أقلام وأراء

الأربعاء 22 فبراير 2023 9:42 صباحًا - بتوقيت القدس

مؤتمر القدس العربي ،،، والاسئلة المُعلقة ...

بقلم:يونس العموري

وكان ان اعتلى منصة الكلام أصحاب الجلالة والفخامة ، وقالوا ما قالوا بحضرة القدس ، ونبرة الحديث لا شك انها كانت مختلفة وعالية والرسالة واضحة بالحق العربي في مدينة الله على الأرض ، ولم يتوانوا عن اصدار الموقف والمواقف بعيدا عن التأويل او التفسير ، وفعلا هو ما كان ، فقد كان للمدينة المحاصرة المظلومة يوما من أيام العرب ، وظلت الأسئلة مُعلقة تنتظر الإجابات مع قادم الأيام ، والأيام قد تكون طويلة او بعيدة المنال، ونتنياهو القادم على صهوة بن غفير يتلاعب ويتكسب من حسبة الأرقام بمعادلة الوقت والأيام.
وعلى اعتاب القلاع وبوابات اسوارها تتعاظم الأسئلة الكبيرة ، والحيرة تبدو مرتسمة على وجوه رعاياها ( واولاد البلد ) يحاولون عبثا فهم مجريات المعادلات الحاكمة للحظة اشراقة الشمس المتسللة من خلال الأزقة والعابرة رغما وارغاما ، وبسويعات المغيب يعبثون بالبحث عن واقع ومصير لغة الضاد بميادين العشاق ... نجدنا على اعتاب بوابات الانتظار لردة الفعل المنطقية والطبيعية حينما تمتهن الكرامة وتستباح حواري وازقة عاصمة الفقراء والمؤمنين بإنسانيتهم ، مرة أخرى يغزونا السؤال المتكرر منذ ان أُخضعت يبوس في أتون الصراع على واقعها الراهن ، مرة اخرى يداهمنا القلق على مصير ابن كنعان في ازقة ايلياء العتيقة وحقيقة مستقبله المرتبط جدلا بمنطق اورسالم القابضة على حقيقة عروبتها وكينونة ذاتها ... مرة اخرى نجدنا امام الاسئلة المصيرية والتي تعج بها الساحة المقدسية بالظرف الراهن ، تلك الأسئلة المعلقة والكبيرة المعنى والمضمون ، حيث التساؤل حول ماهية الواقع الراهن ..؟؟ وحقيقة وطبيعة الإجراءات والهجمات الاحتلالية على القدس ..؟؟ وحقيقة المخططات التي تستهدفها ..؟؟ وما المطلوب ..؟؟ وما العمل ..؟؟ وحقيقة الخطط الوطنية ان وجدت ..؟؟ واستراتيجيات العمل الفلسطيني لمواجهة ومجابهة ما يجري بالقدس ..؟ وهل نستطيع القول ان ثمة خطة فلسطينية فعلية متبلورة واضحة المعالم ، ملموسة الحقائق والفعل والعمل ..؟؟ ام كوننا امام اللا شيء والفراغ ..؟؟ وبالنهاية الطبيعة لا تقبل الفراغ ولا تقبل منطق الإفراغ من المحتوى والفعل ....
وكثيرة هي التوصيات والأراء التي قُدمت من قبل قيادات سياسية ومجتمعية ورجال دين اسلامي ومسيحي وخبراء ومختصين بالشؤون البحثية والفكرية وذلك خلال فعاليات كثيرة وتلك المسماة بالأيام الدراسية والندوات البحثية عموما وعلى وجه التحديد بالاجتماعات التي من المفروض انها مختصة بقضية القدس المنعقدة هنا وهناك ، ومن المفارقات الصارخة والتي تستحق التوقف عندها برأيي هو ان الكثير من المتحدثين والمتدخلين بمختلف الأطر المؤسساتية الرسمية وغير الرسمية سالفة الذكر كانوا (واعتقد انهم ما زالوا ..) ضمن دائرة صُناع وصناعة القرار الفلسطيني ( اذا ما جاز التعبير) وفي مداخلاتهم ظهروا ويظهروا وكأنهم يقدمون توصياتهم للأخر ولا اعلم من هو الأخر وهم من يقررون شكل السياسات الفلسطينية على الأقل الرسمية في اطار السلطة الوطنية الفلسطينية او منظمة التحرير الفلسطينية ، بل ان الأدهى من ذلك الظهور وكأننا قد صحونا واكتشفنا فجأة ان القدس تتعرض الى ما تتعرض له اليوم ، بل ان العناوين ذاتها التي تتصدر المشهد تبدو باهتة ومفرغة من المضمون والفحوى الدالة دلالة فعلية على ارادة العمل