أقلام وأراء

الجمعة 05 مايو 2023 10:31 صباحًا - بتوقيت القدس

استراتيجية حرب إسرائيلية يقابلها غياب استراتيجية مقاومة فلسطينية

بداية نترحم على الشهيد خضر عدنان الذي طلب الشهادة فنالها بعد أن سجل شهادة فخر واعتزاز لكل فلسطيني وليس لحركة الجهاد الإسلامي فقط من خلال رفضه لسياسة الاعتقال الإداري وكشف الممارسات الإرهابية للعدو في سجون الاحتلال، ولكن ما يدور من تخوفات من تصعيد وحرب بين الكيان الصهيوني وحركة الجهاد الإسلامي إنما يعبر عن المنزلق الخطير التي تقع فيه حركة التحرر الفلسطيني بكل فصائلها، الأمر الذي يتطلب التوقف عنده وكشف مخاطره.

فمن المعلوم أن عمليات القتل و الاغتيالات شبه اليومية بحق الفلسطينيين التي يقوم بها العدو في المعتقلات وخارجها وفي كل ربوع الوطن وخارج الوطن إنما تأتي في سياق سياسة واستراتيجية دولة الاحتلال وليست عملاً أو إنجازاً لهذا الحزب الصهيوني أو ذاك، ولكن غالباً ما يكون الرد عليها ليس في سياق استراتيجية وطنية بل رداً حزبياً أو مناطقياً وكأن المعركة بين دولة الاحتلال وحركة فتح أو بينها وحركة الجهاد أو حماس أو الجبهة الشعبية الخ، وأحياناً تبدو المعركة وكأنها بين دولة العدو وقطاع غزة فيما تقف الضفة موقف المتفرج وفي الفترة الأخيرة تنزلق الأمور الى مواجهة وحرب في الضفة بينما غزة تقف موقف المتفرج، وحتى داخل الضفة يبدو أن الاحتلال من جانب والانقسام الداخلي من جانب يعزز التخوفات التي كتبنا عنها وحذرنا منها في مقال سابق تحت عنوان (الحذر من تجزئة ساحات المقاومة) حيث برزت جماعة (عرين الأسود) في نابلس كما ظهرت (كتائب جنين) في مدينة جنين وكلا الجماعتين أعلنتا عن نفسها عبر وسائل الإعلام المصورة وبشكل استعراضي فيما بقيت المدن الأخرى شبه ساكنة، الأمر الذي أدى لتفرد جيش الاحتلال بكلتا الجماعتين وتصفية غالبية عناصرها.

عندما اغتالت إسرائيل القائد أبو علي مصطفى في مكتبه 27 /8/2001 ردت الجبهة الشعبية باغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي وما أدت إليه العملية من توقيف قادة الجبهة الشعبية في الضفة وعلى رأسهم أحمد سعدات من طرف السلطة الفلسطينية حتى لا تغتالهم إسرائيل ثم تم اعتقالهم من داخل سجون السلطة من طرف جيش الاحتلال وما ترتب على ذلك من اتهامات متبادلة بين السلطة والجبهة الشعبية وتوتير للعلاقات ما زالت حتى اليوم.

ما بعد الانقسام وسيطرة حركة حماس على القطاع بدت الأمور وكأن الحرب هي بين إسرائيل وقطاع غزة، ففي ظل التزام السلطة الفلسطينية بعملية السلام شنت إسرائيل عدة حروب على القطاع كانت أحياناً بسبب وحينا ًًبدون سبب وحينا آخر بمبادرة من أحد الفصائل في القطاع.

ففي 27 ديسمبر 2008 شنت إسرائيل حرباً على غزة حيث ألقت قرابة "مليون" كيلوجرام من المتفجرات على القطاع كما هدمت أكثر من (4100) مسكن بشكل كلي، و(17000) بشكل جزئي، وقد أدت عملية "الرصاص المصبوب"، إلى استشهاد أكثر من 1436 فلسطينيًا بينهم نحو 410 أطفال و104 نساء ونحو 100 مسن، وإصابة أكثر من 5400 آخرين نصفهم من الأطفال.، فيما اعترفت السلطات الإسرائيلية بمقتل 13 إسرائيلياً بينهم 10 جنود وإصابة 300 آخرين.

