Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 11 مايو 2025 9:40 صباحًا - بتوقيت القدس

الهجمة على القدس تشتد وتمتد وتتسع


في صباح كل يوم يصحو المقدسي على مصائب جديدة، فلا يكاد يمر عليه يوم بدون إستهداف، مدارس وكالة الغوث واللاجئين "الأونروا"، اقتحمها جيش الإحتلال وعلق أوامر إغلاق على بواباتها، مشرداً طلبتها الـ 800 وحارمهم استكمال عامهم الدراسي، وبما يلقي بتداعياته الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية على طلبة تلك المدارس، ويجعل مصير عامهم الدراسي في مهب الريح، فالعام الدراسي في نهايته، وانتقالهم من مدارسهم الى مدارس أخرى، ليس بالأمر الهين او السهل، فهناك اختلاف المنهاج وفرص استيعابهم في نهاية العام الدراسي، في ظل مظلات تعليمية في القدس متعددة، حيث الاختلاف في مرجعيتها وفي منهاجها يبدو ضئيلاً.

وسبقت الهجمة على مدارس وكالة الغوث واللاجئين، هجمة أخرى على طلبة المؤسسات التعليمية العليا، الجامعات الفلسطينية، حيث اتخذت بلدية الاحتلال ودائرة معارفها قراراً، يحرم أي طالب مقدسي من خريجي الجامعات الفلسطينية، كجامعة القدس وبيرزيت وبيت لحم والنجاح والخليل والأمريكية - جنين، والأهلية - بيت لحم والخليل، من الالتحاق بسلك التعليم الحكومي في مدارس القدس، واشتراط حصولهم على شهادة جامعية من مؤسسة تعليمية إسرائيلية، وهذا سعي لتفريغ الجامعات الفلسطينية من طلبتها المقدسيين ومن عرب الداخل الفلسطيني- 48-، تحت حجج وذرائع بأن تلك الجامعات لديها مضامين تعليمية وتربوية تحض على "الإرهاب" والكره والحقد، والمقصود هنا الحرب على الوعي والهوية والثقافة والرواية والسردية والجغرافيا والتاريخ.

وسبقت ذلك هجمة طالت المؤسسات المقدسية ولم تسلم منها المكتبات، حيث جرى اقتحام ثلاث مكتبات واحدة في شارع صلاح الدين في القدس مرتين، واثنتين أخريين في البلدة القديمة من القدس، تحت حجج وذرائع اقتناء وبيع كتب تحريضية ولها علاقة بالمفاهيم والمضامين الوطنية.

 أما في إطار الحرب على المؤسسات المقدسية، التي يستهدف الاحتلال إضعاف المجتمع المدني، ومنع تلك المؤسسات من تقديم خدماتها له وللفئات المهمشة من أطفال ونساء وغيرها، قامت مخابرات الاحتلال، بمداهمة واستدعاء عدد من أعضاء الغرفة التجارية الصناعية في القدس للتحقيق ومصادرة مجموعة من مستنداتها وأوراقها، ومن بعد ذلك جرت مداهمة مقر وقفية القدس في المدينة، واستدعاء بعض العاملين فيها للتحقيق، ومن ثم صدر قرار بمنعها من العمل في المدينة وخارجها، والحجج والذرائع، هي العمل لصالح السلطة الفلسطينية في القدس، ومخالفة ما يعرف باتفاق الوسط لعام 1994، الذي يمنع السلطة الفلسطينية من العمل في القدس.


ولا ننسى بأن الحرب على الوجود الديمغرافي الفلسطيني في المدينة، تصاعدت بشكل غير مسبوق، فخلال الربع الأول من هذا العام، هدم أكثر من مئة منزل ومنشأة تجارية واقتصادية وزراعية في مدينة القدس، وليسلم أول من أمس الجمعة 9-5-2025 أهالي عمارة الوعد في منطقة وادي قدوم - سلوان، التي سعى الاحتلال وبلديته الى هدمها في العام 2022، ولكن سلسلة أنشطة وفعاليات شعبية ومجتمعية وتحركات سياسية ودبلوماسية، جعل بلدية الاحتلال تتراجع عن قرارها هذا، والبناية المهددة بالهدم، تضم 12 شقة ويقطنها أكثر من 85 مواطناً معظمهم من الأطفال والنساء.

أما فيما يتعلق بتهويد الأقصى، فالهجمة تستعر وتزداد حدة وبوتائر غير مسبوقة، حيث تجري عملية تحريض ممنهجة من قبل حاخامات ما يعرف بأمناء الهيكل ووزراء متطرفين من أمثال بن غفير وسموتريتش وعميحاي إلياهو وغيرهم، وحتى السفير الأمريكي المتصهين في إسرائيل مايك هاكابي، قال إنه يجب العمل على إقامة ما يعرف بالهيكل الثالث في قلب الأٌقصى. وشهدنا كذلك قيام  جمعيات استيطانية وبلدية الاحتلال، بحفريات واسعة في منطقة "حوش الشهابي"، رباط الكرد، الواقع بالقرب من باب الحديد، في المنطقة الغربية من المسجد الأقصى، تلك المنطقة التي تسعى تلك الجماعات المتطرفة الى إقامة كنيس يهودي فيها، والتي يعرفونها حسب مفاهيمهم التلمودية والتوراتية بـ"المبكى الصغير"، من أجل توسيع ساحة حائط البراق"، لكي تستوعب أكبر عدد من المصلين اليهود، ولتسهيل السيادة والسيطرة على الأقصى، ورباط الكرد هذا أقامه الخليفة المملوكي المقر سيف الكرد، حيث ان المماليك اهتموا من عام 1270م وحتى عام 1517 م بإقامة مؤسسات دينية في القدس، منها مدارس وتكايا وزوايا وأربطة وسكن للحجاج الفقراء القادمين للحج الى المسجد الأقصى، والذين لا يملكون المال لدفع تكاليف السكن.