والتعامل وقضايا القدس. ومن خلال القراءة الموضوعية لكل الكلام والاحاديث والثرثرات الصادرة من هنا وهناك وبكل الأمكنة انما يؤسس لملاحظة وحقيقة واحدة ان ثمة خربشة وتخبط بإدارة اللحظة الفاصلة في القدس حيث باتت المدينة مكشوفة امام مخططات الطرف الأخر من معادلة الصراع ... فبلا شك ان الكل وجد نفسه امام حقيقة الربع الساعة الأخيرة من عمر القدس العربية عاصمة الدولة العتيدة المُبتلعة من قبل الغزوة الإستعمارية وتفكيك معالمها من خلال الهجمات المنظمة مما يدعون بالحق والأحقية التاريخية ... وكان الكل قد حاول ان يصرخ بأن القدس اولا والعاصمة أولا وقبلة الروح وبوصلة الفعل اولا للقدس ، ولا دولة بدون القدس و لا عاصمة الا القدس ، ومعادلة الوجود اللحظية ووفقا لمعطيات الواقع الراهن تبدو اليوم الأبعد عن هذا الشعار المنمق والصارخ المنسجم مع تطلعات اولاد البلد الرابضين الصامدين المرابطين عند اسوار القلاع العظيمة ... والعابرين لدرب الآلالم والمتضرعين عند الصخرة المحمدية العدنانية والقادمين الى عبق تاريخ روما وكسرى ...
بخلفية المشهد لحقيقة طرح شعار القدس اولا الأن انما يشير وبشكل واضح الى ما يمكننا ان نسميه محاولة لتصحيح الجريمة والخطيئة التاريخية التي لحقت بالقدس حينما تراجعت القدس وما زالت تتراجع لتصبح القدس، بعد اريحا ، وبعد غزه ، وبعد رام الله ، بل انها قد تأتي بالمراحل المتأخرة بكل شأن من شؤون الفعل العام الفلسطيني وهذا ما تفسره الكثير من الوقائع المقدسية على الأرض حيث تراجع الميزانيات المطلوبة للقدس وتراجع دور المؤسسات وهجرتها من القدس بل انها قد تراجعت في اجندة الفعل الوطني لسنوات طويلة ما بعد اغلاق الكثير من مؤسساتها سواء أكانت بأوامر احتلالية او تلك الطوعية جراء الممارسات الفلسطينية بحقها واقصد هنا بالفلسطينية الرسمية حيث تراجع الإهتمام بكل ما هو مطلوب لتعزيز صمود القدس ومواطنيها ومؤسساتها وبشرها وحجرها وهذا ما يتلسمه ابناء القدس وما اجمعت عليه ايضا كل التصريحات والدراسات من الكل رسميا ومؤسساتيا وقيادة ومعارضة وموالاة وتيارات وجدت نفسها خادمة لإجندات إقليمية واشخاص يديرون معارك تصفية حسابات الكبار من عواصم القرار بمدائن الملح ..
وسط هذا المشهد المقدسي أنف الذكر جاء انعقاد مؤتمر القدس في القاهرة قبل أيام تنفيذا لقرار القمة العربية ، حيث كان يوما مقدسيا بامتياز في بيت العرب الرسمي ( مقر جامعة الدول العربية ) وقال المقدسيون كلمتهم امام الكل العربي الرسمي وتحدث الجميع بمختلف القطاعات وبمختلف التخصصات ، وكان الشعار الأبرز الملموس ان القدس أولا ، حيث تجلى هذا الشعار بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وان شعار (القدس اولا...) المطروح اليوم ليحمل في طياته الكثير من الدلالات... وبرأيي حتى تكون بالفعل القدس اولا لابد اولا من ان يتراجع الشعار السابق من حيز الوجود او على الأقل من دائرة صناعة القرار الوطني الفلسطيني والقرار العربي الرسمي ، ومغادرة قوانين ( غزة اريحا اولا ..) ما تأسس عليها من تداعيات ووقائع نعيشها ونعايشها وتعيشها القدس بالظرف الراهن ، ومغادرة قوانين وادي ( عربة ، وكامب ديفيد .. وما لحقها من اتفاقات واتفاقيات ..) بمعنى حتى تكون القدس اولا فمن المطلوب فهم وقائع القدس وحيثيات الفعل الإسرائيلي فيها وهذا ما هو معلوم ومعروف بل أنه ملموس... والمتتبع للمنهج الإسرائيلي في القدس يلاحظ ان اسرائيل تعمل على اساس فرض