أقلام وأراء

الأربعاء 04 أكتوبر 2023 9:53 صباحًا - بتوقيت القدس

" اعقلها وتوكل " نصائح في غير الزمان والمكان

من حقنا ، بل من واجبنا أن نقف هذه الأيام تحديدا ، احتراما لشخصية سياسية كويتية مرموقة حقا ، هو السيد مرزوق علي الغانم ، الرئيس السابق لمجلس الأمة الكويتي . من حقنا لأنه منا ونحن منه ، هو من معسكرنا ، معسكر الحق والعدل في وجه معسكر الطغيان والباطل ، ومن واجبنا ، لأن هذا الرجل تميز بمواقف تسامت على كل الجراح ، لم ينبش ماض مؤلم ولم يتنكر للشعب الفلسطيني ، بل تبنى قضيته من موقعه الرسمي في جميع المحافل الدولية ، والبرلمانية على وجه الخصوص .


يدفعني لهذا القول ما جاد به مؤخرا الاعلامي الكويتي المعروف أحمد الجار الله رئيس تحرير جريدة عرب تايمز وجريدة السياسة الكويتية ، في رسالة مطولة وجهها مؤخرا لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يقول له فيها : " سمو الأمير محمد بن سلمان اعقلها وتوكَّل ، نعم اعقلها وتوكَّل " ، فالقضية الفلسطينية لم تعد ملفا عربيا بعد توقيع اتفاقيات اوسلو بين منظمة التحرير واسرائيل ، بل أصبحت شأنا اسرائيليا – فلسطينيا ، فضلا عن أن شعوب مجلس التعاون الخليجي لم تعد تقبل تقديم مصالح الفلسطينيين على شؤونها ومصالحها ولم تعد معنية أبدا بما يحدث في غزة والضفة الغربية ، لأنه أصبح مصدر استثمار سياسي لمن يدفع أكثر ولعبة ايرانية – اسرائيلية بأيد فلسطينية .


في رسالته تلك يكاد السيد الجار الله يعزو فشل مشاريع التنمية في المنطقة العربية ، لانشغال بلدانها وشعوبها وحكامها بفلسطين والفلسطينيين والتحرير ويرفع من شأن الرئيس المصري السابق أنور السادات ، الذي أدار ظهره للفلسطينيين وكرس همه لبلاده . تحميل الفلسطينيين ما لا طاقة لهم به ، أمر غير عادي ، وعلى كل حال لم تعد فوهات المدافع منذ العام 1973 موجهة في الاتجاه ، الذي يعطل جهود ومشاريع التنمية في البلدان العربية ، فقد اختلفت زاوية الرمي ، ولم تنطلق مشاريع التنمية ، التي أثقلها الانشغال في الهم الفلسطيني .


ربما يعتقد السيد الجار الله ، أن التطبيع مع دولة الاحتلال الاسرائيلي سوف يضع المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة وشرق أوسط جديد ، على اعتبار كثرة الشواهد على أن العلاقة مع اسرائيل تجلب الرخاء وتعود بالمنفعة المتبادلة . ساذج من يعتقد أن العلاقة مع دولة الاحتلال تفتح الأبواب أمام الرخاء والمنفعة المتبادلة ، أو توفر له شيئا من الأمن والاستقرار ، الذي لا غنى عنه من أجل دفع عجلة التنمية الى أمام . اسرائيل هنا لن ترفع لأحد الكستناء من النار ، هذا ليس شأنها وليس في تاريخ علاقتها مع الكثير من دول العالم النامي ما يشير الى ذلك . عكس ذلك هو الصحيح تماما ، يكفي ان نذكر في هذا السياق بالموقف الاسرائيلي من مشروع الطاقة النووية السعودي ، حيث تمسك حكومة اسرائيل الرئيس جو بايدن من رقبته من خلال الكونغرس الأميركي وتضع فيتو على المشروع السعودي ، بحجة احتمال استخدام العربية السعودية المشروع لأهداف عسكرية تخل بالتوازنات القائمة في المنطقة . وهو موقف تتشارك فيه أحزاب الائتلاف الحاكم مع أحزاب المعارضة الصهيونية دون استثناء .


