أقلام وأراء

الأربعاء 08 فبراير 2023 10:22 صباحًا - بتوقيت القدس

زيارة بلينكن تسكين وليس تحريك

بقلم:فتحي أحمد

جاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكية لفلسطين بعد زيادة المواجهات الفلسطينية مع قوات الاحتلال، وقد هرول بلينكن لمقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكعادة أمريكيا حمل بلينكن في جعبته مقترحات القاها في حجر القيادة الفلسطينية، وتتعلق بفرض الأمن من قبل القوات الفلسطينية في مدينتي جنين ونابلس، لكن الخطة رفضتها القيادة الفلسطينية. 


هذا المقترح المعلن عنه هو من أجل توريط السلطة الفلسطينية في شمال الضفة الغربية، لكن الحقيقة تكمن في اهتمام أمريكيا بالشرق الأوسط والذي ينصب في معظمه على مقاومة الاتحاد الروسي وحماية أمن إسرائيل، حيث ترسخت هذه القناعات في الفكر الأمريكي وأدرك المواطن الأمريكي إن الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تهتم بالنفط وأمن إسرائيل في وقت واحد، ومن هنا جاء التحيز الأمريكي لإسرائيل ليكون تحيز مصالح واهداف وليس مجرد تحيز بلا هدف.


ولتدعيم ذلك فقد قال جون كيري عام 1960 إن الصداقة لإسرائيل ليست أمرًا حزبيًا بل هو التزام قومي، وأضاف أن إسرائيل ليست قضية بين الجمهوريين والديمقراطيين إنما قضية ترتبط ارتباطًا وثيقًا باستراتيجية الولايات المتحدة، وحتى عندما ظهر مصطلح الدولة الفلسطينية في خطابات الإدارة الامريكية، فإن هذه الدولة جاءت منزوعة السلاح، وشرط أن يتم ضمان أمن إسرائيل، وهذا يوحي بأن الخطاب الأمريكي منذ تأسيس دولة الاحتلال حتى اليوم يدور في نفس الدائرة، ولا يخرج عنها ابدأً، من هنا لا يفسر زيارة بلينكن لإسرائيل سوى من باب الحرص الشديد على أمنها بالدرجة الأولى ، فهذا الجانب المهم من التفكير الأمريكي هو عبارة عن عهد قطعته على نفسها الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن اعترفت بدولة الاحتلال، بعد إعلانها ب 11 دقيقة فقط.


أما على صعيد المساعدات الأمريكية المادية والعسكرية المقدمة لإسرائيل خلال أكثر من سبعين عامًا من عمر إسرائيل، قدمت لها الولايات المتحدة مساعدات مالية واقتصادية بأشكال وصور مختلفة، لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث، حيث كانت دولة الكيان أكبر متلق للمساعدات الأمريكية على الإطلاق "ويقترب الدعم الأمريكي الذي تلقته إسرائيل منذ نشأتها وحتى عام 2017، من الـ 130 مليار دولار بحسب التقديرات الرسمية، الا أن تقديرات أخرى تقول إنه وصل إلى نحو 270 مليار دولار، وما زالت متعهدة بالمزيد من الدعم المالي بجانب الدعم السياسي غير المحدود. بتصحيح مسار تجاه القضية الفلسطينية التي "أصبحت تؤنب الضمير الإنساني الحر لم تحظَ أي دولة ديمقراطية أخرى في العالم بمثل ما تحظى به إسرائيل من دعم بالمال والسلاح الأمريكي، كما أن ديمقراطية إسرائيل تتعارض مع القيَـم الأمريكية، لأنها تأسَّـست كدولة يهودية، ولذلك، تتعامل مع مواطنيها من غير اليهود على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وتحرِم ملايين الفلسطينيين الواقعين تحت سيْـطرتها من حقوقهم السياسية.