في الرابع عشر من نوفمبر 2012 قامت إسرائيل باغتيال القائد القسامي أحمد الجعبري وعلى إثر ذلك اندلعت مواجهات كبيرة أو حرباً ،أطلقت عليها المقاومة اسم "معركة حجارة السجيل " و امتدت لثمانية أيام شاركت فيها كل الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وفيها وصلت صواريخ المقاومة التي وصل عددها خلال أيام الحرب 155 صاروخا لتل أبيب والقدس ومدن أخرى داخل فلسطين المحتلة ،وفي المقابل ردت إسرائيل موظفة كل قوتها العسكرية ملحقة دماراً وخراباً في البنية التحتية والمساكن في القطاع ،وسقط في الحرب 191 شهيداً وحوالي 1400 جريح بينما سقط للإسرائيليين 5 قتلى وعدد من الجرحى ،وانتهت الحرب بهدنة برعاية مصرية ودولية .

في السابع من يوليو/تموز 2014، شنت إسرائيل حربها الثالثة على قطاع غزة، أسمتها "الجرف الصامد"، فيما أطلقت عليها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اسم "العصف المأكول".
وعلى مدار "51 يومًا" تعرض قطاع غزة لقرابة 60 ألفًا و664 غارة جواً وبراً وبحراً تسببت باستشهاد 2322 فلسطينيًا وجرح نحو 11 ألفا وفقا لإحصائيات صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.
في المقابل، كشفت بيانات رسمية إسرائيلية عن مقتل 68 عسكريًا من جنودها، و4 مدنيين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وإصابة 2522 إسرائيلياً بجروح و(حسب إحصائية، أعدتها وزارة الأشغال ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، فإن عدد الوحدات السكنية المهدمة كلياً بلغت 12 ألف وحدة، فيما بلغ عدد المهدمة جزئياً 160 ألف وحدة، منها 6600 وحدة غير صالحة للسكن).

وفي فجر الحادي عشر من نوفمبر 2019 استهدفت إسرائيل القيادي في الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا حيث استشهد مع زوجته في نفس الوقت جرت محاولة اغتيال القيادي الجهادي العجوري في منزله بدمشق واستشهد ابنه، وردت حركة الجهاد مباشرة وبقرار منفرد منها وأطلقت عشرات الصواريخ على مواقع إسرائيلية بالرغم من وجود غرفة عمليات مشتركة، وأسفرت الغارات الجوية عن استشهاد 34 فلسطينيا، وجرح أكثر من 100 آخرين،

في عام 2021 اندلعت معركة "سيف القدس" التي سمتها إسرائيل "حارس الأسوار. رداً على استيلاء مستوطنين على بيوت مقدسيين في حي الشيخ جراح واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى أطلقت المقاومة الفلسطينية أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، وأسفرت المواجهة عن نحو 250 شهيدا فلسطينيا وأكثر من 5 آلاف جريح، كما قصفت إسرائيل عدة أبراج سكنية، وأعلنت إسرائيل عن تدمير نحو 100 كيلومتر من الأنفاق في غزة، وفي الجانب الإسرائيلي تم الإعلان عن مقتل 12 إسرائيليًا وإصابة نحو 330 آخرين، وفق مصادر إسرائيلية.

وقد تم وقف إطلاق النار بعد وساطات وتحركات وضغوط دولية.

في يوم الخامس من أغسطس/آب 2022 اغتالت اسرائيل قائد المنطقة الشمالية لسرايا القدس (الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، وردت حركة الجهاد الإسلامي بعملية سمتها "وحدة الساحات"، وأطلقت خلالها مئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، وأفادت وزارة الصحة في قطاع غزة بأن عدد الشهداء في هذه الحرب بلغ 24، بينهم 6 أطفال، في حين أصيب 203 بجروح مختلفة.

