أقلام وأراء

الأربعاء 08 مايو 2024 9:33 صباحًا - بتوقيت القدس

نتانياهو اصطاد العصافير دون النزول عن الشجرة

تلخيص

صحيح ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو نجح باصطياد مجموعة من العصافير بضربة واحدة من خلال اقتحام الجزء الشرقي من مدينة رفح والسيطرة على معبر رفح ، الذي يشكل المنفذ الاخير والاهم لحياة المواطنين الغزيين من خلال إطباق السيطرة على المعابر الحدودية الفلسطينية ، الأمر الذي سيضاعف من معاناة المواطنين وسيزيد من تداعيات الحصار المفروض على القطاع أصلًا، من خلال منع تدفق المساعدات الإغاثية إلى أبناء شعبنا في قطاع غزة، ما ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، إلا ان نتانياهو لا زال في ورطة كبيرة لان ايا من اهداف الحرب لم يحققها منذ اكثر من سبعة اشهر ، وكل ما حققه هو حرب التصريحات الإعلامية التي نصبته كأكثر من تحدث وتوعد وهدّد في هذه الحرب ..


لقد ضرب نتانياهو بالفعل عددا من العصافير المتاحة امامه بحجر واحد وانتقل من مرحلة الضغط الذي فرض عليه منذ بداية الحرب إلى منطق قوة وضغط على الآخرين ، رغم عدم قدرته على تحقيق اهداف الحرب الاستراتيجية حتى هذه اللحظة ، إلا أنه أزال كثيرا من الضغط عن كاهله ، وحقق اهدافا ثانوية اولها انه بقيامه بالتنسيق مع جيشه بإجلاء عدد كبير من مدنيي رفح إلى وسط القطاع لبى رغبة أميركية لطالما سعى اليها البيت الأبيض بعدم التعرض للمدنيين مع السماح باقتحام محدود لرفح والحصول على ضوء أميركي اخضر بذلك ، وثانيها انه استوعب جيدا ضغط المتطرفين في حكومته ونفذ وعده بدخول رفح ، وثالثها انه ارسل وفدا للتفاوض في القاهرة في محاولة لامتصاص غضب عائلات المحتجزين وانه معني بالإفراج عن الرهائن ولو صوريا ، إلا ان الوفد مهني وتقني ولا يمتلك صلاحيات اتخاذ القرار وبذلك هو يسعى باستمرار لعرقلة الصفقة او اي اتفاق .


صحيح ان اقتحام الجيش الاسرائيلي المحدود لرفح قد لا يستمر طويلا حسب الاتفاق مع الولايات المتحدة التي صرحت بذلك ، إلا انه يبدو كورقة مناورة تتحكم من خلالها اسرائيل بعامل القوة والضغط على المفاوضين والوسطاء وتسمح لنفسها بالتراجع في اي لحظة إذا شعرت ان مطالبها التفاوضية قد تحققت، ومن هنا نفهم جزئية مهمة في هذا السيناريو وهي لماذا لم تعلن إسرائيل انها ذهبت لعملية واسعة النطاق في رفح ، فهي من جهة ستبقى في حالة التفاوض لترصد التطورات ، ولكن في الوقت ذاته تستطيع ان تطور عمليتها وتوسعها كما تشاء وبالتدريج لتحقق كافة غاياتها ، وبالمقابل تستطيع الانسحاب دون ضجة ، لا سيما وانها لا تمتلك استراتيجية واضحة لمغادرة غزة، وفي الختام تبقى اهدافها المعلنة للقضاء على ما بقي من مقاومة في رفح مجرد سحر ووهم وأكاذيب عكس ما جاء على لسان نتانياهو وغالانت مساء امس الثلاثاء من ان إسرائيل ستحتل رفح وتبقى بها حتى القضاء على حماس او الإفراج عن اول محتجز اسرائيلي ..


