أقلام وأراء

السّبت 04 فبراير 2023 10:44 صباحًا - بتوقيت القدس

زيارة وزير خارجية اليونان لإسرائيل تتجاهل واقع اضطهاد الفسطينيين

بقلم: مروان اِميل طوباسي


رغم ان الحديث عن زيارة وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن التي لم تنطو عن شيئ مختلف عن ثوابت ومحددات العلاقة الاستراتيجية المعروفة سلفاً مع دولة الاحتلال والتي تهدف الى حماية إسرائيل تحت اي ظرف والقاء اللوم علينا نحن الذين نعاني الاضطهاد والقهر وغياب العدالة التي يتشدق بها الغرب.
علما انه وعلى المديين القصير والمتوسط، يركز الأميركيون على حربهم بالوكالة ضد روسيا في اوكرانيا ، فيما على المدى الأطول فإن الاستراتيجية الكبرى للدولة العميقة بالولايات المتحدة ستركز على إدارة التحالفات والتحديات الجيوسياسية مع الصين وحافة المحيط الهادئ ، وليس مع ما يجري لدينا .
لكن مما يُؤسَف له الموقف الرسمي لحكومة اليمين اليونانية الحالية من استمرار جرائم الاحتلال الإسرائيلي وتعمدها عدم ادانة ممارسات حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي الاستعمارية التي تتسم بالعنصرية والفوقية اليهودية وكل معاني الفاشية ضد شعبنا الفلسطيني وحتى ضد مواطني "دولة إسرائيل" نفسها تحت مبررات الدفاع عن النفس وتنفيذ القانون القومي اليهودي فيها، والتي تشهد شوارعها مظاهرات يومية من قبل عشرات الآلاف من أفراد المجتمع الإسرائيلي نفسه ضد سياسات حكومة نتنياهو - بن غفير - سموتريتش وفضح اكذوبة «ديمقراطية إسرائيل».
لقد تزامنت زيارة وزير خارجية اليونان قبل يومين لأسرائيل "الدولة القائمة بالاحتلال" في وجود وزير الخارجية الأميركي بالمنطقة الذي طغت زيارته على الأخرى ، وفي وقت تشهد فيه شوارعها مظاهرات معارضة إسرائيلية واسعة في المدن الرئيسة ضد الانقلاب الذاتي الذي ينفذه نتنياهو مع بن غيفير وسموتريتش في إسرائيل بشكل أساس ضد حكم القانون وزعزعة استقرار النظام القضائي ومحاولات اضفاء تعاليم الشريعة اليهودية على مفاصل الحياة،بهدف خدمة المنافع الشخصية للهروب من المحاكم بتهم الفساد وصبغ دولة الاحتلال الاستعماري بالكامل بالهوية الدينية اليهودية، فصبغ الوزير اليوناني زيارته وموقفه إلى جانب تلك التوجهات النتنياهوية القائمة والفاسدة .
لقد تضمنت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية اليوناني دندياس إلى إسرائيل "الدولة القائمة بقوة الاحتلال" لقاءات مع كوهين ونتنياهو وهيرتسوغ كما أعلن في بيان صحفي لوزارة الخارجية اليونانية قبل ايام، دون أن يتضمن برنامج زيارته للمنطقة زيارة دولة فلسطين المحتلة او لقاء وزيارة وزير الخارجية الفلسطيني على الأقل كما يفعل زملاءه الاوروبيين او كما فعل هو نفسه في زيارته السابقة قبل عام ونصف.
وتأتي هذه الزيارة بعد امتناع اليونان وقبرص عن التصويت في ١١ تشرين الثاني ٢٠٢٢ في اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي طلبت رأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي الطويل الأمد . حيث شكل ذلك الموقف اليوناني الذي غرد خارج سرب الحق، وصمة عار على كل ما مر به اليونانيون في تاريخهم المضطرب زمن ثورة استقلالهم وخلال الاحتلال النازي أو زمن الديكتاتورية العسكرية. حيث ان اليونان وقبرص تعرفان جيدا ما يعنيه اضطهاد ومنع الوجود الإقليمي والسياسي وحق تقرير المصير والسيادة على الأرض والمياه ، هذا المنحى من التصويت الذي اختلف عما كان دارجا لهم بالسابق .
لقد شكلت هذه المواقف والزيارة موقفًا منحازاً لا يخدم الموقف التاريخي اليوناني الذي دعا دائما إلى ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ودعم مبدأ حل الدولتين وفقًا للقرارات الدولية والقانون الدولي والدولي الانساني ، ولا في دعم مبدأ السلام وبدء المفاوضات، ولا حتى السياسات والتوجهات المعلنة والسياسات الرسمية السابقة لدولة اليونان، كما ومواقف الشعب اليوناني الصديق والأحزاب السياسية الصديقة التقدمية التي رسمت ملامح قرار البرلمان اليوناني منذ سنوات قليلة بضرورة الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على كافة الأراضي المحتلة عام 1967.