الأمر الواقع الإسرائيلي على القدس وعلى كافة المستويات والصُعد وتسعى لأن تروج بضاعتها على الساحة الإقليمية والدولية وبالتالي دفع الكل الإقليمي والدولي لتقبل الإستحداثات الجديدة في القدس وهو ما نراه يتراكم في ميزان الإنجازات الإسرائيلية حيث التسليم بالأمر الواقع من قبل المجتمع الدولي لما تحدثه اسرائيل في القدس بل والتعاطي مع الحقائق والمستجدات الجديدة هذه... وليس ادل على ذلك سوى قضية الجدار الملتف حول القدس والخانق لها والسالخ والعازل لها عن محتواها الوطني بعد ان تم عزلها عن محيطها العربي والاسلامي والانساني....
القدس وبما انها قد انعقد مؤتمر عربي رفيع المستوى عنها ولها باسم العرب وباسم كافة الأقطار وحيث ان المقدسيين قد قدموا كل المطلوب منهم من اطروحات ومشاريع واستغاثات ومعلومات وخطابات وكلمات واوراق ، اذن لابد من ترجمة الاقوال والأوراق والصيغ الكلامية البلاغية واطروحات العملية الى وقائع فعلية على شكل قرارات متخذة وقابلة للتنفيذ من خلال خطط برامجية فعلية لتعزيز الوقائع العربية القومية للقدس اولا.... وذلك من خلال:
• انتهاج سياسة وطنية منسقة وشاملة تقوم على أساس العمل لتقديم القدس كأحد أهم أولويات جدول العمل الوطني الفلسطيني، ومنظمة التحرير والسلطة والفصائل الفلسطينية من جهة، وعلى رأس جدول أعمال المنظمات الدولية الدينية والثقافية من جهة ثانية. وان تحظى القدس بالاهتمام العربي الرسمي بالشكل الملموس والمطلوب ومتابعة وملاحقة الالتزامات العربية.
• كل الامكانيات لابد أن تكون متاحة ومسخرة من اجل الدفاع عن القدس وحمايتها.
• تقديم الدعم المادي والمعنوي لسكانها لدعم صمودهم في ظل حملة التهويد الشرسة.
• فتح معركة شاملة مع الإجراءات الاحتلالية في القدس، وتحديدا قضية سحب الهويات المقدسية والاستيلاء على العقارات وتسريبها، وهدم المنازل بذريعة عدم الترخيص، والتضييق على السكان لهجرة المدينة وصولا للعصيان المدني العام والشامل .
• أهمية توفير مقومات الصمود لأهالي مدينة القدس، لكونهم حجر الزاوية في كل ما يتعلق بقضية القدس، وضرورة مواجهة المخططات الإسرائيلية بشجاعة .
• اعادة الإصطفافات الجماهيرية والمؤسساتية في القدس وفقا لشعار ان القدس اولا .... وضرورة مغادرة منصات العقليات الإقصائية والإستفرادية بكل ما يتصل بقضايا القدس والبعد عن سياسات المناكفة والمتاجرة وتصفية الحسابات الفئوية من خلال الساحة المقدسية.
• إعادة الاعتبار للعملية الاستثمارية في القدس من خلال أنماط استثمارية جديدة بعيدة عن المفاهيم الكلاسيكية للإستثمار عموما .
• اطلاق خطة تنموية لتعزيز الصمود وبناء تنمية متوافقة والبرامج النضالية في القدس حيث ان القدس ساحة كفاحية نضالية مفتوحة الخيارات والتوجهات .
ان مؤتمر القدس رفيع المستوى ( هكذا اطلق عليه ) الذي انعقد بقرار عربي كان قد اطلق وتبنى هذه النقاط والتوصيات وحتى تكون توصيات فعلية قابلة للتنفيذ الكل يتفق انه لابد من المتابعة مع كافة الجهات ذات الصلة والعلاقة والاختصاص وهذا يتطلب برايي ان يُصار الى تشكيل فريق فلسطيني مقدسي بقرار رسمي يناط به مهمة المتابعة والملاحقة.
اخيرا لابد من القول ان شعار القدس اولا لن يتحقق الا حينما تعود المؤسسة الفلسطينية المقدسية الى عقر دارها والى بيتها وعرينها وان يتولاها من هو قادر على ادارة اوركسترا الفعل الميداني المستند الى الخطط البرامجية التي تعكس اجندة المطلوب وطنيا وقوميا للقدس...

