أقلام وأراء

الأربعاء 07 يونيو 2023 10:10 صباحًا - بتوقيت القدس

إيران، السعودية وإسرائيل والتغيرات في سياسة الردع الامريكية

يلوح في هذه الأيام تغيرات جذرية في السياسة الدولية والإقليمية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فهناك تحول واسع النطاق في السياسة الخارجية السعودية اتجاه الإدارة الامريكية وتقارب مع الصين وإيران، لقد فاجأ النظام السعودي هذه الإدارة وتركها في الخلف ولكنها تحاول جاهدةً إيجاد أسس وقواعد جديدة للتمركز من جديد في الشرق الأوسط.


ففي محاضرة أمام خبراء للسياسة الدولية في جامعة جورج تاون في واشنطن، في أواخر أيار 23 قال جاك ساليبان رئيس مجلس الامن القومي إن إدارة بايدن مستمرة في وضع أسس التعاون الردع والمشاركة السياسة مع دول المنطقة كافة، أي أن الإدارة الامريكية تتموضع من جديد بعد هذه التغيرات الجذرية التي فاجأت الولايات المتحدة والمتعلقة بالسعودية وإيران والتحالف من جديد بينهما بوساطة صينية.


فعلى صعيد العلاقات مع إيران فان سلطنة عمان تتوسط بين الدولتين لحل أزمة الادعاء بأن إيران مسرعة في بناء طاقة نووية ليس لأهداف سلمية.


وهنالك تغير في السياسة الامريكية تجاه ايران حيث أنها لم تطالب بعد في تطبيق اتفاق ال GCPO مع روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، بل تحاول أن تتوصل إلى اتفاق منفرد مع ايران بوساطة عمانية بهدف تجميد نشاطها النووي وابقائها دولةً شبه نووية، وأن لا تنطلق ايران في منشآتها النووية لبناء قنبلة نووية قريبًا، وتتعهد في نفس الوقت الولايات المتحدة في تحرير الأموال الإيرانية المجمّدة في البنوك الكورية بقيمة 7 مليارات من الدولارات والأموال المجمدة في اليابان بقيمة 6 مليارات دولار أي بأموال تصل قيمتها إلى 13 مليار دولار لصالح الخزانة الإيرانية .


مهما يكن فقد بات من المؤكد أن إدارة بايدن لا تملك الآن أي خيارات عسكرية في الوقت الراهن ضد ايران فعلى الرغم من تجميد الاتفاق المبرم معها، فإنها لم تتورع في هجوم معادٍ ضد إيران منذ عدة سنوات، ويمكن القول إنها إما تخشى من ذلك الهجوم او انها غير متأكدة وواثقة من نجاحه.


أما على صعيد العلاقات الامريكية السعودية، فهنالك أيضًا تعثر كبير في هذه العلاقات بحيث كانت زيارة الرئيس بايدن في 22 يوليو/ تموز 2022 بمثابة فشلٍ مدوٍّ ولم تحصل الإدارة الامريكية على أي مكاسب عينية تذكر من النظام السعودي الذي كان في أوج العلاقات السرية مع الصين آنذاك، بحيث طلب الرئيس الأمريكي بايدن في زيارته إلى السعودية من ولي العهد محمد بن سلمان زيادة إنتاج النفط لدول الاوبيك لمواجهة روسيا في حربها ضد أوكرانيا وفرض عقوبات اقتصادية قوية عليها، ولكن محمد بن سلمان لم يكتف بالاستجابة السلبية لبايدن بعدم زيادة النفط، بل خفض الإنتاج هو ودول الاوبيك، الامر الذي زاد في سعر البرميل الواحد بنسبة 40% الامر الذي أضرّ بسياسة الولايات المتحدة في حربها ضد روسيا، ففي الوقت الذي يطلب فيه بايدن السعودية تلبية مطالبه ومصالحه، نراه لا يدفع أي مقابل للسعودية على عكس الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل وبدون أي مقابل، وكانت السعودية قد طالبت الولايات المتحدة أن تزودها بطائرات F35 كحليفة استراتيجية لها منذ عشرات السنين، لكن إدارة ترامب وإدارة بايدن بعدها، رفضتا ذلك وبشكل سافر، كما رفضتا تزويد السعودية بأي تكنولوجيا نووية لها على عكس ما يقومون بتزويده لإسرائيل وعلى كافة الأصعدة وبدون أي مقابل. وقد أثار هذا الامر الغيظ والغضب من الإدارة الامريكية في أوساط النظام السعودي، الامر الذي أدى إلى تباعد سياسي بين الدولتين قد استمر حوالي عشرة أشهر إلى أن أتت زيارة جاك ساليبان مستشار الامن القومي إلى جدة في مطلع أيار 2023 الماضي، وقد حاول ساليبان تهدئة الخواطر بين الدولتين، وفي نفس الوقت البحث عن وضع أسس جديدة للسياسة الامريكية في الشرق الأوسط الامر الذي يأخذ بعضًا من الوقت.


