أقلام وأراء

الأربعاء 08 مايو 2024 9:21 صباحًا - بتوقيت القدس

أمنوا بالنصر فحققوه ..

تلخيص

هم فتية آمنوا بربهم منذ البدايات، وهم فتية آمنوا بالنصر فحققوه، وتواروا عن الأنظار واعتلوا الربوة ‏وتمترسوا بخندق الإيمان بالقدرة على إحداث ثورة وإعادة الاعتبار للوسخين بخيام اللجوء وللمقهورين ‏وإثبات هوية المطرودين من كروم التين والزيتون، كانوا إن عقدوا العزم بالتسلل إلى أعماق أحلام ‏البسطاء، والسير بمحاذاة فعل العشق للأرض السمراء، هم المؤمنون بعدالة قضية الانعتاق من قبضة التنين ‏وان كان على أبوابه كل طغاة الليل يحرسونه من سطوع شمس الحقيقة، هم من تشردوا وسكنوا أطراف ‏المدن وشكلوا بوتقة المخيم حيث لفظتهم مدائن الإنس والجان، وقفوا على ناصية أحلامهم وقاتلوا، وأدركوا ‏معادلة إثبات الوجود وفلسفة حقيقتهم، كانوا ان جابوا وتجولوا خلسة وتسللوا إلى أرض البرتقال وعقدوا ‏العزم بتحدي نظرية الإدراك الخاضعة لحسابات المنطق في مواجهة العين للمخرز وتمرد الشاة على ‏السكين، كانوا ثلة ممن شاهدوا الإذلال الكبير بواقع تغريبة ابن كنعان من سواحل حقيقته، والمنارة مضاءة ‏لاسترشاد التائهين بتلاطم الأمواج العاتية… كان الثالوث المرعب وصمة على جبينهم ورثوه عن آباءهم، ‏التشتت والتشرد وضياع المعنى الوجودي لكنعانيتهم التي أضحت مبعثرة مهددة بالانقراض، حكاية التوهان ‏بالصحاري المكفهرة صارت واحدة من يوميات البحث عن معنى وجودهم كبشر خلقوا لممارسة الحياة ان ‏استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وبعد أن كانوا أسياد المنطقة صاروا عبيد الليالي منبوذين بكل البراري، هم فتية ‏آمنوا بأحقية الإنسان بكرامة النهار وبالحق بالمتعة تحت جنح الليل والقمر ساطعا، غير مختبئين أو خائفين ‏من لبسة البزات العسكرية وإن كانوا بالضاد ناطقين‎ ..‎


تجمع عشاق الشمس والقمر معا، وأطلقوا العنان لأحلامهم وكان القرار بإحالة الحلم إلى حقيقة الهدف، ‏وبالتالي كان الإيمان بعدالة الحق، وبالقدرة على الانعتاق من عبودية القهر، وإطلاق الفعل نحو قبلة ‏الأحرار، وعقدوا العزم بأن يكونوا رموزا للأحرار، وبالتالي كانت الكلمة المعبرة عن الإرادة الحرة من ‏خلال بندقية الثائر المصمم على نيل حريته من عبودية البوادي والتشرد والمطاردة خلف لقمة العيش … ‏بعد ان صارت كنيتهم لاجئين وأسرى لا يقترب منهم أحد، والجميلات عند آخر الليل تبتعد عنهم كأن ‏الرجولة قد غادرتهم، وللحقيقة وجهان ولعل أبرز تلك الحقائق هي حقيقة وجودهم وهويتهم الشاهدة على ‏مذبحتهم. ‏


إذن كان القرار لهم هذه المرة والخيار اختيارهم، ونظريتهم بمعادلة الأرقام خطوها هم.. وكانت كلمتهم لهم ‏فقط دون غيرهم بالتالي كانت قبلتهم قبلة الاحرار حينما امتشقوا بنادق الثوار السمراء وخطوا بأقدامهم ‏دروب سهول الأرض العطشى للأحمر القاني … وسطروا ملاحم الأقاصيص والحكايا … لم تكن أسماؤهم ‏معروفة، ولا وجوههم ولا أصواتهم ولا كلماتهم … كانوا أشباحا، اخترقوا عتم الليالي الحالكة، يوم يهل ‏الهلال الأول.