في كل المواجهات السابقة لم تكن هناك أي استراتيجية فلسطينية للرد وكانت الخسائر الفلسطينية تفوق كثيرا خسائر الاحتلال ومع ذلك كانت الأحزاب تعلن عن تحقيق انتصارات وانجازات، فهل سيكون رد حركة الجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة مختلفا في هذه المرة وتستفيد من تجارب الماضي؟

لقد أثبتت حركة الجهاد الإسلامي منذ نشأتها عام 1987 وانفصالها عن جماعة الإخوان المسلمين أنها حركة وطنية فلسطينية تقاتل من أجل الحرية والاستقلال ولا تسعى للسلطة أو الجاه، وأن يكن لها توجهات إسلامية فهذا لا ينتقص من وطنيتها حيث لا تعارض بين الوطنية والإسلام فالغالبية العظمى من الفلسطينيين مسلمون وفي الوطن متسع للجميع.

نتمنى أن يكون رد الجهاد الإسلامي على جريمة اغتيال خضر عدنان، وهو ليس الوحيد الذي استشهد في سجون الاحتلال وعلى يد جيش الاحتلال ومستوطنيه في كل أرض فلسطين، ردا وطنيا عقلانيا من خلال العمل على صياغة استراتيجية وطنية للتعامل مع استراتيجية الحرب والعدوان الصهيونية في الضفة والقدس وكل فلسطين، في إطار استراتيجية وطنية شمولية وألا يقتصر ردها على إطلاق الصواريخ من غزة حيث كانت نتائج حرب الصواريخ مدمرة لقطاع غزة دون وقوع أضرار تُذكر عند العدو بل كان العدو يوظفها لتعزيز الانقسام. ولفت الانتباه عما يجري في الضفة والقدس.

[email protected]

دلالات

شارك برأيك

استراتيجية حرب إسرائيلية يقابلها غياب استراتيجية مقاومة فلسطينية

المزيد في أقلام وأراء

رفح في مرمى العاصفة

حديث القدس

الدعم الأميركي والعقوبات على «نيتساح يهودا»

إميل أمين

مسارات الحرب في مرحلتها الثالثة

معين الطاهر

وحدة الضفتين أنموذج للفكر الوحدوي الهاشمي

كريستين حنا نصر

لماذا يقف الأردن مع فلسطين

حمادة فراعنة

"عقوبات" أمريكية مع 26 مليار دعم.. تبرئة للمجرمين وتمويه الشراكة بالإبادة

وسام رفيدي

"التخطيط للمستقبل مع قائد السعدي : استراتيجيات التغلب على الأزمات المالية للشركات الناشئة"

قائد السعدي

عالم صامت امام عدوان إسرائيل على كل معالم الحياة البشرية ..!!

حديث القدس

كأن هذه الامة استمرأت الهزائم و لم تعد تحب الانتصار

حمدي فراج

"نيتساح يهودا" ... رشوة سخيفة ونكتة سمجة في قصة هزلية

تيسير خالد

مئتا يوم على حرب إبادة غزة

بهاء رحال

يحق لحماس أن تتباهى

حمادة فراعنة

التقرير الأخير حول عمل الاونروا.. دسمه قليل وسُمه كثير

سامي مشعشع

نتنياهو ومحاولات قتل الأسرى الإسرائيليين في غزة

حمزة البشتاوي

٢٠٠ يوم على أطول عدوان ضد قطاع غزة

حديث القدس

مخيم "نور شمس" وإعادة تدوير الموت عنقاء ستنهض من رمادها

سماح خليفة

مَرض"الوطنّي الوحيد"

سهيل كيوان

أطفالنا القادمون!

أسامة الاشقر

فعل الإجرام واحد

حمادة فراعنة

الفيتو تقويض للسلم والعدالة والمساواة..... الفيتو الأمريكي الدليل ؟

فوزي علي السمهوري

أسعار العملات

الخميس 25 أبريل 2024 10:01 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.79

شراء 3.77

دينار / شيكل

بيع 5.37

شراء 5.34

يورو / شيكل

بيع 4.08

شراء 4.02

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%22

%4

(مجموع المصوتين 160)

القدس حالة الطقس