أقلام وأراء

الأربعاء 20 أبريل 2022 10:25 صباحًا - بتوقيت القدس

شركاء تل أبيب في التجويع والترويع

بقلم:ممدوح الشيخ


حقبٌ موسومةٌ تمر ما بين يوبيل فضي وذهبي ومئوية، والأسماء ذات الجرس الاحتفالي الكاذب مقطوعة الصلة بمسمّياتها: وتلخص المفارقة مسافةٌ لم يعبرها أحد بين معنى "النكبة" ومعنى "عيد الاستقلال". وما بين جانبي الخندق مفرداتٌ من معجم الاختلاف والتباين والمواجهة، حيث أُسيل ما أُسيل من الحبر وسُفك ما سُفك من الدم. وفي النهاية، تؤكّد "التجربة" ما سبقت إليه "الحكمة": لا شراكة بين عرب وصهاينة إلا لتجويع عرب آخرين أو ترويعهم!
وشراكات تل أبيب الجديدة التي تبدو (أو يراد لها تضليلًا أن تبدو) تحولًا في الموقف من "الآخر" (الصهيوني)، هي في الحقيقة تحوّل في الموقف من "الذات" (العربية)، حيث العجز عن انتزاع الحقّ لا يبرّر أبدًا تكريم من سلبنا إياه، وحيث العجز عن نصرة الضحايا لا يمكن أن يستوي، في أي ميزان، مع الاحتفاء بالظلم والظالم. ومن كامب ديفيد (1978) إلى المبادرة العربية (2002)، شهدت العقود القليلة الماضية مساعيَ عربية متعدّدة، علنية وسرّية، لتسوية تفاوضية للقضية الفلسطينية في "رالي ديبلوماسي" لا نعرف له نظيرًا قاد العرب فيه سيارة التفاوض في القاهرة وجنيف ومدريد وأنابوليس وغيرها، فإذا بوزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، بعد كل هذه السنوات وهذه المسافات الطويلة، المضنية المفلسة، يبشّر العرب قبل أسبوعين بعلاقاتٍ دفاعية تتوسع، وبعد الأسبوعين "ينعي" إلى العرب "حلم التسوية"، أو كابوسها أو وهمها،.. تخير من المعروض ما شئت!

ويرى وزير الدفاع الإسرائيلي أن "من الصعب التوصل إلى سلامٍ بالمعنى الواسع مع الفلسطينيين"، مقترحًا إقامة كيانين منفصلين: إسرائيلي وفلسطيني "مع الحفاظ على هيمنة إسرائيلية في المنطقة برمتها"، ولم يكن في ما قال مفاجأة، بل المفاجأة في صمت من صمتوا... والقضية أكبر من أن تصبح "منصّة" مناكفة سياسية أو ملاسنة عربية/ عربية، بل هي قضية أن يكون هناك تقييم لحصيلة عقود من السعي العربي (والفلسطيني) للوصول إلى حل تفاوضي مع إسرائيل. وما يتحدّث عنه غانتس ليس تحوّلًا ولا منعطفًا، بل تأكيد ما هو مستقرّ ومعروف سلفًا: "لا مكان لشعبين بين النهر والبحر"، هكذا رأى الصهاينة مستقبل الصراع دائمًا، ولكن الجديد اليوم أن الخطاب أكثر وضوحًا في "نفي" تحقيق السلام، ليس بسبب غياب "الشريك الفلسطيني"، كما روّجت ديبلوماسية تل أبيب عقودا، بل لأن السلام، أيًا كان الشريك، لا يخدم أمن إسرائيل.
والشراكات الإقليمية التي عقدتها إسرائيل، أخيرا، لم تزل "ترهق" من يسوقونها، وبخاصة عندما يلبسونها قناعًا من التمنّيات الطيبة بأن تسهم في "إنضاج" تسويةٍ تفاوضية، لكن تصريحات غانتس أخيرا تتضمّن حديثًا صريحًا عن: "شراكات دفاعية أوسع"، وعن "صعوبة تحقيق سلام". فهل تكون أي شراكةٍ مع تل أبيب، في هذا الإطار وبهذه المحدّدات، إلا شراكة لتجويع عرب آخرين وتجويعهم؟!

