أقلام وأراء
الإثنين 20 يناير 2025 11:55 صباحًا - بتوقيت القدس
حقائق لا نختلف عليها في هذه الحرب

أولى هذه الحقائق أن السابع من أكتوبر إياه يمكن أن يتكرر بصورة أخرى مختلفة كلياً، ما لم يتم التوصل إلى تسوية مشرفة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ أن بقاء الاحتلال واستباحة كل شيء فلسطيني سيقود حتماً إلى محاولات متكررة لإنهائه، إن كان سلماً أو حرباً. ثاني هذه الحقائق أن إسرائيل لا تحترمنا ولا تحترم دماءنا أو مشاعرنا أو حقنا في الحياة، وهي لذلك تعاملنا كبشر غير متساوي الحقوق أو الأحلام. المفزع في هذا الأمر حقاً أن هناك من الإسرائيليين من يعتقد أننا لا نتمتع بذات القدر من محبة الحياة أو الرغبة فيها أو الإحساس بالألم والمتعة، هناك من قالت على إحدى الشاشات الإسرائيلية إننا مجرد ذباب لا يهمنا الموت، هذا كلام أكثر من مفزع، ويكشف مستوى صادم عن عدم احترام أو تقدير أو الاعتراف بالفلسطيني، ككائن يتمتع بذات القدر من الإنسانية.
ثالث هذه الحقائق أن إسرائيل لا تستطيع الاستمرار في الحرب أو الانتصار فيها دون حلف دولي أو أوسع منه أيضاً. كشفت هذه الحرب أن إسرائيل بحاجة ماسة دائمة إلى الأسلحة ذات القدرات المتعددة، وكذلك تحتاج طيلة الوقت لتجنيد فئات أخرى من الجمهور، إن حاجة إسرائيل لهذا الحلف الدولي يكشف أن إسرائيل هشة وضعيفة، ليس بسبب الجغرافية فقط، بل بسبب الاعتماد الكلي على الحلف الغربي الاستعماري الذي يصر على إنقاذها، رغم ما يجرّ ذلك من جهد وحرج، وهذا يكشف زيف أن إسرائيل تحمي مصالح الغرب الاستعماري، بل أن هذا الغرب هو الذي يستخدم – بما تحمل الكلمة من معنى – إسرائيل في منطقتنا، ولهذا فإنها تتلقى الحماية والدعم مقابل هذا الاستخدام، الأمر الذي يلقي ثقله الكبير على مستقبل إسرائيل نفسها، وهي مخاوف حقيقية يعبر عنها الكثير من الإسرائيليين.
رابع هذه الحقائق أن هناك حدود للقوة الإسرائيلية، إذ أن قوة إسرائيل العسكرية المذهلة لم تستطع أن تفرض الحل أو النهاية، ولم تستطع أن تحقق ما أرادت، ولم تنفذ كل ما وعدت به، ولم تستطع أن تحول القوة المذهلة إلى نتائج مرضية، وهذا يعني أن إسرائيل وبدلاً من البحث عن بدائل سياسية "تتنازل" فيها عن بعض ما اغتصبت، فإنها تقبل أن تستخدم القوة والمزيد من القوة؛ بهدف تحقيق أهداف مستحيلة. هذا يدل على الغرور والغطرسة والاستهتار بالحياة والاعتماد الكلي على الغرب الاستعماري.
وعلى مدى 76 سنة فإن إسرائيل لم تستطع أن تحقق بالقوة ما تحققه بالبدائل السياسية. وهذا يقودنا إلى الحقيقة الخامسة أنه لا يمكن القفز عن الشعب الفلسطيني، أو تجاوز حقوقه أو التغلب عليه، وقد أثبتت المئة سنة الماضية أن الشعب الفلسطيني الذي جرب المقاومة والتفاوض مرات ومرات لم يحقق أهدافه حتى الآن، ولكنه أثبت القدرة الهائلة على البقاء والصمود والاستمرار، وهذا يعني أن الأيام دول، كما أشار القرآن الكريم، فالاستعمار مثل الذي نعيش ليس بالضرورة أن ينهزم أو يتراجع بجولة أو جولتين أو ثلاث، المهم في ذلك كله أن الشعب الفلسطيني لم ينهزم من الداخل، ولم ينكسر رغم كل ما حل به من مذابح ومطاردات وتنكر ومحاولات شطب. سادس هذه الحقائق أن إسرائيل علمتنا أن نختار الطريق الأصعب والأكثر كلفة، إسرائيل لا تريد حقاً أن ترى اعتدالنا أو رغبتنا في التسوية، هي تريد أن تجرنا دائماً إلى مربع الاشتباك، إن ثلاثين سنة من الرغبة في التسوية والاستقرار حولتها إسرائيل إلى مزيد من الاستيطان والقتل، وإضعاف وإفقار وإحراج السلطة الوطنية الفلسطينية، وكأن إسرائيل تقول لنا: "اختاروا غير طريق الاعتدال". وكأن الاعتدال يكشف عري إسرائيل وعدوانيتها.
سابع هذه الحقائق أن إقليمنا العربي فارغ وهش وضعيف، وأنه قابل لكل الاحتمالات وأنه فقد القدرة إلى حد بعيد في التأثير على السياسة الإقليمية وكذلك الدولية، وأن هذا الإقليم سيتلقى الدعم المادي والأمني والسياسي من الخارج، بحيث تعمقت أزمته الوجودية، وتباعدت الثقة بينه وبين جمهوره، وتحولت أنظمته إلى أنظمة فقيرة ومنعزلة ترجو الحماية والشرعية والبقاء، لهذا فإن الشعب الفلسطيني دفع في كل مرة اشتبك فيها مع المحتل ثمن هذا الغياب والضعف والهشاشة. ما جرى ويجري في قطاع غزة حتى الآن يقودنا إلى الحقيقة الأخيرة، وهي أن هناك صفحة جديدة من تاريخ الصراع بدأ بيننا وبين الاحتلال، وهي مرحلة قد تقود إلى تغيرات عميقة لدى كل طرف. فالحروب فيها استخلاصات ودروس عميقة، هذه الحرب ليست ككل حرب قد تقود إلى تسوية إذا تعقّل المحتل، وقد تقود إلى حرب أخرى سريعاً إذا اعتقد المحتل أنه يملك المصائر كلها.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
أوهام ترمب.. إعلان حرب
حديث القدس
هجوم "الصدمة والرعب".. هل يحقق أهدافه؟
جيمس زغبي
لقاء نتنياهو مع ترامب
حمادة فراعنة
من يأخذ قلم ترامب من يده؟
بهاء رحال
مشروع ترامب للتطهير العرقي.. استهداف لفلسطين قضية وهوية
راسم عبيدات
اليوم الإسرائيلي - الأمريكي التالي لغزة والضفة
نبهان خريشة
المجنون!
ابراهيم ملحم
حرب ترامب الاقتصادية
حمادة فراعنة
العالم على كف "رئيس"
منظمة التحرير وشرعية التمثيل الوطني في الميزان الفلسطيني !!
محمد جودة
عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل
حديث القدس
المشهد الراهن والمصير الوطني
جمال زقوت
الخيار العسكري الإسرائيلي القادم
راسم عبيدات
ترامب في خدمة القضية الفلسطينية!!
د. إبراهيم نعيرات
ما المنتظر من لقاء نتنياهو وترامب؟
هاني المصري
زكريا الزبيدي تحت التهديد... قدّ من جبال فلسطين
حمدي فراج
هل وصلت الرسالة إلى حماس؟
حمادة فراعنة
مجدداً.. طمون تحت الحصار
مصطفى بشارات
بين الابتكار وحكمة التوظيف .. الذكاء الاصطناعي يعمق المفارقات !
د. طلال شهوان - رئيس جامعة بيرزيت
الطريق إلى شرق أوسط متحول: كيف نحافظ على السلام في غزة مع مواجهة إيران
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
الأكثر تعليقاً
من أين جاؤوا بنظرية "الضعيف إذا لم يُهزم فهو منتصر" ؟