لست هنا في وارد الرد على السيد أحمد الجار الله بكل التفاصيل المملة ، التي وردت في رسالته الى الأمير محمد بن سلمان ، بل أذهب الى خاتمة الرسالة ، حيث يقول بلغة لا تخلو من التحريض غير المألوف وغير المسبوق على الشعب الفلسطيني .


 فالسيد الجار الله يدعو الأمير للاستماع " إلى خطباء الجمعة في غزة والضفة الغربية ، والشتائم التي تكال فيها إلى آل سعود ، ووالدك ، وإليك شخصياً ، وإلى كل شعوب الخليج " ، ليختم رسالته بالقول أن " إسرائيل لم ترتكب عشرة في المئة من الجرائم التي ارتكبتها المنظمات الفلسطينية ضدنا ، لهذا نقول باسم معظم شعوب الخليج العربية : " اعقلها وتوكَّل. " . مهلا سيد جار الله ، لا تقحم شعوب الخليج في شأنك أنت وحدك ، فالصورة عندنا هنا في فلسطين عن أشقائنا في دول الخليج غير الصورة ، يكفي ان نذكرك باستطلاع للرأي نشره " معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى " في تموز من العام الماضي ، حيث أيّد اتفاقيات التطبيع في البحرين 25% وعارضها 71%، في حين أيدها 20% مقابل 76% من المعارضين في الإمارات ، أما في المملكة العربية السعودية فقد أيدها 19% وعارضها 75%. لقد طبع من طبع ، وباع الفلسطينيين أوهاما كثيرة ، فماذا كانت النتيجة : المزيد من الجرائم ، ضم زاحف وحكومة من الفاشيين والنازيين الجدد في اسرائيل .


كلمة أخيرة للسيد الجار الله ، لا تقحم المصلين في مساجد فلسطين في شأن هم أبعد ما يكونون عنه ، واعلم أن " اعقلها وتوكل " يا سيدي هو قول رسول كريم ، لا يصح أن يقال في غير أوانه وزمانه وفي غير مكانه .

دلالات

شارك برأيك

" اعقلها وتوكل " نصائح في غير الزمان والمكان

المزيد في أقلام وأراء

مقارنة بين نكبتين.. من الطنطورة إلى الشابورة

إبراهيم ملحم

لاجئ وحتما عائد

حديث القدس

ذكرى النكبة محطة العودة

حمادة فراعنة

حق العودة بعد السابع من أكتوبر

عصري فياض

في يوم أوروبا.. بين مواقفها والوقائع بعد ٧٦ عاماً من جريمة النكبة

مروان إميل طوباسي

استقلالهم ونكبتنا

بهاء رحال

فلسطين و "إسرائيل".. من الهولوكوست اليهودي إلى الهولوكوست الفلسطيني

إبراهيم أبراش

عن القدس في ظل حرب الإبادة

يونس العموري

جبل غزة الذي لا ينحني….

محمد دراغمة

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

فلسطين لم تهزم … كانت وصارت وستبقى فلسطين

حديث القدس

من خرق ميثاق الأمم المتحدة غير المستعمرة؟

حمادة فراعنة

طوفان الأقصى: طبقا لأرقامهم فقط

وليد عبد الحي

الوقت عامل العوامل.. إن لم تقطعه قطعك ووزع لحمك على القبائل

حمدي فراج

هل تريد أميركا وقف الحرب فعلًا؟

فايد ابو شمالة

العدالة الدولية البطيئة أشد أنواع الظلم!!

المحامي إبراهيم شعبان

في ذكرى النكبة الـ76 ... بداية نهاية المشروع الصهيوني‎

هاني المصري

في ذكرى النكبة.. الميناء الأمريكي وخطر التهجير.. عود على بدء

جمال زقوت

باقون هنا ..على درب فلسطين

حديث القدس

الذكرى 76 لنكبة فلسطين.. التاريخ يعيد نفسه والنتائج مختلفة

ماجد الزير

أسعار العملات

الأربعاء 15 مايو 2024 9:44 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.67

شراء 3.65

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.97

يورو / شيكل

بيع 5.18

شراء 5.15

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%2

%98

(مجموع المصوتين 52)

القدس حالة الطقس