيارته الاخيرة ، اختتمها امس بلقاءات سريعة في تل ابيب جمعته بالرئيس الاسرائيلي يتسحاق هرتصوغ ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الجيش يؤاف غالانت وزعيم المعسكر الوطني وعضو كابينيت الحرب بيني غانتس اضافة لاجتماعه بأعضاء الكابينيت وغيرها من اللقاءات ..


تأتي هذه الزيارة الجديدة التي تعتبر مدخلا لمزيد من الزيارات الاميركية للمنطقة من اجل تحقيق هدفين ، الاول دفع اسرائيل للانتقال للمرحلة الثالثة من الحرب والثاني السماح لسكان قطاع غزة الذين نزحوا من الشمال الى الجنوب بالعودة الى منازلهم في الشمال اضافة لاهداف انسانية تتعلق بالمساعدات ودخولها الى قطاع غزة ورفع حجمها ومسائل اخرى تخص جبهة الشمال والتهديدات الايرانية وغيرها ..


في تحليل مبسط لهدفي الزيارة فان الهدف الاول الذي ينادي به بلينكن وهو الانتقال للمرحلة الثالثة من الحرب فانه ببساطة يعني عدم توقف الحرب وهو ما يعني مزيد من التواطؤ مع اسرائيل لتواصل عدوانها ، اما ما يخص الهدف الثاني فالجانب الاسرائيلي رفض رسميا طلب بلينكن بعودة الفلسطينيين النازحين الى بيوتهم في الشمال واشترط احراز تقدم في ملف المفاوضات من اجل القيام بصفقة تبادل جديدة لتحقيق هذه الغاية ولكن مع مزيد من الضغوط الاميركية والسعودية والمصرية والاردنية والقطرية والاماراتية وافقت اسرائيل على طلب السماح لوفد من الامم المتحدة بزيارة شمال القطاع لتفقد وضع البنية التحتية وهل ستكون صالحة في أمد قريب لعودة السكان الى بيوتهم ؟


بدون ادنى شك مع استمرار القتال المحدود في شمال قطاع غزة ومع تدمير ٩٠ بالمئة من المباني والمنشآت والمساكن في الشمال تبدو الامور صعبة ومعقدة وعليه فان الوفد الاممي وان كتب له القيام بهذه الزيارة سيوصي على الارجح بتأجيل عودة السكان لفترة من الوقت نظرا للدمار الهائل والكبير وعدم وجود مقومات حياتية ومعيشية وهذا ما سيؤثر سلبا على المواطنين ويفاقم من اوضاعهم المعيشية الصعبة بعيدا عن بيوتهم وحياتهم وهي نقطة تكتيكية تراهن عليها اسرائيل التي ستصر على شرطها الاعجازي باحراز تقدم في ملف المحتجزين لتسمح لمواطني غزة بالعودة الى شمال القطاع لتربط بذلك مصير اكثر من ثلثي سكان غزة بملف غامض قد لا يرى النور في وقت قريب ..


لقد حمل الزعماء العرب الذين التقاهم بلينكن رسائل غاضبة مفادها ان هناك لوما كبيرا من الجمهور العربي للولايات المتحدة لمواقفها من الحرب لصالح اسرائيل وارتفاع عدد الضحايا المدنيين بشكل غير مسبوق ووعد بلينكن بنقل هذه الرسائل الى الجانب الاسرائيلي حيث طالب بانهاء الحرب خلال اسابيع لكن حكومة نتانياهو تصر على استمرار الحرب لفترة طويلة .


تتباين المواقف داخل الحكومة الاسرائيلية وقيادة الجيش حيث لا يوجد حتى هذه اللحظة توافق اسرائيلي حول اليوم التالي للحرب فغلاة المتطرفين بقيادة سموتريتش وبن غفير يطالبان بتهجير الفلسطينيين ، بينما يطالب وزير الجيش غالانت باقامة ادارة مدنية فلسطينية في الوقت الذي يصر فيه نتانياهو على اطالة امد الحرب وابقاء التواجد الامني الاسرائيلي في القطاع ، وهذا التناقض يجعل من الحكومة الاسرائيلية عرضة للتفكك بشكل سريع والاتجاه لتشكيل حكومة اكثر اعتدالا بقيادة زعيم المعسكر الوطني بيني غانتس الذي لربما ترى فيه الولايات المتحدة حليفا حقيقيا في المرحلة القادمة لا سيما وان الاميركيين يدركون جيدا ان نتانياهو يقود الحرب حاليا من اجل مصالحه لان مصيره قد يكون السجن مستقبلا ، ومن هنا فانه رهن نفسه اسيرا لتوجهات اليمين المتطرف في حكومته واصبح ضعيفا امام قوة هذا اليمين الامر الذي يزعج الولايات المتحدة وقد يجعلها تتخذ مواقف اكثر حزما من اسرائيل في وقت لاحق .


امام هذه التناقضات فان نتنياهو لن يجرؤ على وقف الحرب بسبب حلفائه باليمين المتطرف وخشية انتهاء مستقبله السياسي ولكنه يستدرك جيدا انه أن لا يستطيع أيضا التمرد ضد موقف أميركي ثابت في حال طالب بايدن بوقف الحرب ومن هنا تعهد مساء امس امام بلينكن بعدم تهجير الفلسطينيين من القطاع ..
كل هذه المسائل والتعقيدات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان زيارة بلينكن لاسرائيل لم ولن تحقق اهدافها وسيبقى القرار الحاسم بيد الرئيس الاميركي الذي سيقرر في نهاية المطاف الى اي مدى سيسمح لاسرائيل بتماديها بعد ان تجاوزت كل الخطوط الحمراء .

دلالات

شارك برأيك

المكوك ( بلينكن) هل أخفق بالتحليق في فضاء اسرائيل ؟

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أمريكا وحروب الإبادة: سجل حافل بالصناعة أو التورط

صبحي حديدي

انتظروا بياناً هاماً ...!!

سمير عزت غيث

اليوم التالي ووهْم حلّ الدولتين

محمد الهندي

ألسنة اللهب ترتفع في الجنوب والشمال والدبلوماسية الدولية تكتفي بالأقوال ..!!

حديث القدس

احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية

د. أسعد عبدالرحمن

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

جواد العناني

النكبة وسرديّة المخيّم الكبرى

سمير الزبن

الجامعات والإعلام ودورهما في تعزيز"الانتماءِ للقضية الفلسطينية"

تهاني اللوزي

المقاومة ونتنياهو ولعبة الوقت

بهاء رحال

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 73)

القدس حالة الطقس