
أقلام وأراء
الجمعة 22 سبتمبر 2023 9:43 صباحًا - بتوقيت القدس
المخيم... أرض ضيقة لصراع أجندات مستحيلة

مع احتمالات التهدئة في مخيم عين الحلوة، بترتيبات لوقف إطلاق النار، وإفساح المجال للوسطاء، لعلهم يتوصلون إلى حل مؤقت أو دائم! جاءت ذكرى مذبحة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها آلاف من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وجنسيات أخرى من ساكنيه، حدثت المذبحة آنذاك، بعد فترة وجيزة من تصفية مخيمين فلسطينيين في المنطقة الشرقية من بيروت، إبان الحرب الأهلية «الضبيّة وتل الزعتر» وقبل ذلك ودون إسهاب في سرد الوقائع وتواريخها وظروفها، كان المخيم الفلسطيني الذي هو العنوان الأكثر تجسيداً للكارثة، عرضة لاجتياحات وحصارات وحروب، فما كان يخرج من محنة حتى يقع في محنة أفدح، وما إن يستقر حاله تدميراً أو تهجيراً في مكان، حتى يتكرر المشهد في أمكنة أخرى، إلى أن وصل الأمر في أيامنا هذه إلى أكبر مخيم في الشتات والأقدم كذلك، وهو مخيم عين الحلوة الذي يتوسط سلسلة مخيمات تبدأ من أقصى الشمال، البداوي ونهر البارد، ثم بالوسط، برج البراجنة وصبرا وشاتيلا في قلب بيروت، وتمتد جنوباً؛ حيث صيدا وصور ومخيماتهما. والظاهرة المشتركة بين كل هذه السلسلة، أنها ليست بعيدة عن المدن اللبنانية؛ بل تكاد تكون في قلبها.
مخيم عين الحلوة تقوده تاريخياً «فتح»، أي «منظمة التحرير» بكافة فصائلها، وكان الوئام الداخلي للمخيم محمياً بقوة نفوذ قيادته الفلسطينية، ومتانة تحالفه مع الجوار؛ إذ كانت مدينة صيدا حاضنة أمينة وقاعدة وطنية عروبية وحدوية، يعتبر أهلها وزعماؤها قضية فلسطين قضيتهم، ولم يسجل عليهم يوماً أنهم ضجروا أو تبرموا أو قاموا بممارسات تؤذي المخيم، وتخل بالوفاق العميق والدائم مع ساكنيه.
بعد أن أُخرجت الثورة الفلسطينية من الجنوب وبيروت، أدار المخيم شؤونه معتمداً على أبنائه الذين بقوا فيه، ومطمئناً إلى جواره، إلى أن فرض عليه ما فرض على غيره من تغيير، فأصبح بعد ما آلت إليه الأمور في مخيمات الشمال والوسط والجنوب، مكاناً تتقاطع فيه ومن حوله قوى وأجندات ترى في المخيم صغير المساحة وشديد الاكتظاظ هدفاً ليس فقط للسيطرة عليه، وإنما للسيطرة على الوجود الفلسطيني كله في لبنان.
هناك من يريده أحد مراكز الممانعة، وهنالك من يغطي أجندة السيطرة عليه باتهام حركة «فتح» كمنفذة لمؤامرة كونية، أطرافها إسرائيل وأميركا والفلسطينيون من «جماعة رام الله»! وهنالك من يرى في فلول «القاعدة» و«داعش»، وما يماثلهما، رأس حربة نموذجية، ينفع استخدامها للسيطرة ولو بتوسيع مجالات الوساطة، وهنالك من ألبس ما يجري رداءً طائفياً، كأن المخيم قلعة سُنية تتصل بصيدا على نحو يعيق الاستعدادات لتحرير الجليل!
وهنالك من يقحم خلافة عباس كما لو أن أمراً كهذا يحسم في عين الحلوة، وهنالك من يصدّر فكرة مفادها «اليوم لبنان، وغداً الضفة»، وهذه -كما يروج- نذر حرب أهلية ستشتعل لتصفية القضية من أساسها، كل ذلك يركَّب على مخيم عين الحلوة كما رُكب كثير من الأقوال على مخيماتٍ غيره.
إن ما يجري من قتال «في وعلى» مخيم عين الحلوة، وما سبقه من حروب كانت المخيمات في أكثر من مكان مسرحاً وضحية لها، فيه قدر كبير من إقحام الأجندات، لمجرد تبرير الولع بتوسيع النفوذ، وإعاقة حياة الناس بإلباس الأجندات أردية مجد لم تعد تقنع أحداً.
الفلسطينيون في عين الحلوة بصيدا، وبرج البراجنة في الضاحية، ومخيم جنين والأمعري والعروب في الضفة، كما في نهر البارد والبداوي واليرموك، نحتوا شعاراً بقوة المبدأ.
«المخيم لا يصلح وطناً» وكان ذلك أبلغ رد على خرافات الوطن البديل، ويقولون الآن: لن نسمح بتهجير جديد.
إن كل ساكني المخيمات يحتفظون بمفاتيح بيوتهم لعودة يؤمنون بها، حتى لو بدا أنها تبتعد، فالمخيم الذي هو التعبير الأقوى عن كارثة فلسطين، لن يزول بفعل حروب وحصارات وتهجير، وإذا لم تُحل القضية الفلسطينية الأساسية بما يرضي أهلها، فكل ما يحاك ضد المخيم مجرد عبثٍ لا طائل من وراءه، سوى أنه يعمق المرارة والألم في نفوس ساكنيه.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
حملة القصف الإسرائيلية الفاشلة على غزة. العقاب الجماعي لن يهزم حماس
بقلم روبرت أ. بيب
اسرائيل تتراجع وتسعى لصفقة تبادل أسرى جديدة
حديث القدس
التهجير القسري للسكان .. الهدف المخفي للعدوان على غزه
فتحي كليب / عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
أيها الإسرائيليون: تعالوا نتحرر معا
عيسى قراقع
نتنياهو: سقوط وشيك… بعد سقوط منطق ركيك؟
أسعد عبد الرحمن
لا عودة لما قبل 7 أكتوبر
د علي محمد فخرو
هذه الحرب الهمجية على غزة .. يجب ان تتوقف !!
حديث القدس
سقطت كل الأقنعة
المحامي إبراهيم شعبان
نتنياهو كشف كامل أوراقه
حمادة فراعنة
ماذا يفعل اهل غزة في اوقات الهدنة والحرب؟
حمزة البشتاوي
إسرائيل تبحث عن انتصار مستحيل
رندة حيدر
قوة الضعف وضعف القوة :أنموذجا إسرائيل وفلسطين
دكتور ناجي صادق شراب
الفلسطينيون... والتحالفات مع موسكو وطهران!
نبيل عمرو
إلى الشخص الذي يمكن أن يكون الزعيم القادم لفلسطين
غيرشون باسكن
الحرب الإسرائيلية الفلسطينية: كيف يؤدي انهيار القيم الأخلاقية الغربية إلى تأجيج الإبادة الجماعية
مانويل حساسيان
هزيمة ثانية ستلحق بإسرائيل
حديث القدس
جولة قتالية ثانية بدون أفاق وإنجازات
راسم عبيدات
الأولوية للأمن الوطني الأردني
حمادة فراعنة
السنوار والحزام الناسف
غسان شربل
اسبانيا تدين العدوان على قطاع غزة وتمهد للاعتراف بدولة فلسطين
المحامي علي أبو هلال
الأكثر تعليقاً
الرئيس عباس يبحث مع مبعوث البيت الأبيض الحرب على غزة

