Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 13 يناير 2025 10:11 صباحًا - بتوقيت القدس

البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال

في خضم التحولات السياسية التي تعصف بالعالم العربي، خاصة في مشرقنا، يظهر درس واحد واضح، وهو أن إسقاط الأنظمة المستبدة ليس كافياً لتحقيق التغيير الديمقراطي. إن الاحتفال بزوال زعيم مستبد أو نظام قمعي دون التخطيط للبديل يعرض الشعوب للفوضى والانهيار. تجارب العراق، والسودان، وليبيا وغيرها، والآن سوريا تجسد هذه الحقيقة. لقد فرح الكثيرون بسقوط الأنظمة، لكن ما تلا ذلك كانت أعوامٌ من الأزمات، وانهيار المؤسسات، وغياب الاستقرار والديمقراطية حتى يومنا هذا، وحصر الفائدة وفق المخططات التي أدت لذلك بشركات الغرب الكبرى من خلال ما يسمى "إعادة الإعمار"، وكذلك الاستحواذ على حكوماتها بطرق مستحدثة تضمن ولاء تلك الدول لمنهج السياسات الخارجية الأمريكية الهادفة إلى تطويع المنطقة.


إن التخلص من نظام مُستبد تنامى بفعل سيطرة مراكز القوى والنفوذ يجب أن يكون مرتبطاً برؤية وطنية ديمقراطية واضحة تستجيب لتطلعات الشعوب. المطلوب ليس فقط إزالة الظلم أو إسقاط نظام فاسد، أو قمعي رغم مشروعية وضرورة ذلك، بل بإقامة نظام جديد يقوم على أسس وطنية ديمقراطية شفافة شاملة، تضمن الحريات والعدالة والمساواة لكل أفراد المجتمع . يجب أن يكون هذا النظام البديل قادراً على احتواء الجميع، من أقليات عرقية وثقافية، إلى مكونات المجتمع المختلفة، وامتلاك الرؤية اللازمة لضمان التعددية والتقدم، والاستفادة من مقدرات وثروات البلاد بقرار مستقل لمصلحة شعوبها وازدهارها.


 عانى الشعب هناك من نظام قمعي سابق رغم سياساته الخارجية المساندة لحقوق شعبنا، واليوم يعاني من جماعات إرهابية تكفيرية مسلحة متناحرة غزت البلاد تحت شعار إسقاط النظام. وكلاهما، السابق، ونظام الأمر الواقع اليوم أثبت وسيثبت عجزه عن قيادة البلاد نحو بر الأمان والاستقرار. ورغم قسوة المرحلة، يبقى الشعب السوري قادراً على النهوض مجدداً، بما يمتلكه من تاريخ مُشرّف وإرث حضاري. سوريا ليست مجرد دولة، بل هي قلب المشرق العربي، وعامل محوري في أي نهضة عربية قادمة. المطلوب اليوم هو بناء نظام وطني ديمقراطي يُعلي من شأن الحقوق والحريات ويضمن مشاركة جميع الأطياف، بما في ذلك الأقليات والأكراد فيها، ويحمي وحدة وسيادة أراضيها من الشمال والجنوب ويمتلك رؤية واضحة من حرية وحقوق شعبنا الفلسطيني، وحرية الشعب السوري في الجولان المحتل .


في ظل هذه التحديات، تبرز الحاجة إلى دور النُخب والمفكرين العرب في صياغة مشروع مستقبلي يعيد بناء المحتمعات على أسس جديدة . يجب أن ندرك أننا أمام محاولات متجددة للتفتيت والسيطرة من الغرب الاستعماري بأساليب مستحدثة تهدف إلى هيمنة مشاريعه وتفوق إسرائيل، ما يدفعنا إلى التفكير بعمق بالمصالح الحقيقية للشعوب العربية في سبل تعزيز وحدتها، رغم فشل مشاريع قومية سابقة من تجسيد هذه الوحدة، وإحياء فكر وحدوي قومي تقدمي مشترك للمدافعين عن تلك القيم الإنسانية وتقدم شعوبنا .


إن الشعوب العربية وقواها السياسية والاجتماعية بحاجة إلى إعادة تنظيم صفوفها برؤية تستند إلى استراتيجية واضحة، ليس فقط للتصدي للأزمات، بل لبناء مشروع وطني ديمقراطي شامل يحقق الحريات والعدالة الاجتماعية والتقدم ويعيد للشعوب كرامتها. هذا المشروع يتطلب رؤية تقدمية تقطع مع الماضي المظلم وتؤسس لمستقبل أكثر إشراقاً دون ظلاميين وتكفيريين، وهذا ما يتطلب البحث في دور الأحزاب والقوى الديمقراطية التقدمية، كما هو مفترض من دورها لإشاعة تلك القيم الإنسانية والدفاع عنها، والبحث في آليات استنهاضها وفق برامج جديدة معاصرة تحقق تلك الرؤى المطلوبة لنهوض شعوبنا ومواجهة تحدياتنا، حتى لو تطلب ذلك التفكير بتأسيس أحزاب جماهيرية جديدة تبتعد في جوهر تكوينها عن النخبوية الضيقة وأساليب العمل الماضية والصيغ المُستهلكة لتكون قادرة على الالتصاق بهموم الناس، وإحداث التغيير المطلوب برؤية عصرية تأخذ تسارع متغيرات العالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى المناخية والبيئية منها بعين الاعتبار من جهة. كما ودور الحركة الصهيونية العالمية ومشروع أطماعها بالمنطقة، ومحاولات فرض سطوتها وتفوقها لإعادة تقسيم المنطقة، بما يضمن تفوق إسرائيل كدولة استعمار وتوسع من جهة أخرى. 