ويمكن أن تكون سياسة المشاركة والتعاون وعدم ردع ومواجهة إيران هي السياسة الجديدة التي تحاول الإدارة الامريكية انتهاجها، ولا يرضي هذا الامر سياسة نتنياهو وحكومته الجديدة والذي يحاول اقناع الولايات المتحدة بأن تستمر في نهجها القديم في احتواء النظام الإيراني وردعه من الاستمرار في مشروعه النووي، وحتى على ضرب مفاعلها النووي إذا كان ذلك بعملية أمريكية أو عملية أمريكية إسرائيلية مشتركة وهذا ما لم يحدث.


وفي نفس الوقت العمل على اقناع السعودية من أجل التطبيع مع إسرائيل.


وفي مقابلة صحفية مع بربارة ليف وهي مساعدة لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الامريكية، وعملت سابقًا سفيرةً للولايات المتحدة في دبي حيث قالت إن الكلام عن تطبيع بين السعودية وإسرائيل هو سابق لأوانه، ولا توجد أي علامات أو دلائل تشير إلى مثل هذا التطبيع الذي يتكلم عنه نتنياهو صباحًا ومساءً، بحيث أن السعودية لا ترى أنها سوف تجني أي إنجازات من هذا التطبيع والتقارب مع إسرائيل.


وقد أحدث الاتفاق السعودي الإيراني المفاجئ حول تجديد العلاقات الدبلوماسية بينهما بوساطة صينية، هزّةً أرضية على الصعيد الإقليمي والدولي، رغم أنها سبقتها مفاوضات بين طهران والرياض بوساطة عراقية وعمانية ما بين عام 2020 – 2021، لكن هذه المرة كانت النتيجة مفاجئة وسريعة ومثيرة، لما لها من إسقاطات دوليه في عالم تُسمع فيه الآن وبصوت قوي أحاديث عن قرب اختفاء عالم القطب الواحد ذي الهيمنة الأمريكية في الشرق الاوسط.


لقد أثبتت السياسة الصينية بقيادة الزعيم شي جين بينغ، فعاليتها ودهاءها في عالم يعجّ بالمتغيرات والمفاجآت، الامر الذي أدى إلى الورطة التي دخلت إليها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.. خاصة مع حليفتها السعودية.


أما نتنياهو الذي دخل أيضًا في ورطة ائتلافية قوية في إسرائيل، فإنه ما زال يحاول جاهدًا إعطاء الانطباع بأن السعودية هي هدفه المقبل للتطبيع ويحاول إقناع الولايات المتحدة بمفاهيم وتعابير قديمة بأهمية ضرب إيران والعمل على تقريب السعودية لإسرائيل لإعطاء الانطباع بأن إسرائيل ما زالت الدولة الإقليمية الأقوى في المنطقة.