سيطرت إسرائيل على معبر رفح من الجانب الفلسطيني لاسباب وغايات عديدة حسب المزاعم الاسرائيلية في مقدمتها إن هذه السيطرة على المعبر ومحيطه لها أهمية كبيرة بالنسبة لإسرائيل لأنها ستمنحها القدرة على التحكم بأحد نقاط الخروج من القطاع (الجانب الفلسطيني كان خاضعاً لسيطرة حماس)، وعلى الرغم من أنه طريق لدخول البضائع، فقد تم استخدامه في الماضي أيضًا لإدخال أسلحة وذخائر ومواد أولية لصناعة الأسلحة إلى القطاع وفقا لإسرائيل ، التي تسعى لشل قدرة حماس على تحصيل الضرائب من الشاحنات والسيارات التي تدخل من مصر وجني مبالغ ضخمة لتمويل نشطاء الذراع العسكري وكذلك لتمويل المؤسسات الحكومية في القطاع.


تسعى إسرائيل لتوجيه ضربة قوية لهذه المزايا التي تمتعت بها حماس وبذلك تخطط خلال الايام والأسابيع القليلة القادمة لإشراك عناصر أميركية في الإشراف على المعبر في محاولة للقضاء على اي دور فلسطيني ، وهذه العناصر من قُدامى المقاتلين في وحدات النخبة في الجيش الأميركيّ، وتتخصص في حراسة المواقع الإستراتيجية في إفريقيا، وفي الشرق الأوسط.


امام هذه التصرفات والإجراءات الاسرائيلية ارسلت حماس مساء امس وفدها إلى القاهرة بعد موافقة الحركة على مقترح الوسطاء في مصر وقطر، الذي جاء نتيجة لمفاوضات طويلة وصعبة ومعقدة ومتواصلة طيلة الأسابيع والأشهر الماضية، وقد عرضت خلالها مقترحات عديدة لم تكن تلبي شروط رفع العدوان عن شعبنا لترد إسرائيل متبجحة بان مطالب حماس لا تتوافق معها، في مقدمة استباقية لمواصلة العدوان ، وهو ما يريده نتانياهو الذي اصطاد العصافير لكنه لن يتمكن من النزول عن الشجرة لان اهداف حربه الرئيسية والمتمثلة بالقضاء على حماس والمقاومة واعادة المحتجزين ووقف إطلاق الصواريخ ، لم تتحقق ، وهو يحتاج في هذه المرحلة الحرجة والصعبة لمن يساعده بالنزول عن الشجرة وليس له أفضل من الشريك الاميركي الذي سيواصل دوره المزدوج نحو مزيد من القتل والقصف والدمار ، وفرض وقائع جديدة على الارض ومحاولة ترجمتها إلى صورة انتصار ، الا ان نتانياهو ومهما حقق سيبقى الفاشل الأكبر منذ السابع من اكتوبر حتى اليوم حسب الاعلام الاسرائيلي وهو سيسعى بقوة لعرقلة الصفقة وإفشالها والبقاء في موقع القرار الذي يضمن له الإبقاء على حالة الحرب والعدوان

دلالات

شارك برأيك

نتانياهو اصطاد العصافير دون النزول عن الشجرة

المزيد في أقلام وأراء

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

هناك خطة للغد

غيرشون باسكن

إسرائيل تصارع اوهام النصر

حديث القدس

الاحتلال الإسرائيلي بين «الذكاء الاصطناعي» و«الغباء الفطري»

عماد شقور

المفاوضات بين حماس والمستعمرة

حمادة فراعنة

المحاكم.. مكان لاختبار الصبر!

سمر هواش

تأملات-- النساء الفاضلات كثيرات

جابر سعادة / عابود

هل هو تنازع على من يخدم إسرائيل أكثر؟

فتحي أحمد

التعافي من الفاقد التعليمي واستقرار منظومة التعليم

ثروت زيد الكيلاني

اليابان: غزة والشرق الوسط

دلال صائب عريقات

شكراً تونس

رمزي عودة

تأثير الحرب على التعليم.. دمار شامل بغزة وصعوبات كبيرة بالضفة

رحاب العامور

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أسعار العملات

الأحد 19 مايو 2024 10:55 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.73

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.31

شراء 5.29

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.01

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%8

%92

(مجموع المصوتين 84)

القدس حالة الطقس