أقلام وأراء

الخميس 24 أغسطس 2023 10:16 صباحًا - بتوقيت القدس

قوة البدايات

الدافعية للتعلم من أهم الموضوعات التي حظيت باهتمام بالغ في المجال التربوي من قبل الباحثين والعلماء والفلاسفة، إذ ترجع أهميتها لدورها في تحقيق الاستمرار والنجاح في عملية التعلم. فعندما يمتلك الطلبة الدافع للتعلم فإنهم سيحققون نتائج أفضل، ويكتسبون المعرفة بسهولة، ويقومون بأداء المهام بشكل جيد، ويتقدمون بثبات في مسيرتهم التعليمية، ويمكن أن يكون للدافع الدور الكبير في تجاوز حالة الإحباط واليأس والحزن للطلبة ويساعدهم على امتلاك قيم منها التحدي والصبر وعدم الاستسلام للصعاب وزيادة الثقة بالنفس واتخاذ القرارات السليمة والمناسبة للموقف، وحل المشكلات.


فما هي الدافعية؟ ما الذي يجذب ويحفز الطلبة للتعلم ويزيد من دافعيتهم؟


الدافعية هي القوة المحركة التي تدفع الطلبة إلى الرغبة والاهتمام بالعملية التعليمية لإشباع حاجاتهم ورغباتهم، وتعد مصدرا للعمليات المهمة التي تحفزهم وتشجعهم لعمل معين، والسعي نحو تحقيق أهدافهم وما يرغبون بالحصول عليه، والانتباه للموقف التعليمي والإقبال عليه، وتعتمد الدافعية على درجة الجهد والمثابرة والاستمرار المبذول للتعلم والبحث والاستكشاف للتحصيل الدراسي.


ويعرفها العلماء أيضا "بأنها تشير إلى مدى استعداد الفرد وميله إلى السعي في سبيل تحقيق هدف ما، والنجاح في تحقيق ذلك الهدف وإتقانه".


وتنبع الدافعية للتعلم من المصادر الداخلية أي من داخل الطالب حيث يسعى إلى إرضاء نفسه بالشعور بالسعادة لتقدير المعلمين والأسرة له، ومن المصادر الخارجية التي تحفز الشعور بالدافعية وتشد الطالب وتشجعه للتعلم مثل: الاصدقاء والأسرة والمعلم ومدير المدرسة، ومؤسسات المجتمع مثل: الأندية، المكتبات. ووسائل التواصل الاجتماعي لما لها من دور كبير في التأثير على دافعية الطلبة.


ما يهمنا هو قوة البدايات عندما يبدأ الطالب بقوة ويكون قادرًا على مواجهة نقاط ضعفه ويتعلم عن مصادر قوته، تزداد قوته وصلابته نحو تحقيق هدفه ويكون قادرا على الاستمرار وتخطي الصعاب، وكل ما تعرف أكثر على احتياجاته الاساسية يكون أكثر قدرة على ادراك سلوكه واتجاهاته نحو الحياة حيث هناك ربط ما بين الدوافع والاحتياجات مثلا إذا شعر الطالب بالجوع يفكر في الطعام وهو احتياجه الأساسي في تلك اللحظة الأمر الذي يدفعه إلى البحث عن الطعام وكذلك العطش ...


 ولا يقل ذلك أهمية عن الاحتياج العاطفي الحاجة إلى التقدير، والحب والتحقيق الذات التي تحدث عنهم ماسلو في سلم الاحتياجات الأساسية، وهي: الحاجات الفسيولوجية من مأكل ومشرب ... ثم الاحتياج إلى الأمان وهو وجود مكان آمن وبيت وأسرة ، ثم الاحتياجات الاجتماعية، والاحتياج للتقدير، والحاجة إلى تحقيق الذات. لماذا تطرقنا إلى الاحتياجات؟ تطرقنا إلى الاحتياجات لأن الدافعية هي القوة المحركة التي تدفع الطلبة إلى الرغبة والاهتمام بالعملية التعليمية لإشباع حاجاتهم ورغباتهم، فإذا كان الطالب جائعا او عطشا هل سيقدر على التركيز مع المعلم ؟؟؟ فإذا كان هناك وعي لتلك الاحتياجات سيكون هناك إدراك للواقع ويقدر على تلبية هذا الاحتياج من خلال (سؤال المعلم ان يقدر تناول الطعام في الصف، أو الصبر إلى موعد الفسحة، ومن المهم أن يكون المعلم حساسا الى تلك الاحتياجات الأساسية ويشعر بالطالب فيقدم له الحل ويعاونه على تلبية احتياجه)، والانتباه إلى تلك الاحتياجات تساعد على زيادة دافعية الطالب للتعلم في حصته الدراسية، وقد تنشأ علاقة طيبة وثقة بين المعلم والطالب نتيجة اهتمام المعلم به، مثال آخر: الطالب يحتاج إلى بيئة أمنه وهي جزء من الاحتياجات الأساسية عند (ماسلو) فإن حققنا هذا الاحتياج بوجود مكان آمن للطالب لا يضرب لا يهان ويحترم بالصف، يُسمع، ويكون هناك عدالة بالقوانين ورعاية له، من المحتمل ان تزيد دافعيته وتحفيزه للتعلم، وهناك أمثلة كثيرة وقصص لطلاب كانوا مهمشين بالصف نتيجة علاماتهم المتدنية أو غياباتهم المتكررة في اللحظة التي تتم متابعتهم، والاهتمام بهم وتركيز الضوء عليهم تجد أن هناك تغييرًا ملحوظا في اتجاهاتهم التعليمية وتزداد دافعيتهم للتعلم، وبذلك يتغير سلوكهم من السلوك العنيف أو التغيب والإهمال للدراسة - والذي قد نبع من الحاجة إلى لفت الانتباه والتقدير- إلى عدم التغيب والاهتمام بالتعلم وزيادة الانتباه الى الحصة الدراسية، نتيجة تعزيزه بالصف والاهتمام به والعمل على زيادة تقديره لنفسه، وبذلك يتحقق الهدف الأساسي وهو زيادة تحصيله الدراسي وتفاعله الايجابي بالمدرسة. ومن خلال مراعاة الاحتياجات نحن نراعي أيضا الفرد ونشعره بقيمته ونقدره وبذلك فإننا نحرك دافعية الطالب ونكون قادرين على تحفيزه للتعلم.


