أقلام وأراء

الخميس 02 فبراير 2023 10:10 صباحًا - بتوقيت القدس

الوضع الإسرائيلي على هامش زيارة بليكن

بقلم: انطوان شلحت

مع أداء وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، زيارة رسمية إلى إسرائيل ضمن جولة شرق أوسطية شملت السلطة الفلسطينية في أراضي 1967، وعلى خلفية زياراتٍ سابقةٍ لعدّة مسؤولين أميركيين آخرين، جميعهم من المجال الأمني، تختار هذه المقالة قضيتين لهما صلة بها، احتدم الجدل بشأنهما في دولة الاحتلال، وفيهما ما يؤشّر إلى الوضع الراهن فيها: تفاقم الانزياح في أوساط المجتمع الإسرائيلي وفي صفوف أغلب قواه السياسية والحزبية نحو اليمين المتطرّف قوميًّا ودينيًّا. وتضاؤل احتمالات تشكّل أفق سياسي، يتعلّق بعملية تسوية القضية الفلسطينية، إلى أدنى حدّ لها.

ثمّة عديد من إفرازات الانزياح نحو اليمين المتطرّف في المجتمع الإسرائيلي، يتمثّل أحدها في تحجيم ما يُسمّى "اليمين العقلاني" في دولة الاحتلال، وهو تحجيمٌ آخذٌ بالاتساع منذ عدة أعوام. وحتى لا يُساء فهم ما نقصده، ينبغي القول إن هذا اليمين الذي يتم تحجيمه تنحصر "عقلانيته"، على وجه التحديد، في تبنّي مقاربة أن الديمقراطية الجوهرية ليست حكم الأغلبية فقط، وإنما هي أيضًا، وبشكل أساسي أحيانًا، حماية الحقوق الأساسية الدستورية للأقليات وللفرد. ولكن هذا اليمين ذاته ما يزال بموازاة ذلك راغبًا في استمرار السيطرة العسكرية، التي تدوس حقوق الإنسان الأساسية، لحياة ملايين الفلسطينيين مسلوبي المواطنة ومسلوبي الحقّ في إقامة دولة وطنية خاصة بهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، والمتواصلة منذ حزيران/ يونيو 1967. وبحسب مشاركين في هذا الجدل بشأن الاصطفاف المستجدّ في أوساط اليمين الإسرائيلي، تنطوي عقيدة أفراد هذا "اليمين العقلاني" على تناقضٍ داخليٍّ صارخ، فهم من جهة يعارضون عسف الأغلبية حيال الأقلية، ويحاربون من أجل تحصين حقوق الأقلية والفرد في وجه تعدّيات الأغلبية وحكمها، داخل "دولة إسرائيل" فقط. وهذا هو منبع النقد الشديد الذي يوجّهونه إلى نهج رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحزب الليكود الذي عاد ليصبح حزبًا حاكمًا. غير أن هؤلاء، من جهة أخرى، يلوذون بالصمت المطبق حيال ادّعاءٍ يطرحه بعضهم بشأن عدم القدرة على الاحتفاظ بنظام ديمقراطي معقول وحمايته، طالما بقي يصون حقوق الإنسان والمواطن في داخل "حدود دولة إسرائيل" من ناحية (وإنْ بشكلٍ محدود الضمان)، فيما يعمّق أركان دكتاتورية عسكرية صارمة، تحمل علامات الأبارتهايد بين مئات آلاف المستوطنين الإسرائيليين وملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية، من ناحية ثانية.

أمّا القضية الفلسطينية، ففي الوسع أن نستخلص حيالها، مع انتهاء ولاية حكومة وبداية ولاية حكومة أخرى برئاسة نتنياهو، التقييم التالي بتكثيفٍ شديد: ثمّة شبه إجماعٍ في دولة الاحتلال مدعومٍ بغطاء أميركي على أنه ليس هناك حاليًا أي أفق سياسي مشترك للتوصل إلى تسوية دائمة، فضلًا عن أن آخر ما أنبأت به التطوّرات في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدًا "اتفاقيات أبراهام" ومسار ترجمتها عمليًا، أثبتت، كما يقال إسرائيليًا، إن في الوسع تخطّي عقبات سياسية وضعها الواقع العربي أمام التطبيع مع دولة الاحتلال، مرتبطة بالقضية الفلسطينية وبوجوب إيجاد حل لها. وهو مرفقٌ بشبه إجماع آخر فحواه أنه منذ "رؤية" رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، يتسحاق رابين، إزاء التسوية الدائمة في عام 1995 (بعد "اتفاق أوسلو")، طرأ "تراجع عميق في المواقف التي عرضها مندوبو إسرائيل في المفاوضات" في وقت لاحق (سيما في كامب ديفيد عام 2000، وفي أنابوليس عام 2007)، في حين أن مواقف الفلسطينيين "ظلت على حالها بل وازدادت تطرّفًا". ويزعم القائلون به كذلك أنه اتضح، مرة تلو الأخرى، أن "مطالب الفلسطينيين لا تنتهي بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وبالتالي، لم يلتقِ الطرفان في مسار أو أفق سياسي مشترك". ويبقى تدشين مثل هذا الأفق السياسي في المستقبل مرهونًا فقط بـ "حدوث تغيير على هذا التوجه أو الموقف الفلسطيني"!

يبقى السؤال: ما هو المطلوب منّا نحن الفلسطينيين؟ كانت الإجابة في أحد محاور المنتدى السنوي الأول لفلسطين الذي عقد في الدوحة أخيرا.

دلالات

شارك برأيك

الوضع الإسرائيلي على هامش زيارة بليكن

المزيد في أقلام وأراء

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 221)

القدس حالة الطقس