أقلام وأراء

الخميس 16 مايو 2024 9:32 صباحًا - بتوقيت القدس

في ذكرى النكبة 76.. غزة تعيد الصراع للمربع الأول

تلخيص

حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، وفلتان الجيش والمستوطنين على قرى الضفة، وبقاء المستعمِر جاثماً على أرض فلسطين، دلالة صارخة على أن النكبة ما زالت قائمة ولم تغدُ (ذكرى)، ما يضع المصطلح، (ذكرى)، على طاولة التدقيق السياسي الضروري. النكبة قائمة ليس فقط بوجود المشروع الصهيوني في فلسطين بتعبيراته المختلفة، بل وأيضاً بممارساته الفاشية من تطهير وإبادة واستيطان عنصري على كامل أرض فلسطين، وهي ممارسات لصيقة بجوهره، كونه مشروعاً إستعمارياً إستيطانياً إحلاليا وترحيلياً.


وبعد عشرات السنين من "الغباش السياسي"، الناتج عن مسار تفاوضي بائس أشاع الوهم، وشعارات من نوع "دولتين لشعبين"، افتقدت لفهم جوهر المشروع الصهيوني، وأدرات الظهر للحقوق التاريخية لشعبنا، عاد الصراع بين شعبنا الطامح للتحرير والعودة، وبين المشروع الصهيوني، لطبيعته، أو لنقل لمربعه الأول الذي غيبته مرحلة "الغباش السياسي".


عبثاً يحاول الصهاينة وحلفاؤهم الدوليون، ومعهم أصوات متصهينة هنا وهناك، أن يقللوا من الآثار التاريخية لطوفان الأقصى، ولكل المقاومة المستمرة منذ ما يقارب الشهور الثمانية، فالخبراء الصهاينة والعديد من السياسيين والجنرالات والصحفيين باتوا يتحدثون عن أن مستقبل دولتهم على المحك، وهذا ما لم يطرحه أحد منهم (قبل ذلك) طوال 76 عام من الصراع.


خلال مرحلة "الغباش السياسي" بدت دولة المشروع وكأنها قدرٌ سيستمر للأبد، فملف القضية الفلسطينية بات على الرف يغطيه الغبار، وهذا ما حصده شعبنا من اتفاقيات أوسلو: شرعنت دولة المشروع، وأطلقت يده لترسيخ ركائزه وخاصة الإستيطان، وباتت القيادة الرسمية تعلن صراحة حرصها على أمن المشروع ودولته، في سابقة لم تحدث في التاريخ: شعب تحت الاحتلال تتعهد قيادته بحماية الاحتلال. ورغم كل الخدمات الجليلة التي قدمتها أوسلو، كان سياسيو المشروع الصهيوني يعلنون ليل نهار: لا طرف فلسطيني لنفاوضه. أخذنا ما نريد وانتهى. كان هذا لسان حالهم.


معركة الطوفان قلبت كل ذلك جذرياً، وعزلت دولة المشروع على المستوى العالمي حتى بتنا فعلاً أمام انتفاضة عالمية أعطاها نضال طلبة الجامعات في العالم وقوداً إضافياً. وميدانياً أسقط الطوفان طمأنينتهم الكاذبة حول منعة دولتهم وقوة جيشهم، فبدت دولتهم عاجزة عن حماية نفسها، فتستدعي حلف الأطلسي للرد على المقاومة على مختلف الجبهات، وكذا على الضربة الإيرانية، بإسناد العتاد والخبرات والتقنيات، أما جيشهم فانهارت أسطورته منذ بداية معركة الطوفان، وما زال يردد أنه بحاجة لنصر ما. بحاجة لاستعادة قوة الردع وثقة المستوطنين به، إذ أعادت المقاومة القتال كما في الأسابيع الأولى، بعدما بدأ جيشهم دخول شرق رفح باحثاً عن (نصر مطلق)، حسب الفاشل الأكبر لديهم نتياهو، ففي شرق رفح، وجباليا والنصيرات والبريج وغزة وجحر الديك، تجدد المقاومة تصديها كما الأسابيع الأولى، وتوقع بجيشهم الخسائر البشرية والمادية.


هذا الواقع العسكري الميداني ردت عليه المقاومة سياسياً أيضاً وبندية: تجتاحون رفح، إذاً سنعيد النظر باستراتجيتنا التفاوضية، إذ لا يعقل أن تستمر المقاومة في التفاوض على الصفقة فيما الجيش يجتاح رفع، فحينها ستغدو المفاوضات غطاء للإبادة، وهذا ما لا يمكن للمقاومة أن تقع به.


