Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

السّبت 19 أبريل 2025 10:49 صباحًا - بتوقيت القدس

“ثورة بلا دماء: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل السلطة والصوت والنفوذ”

نعيش اليوم لحظة تاريخية نادرة: ثورة لا ترفع شعارات ولا تسفك دماء، لكنها تُحدث تحوّلات جذرية في بنية السلطة، وإعادة توزيع للصوت، وتبدّل في مراكز النفوذ، يقودها كيان جديد لا يحمل سلاحًا ولا يرتدي بزّة، بل ينبض بالكودات: الذكاء الاصطناعي (AI).


ما يشهده العالم اليوم ليس مجرد طفرة تقنية، بل تحوّل حضاري يعيد تعريف “من يمتلك القوة؟” و”من يملك التأثير؟” و”من يصنع القرار؟” على مستوى الفرد، والمؤسسات، والدول. وهذا التغيير يحدث غالبًا في صمت، دون أن نلحظ حجم تأثيره الحقيقي، لا سيّما في عالمنا العربي.



أولاً: السلطة تتحول من الهرم إلى الخوارزمية


في النموذج التقليدي، كانت السلطة تُمارس بشكل هرمي: الدولة، الحزب، المؤسسة، الإعلام. لكن في عالم الذكاء الاصطناعي، السلطة أصبحت شبكية وغير مرئية. من يمتلك البيانات ويدير الخوارزميات هو من يوجّه السلوك الجماعي ويعيد تشكيل الرأي العام.


دراسة حديثة لـHarvard Kennedy School (2024) تشير إلى أن 62% من الأفراد يغيّرون قراراتهم الشرائية أو السياسية بناءً على توصيات مخصّصة من أنظمة الذكاء الاصطناعي، دون وعي بذلك.


السلطة اليوم لم تعد فقط بيد السياسي أو الإعلامي أو رجل الأعمال، بل أصبحت في أيدي مهندسي البرمجيات، مطوري الخوارزميات، وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل Meta، Google، وOpenAI.


ثانيًا: الصوت لم يعد لمن يصرخ أكثر، بل لمن تحبّه الخوارزمية


في السابق، كان مَن يملك الميكروفون هو من يُسمع. اليوم، لم يعد الصوت محكومًا بعلوّه، بل بقدرته على المرور عبر فلاتر الذكاء الاصطناعي.


المحتوى الذي يصل للملايين ليس بالضرورة الأفضل، بل هو الأكثر توافقًا مع معايير الذكاء الاصطناعي: الجاذبية، التفاعل، النقرات، والمدة الزمنية للمشاهدة.


وهنا تكمن المفارقة: تُخلق “نخبة رقمية” جديدة لا تُنتخب ديمقراطيًا، بل تُختار خوارزميًا.

عن


ثالثًا: النفوذ لم يعد محليًا، بل عابرًا للحدود


الذكاء الاصطناعي مكّن أفرادًا من مناطق مهمشة في العالم من التأثير في الاقتصاد، الإعلام، والثقافة العالمية. يمكن لصانع محتوى في غزة أو نابلس، أن يؤثّر في قرارات مستهلك أمريكي أو ناخب أوروبي، عبر فيديو مُنتج بذكاء.


تقرير “McKinsey Global Institute” (2023) قدّر أن الذكاء الاصطناعي يخلق ما قيمته 3.5 تريليون دولار من قيمة اقتصادية سنويًا، معظمها من خدمات رقمية عابرة للحدود.


لكن، في الوقت ذاته، هذا النفوذ الجديد يُستخدم أيضًا كسلاح. فالدول الكبرى لا تستخدم الطائرات فقط، بل تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوجيه الرأي العام، التجسس، وتفكيك المجتمعات من الداخل.



رابعًا: الخطر الأكبر – السلطة بلا مساءلة


عندما يتحكم الذكاء الاصطناعي في قرارات التوظيف، التعليم، العدالة، والتمويل، فمن يراقب؟ ومن يُحاسب؟


في الصين مثلاً، يُستخدم الذكاء الاصطناعي في نظام “النقاط الاجتماعية” Social Credit لتحديد من يركب القطار ومن يُحرم من القروض.


وفي الغرب، تُستخدم خوارزميات الشرطة للتنبؤ بالجريمة، لكن بياناتها مليئة بالتحيّز ضد الأقليات. أي أن السلطة باتت بلا وجه ولا ضمير، تُمارس تحت اسم “الكفاءة”، لكنها قد تكرّس الظلم بصمت.



خاتمة: ما العمل؟


الثورة التي نعيشها الآن لا تحتاج إلى ثوار، بل إلى وعي جمعي جديد.

علينا أن نفهم كيف تُدار قوتنا، وكيف نُستهلك كمصادر بيانات. يجب إعادة تشكيل العلاقة بين الإنسان والخوارزمية، على أساس من الشفافية، والمحاسبة، والأخلاق.


إننا في زمن يجب أن نسأل فيه أنفسنا: “هل نستخدم الذكاء الاصطناعي، أم أنه يستخدمنا؟”

دلالات

شارك برأيك

“ثورة بلا دماء: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل السلطة والصوت والنفوذ”

محمد قبل حوالي شهر واحد

نابلس - فلسطين 🇵🇸

الله يستر من هذه الثورة أن كانت ستزيل القوى الظالمة فمرحبا بها والا فلا

المزيد في أقلام وأراء

في غزة الناس ينتظرون مصيرهم

مصطفى إبراهيم

هل ساميتهم خير من ساميتنا ؟

أمين الحاج

غزة والإبادة جوعاً

د. جبريل العبيدي

سِــفر الآلام

نبهان خريشة

القدس تحت المجهر.. معركة وعي بلا مرجعية "بين أوسلو وعدوان أكتوبر 2023".. السياسات تصوغ مواجهة...

مالك زبلح

هذا هو الفرق بيننا وبينهم

من الدولة المدللة.. إلى المنبوذة

سلاح التظاهرات دعماً لفلسطين

مواقف دولية وتصريحات واعدة

قطع الرواتب.. دعوة لإعادة النظر !

الفرصة الأوروبية.. كيف نبني على التحولات الشعبية والسياسية في الغرب؟

الرأي القانوني في قرار الكابينيت الأخير منع عملية تسوية الأراضي في مناطق C وإلغاء إجراءات...

على هذه الأرض ما يستحق البقاء

مصطفى إبراهيم

المساعدات والمفاوضات والتهديدات

بهاء رحال

صحوةٌ بعد طول غفوة !

إبراهيم ملحم

فلسطين فرصة اقتصادية تنتظر التفعيل العربي

إن لم تكن شريكاً في الطبخة فأنت الوجبة!

إبراهيم ملحم

تطورات سياسية غير مسبوقة

حمادة فراعنة

‏ حين تتحول الساحات إلى منصات للنضال الثقافي// من أوسلو إلى "فدائي" النشيد الوطني الفلسطيني...

توفيق العيسى

زيارة ترامب ومستقبل القضية الفلسطينية

جمال زقوت

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 1260)