وهي الآن تصدر مواقف سياسية رسمية جديدة اصبحت تتعارض مع مواقف الشعب اليوناني وقواه الديمقراطية والتقدمية التي دأبت على إدانة سياسات الأستيطان الاستعماري وضم الأراضي، والتي قادت مظاهرات حاشدة في اليونان خلال السنوات الماضية تنديدا بإسرائيل كقوة احتلال استعماري ومعلنة تضامنها مع النضال الوطني لشعبنا الفلسطيني.
لقد صرح وزير الخارجية اليوناني على اثر زيارته،"ان اليونان وإسرائيل اقامت شراكة دائمة على المستوى الاستراتيجي، على أساس المصالح المشتركة ووجهات النظر المتقاربة حول العديد من التحديات، وكذلك على الاحترام المشترك لنظام دولي قائم على القواعد الدولية ورؤية مشتركة لجوارهما ".
لقد اشار الوزير اليوناني فقط للنظام والقانون الدولي الجاري بشأن الخلاف مع تركيا، علما بانها وإسرائيل تربطهما شراكات وثيقة وعلاقات دبلوماسية تتطور مع الايام. لم يتطرق الوزير اليوناني الى إدانة الجرائم الإسرائيلية المستمرة بحق شعبنا الفلسطيني وانتهاكاتها للقرارات الدولية في زيارته، أو على الأقل لما يدور الان من تصعيد للجرائم بحق شعبنا بشكل يومي، ودون ذكر قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي واتفاقيات جنيف التي نلتزم بها نحن الفلسطينيين كمبادئ لأي نزاع في أي مكان في منطقة شرق البحر المتوسط وفي جميع أنحاء العالم، رغم ما تربطنا من علاقات ودية وتاريخية مع الجمهورية اليونانية او تركيا عبر عقود من الزمن .
كما وفشل الوزير اليوناني في الإشارة إلى ضرورة وأهمية تطبيق الإجماع الدولي لحل الدولتين على حدود ما قبل الرابع من حزيران 1967 ومسألة القدس الشرقية كعاصمة فلسطينية محتلة ، كمسار وحيد للسلام العادل ، وهو ما يشكل موقفاً منحازاً تجاه تلك السياسات التي تنفذها حكومة الاحتلال الإسرائيلي ويشجع على استمرارها، بل إنه يعكس النهج السياسي المتمثل في ازدواجية معايير الغرب الدولية والنفاق السياسي الذي تتبعه حكومات اليمين الأوروبي، وهو ما يوفر الغطاء والإفلات من العقاب والحماية لسياسات الفصل العنصري وسياسات الاستيطان الاستعماري والفوقية اليهودية والجرائم اليومية ضد شعبنا الفلسطيني الذي يسعى إلى الحرية والسلام العادل.
ان هذه الزيارة تأتي كأول زيارة لوزير خارجية أوروبي في ظل هذه الحكومة اليهودية الأكثر فاشية وتطرفًا ديني والتي تمثل الوجه الحقيقي للإيديولوجية العنصرية للحركة الصهيونية، وفي وقت تتصاعد فيه عمليات قتل الفلسطينيين ، حيث تجاوز 35 فلسطينيًا منذ بداية الشهر الجاري ، بينهم 10 من الشباب الفلسطيني في يوم واحد قبل أيام قليلة في مخيم جنين للاجئين، وتدمير منازل وحتى منشآت ممولة من الاتحاد الأوروبي وتهديدات بهدم منطقة الخان الأحمر قرب القدس وترحيل سكان منطقة مسافر يطا قرب الخليل وزيادة حجم المستوطنات الاستعمارية تنفيذاً لسياسات التطهير العرقي والترحيل القسري التي تنفذها حكومة دولة الاحتلال خاصة في القدس الشرقية المحتلة التي تسعى لتهويدها . حيث كان الوزير دندياس معنياً بتجاهلها وبالحديث فقط حول ممتلكات بطريركية الروم الأرثوذكس بالقدس الشرقية التي اشار لها في محادثاته، بغض النظر عن ان هذه القضية تشكل مثار اهتمام لنا نحن ابناء الشعب فلسطيني وأتباع هذه الكنيسة التي يتوجب حمايتها واوقافها وأن يُنظر إليها على أنها مسألة تندرج في اطار الرؤية الاسرائيلية لتهويد القدس وطمس هويتها العربية المسيحية والإسلامية ، فكان الأجدر به أن يتحدث عن كل القدس الشرقية واجراءات ترحيل الفلسطينين منها والانتهاكات بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها .
كان عليه ان يعلم بان هذه الممارسات والجرائم القائمة اليوم تاتي في إطار سياسة ممنهجة منذ ٧٥ عاما وهي تكرار ونسخ لجرائم العصابات الصهيونية التي ارتكبت بحق الفلسطينيين سكان الأرض الأصليين ، خلال جريمة "النكبة" ، عندما تم تهجير مليون فلسطيني قسريًا من منازلهم الأصلية وتطبيق سياسات التطهير العرقي لتنفيذ المشروع الصهيوني في كل ارض فلسطين التاريخية .
أمام ذلك فإن على الحكومة القائمة اليوم باليونان والتي تستعد إلى انتخاباتها العامة خلال الأشهر القريبة القادمة، أن تعي معنى التوازن والعقلانية في سياستها الخارجية التي يجب أن تقوم على أسس القانون الدولي ورفض الاحتلال وكل أشكال الاستعمار والتمييز العنصري .