دلالات

شارك برأيك

مؤتمر القدس العربي ،،، والاسئلة المُعلقة ...

المزيد في أقلام وأراء

حرب نفسية عنوانها : تهديد اسرائيلي وضغط أميركي

حديث القدس

الأمم المتحدة والإعتراف بفلسطين دولة

ناجي شراب

خطاب ديني يواري سوأة المغتصِب

سماح خليفة

نتياهو قرر إفشال الهدنة وصفقة التبادل

بهاء رحال

تعرية التحالف الاستعماري

حمادة فراعنة

عزلتهم تزداد وهزيمتهم مؤكدة

وسام رفيدي

عاش الاول من أيار ..عيد العمال الأحرار

حديث القدس

"سان ريمو" إرث استعماري يتجدد ضد فلسطين والقدس

عبد الله توفيق كنعان

لماذا تقلق النخب من الحراك الطلابي المعادي لسياسات إسرائيل والمؤيد لغزة بالجامعات الأمريكية والغربية ؟!

محمد النوباني

أزرار التحكم... والسيطرة!

حسين شبكشي

ما أشبه الليلة الفلسطينية بالبارحة الفيتنامية

عيسى الشعيبي

الانتماء لفترة الصهيونية

حمادة فراعنة

الجنائية الدولية وقرار اعتقال نتنياهو ... حكمة أم نكتة

سماح خليفة

نتانياهو يضع العصي في دواليب الصفقة

حديث القدس

انتفاضة الجامعات الامريكية طوفان أقصى رقم 2

حمدي فراج

طوفان الأقصى وصحوة ثقافية غربية

سماح خليفة

إبادة غزة... ماذا بعد؟

بهاء رحال

انتفاضة جامعات أميركا

حمادة فراعنة

بداية تفكك الرواية الصهيونية.. ولكن

جمال زقوت

أزمات وجامعات وعقوبات

أحمد رفيق عوض

أسعار العملات

الخميس 02 مايو 2024 10:13 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.75

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.29

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%21

%5

(مجموع المصوتين 200)

القدس حالة الطقس