وأيضا هناك أسباب أخرى لعدم وجود الدافعية للتعلم عند الطلبة نذكر منها :


- عدم وعي الطالب لأهمية التعليم ودوره في تقدمه وتطوره وتحسين فرصه بالحياة.


- طرق التدريس لا تتلاءم مع احتياجات الطلبة المعرفية والعاطفية خاصة التقليدية والتي تفقد الطالب الاهتمام بالتعلم.


- انعدام الثقة بالنفس يؤثر على دافعيتهم للتعلم الأمر الذي يقلل من ثقتهم بقدراتهم وإمكانياتهم للتعلم.


- العوامل الثقافية والاجتماعية المحيطة بالطالب والتي قد تقلل من أهمية التعليم، فلا تشجعه على التعلم ولا تحفزه مما يقلل من دافعيته واتجاهاته نحو التعليم.


اقتراحات لزيادة الدافعية للتعلم :


- توعية الطلبة لأهمية التعلم وإيجاد القدوة من خلال سرد قصص لطلبة ولعلماء واجهوا مشاكل دراسية وتغلبوا عليها بالتعب والجهد.


- مساعدة الطالب على صياغة أهداف واضحة وقابلة للقياس وواقعيه تلائم امكاناته وقدراته.


- إشراك الطلبة في تحديات مناسبة لتزيد من دافعيتهم ورغبتهم في تحقيق نتائج أفضل.


- توفير بيئة مشجعة آمنة إيجابية للطلبة تساعدهم على التفكير والنقد وإثارة الأسئلة ويكون الاحترام متبادل وبذلك تزداد دافعيتهم للتعلم بوجود بيئة أمنة داعمة وملائمة للتعلم وللاستكشاف.


- للأسرة دور كبير في تعزيز الدافعية لدى ابنائهم والتواصل معهم وتحفيزهم المستمر على التعلم من خلال الكلمات التحفيزية ومشاركتهم النجاح ومساعدتهم على تخطي الصعوبات وتقدير جهودهم وحثهم المستمر على التعلم.


في النهاية ان تعزيز الدافعية للتعلم عملية مستمرة ومستدامة تحتاج إلى بيئة أمنه داعمة مساندة ومحفزة تساعد الطلبة على الاستمرار وتقلل من الإحباط. ومع دعم وتحفيز المعلمين والأسرة سيكون هناك قدرة للطلبة على اكتساب المعرفة والتعلم وتطوير مهاراتهم وبذلك يزداد تحصيلهم المعرفي والأكاديمي فالتعليم يحتاج إلى الصبر والجلد وقوة البدايات .

دلالات

شارك برأيك

قوة البدايات

المزيد في أقلام وأراء

في انتظار الموت المؤجل ...

يونس العموري

القرار في غزة والجواب في القاهرة

حديث القدس

قمع حراك الجامعات الأمريكية.. أهداف ومعان

فوزي علي السمهوري

تناقض أم تكامل الخطابين: العسكري والسياسي

سماح خليفة

الحكومة, الانتخابات والوحدة: ما هي استراتيجية الخروج؟

د. دلال صائب عريقات

تحديات أمام الأحزاب

حمادة فراعنة

الشارع الإسرائيلي يطالب بوقف الحرب ودفع الثمن

حديث القدس

الحجر بكى من وجع غزة

ريما محمد زنادة

الحرب على " ظهور الماعز"

عطية الجبارين

حصار إسرائيل وأميركا في الأمم المتّحدة

عائشة البصري

الهدنة وقرار اجتياح رفح

بهاء رحال

الاستحقاق الانتخابي في موعده

حمادة فراعنة

غزة ... والحرب العالمية الثالثة ... والعرب يتفرجون !!!

ابراهيم دعيبس

الهجوم الإسرائيلي على رفح محكومٌ بالفشل

محسن محمد صالح

نتانياهو وفيتو صفقة التبادل

حديث القدس

هل ما زالت ألمانيا تكره الحروب؟

وليد نصار

مكاسب استراتيجية للفلسطينيين

حمادة فراعنة

دورنا في مواجهة المعادلات الجديدة في ظل عجز أمريكا وأزمة إسرائيل

مروان أميل طوباسي

حماس وطوفان الأقصى.. والإكراهات الجيوسياسية

ماجد إبراهيم

رفح ثغر الشعب و حبل الصرة مع الأمة

حمدي فراج

أسعار العملات

الإثنين 29 أبريل 2024 9:46 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.8

شراء 3.79

دينار / شيكل

بيع 5.37

شراء 5.35

يورو / شيكل

بيع 4.1

شراء 4.04

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%73

%22

%4

(مجموع المصوتين 178)

القدس حالة الطقس