الرئيس يطالب بمؤتمر دولي للسلام ويبدي استعداده لإصلاح السلطة

أبو ردينة يحذر من تصعيد الاحتلال جرائمه في غزة والضفة ويطالب بوقف العدوان فورا

كيف تخطط إدارة بايدن لقطاع غزة بعد الحرب؟

مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: حرب غزة محاولة لـ"إنهاء شعبنا"

"انتهاكات وتجريد من الملابس".. حملة اعتقالات إسرائيلية واسعة في غزة

إذلال رئيس الاركان الاسرائيلي بتفتيشه من قبل حارس نتنياهو

الأكثر قراءة
هنية: مستعدون لاستئناف المفاوضات وتبادل جميع الأسرى إذا توقف الهجوم الإسرائيلي على غزة

تحقيق إسرائيلي يكشف ظروف استشهاد 6 أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال

الرئيس يطالب بمؤتمر دولي للسلام ويبدي استعداده لإصلاح السلطة

مسيرة للمستوطنين الخميس احتجاجا على ارتفاع عدد القتلى الاسرائيليين في غزة

القسام: أفشلنا محاولة للوصول لأحد الجنود ومقتل ضابطين بالمعارك البرية

إذلال رئيس الاركان الاسرائيلي بتفتيشه من قبل حارس نتنياهو

"انتهاكات وتجريد من الملابس".. حملة اعتقالات إسرائيلية واسعة في غزة

أسعار العملات
الجمعة 08 ديسمبر 2023 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.68
دينار / شيكل
بيع 5.22
شراء 5.2
يورو / شيكل
بيع 3.99
شراء 3.95
هل تستطيع إسرائيل خوض حرب طويلة في غزة؟
%22
%78
(مجموع المصوتين 495)
القدس
()
شارك برأيك
المخيم... أرض ضيقة لصراع أجندات مستحيلة