أقلام وأراء

الإثنين 01 مايو 2023 10:13 صباحًا - بتوقيت القدس

خلاصنا في التربية والتعليم .. توأم التحرر والبناء

مدير مؤسسة مركز الدراسات والتطبيقات التربوية / CARE


أن فهم أي مشكلة، يتطلب مسبقا، الاقتناع الذاتي بوجودها، مما سيسارع ويسهّل في إيجاد الحل، بعيدا عن الشخصنّة وتوظيف نظرية المؤامرة.


أسوأ وأسهل خيار يمكن اتخاذه هو تبني نهج الزرافة، والمعروف باللجوء الى دفن الرأس في الرمال، وكأن كل شيء على ما يرام.


نعيش كمجتمع فلسطيني، وبكل فئاته وطبقاته حالة من الضياع والتردي منذ عقود خلت، لعل احد أسبابها– اضافة الى انغلاق الأفق السياسي، غياب المواجهة الصريحة مع الذات.


لعل أبرز ملامح حالات التردي هذا هي حالات التصدع في منظومة السلم الأهلي وتسارع الانحدار في منسوب القيم والأخلاق. وحيث أن النسبة الأكبر من مجتمعنا هي فئة الشباب (ذكورا واناثا)، غالبيتهم العظمى على مقاعد الدراسة (رياض أطفال، مدارس ،كليات مجتمع وجامعات).


لا تهدف هذه العجّالة الى الغوص في جميع المسببات، بل نتطلع هنا الى الخوض في الدور التربوي والتعليمي المنشود، كون أي ناتج ايجابيا كان أم سلبيا للمنظومة التربوية التعليمية يتأثر بها الجميع، بغض النظر عن الطبقة الاقتصادية أو الفئة الاجتماعية، وقد يطول هذا التأثير الى حين.


في ظل الوضع السياسي غير المطمئن منذ سنوات طويلة، وما رافقه من جوائح وابتالاءات عديدة، (انفلونزا الخنازير، انفلونزا الطيور، جائحة كورونا التي قضت على الآلاف من البشر، ناهيك عن الاثار السلبية للمطاعيم ضدها وما تبع ذلك من اثار سيكولوجيّة واجتماعية واقتصادية عديدة، ثم جاء اضراب المعلمين الأخير، هذا الاضراب الذي طال أمده وأحدث حالة جدلية في المجتمع والمؤسسات الرسمية والأهلية، كل هذا يتطلب البحث عن استراتجيات وخطط مدروسة وقابلة للتنفيذ شريطة خضوعها الى التقييم والتقويم الجدّي، لا ردّات فعل لمواجهة /التخفيف من حدة انعكاسات ما ذكرنا من جوائح وابتلاءات. هنا نجتهد في طرح الاتي وذلك من باب المشاركة المسؤولة:


* تحويل المدارس الى نواد أحياء حتى يتم اشغال اليافعين وملء فراغهم بنشاطات تربوية تعليمية غير رسميّة (informal education activities)، اذ لا يعقل أن يتم حصر دور مبنى المدرسة، التي كلفت ما لا يقل عن مليون دولار كمتوسط، فقط من الساعة السابعة والنصف الى الساعة الواحدة بعد الظهر، تعود الى العمل صباح اليوم التالي، تبادر هذه الفئات المستهدفة الى التخطيط والتنفيذ، فعاليات هم يختارونها بأنفسهم كون أهل مكة أدرى بشعابها، وبرعاية مرشدين تربويين وأصحاب خبرة ودراية بالممكن والصعب، ولا أقول المستحيل، مبادرات تستجب الى هوايات واحتياجات اليافعين، لا سيما في أجواء التفكك الأسري لأسباب عديدة (اضافة الى الوضع السياسي المتدهور والمتمثل في دوام احتلال الوطن ومصادرة ثرواته الطبيعية وكبت الحريات وارتفاع نسبة البطالة، خاصة بين الخريجين، وجائحة كورونا وما خلفته من تزايد في منسوب العنف الأسري، ثم جاء انقطاع الطلبة عن الذهاب الى المدارس بسبب اضراب المعلمين الذي استمر قرابة خمسة وسبعين يوما دراسيا (حوالي 500 حصة دراسية، علما بأن متوسط العام الدراسي في أحسن الحالات هو 210 أيام بلا الأعياد والعطل الرسمية، أي ضاع على الطلبة قرابة ثلث العام الدراسي)، هذا الاضراب الذي خلّف فاقدا تربويا وفاقدا تعليميا كبيرا، يتطلب استراتيجيات وخططا شاملة مدروسة بكل عناية، عسى أن يمكن تعويض ما يمكن تعويضه. نقترح هنا أن يتم تقاسم مسؤولية ادارة وتصريف عمل هذه النوادي بين الوزارات المعنية: وزارة التربية والتعليم، وزارة التعليم العالي، وزارة الثقافة، وزارة الشباب والرياضة، على أن يتم ايلاء دور متميز الى مجلس الشباب والرياضة ومتطوعين من مجالس أولياء الأمور.