هنالك تصريح للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر انتقد فيه ما وصفه بـ انحياز الولايات المتحدة الاعمى لإسرائيل. وشدد كارتر على أن الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل وانحيازها الأعمى لها، أضر بسمعة أميركا ومصداقيتها على مستوى العالم، لكن هذا القول جاء متأخراً ولم يبوح به وهو رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وهو يعرف حجم الغطرسة الإسرائيلية وظلمها بحق الشعب الفلسطيني، فخارج منظومة الحكم وبعيداً عن عرش البيت الأبيض تختلف الاقوال والتصريحات. بعدها شنت المنظمات اليهودية الأمريكية حملة انتقادات عنيفة طوال السنوات القليلة ضد كارتر، بلغت حد اتهامه بمعاداة السامية، بسبب تشبيهه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بممارسات نظام الفصل العنصري السابق في جنوب إفريقيا، لكنه عاد واعتذر عما قاله، مجرد قول الحقيقة متعذر وبات رؤساء الولايات المتحدة الامريكية في حيص بيص من امرهم، ولا يقدرون على قول الحق، فإذا نطق أحدهم كلمة تمس الاحتلال أو تنتقد فسادها على الأرض فسرعان ما يعتذر، فماذا ننتظر بعد ذلك؟


من هنا يمكن اعتبار الكتاب المقدس العمود الفقري للعقل السياسي الأمريكي ويساهم لدرجة كبيرة في صنع الرأي العام الأمريكي وثقافته السياسية، اتجاه محددات الصراع، وموقفه من العدو الصهيوني، وهذا يدحض ما يقال عن تأثير اللوبي الصهيوني.


إذن من دون مواربة وسعي إلى الهرب من الواقع، يمكن القول إلا أن فلسطين في الأجندة الأمريكية تشكل صفر، في المقابل الأمريكيون ورؤساؤهم على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم لا يتفقون على شيء كاتفاقهم على المشروع الصهيوني الذي يشربه الأمريكيون مع حليب أمهاتهم ثقافيا ودينيا وسياسيا.


لم يعد مطروحا اليوم ولا حتى في سالف السنين المنصرمة جدية أمريكيا في حل القضية الفلسطينية، بناء على قرارات الأمم المتحدة، لهذا افرغت الولايات المتحدة الأمريكية هذه القرارات من مضمونها، ولم تبق إلا ارقام مطبوعة على ورق، يرجع اليها بين الحين والأخر لتذكير العالم بها فقط.


يبدو أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتابع المشهد في فلسطين وما تقوم به قوات الاحتلال الصهيونية من عربدة وقتل ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، من خلف الشاشة، وكأنه يشد على يد الاحتلال، وينافق بتصريحاته عبر وسائل الأعلام، فرغم طلب الإدارة الأمريكية الحالية من إسرائيل بتجميد الاستيطان والكف عن اقتحام المسجد الأقصى من قبل عصابات المستوطنين، فهذا لا يعد قراراً الزاميا، فزيارة بلينكن ما هي إلا تسكين الألم الفلسطيني، والشد على يد المجرم.

دلالات

شارك برأيك

زيارة بلينكن تسكين وليس تحريك

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو اصطاد العصافير دون النزول عن الشجرة

حديث القدس

القبول الفلسطيني والرفض الإسرائيلي

حمادة فراعنة

إطار للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط

جيمس زغبي

رفح آخر ورقة في يد نتنياهو

بهاء رحال

سامحني أبو كرمل.. أنا لم ولن انساك

خالد جميل مسمار

حرب ظالمة وخاسرة

سعيد زيداني

أن تصبح إسرائيل تاريخًا

فهمي هويدي

أمنوا بالنصر فحققوه ..

يونس العموري

التطبيع.. الدولة العربية، جدلية "المصلحة" والثقافة

إياد البرغوثي

كابينيت الحرب يقرر مواصلة الحرب

حديث القدس

الإصرار الأميركي نحو فلسطين

حمادة فراعنة

من "اجتثاث حماس" الى "الهزيمة النكراء" .. الصفقة خشبة خلاص لإسرائيل

حمدي فراج

زمن عبد الناصر

سمير عزت غيث

الأسير باسم خندقجي بروايته طائرة مسيّرة تخترق القبة الحديدية

وليد الهودلي

مرحى بالصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة

مروان الغفوري

متى تضع أمريكا خطًّا أحمر؟

سماح خليفة

بين انتفاضة الجامعات الأميركية والجامعات العربية

عبد الله معروف

انتفاضة الجامعات ضد حرب الابادة.. هل تنجح في احياء الوعي بقيم العدالة ؟

جمال زقوت

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

أسعار العملات

الأربعاء 08 مايو 2024 10:24 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.22

شراء 5.19

يورو / شيكل

بيع 3.97

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 232)

القدس حالة الطقس