اتبعوا دروبا شائكة في البر والبحر والجبال، واختاروا المعركة وجها لوجه، مع عدوهم.. حتى وقعوا شهداء ‏وأصبحوا الشهداء الأسرى أو الأسرى الشهداء والمطاردين والمطرودين واللاهثين خلف الحلم الحقيقة او ‏حقيقة احلامهم التي أضحت أهداف الفعل والفعل المضاد للصورة وكان لهم أيقونة ثورة الأحرار وصاروا ‏الثائرين الثوار وأطلقوا العنان للصرخة المدوية كشعار لصرخة المرحلة (الحرية او الموت..) وما بدلوا ‏تبديلا‎ . . .‎


صاروا رموزا وأعلاما ومفخرة لقراهم ومدنهم ومخيماتهم يُشار لهم بالبنان… أما وجوههم وأصواتهم ‏وكلماتهم فقد أضحت حكايات وشعارات وصورا… أطلوا في عز اكتمال البدر بتوقيت الأحزان وكان القول ‏الفصل في سفر تاريخ المقاومة…. هكذا كانت البدايات … وهكذا كانت هي الأدبيات والنظريات تخلقها ‏وتصنعها إرادة الايمان بحتمية الانتصار والعودة الى الوطن والأوطان ليست مجرد البقعة الجغرافية بل ‏للعودة إلى هوية الإنسان واستعادة كرامة مفقودة بمدائن الإنس والجان‎ …‎


كان عبورهم إلى هذه البقاع بهدف قول كلمة يحفظها التاريخ.. وكان لمكوثهم ببطن الأرض الحبلى بشقائق ‏النعمان كأرقام بهدف تعرية تاريخ اغتصاب فراشات زهر البرتقال، وبعودتهم جنوبا تدوينا لرواية تأرخ ‏عشاق الحياة، فموتانا يحضرون عند كل ابتسامة طفل يمارس لهوه في حواري مدينة الأسوار ويأتون عند ‏كل صبح مع قطرات الندى‎ …‎


هذه الحكاية من أولها… وهذه قصة من عبروا يوما.. فقد حلموا بليلة بحضن الجبل المنتصب شموخا على ‏شاطئ حيفا وبمعمودية بمياه شواطئ يافا، وكانوا إن سمعوا نداء حفيف أوراق أشجار الصنوبر، ونعيق ‏أصوات غربان ليل غريبة عن المكان وطارئة بتاريخ الزمان، فمنهم من ركب البحر وناجى القمر وشهد ‏الموج على ملحمة سطرتها أكفهم بعتمة ليل أضاءته انتصارات الحب المتشكل بين ضلوعهم على قسوة من ‏عاثوا بالأرض فسادا، وكانت إن احتضنتهم أرضهم ورحبت بمن يأتون مهللين مكبرين مبتسمين فقد كانوا ‏هنا حيث وقف المسيح يوما مناجيا رب عرش السموات والأرض ليشهدوا انبلاج حقيقة أشيائهم كما البتول ‏مريم حينما أتاها عيسى المخلص نصير فقراء كل الأزمان …. جاؤوا ليرتلوا تعويذة جداتهم المعلقة بأفئدتهم ‏منذ عرفوا ان ثمة وطنا مسيجا بالغار والياسمين وتنبت فيه أرواح الأنبياء المتجولة ما بين قدس الأقداس ‏وناصرة البشارة، مأسورا بثنايا خرافات تاريخ قتلة الحلم، ومغتالي عصافير البراري كونها تشدو الصبح ‏زقزقة عند أضرحة الشهداء‎ ….‎