دلالات

شارك برأيك

زيارة وزير خارجية اليونان لإسرائيل تتجاهل واقع اضطهاد الفسطينيين

المزيد في أقلام وأراء

رفح بين الصفقة والحرب

حديث القدس

رحيل الطبيب والوجيه الفاضل د. جواد رشدي سنقرط

معتصم الاشهب

الاسرى الفلسطينيون في مواجهة “مخططات هندسة القهر” الإسرائيلية

اسعد عبد الرحمن

هل سيجتاح نتنياهو رفح؟

المحامي أحمد العبيدي

الدولة العميقة في أمريكا تقرر مواصلة الحروب

راسم عبيدات

رفح في مرمى العاصفة

حديث القدس

الدعم الأميركي والعقوبات على «نيتساح يهودا»

إميل أمين

مسارات الحرب في مرحلتها الثالثة

معين الطاهر

وحدة الضفتين أنموذج للفكر الوحدوي الهاشمي

كريستين حنا نصر

لماذا يقف الأردن مع فلسطين

حمادة فراعنة

"عقوبات" أمريكية مع 26 مليار دعم.. تبرئة للمجرمين وتمويه الشراكة بالإبادة

وسام رفيدي

"التخطيط للمستقبل مع قائد السعدي : استراتيجيات التغلب على الأزمات المالية للشركات الناشئة"

قائد السعدي

عالم صامت امام عدوان إسرائيل على كل معالم الحياة البشرية ..!!

حديث القدس

كأن هذه الامة استمرأت الهزائم و لم تعد تحب الانتصار

حمدي فراج

"نيتساح يهودا" ... رشوة سخيفة ونكتة سمجة في قصة هزلية

تيسير خالد

مئتا يوم على حرب إبادة غزة

بهاء رحال

يحق لحماس أن تتباهى

حمادة فراعنة

التقرير الأخير حول عمل الاونروا.. دسمه قليل وسُمه كثير

سامي مشعشع

نتنياهو ومحاولات قتل الأسرى الإسرائيليين في غزة

حمزة البشتاوي

٢٠٠ يوم على أطول عدوان ضد قطاع غزة

حديث القدس

أسعار العملات

الخميس 25 أبريل 2024 10:01 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.79

شراء 3.77

دينار / شيكل

بيع 5.37

شراء 5.34

يورو / شيكل

بيع 4.08

شراء 4.02

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%4

(مجموع المصوتين 163)

القدس حالة الطقس