ولا ننسى كذلك أن بعض الناشطين والحاخامات من أمثال النائشط في تلك الجمعيات التلمودية والتوراتية أرنون سيجال والحاخام يهودا وولفنسون والوزير المتطرف بن غفير، نشروا لهم صوراً عبر الذكاء الصناعي، وهم يدخلون قرابين الفصح الحيوانية لساحات الأقصى، وصور لهدم مسجد قبة الصخرة وإقامة ما يعرف بالهيكل الثالث مكانه، حتى ان أحد جنود الاحتلال، نشر صورة لتفجير الأقصى وإقامة الهيكل مكانه.

والاحتلال من أجل منع أي شكل من أشكال السيادة او الوجود للسلطة الفلسطينية ورموزها في مدينة القدس، منذ عام 2018 يفرض سلسلة من الإجراءات العقابية بحق محافظ المدينة عدنان غيث، سواء عبر عمليات الاستدعاء والتحقيق والاعتقالات المتكررة  والإقامة الجبرية والحد من الحركة، أو منع الدخول للضفة الغربية، ناهيك عن الاستهداف له في شؤونه الحياتية، ومثل هذه العقوبات التي طالت العديد من الرموز والشخصيات المقدسية وطنية ودينية ومجتمعية، امتدت لتصل الى وزير شؤون القدس أشرف الأعور، حيث منعه الاحتلال من الدخول للضفة الغربية، وبالتالي منع وصوله لمقر الوزارة في الرام لمدة ستة شهور، والمنع لمدة ستة شهور في عرف الاحتلال، ليس له سقف، فقد يصل الى عدة سنوات، فهناك القائد الوطني عبد اللطيف غيث، وصل منعه من دخول الضفة الغربية، ومنعه من الوصول الى مكان عمله في مؤسسة "الضمير" لرعاية الأسرى، إلى أحد عشر عاماً والحبل على الجرار.

ويجب ان لا يغيب عن بالنا حرب الديمغرافيا والتطهير العرقي والطرد والتهجير، التي يسعى اليها الاحتلال، لقلب الواقع الديمغرافي في المدينة لصالح المستوطنين، من خلال توسيع مساحة القدس لتبلغ 73 كم2، حيث يجري ضم مستوطنات جنوب غرب القدس اليها، "غوش عتصيون" و"مجمع إفرات الاستيطاني" ومستوطنات مدينة القدس وصولاً الى مستوطنات جنوب شرق القدس، مجمع " معاليه أدوميم" الاستيطاني.

عملية عزل القدس عن محيطها الفلسطيني جغرافياً وديمغرافياً، وإقامة بؤر استيطانية في قلب الأحياء والبلدات المقدسية، لشطب ومنع أي حل سياسي يقوم على أساس حل الدولتين، ولمنع إعادة تقسيم المدينة، ولتحويل الأحياء المقدسية الى جزر متناثرة في محيط إسرائيلي واسع.

هي الحرب على المدينة وعلى كل تجليات الوجود المقدسي فيها، فوق الأرض وتحت الأرض وحتى في القضاء الجوي.

القدس لم تتلق من الجهات الرسمية الفلسطينية، والعرب والمسلمين، سوى شعارات وبيانات الدعم والإسناد، دون أي ترجمة لفعل على ارض الواقع، والهجمة على القدس، من المتوقع أن تتصاعد بشكل جنوني، في ظل الوضع الناشيء والانشغالات بما يحدث في قطاع غزة من حرب حصار وتجويع وطرد وتهجير وقتل، وكذلك ما يجري في شمال الضفة من "هندسة جغرافية وديمغرافية".

دلالات

شارك برأيك

الهجمة على القدس تشتد وتمتد وتتسع

المزيد في أقلام وأراء

في غزة الناس ينتظرون مصيرهم

مصطفى إبراهيم

هل ساميتهم خير من ساميتنا ؟

أمين الحاج

غزة والإبادة جوعاً

د. جبريل العبيدي

سِــفر الآلام

نبهان خريشة

القدس تحت المجهر.. معركة وعي بلا مرجعية "بين أوسلو وعدوان أكتوبر 2023".. السياسات تصوغ مواجهة...

مالك زبلح

هذا هو الفرق بيننا وبينهم

من الدولة المدللة.. إلى المنبوذة

سلاح التظاهرات دعماً لفلسطين

مواقف دولية وتصريحات واعدة

قطع الرواتب.. دعوة لإعادة النظر !

الفرصة الأوروبية.. كيف نبني على التحولات الشعبية والسياسية في الغرب؟

الرأي القانوني في قرار الكابينيت الأخير منع عملية تسوية الأراضي في مناطق C وإلغاء إجراءات...

على هذه الأرض ما يستحق البقاء

مصطفى إبراهيم

المساعدات والمفاوضات والتهديدات

بهاء رحال

صحوةٌ بعد طول غفوة !

إبراهيم ملحم

فلسطين فرصة اقتصادية تنتظر التفعيل العربي

إن لم تكن شريكاً في الطبخة فأنت الوجبة!

إبراهيم ملحم

تطورات سياسية غير مسبوقة

حمادة فراعنة

‏ حين تتحول الساحات إلى منصات للنضال الثقافي// من أوسلو إلى "فدائي" النشيد الوطني الفلسطيني...

توفيق العيسى

زيارة ترامب ومستقبل القضية الفلسطينية

جمال زقوت

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 1260)