* ونحن في حالة طوارىء تربوية وتعليمية، هناك ضرورة الى العمل وتفعيل دور الأسرة مع مزيد من التعاون بين أضلاع العملية التربوية التعليمية الثلاثة. حتى تتمكن العائلة من قضاء المزيد من الوقت مع الأبناء سوية من خلال ممارسة أنشطة وفعاليات داخل البيت وخارجه مع ضرورة الابتعاد عن التخويف والتهديد والاقصاء والتعزير والتوبيخ.
* العمل على رفع نسبة تقدير الذات لدى اليافع (Raising self *esteem among members of the targeted group) مع العمل المخطّط لتنمية الشراكة المسؤولة حيال المجتمع والذات، وتحمل مسؤولية اتخاذ القرارات.


* ليس جزافا القول أن احد عوائق تحقيق وانجاز الهدف الوطني المنشود والمتمثل في دحر الاحتلال وبناء الدولة العتيدة ذات السيادة الوطنية المستقلة والعيش بحرية، هو ليس فقط الاحتلال والتوسع في بناء المستوطنات ومصادرة المزيد من الأراضي وهدم البيوت، وهرولة أنظمة عربية الى التطبيع مع الاخر، بل وأيضا عدم المراجعة والتقييم والتقويم المهني للنظام التربوي التعليمي القائم وعلى جميع المستويات والفئات العمرية، كون مجتمعنا بحاجة الى نظام يستجيب للاحتياجات النفسيّة، الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية. وأختتم هنا بالقول كفانا صمتا وانزواء ودوام التغني بالقول أن "كله تمام"، اذ حان الوقت، في ظل انحدار المستوى التربوي التعليمي والاخلاقي وما لذلك من انعكاسات سلبية وخيمة على السلم الأهلي جراء عوامل عدّة، حان الوقت كي نكون أسياد أفكارنا وقراراتنا، ولتكن الخطوة الأولى البدء بتشكيل المجالس الشعبية المناطقية كنوع من المسؤلية المجتمعية حيال التعليم، وعدم قصر هذه المسؤولية فقط على جمع التبرعات وبناء المدارس مع جعل المجال مفتوحا أمام الكل الفلسطيني للمشاركة المسؤولة، والنقد البنّاء دون اجحاف أو مصادرة الحق في حريتي التفكير والتعبير .


* ضرورة تفعيل دور المكتبات المدرسية وإيجاد طاقم مؤهل للإشراف وإدارة المكتبة المدرسية.



[email protected]


دلالات

شارك برأيك

خلاصنا في التربية والتعليم .. توأم التحرر والبناء

المزيد في أقلام وأراء

ألسنة اللهب ترتفع في الجنوب والشمال والدبلوماسية الدولية تكتفي بالأقوال ..!!

حديث القدس

احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية

د. أسعد عبدالرحمن

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

جواد العناني

النكبة وسرديّة المخيّم الكبرى

سمير الزبن

الجامعات والإعلام ودورهما في تعزيز"الانتماءِ للقضية الفلسطينية"

تهاني اللوزي

المقاومة ونتنياهو ولعبة الوقت

بهاء رحال

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

في ذكرى النكبة 76.. غزة تعيد الصراع للمربع الأول

وسام رفيدي

حِراك طلبة الجامعات.. وشبابنا العاطل!

المتوكل طه

أصغيتُ، شاهدتُ، فتعلمت فأيقنت

غسان عبد الله

النكبة الفلسطينية نزيف مستمر وشاهد على عجز الأمم المتحدة

عبد الله توفيق كنعان

ماذا يحدث في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وفي الجبهة الشمالية؟

أنطوان شلحت

لماذا تستميت أميركا لتطبيع سعودي مع إسرائيل؟

لميس أندوني

الكتابة بين الجثث.. قُبلة على جبين غزة في الذكرى الـ 76 للنكبة

عيسى قراقـع

مقارنة بين نكبتين.. من الطنطورة إلى الشابورة

إبراهيم ملحم

لاجئ وحتما عائد

حديث القدس

ذكرى النكبة محطة العودة

حمادة فراعنة

حق العودة بعد السابع من أكتوبر

عصري فياض

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%6

%94

(مجموع المصوتين 68)

القدس حالة الطقس