ترامب: الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة وتصبح مالكة له

العالم على كف "رئيس"

الرئيس يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لوقف العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية

الرئيس عباس يصدر قراراً بإعادة تشكيل مجلس إدارة مجلس تنظيم قطاع المياه

هل وصلت الرسالة إلى حماس؟

اللواء ناصر البوريني يستقبل سفير المملكة الأردنية الهاشمية في فلسطين
الأكثر قراءة
"العفو الدولية": ترمب يضاعف ترحيبه بنتنياهو بعدم اعتقاله أو إخضاعه للتحقيق
الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية يعربان عن رفضهما لدعوات الاستيلاء على قطاع غزة

ترامب: لا ضمانات لدي أن الهدنة بين إسرائيل وحماس ستصمد

الشرطة الإسرائيلية تعتقل 432 عاملا فلسطينيا داخل أراضي 1948

نتنياهو يهدي جهاز بيجر لترامب والأخير يعلق
مستعمرون يقتحمون مبنى "الأونروا" في حي الشيخ جراح
مارتن أولينر يدعو إلى دعم خطة ترامب للتهجير.. "سكان غزة لا يستحقون الرحمة"

أسعار العملات
الخميس 06 فبراير 2025 8:54 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.55
شراء 3.54
يورو / شيكل
بيع 3.67
شراء 3.68
دينار / شيكل
بيع 5.01
شراء 5.0
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 569)
شارك برأيك
حقائق لا نختلف عليها في هذه الحرب