وكان نتنياهو قد أوفد وزير الشؤون الاستراتيجية رونديرمر ومستشار الامن القومي تساحي هنيغبي، إلى واشنطن للتباحث مع مجلس الامن القومي الأمريكي مرتين خلال الشهرين الأخيرين، لكن بدون أي نتائج تذكر بحيث اقترح هؤلاء على الأمريكيين إقامة منتدى لمتخذي القرار الأمريكي والإسرائيلي، بهدف التفاعل مع الازمة الإيرانية وردع ايران وعلى صعيد العلاقات مع السعودية والعمل على التطبيع معها، لكن لا حياة لمن تنادي، كما أعلنتها وبشكل واضح بربارة ليف بأن اهداف اسرائيل هي واسعة الخيال وأكثر بكثير من الواقع السياسي الذي نعيشه في الشرق الأوسط.


بحيث ما زال نتنياهو يعيش في عالم يختلف كليةً عمّا كان عليه قبل سنوات، عندما كانت الولايات المتحدة تسير في سياسة الاحتواء والردع ضد هذه الدول، أما نتنياهو اليوم فانه يشكل مشكلة للولايات المتحدة ولا يعي التحولات والتغيرات الإقليمية في المنطقة، لذا فانهم غير معنيين بدعوته إلى واشنطن في زيارة رسمية بروتوكولية يمكن أن تأخذ مدى أكبر مما يحاولون وضعه فيه، لأنه سيحاول التحاور هناك مع الرأي العام الأمريكي، الجمهوريين، الكونغريس والاعلام من فوق رأس إدارة بايدن

دلالات

شارك برأيك

إيران، السعودية وإسرائيل والتغيرات في سياسة الردع الامريكية

المزيد في أقلام وأراء

الشرق الأوسط ..رقعة شطرنج تحركها الولايات المتحدة كما تشاء

حديث القدس

نار داعش وجنة إسرائيل

حمدي فراج

"اسرائيل" وهزالة الرد على الرد

راسم عبيدات

الرفض الأميركي لفلسطين

حمادة فراعنة

إسرائيل بين حرب غزة والرد على إيران.. أولوية أم تكتيك مدروس؟

سماح خليفة

حماية هويتنا العربية الأميركية

جيمس زغبي

كيف تبدو “الحرب ضد غزة” بعيون اسرائيليين بارزين؟

د. أسعد عبد الرحمن

مساومة أميركية اسرائيلية على دماء الفلسطينيين

حديث القدس

أمريكا تريدها وهماً تفاوضياً وإسرائيل تسعى لمنعها واقامة الدولة الواحدة اليهودية العنصرية

مروان أميل طوباسي

من يردع عصابات المستوطنين ومن يحمي شعبنا؟

بهاء رحال

في معاني الليلة الإيرانية

أحمد جميل عزم

"اسرائيل" ومأزق الرد وعدم الرد

راسم عبيدات

دعوات الصقور لضرب إيران الآن مخطئة

مارك شامبيون

جرائم ضد الإنسانية

حديث القدس

تحذيرات بايدن والفعالية المنقوصة--

حسن ابو طالب

ازدواجية ليست مفاجئة... ومستمرة---

بكر عويضة

رغم نفاق الاعلام الغربي .. هزمت إسرائيل...

فتحي كليب

أسباب تغيير الموقف الأميركي ودوافعه

حمادة فراعنة

حول مقولة (المسرحية) واستدخال الهزيمة

وسام رفيدي

في الذكرى السادسة والثلاثين لرحيل أول الرصاص وأول الحجارة

عباس زكي

أسعار العملات

الخميس 18 أبريل 2024 10:59 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.78

شراء 3.77

دينار / شيكل

بيع 5.34

شراء 5.32

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.0

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%72

%23

%5

(مجموع المصوتين 130)

القدس حالة الطقس