وليس بعيداً عن هذا، بل أعلنه محور المقاومة مراراً، وبات واضحاً أن تصعيد المقاومة في القطاع رداً على اجتياح رفح، يتزامن معه تصعيد محور المقاومة، فحزب الله وسّع من ضرباته الصاروخية وبالمسيرات الإنقضاضية لمدايات غير مسبوقة، فيما العراقيون يعلنون قصف قاعدة عسكرية قريبة من تل أبيب، ويصعّد اليمنيون من الحظر على السفن المتوجهة لفلسطين.


ودون التقليل من حجم التمزقات الداخلية في مجتمع المستوطنين، فإنهم متفوقون، كما تشير مختلف الاستطلاعات، وهذا بتقديرنا المظهر الأبرز، على استمرار الحرب على شعبنا لإدراكهم، بالغريزة السياسية، أنها معركة وجودهم. إنهم وبهذا يتفقون مع تحليلات خبرائهم وجنرالاتهم وسياسييهم، ولا يأخذون بجعجعة نتياهو المثيرة للسخرية حول استسلام السنوار ومقاتلي حماس ونفيهم للخارج.


اللوحة الحالية، وفي الذكرى الـ 76 للنكبة تؤشر إلى صورتين متقابلتين:


صورة شعب لم تنجح كل محاولات شطبه سياسياً طوال 76 عاماً عبر المشاريع والتسويات والصفقات والاتفاقيات، ولم تنجح محاولات تهجيره من جديد بعد أكثر من 200 يوم من حرب الإبادة، ولم تنجح محاولات جعله يرفع راية الاستسلام، بل يصمد ويجدد مقاومته كما الأسبوع الأول للاجتياح البري، شعب أعاد للصراع جوهره برفع شعار التحرير والعودة، بديلاً لمسار سياسي تفاوضي بائس، لم يجلب سوى الكوارث.


بالمقابل، مشروع استعماري باتت شرعيته عند الرأي العام العالمي موضع تساؤل، ألا يعكس شعار "من النهر إلى البحر فلسطين ستتحرر" التشكيك بالشرعية؟ قياداته موضع اتهام كمجرمي حرب ربما يصبحون مطاردين دولياً، جيش وكيان لم يعودا يملكان القدرة على الدفاع عن نفسيهما، بل بديا عاجزين تماماً ما سيؤثر حتماً على مكانتهما المرسومة لهما تاريخياً في الإقليم، مجتمع مستوطنين متناحر يشك بمستقبله، ولا يثق بجيشه وقدراته. باختصار إنها صورة المشروع الصهيوني الاستعماري وقد بات مستقبله في الوجود على المحك.


معركة الطوفان عزلت دولة المشروع على المستوى العالمي، حتى بتنا فعلاً أمام انتفاضة عالمية أعطاها نضال طلبة الجامعات في العالم وقوداً إضافياً. وميدانياً أسقط الطوفان طمأنينتهم الكاذبة حول منعة دولتهم وقوة جيشهم، فبدت دولتهم عاجزة عن حماية نفسها.

دلالات

شارك برأيك

في ذكرى النكبة 76.. غزة تعيد الصراع للمربع الأول

المزيد في أقلام وأراء

متى يرضخ نتنياهو؟

حديث القدس

سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة

بهاء رحال

السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024

كريستين حنا نصر

الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين

سري القدوة

المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات

وسام رفيدي

مبادرة مروان المعشر

حمادة فراعنة

سجل الإبادة الجماعية

ترجمة بواسطة القدس دوت كوم

هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة

حديث القدس

المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة

المتوكل طه

عواقب خيارات نوفمبر

جيمس زغبي

النكبة الثانية والتوطين المقبل

سامى مشعشع

They will massacre you

ابراهيم ملحم

شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين

حمادة فراعنة

السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024م

كريستين حنا نصر

نزع الشرعية عن دور "الأونروا" سابقة خطيرة

حديث القدس

هل بدأ العد العكسي للعدوان؟

هاني المصري

إسرائيل وليس نتنياهو فقط.. من مأزق إلى مأزق

حمدي فراج

غزة والانتخابات الأمريكية

مجدي الشوملي

الهدنة المحتملة بين استمرار الحرب والحصاد السياسي

مروان اميل طوباسي

خيار الصمود والانتصار

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الأربعاء 30 أكتوبر 2024 10:18 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.25

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 4.0

هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟

%19

%81

(مجموع المصوتين 521)