بقلم: جوروج ابراهيم الخوري
قبل ايام قليلة اضيئت شجرة الميلاد والتي سميت من منظميها ، شجرة القدس الاولى ، والذي نعلم بخفايا الامور فإن التخطيط والتمويل جاء من بلدية الاحتلال ، ورافقه بما يسمى بسوق الميلاد بتنظيم من البلدية ومن يدور بفلكهم من اجل حفنة من الاموال .
وقبل وبعد الاضاءة بدأت الماكنة الاعلامية للبلدية بتوجيه استقطابها للزائرين نحو الاسرائيليين هادفة لتكريس قبضتها على حارة النصارى ، وبربط باب الجديد مع شارع يافا وتكملة الى باب الخليل باتجاه الحي الارمني المستهدف ايضا نحو حائط البراق وحارة اليهود ، مكرسة بهذا تهويد حارة النصارى والحي الارمني ، على اعتبار -وكما يقولون- انهم قد سيطروا كاملا على ميدان عمر بن الخطاب/ باب الخليل من خلال زيف محاكمهم لصالح مستوطنيهم لتغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي للهوية الكنسية المسيحية على اعتبار ان باب الجديد وباب الخليل مسار الحج المسيحي الى كنيسة القيامة .
والاساس في المخطط هو تهويد المنطقة بلون واحد وطمأنة المستوطنين والاسرائيليين للدخول والتواجد والاستمتاع في منطقة كنسية مسيحية كانت تعتبر هادئة ، فحولت المحلات الى مطاعم ومقاهي وبارات استمرارا للحياة الليلية في شارع يافا ( القدس الغربية ) ، متجاهلة ان الحي له خصوصيته الدينية بأديرته وكنائسه وعائلاته ورونقه الخاص حيث تعيش العائلات التي تسكن الحي بسكينة وسلام وقد ورثوها من اجدادهم وابائهم وهم الحراس الحقيقيين على الاماكن المقدسة في القدس .
وفي هذا السياق ، فكما وصلت ايديهم الطويلة وبطرق ملتوية الى عقارات باب الخليل / ميدان عمر بن الخطاب وهي عقارات البطريركية الرومية الارثوذكسية ، فإن المخطط في باب الجديد يسير نحو السيطرة وبطرقهم الملتوية على العقارات وبأيدي النفوس الضعيفة التي تدعي مسيحيتها وهي بعيدة عن تعاليم الانجيل ، وبأيدي هذه الفئة الضالة تهدم الفسيفساء الكنسي المسيحي في حارة النصارى ، والمؤلم هنا انه ليس هناك حسسيب او رقيب ليسأل عن اهداف التحول والتركيز الكبير للبلدية واذرعها على هذا الحي المستهدف الان ، وكيف تمول النشاطات والمخططات التهويدية ، واحيانا بغلاف مسيحي ، كما هو حاصل اليوم بشجرة الميلاد ومايسمى سوق الميلاد ،وفي هذا المضمار فإن البطاركة و رؤساء الكنائس جميعهم تجنبوا الحضور مدركين المخطط التهويدي ، وفي هذا الصدد فقد اصدروا البيانات وارسلوا الرسائل الى العواصم رفضا لأسرلة وتغيير الطابع الكنسي – المسيحي لحارة النصارى والحي الارمني .
وفي المقابل شاهدنا في الامس مجلس رؤساء الكنائس وقد دعا الى اضاءة شجرة الميلاد في فندق الامبريال التابع للكنيسة الارثوذكسية في باب الخليل / ميدان عمر بن الخطاب وبحضور دبلوماسي وشعبي وبتصميم كبير للحفاظ على الارث الانساني وعلى الوجود الوطني الكنسي المسيحي الاصيل وتأكيدا على مسار الحج التاريخي لكنيسة القيامة وتثبيتا للوضع القائم القانوني والتاريخي " الستاتسكو ".
وفي هذه المناسبة الميلادية وكما قال غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث في كلمته من شرفة العقار الارثوذكسي في إضاءة شجرة عيد الميلاد هذه، نحتفل بكل ما يمثل الشخصية الحقيقية للقدس والأرض المقدسة وتجربتنا الفريدة التي تعود إلى قرون من حياتنا المُتعددة الثقافات والأعراق والأديان معًا، وتاريخنا في التعايش والاحترام المتبادل. هذا تذكير قوي بأن القدس هي منارة للعالم كله، خاصة في مواجهة الاضطرابات والعنف التي تؤثر على حياة الكثيرين. لقد أصبح المسيحيون هدفًا لهجمات متكررة ومستمرة من قبل الجماعات الصهيونية المتطرفة، خاصة في المدينة المقدسة.
فلهؤلاء من باعوا ضمائرهم ومن تقاعس عن حماية ما تبقى من الوجود المسيحي فإن اجراس كنيسة القيامة قد تحيي فيهم ما تبقى من ضمير وايمان حقيقي في نفوسهم .
شارك برأيك
ما بين رسالة شجرة " باب الجديد " وشجرة ميدان عمر بن الخطاب