أقلام وأراء

الخميس 19 أكتوبر 2023 2:13 مساءً - بتوقيت القدس

عدو كامل الأوصاف

لماذا تقبل الرواية الإسرائيلية و تروج مهما بلغت وقاحتها او كذبها او مناقضتها للواقع!
للإجابة على هذا السؤال نورد ما يلي ، فالسردية الإسرائيلية ليست ذكية ولا مكتملة ولا عبقرية بل هي مضحكة و تثير السخرية و لكن لا بد أن يكون هناك سردية ما مقابل سردية أخرى، اسرائيل تعتمد على تقديم رواية أخرى دائما بغض النظر عن كونها صادقة او غير ذلك ، المهم ان يكون هناك قصة، وستتولى المنصات الاعلامية الكبرى ترويجها و تحويلها إلى حقائق بفعل التكرار والزيادة و النقصان وكذلك عمليات الصقل بفعل التداول، ولا يغيب عن اذهاننا ان منصات الاعلام الكبرى مملوكة لطغم المال واللوبي الصهيوني في بلاد الغرب العنصرية ، كان لافتا ان بايدن تبنى السردية الإسرائيلية حول مذبحة المشفى المعمداني دون تحقيق ودون تمحيص وبذلك حولها إلى سردية عالمية لها قوة الانتشار والتصديق والاغتيال، السردية الإسرائيلية تتناسب و تلائم مثيلتها الغربية الاستعمارية و العنصرية ذلك ان السردية الإسرائيلية تقدم عدوا كامل الأوصاف للذهنية الغربية يخدم اغراضها و يحقق اهدافها فالعدو هو عربي و مسلم و إرهابي يكره الحضارة الغربية و الليبرالية و هو ابن الظلام و ملك الشر والأهم من كل ذلك انه يطالب بحقوق ليست له ولا تليق به ، و هي صورة نموذجية للعدو الذي يجب مقاومته او قتله او نفيه ، و هو عدو يجب اختلاقه او اختراعه لتظل الرؤية الغربية يقظة و نشيطة و موحدة ، و رغم تعدد اعداء الغرب الاستعماري من روس او صينين او افارقة او لاتينيين الا ان العدو العربي و المسلم و الإرهابي و كاره الحضارة هو العدو المفضل لدواع ثقافية و تاريخية و جغرافية .


والسردية الإسرائيلية سردية تقوم على برنامج محكم و ينفذ بطريقة احترافية و يبدأ بشيطنة الفلسطيني و الصاق تهم الارهاب و الكراهية به و من ثم تجريمه بالكامل و نبذه محليا و دوليا الامر الذي يقود إلى ضرورة اسكاته و كتم صوته و التعتيم على روايته و لهذا تجد ان كل المنصات الرقمية تحذف المحتوى الفلسطيني و بعد كتم الصوت و التعتيم تأتي مرحلة التصفية المعنوية و الجسدية في آن معا دون أن تثير أحدا او تستدعي إدانة او شجبا .


السردية الإسرائيلية تنفذ هذا المخطط بطريقة بالغة الذكاء و بالغة الدهاء و تعطي نفسها العذر الأخلاقي للتخلي عن كل قيم الحرية و الكرامة الإنسانية و حقوق الإنسان من منطلق ان الديمقراطية تدافع عن نفسها و تحمي منجزاتها ، و بالتالي تتحول السردية الإسرائيلية رغم فظاعتها و كذبها إلى حامية للانسانية كلها و هو ما يدغدغ الذهنية الاوروبية و يريحها و يخلصها من عذاب ضميرها ان كان هناك عذاب لما فعلته في القارات الخمس على الاطلاق ، السردية الإسرائيلية التي هي جزء من السردية الاستعمارية الغربية و تطوير لها تتمركز حول ذاتها و تؤله أفعالها و تعطيها ابعادا عالمية و ترى فيما تفعله ضرورة سماوية تحمل مشعل النور و التقدم، و لهذا لم يكن من المستغرب ان يركز نتنياهو على فكرة انه رسول الحضارة امام جمهور من المتوحشين ، اما غالانت و ما ادراك ما غالانت فقد قال على تخوم غزة ان المعركة هي بين أبناء النور و بين أبناء الظلام و هذه سردية سمعناها تماما لدى كل المستعمرين الغربيين عندما قالو ان ألههم أفضل من آلهة اعدائهم .


السردية الإسرائيلية في نهاية الامر ما هي إلا دعاوى لاستمرار الاحتلال و التنكر للحقوق المشروعة و التفاف على الشرعية الدولية ، و هي مجرد فبركة يراد منها خلق مرتكزات معنوية تكفي لاستمرار القتل و المصادرة و الرعب ، و الغرب الاستعماري يقبل كل تلك الفبركات و الترهات ليس لانه يصدقها او لا يصدقها ، بل لانه شريك تماما و متورط إلى أذنيه، و لانه الاستاذ الأكبر الذي اخترع و ما يزال سردية تغتال الانسان و تغطي الظلم و الظلام و تحولهما إلى حضارة و عدل.

دلالات

شارك برأيك

عدو كامل الأوصاف

المزيد في أقلام وأراء

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

في ذكرى النكبة 76.. غزة تعيد الصراع للمربع الأول

وسام رفيدي

حِراك طلبة الجامعات.. وشبابنا العاطل!

المتوكل طه

أصغيتُ، شاهدتُ، فتعلمت فأيقنت

غسان عبد الله

النكبة الفلسطينية نزيف مستمر وشاهد على عجز الأمم المتحدة

عبد الله توفيق كنعان

ماذا يحدث في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وفي الجبهة الشمالية؟

أنطوان شلحت

لماذا تستميت أميركا لتطبيع سعودي مع إسرائيل؟

لميس أندوني

الكتابة بين الجثث.. قُبلة على جبين غزة في الذكرى الـ 76 للنكبة

عيسى قراقـع

مقارنة بين نكبتين.. من الطنطورة إلى الشابورة

إبراهيم ملحم

لاجئ وحتما عائد

حديث القدس

ذكرى النكبة محطة العودة

حمادة فراعنة

حق العودة بعد السابع من أكتوبر

عصري فياض

في يوم أوروبا.. بين مواقفها والوقائع بعد ٧٦ عاماً من جريمة النكبة

مروان إميل طوباسي

استقلالهم ونكبتنا

بهاء رحال

فلسطين و "إسرائيل".. من الهولوكوست اليهودي إلى الهولوكوست الفلسطيني

إبراهيم أبراش

عن القدس في ظل حرب الإبادة

يونس العموري

جبل غزة الذي لا ينحني….

محمد دراغمة

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

أسعار العملات

الأربعاء 15 مايو 2024 9:44 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.67

شراء 3.65

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.97

يورو / شيكل

بيع 5.18

شراء 5.15

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%2

%98

(مجموع المصوتين 59)

القدس حالة الطقس