والتجويع والترويع لا يقتصران على أهل فلسطين، بل يتنقل "التوأمان" مترافقين أو مفترقين، من فلسطين المحتلة إلى دول عربية أخرى، منذ بدأت موجة "الثورة المضادّة". واليوم تكاد الفاجعة ذات الوجهين (الترويع والتجويع)، تلخص ما تغير بين نهاية سبعينيات القرن الماضي (كامب ديفيد) و"نعي" التسوية اليوم، فلا تكاد عاصمة عربية تشهد تظاهرةً تواكب ما تشهده الأرض المحتلة من إجرام صهيوني، والمجتمعات التي أنهكها الاستبداد بالترويع والتجويع لا تملك لا الفعل ولا حتى القول.
وبالتجويع والترويع، تنتصر إسرائيل من دون حرب، وعبر شراكات يتحدّث عنها وزير دفاع إسرائيل مؤكدًا أبعادها الدفاعية، لا حديث، ولو من باب إبراء الذمة، عن نزع "سكين" التجويع والترويع من يد إسرائيل، ولا غضب من التنصّل "المتبجّح"، من مقولة التسوية التفاوضية، وفي ملفاتٍ إقليميةٍ عدّة تغاضى شركاء تل أبيب عن "أثمان باهظة"، دفعتها وتدفعها شعوب عربية حتى لا تهدّد اختياراتها السياسية الأمن الإسرائيلي (بحسب الشروط الإسرائيلية طبعًا). ومنذ تصريحات الوزير الإسرائيلي، لم يتطوّع أيٌّ من شركاء تل أبيب العرب بسؤالها: كيف تتحقق شراكة مع "هيمنة إسرائيلية"؟ وإذا كان السلام "صعبًا" و"الهيمنة ضرورة"، فما المشترك الذي تقوم لأجله الشراكة؟ وما المكسب الذي تحققه شراكة يلبي فيها طرف كل ما يطلبه الطرف الآخر، ولا تتضمّن بنيتها أية كوابح "فعلية" تضمن حرمان الشريك الأقوى من استخدام سلاح التجويع والترويع؟ عن "العربي الجديد"

شارك برأيك

شركاء تل أبيب في التجويع والترويع

المزيد في أقلام وأراء

جرائم ضد الإنسانية

حديث القدس

تحذيرات بايدن والفعالية المنقوصة--

حسن ابو طالب

ازدواجية ليست مفاجئة... ومستمرة---

بكر عويضة

رغم نفاق الاعلام الغربي .. هزمت إسرائيل...

فتحي كليب

أسباب تغيير الموقف الأميركي ودوافعه

حمادة فراعنة

حول مقولة (المسرحية) واستدخال الهزيمة

وسام رفيدي

في الذكرى السادسة والثلاثين لرحيل أول الرصاص وأول الحجارة

عباس زكي

١٧ نيسان : فلتهز صرخة أسرى فلسطين المدوية أرجاء العالم

حديث القدس

إيران ضربت إسرائيل في حزامها

حمدي فراج

الفلسطينيون والمنطقة بدون الأونروا؟!

علي هويدي

مقبرة مستشفى الشفاء الإجرامية

حمادة فراعنة

جبهة الضفة الغربية تشتعل

راسم عبيدات

الاحتلال الإسرائيلي وترتيبات اليوم السابق لانتهاء الحرب على غزة

محسن محمد صالح

تومــاس فريدمــان والنصائح المسمومة‎

هاني المصري

"الاستدامة والابتكار: كيف تغير البنايات الذكية المشهد العمراني؟"

المهندس حسين هريش

إسرائيل تقرر ضرب ايران والشرق الأوسط في حالة غليان

حديث القدس

عيدُ غزةَ .... ؟!

عطية الجبارين

هُزمت إسرائيل.. فهل انتصرت المقاومة؟

ياسر سعد الدين

مسرح أم لا مسرح...

سهيل كيوان

ضربة محدودة بقرار مسبق

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الخميس 18 أبريل 2024 10:59 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.78

شراء 3.77

دينار / شيكل

بيع 5.34

شراء 5.32

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.0

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%71

%24

%5

(مجموع المصوتين 119)

القدس حالة الطقس