أتوا عابرين ملوحين بقبضات أياديهم، وساروا بدروب منابت الزعتر والميرامية، وبكل خطوة بمسيرتهم ‏تنهيدة وأمل بأن تتوالى خطوات العبور والتجوال … فهم الآن على أرض الله التي تسمى فلسطين … ‏وكنعان حفر اسمها على صخور تأبى أن تلين … جاؤوا من كل المدائن … وحطوا ترحالهم ببراريها ‏ومارسوا عشقهم لأول مرة تحت الشمس وقالوا كلمة من كلمات الرب بحضرتها وأمسكوا بشيء من حقيقتهم ‏وعرفوا معنى أن تتوحد روحك بقلبك وبما تؤمن به إيمانا مطلقا فكانت بالتالي الحكاية‎ …‎


من كل الأجناس كانوا عربا وعجما اتجهوا صوب شمس تلال الجليل، وعزفوا سيمفونية الخلود، حينما ‏عبروا الأرض البكر اقشعرت أبدانهم وأدركوا سر ابتسامة الشهداء، فركعوا وصلوا ورتلوا من مزامير ‏كنعان، وبكوا وضحكوا وخاضوا معركتهم وحملوا أماناتهم وترجلت أرواحهم نحو السماء، مارسوا عشقهم ‏فعشقتهم الأرض الطيبة وابتلعتهم ببطنها، واعداء النهار جاؤوا بهم وفتشوا بثناياهم ورسموا شارات حقدهم ‏على محياهم، وزرعوا لهم أرقاما فنبتت أشجار الزيتون وتألقت اخضرارا … وظلت شاهدة على من عبروا‎ ‎‎…‎


هي قصص وروايات لأزمان كان فيها اكتمال لمعنى أن تكون عاشقا مقاوما، تجوب الأرض وتستجدي فعل ‏العبور، وتنتظر حتى تأتيك البشارة وتتهيأ ليوم الولوج عبر الدروب والمتعرجات لتصعد الجبل الشامخ ‏هناك وتنحدر نحو السهل المخضب بدماء الأولين، لتستشعر تاريخهم وتعلم حينها معنى ان تصمد على ‏أرض فلسطين‎ ….‎


انتظروا كثيرا، وظلوا بلا أسماء، فمنهم من قضى، ومنهم من ينتظر لحظة إعلان حقائقهم، حتى جاءهم من ‏كان كافرا بكل القيم والقامات والعلم والفعل والقول المطلق المنطلق من زغاريد الثوار وبالحق والأحقية ‏وبصرخات من يقبعون بالعلب الاسمنتية، وأصبحت الجغرافية أضيق مما نتخيل وصارت قاحلة مكفهرة ‏ربما تقبل القسمة على الفتات وملوك الإقطاعيات الجديدة المتربعين على عرش الأكذوبة، وأصبحنا على ‏موائد اللئام يتامى وهؤلاء الفتية صاروا جزءاً من موروث الحكاية العبثية بفعلهم وفقا لوصف القيصر ‏الجديد ذي التواصل والوصال‎ …‎

دلالات

شارك برأيك

أمنوا بالنصر فحققوه ..

المزيد في أقلام وأراء

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

هناك خطة للغد

غيرشون باسكن

إسرائيل تصارع اوهام النصر

حديث القدس

الاحتلال الإسرائيلي بين «الذكاء الاصطناعي» و«الغباء الفطري»

عماد شقور

المفاوضات بين حماس والمستعمرة

حمادة فراعنة

المحاكم.. مكان لاختبار الصبر!

سمر هواش

تأملات-- النساء الفاضلات كثيرات

جابر سعادة / عابود

هل هو تنازع على من يخدم إسرائيل أكثر؟

فتحي أحمد

التعافي من الفاقد التعليمي واستقرار منظومة التعليم

ثروت زيد الكيلاني

اليابان: غزة والشرق الوسط

دلال صائب عريقات

شكراً تونس

رمزي عودة

تأثير الحرب على التعليم.. دمار شامل بغزة وصعوبات كبيرة بالضفة

رحاب العامور

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أسعار العملات

الأحد 19 مايو 2024 10:55 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.73

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.31

شراء 5.29

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.01

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%8

%92

(مجموع المصوتين 84)

القدس حالة الطقس