لكن ورغم ما قد يظهر من معيقات أمام ذلك من قوى الشد العكسي أو من أدوات الاستعمار المتواجدة بين شعوبنا، ورغم الظلام الذي يُخيّم على المنطقة، تبقى الشعوب العربية قادرة على النهوض واستنباط الأشكال المناسبة للتغيير ولمواجهة مشروعهم. حقائق التاريخ مليئة بأمثلة على شعوب تنكسر لتنهض من جديد .


فالمقاومة ليست مجرد رد فعل آني على الاستبداد والاحتلال، بل هي حق مشروع وثقافة ورؤية عقلانية متكاملة ودائمة تعبر عن نمط حياة يحمل راية الحرية من جيل إلى آخر لتحقيق الأهداف والتغيير الإيجابي نحو مستقبل مشرق، دون الفكر الرجعي والتخلف الحضاري، ولتغيير الواقع دون الإقرار به كأمر قائم مُسلم به، يفترض النضال من أجل قيم إنسانية مستدامة كالحريّة والديمقراطية والعدالة والكرامة والمساواة من خلال الانخراط المستمر والواعي في كل قطاعات الحياة، وطرح البدائل الواقعية للنهوض الحُر من أجل التغيير الديمقراطي .


إن العمل على تحقيق انتصارات جديدة على المخططات الجارية اليوم يجب أن يرتكز على استقلالية القرار الوطني والوحدة الواسعة بين مكونات المجتمع الوطنية الديمقراطية، وتحقيق مسار الكفاح الوطني نحو التحرر من أشكال الاستعمار الجديد، وسياسات الهيمنة الأمريكية نحو تحقيق الاستقلال الوطني الديمقراطي في هذه المرحلة الثانية .


وكما قال الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي :إذا الشعبُ يومًا أرادَ الحياة فلا بدَّ أن يستجيبَ القدرُ."

إننا اليوم أمام مرحلة حاسمة في تاريخنا العربي، مرحلة مفصلية تتطلب منا الشجاعة للتفكير والعمل من أجل مستقبل أفضل وأجمل. علينا أن نكون متفائلين بها رغم كل التحديات الصعبة، فالأمل وحده هو الذي يشعل إرادة التغيير، والإرادة وحدها هي التي تصنع الحق حتى لا يبقى مستحيلاً، وحتى لا تفرض على شعوبنا الهزيمة لعقود قادمة كما يريدون.

دلالات

شارك برأيك

البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال

المزيد في أقلام وأراء

هل أصبحنا مدمنين على السرعة؟ تيك توك، العقل، وفقدان الصبر!

بقلم : صدقي ابوضهير : باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

الذكاء الاصطناعي ووهم المعرفة

بقلم: عبد الرحمن الخطيب، مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

الجنائية والجُناة!

ابراهيم ملحم

تغييب وترهيب

حديث القدس

الرئيس ترمب والتهجير والاستيلاء على غزة

فراس ياغي

أحمل نعشي على كتفي وأمشي وأمشي

عيسى قراقع

زيارة 1987.. عن مخيم الفارعة وصوت الشيخ إمام ويويا وإرهاصات الانتفاضة

توفيق العيسى

أوهام ترمب.. إعلان حرب

حديث القدس

هجوم "الصدمة والرعب".. هل يحقق أهدافه؟

جيمس زغبي

لقاء نتنياهو مع ترامب

حمادة فراعنة

من يأخذ قلم ترامب من يده؟

بهاء رحال

مشروع ترامب للتطهير العرقي.. استهداف لفلسطين قضية وهوية

راسم عبيدات

اليوم الإسرائيلي - الأمريكي التالي لغزة والضفة

نبهان خريشة

المجنون!

ابراهيم ملحم

حرب ترامب الاقتصادية

حمادة فراعنة

العالم على كف "رئيس"

منظمة التحرير وشرعية التمثيل الوطني في الميزان الفلسطيني !!

محمد جودة

عندما يتحمل الفلسطيني المستحيل

حديث القدس

المشهد الراهن والمصير الوطني

جمال زقوت

الخيار العسكري الإسرائيلي القادم

راسم عبيدات

أسعار العملات

الخميس 06 فبراير 2025 8:54 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.55

شراء 3.54

يورو / شيكل

بيع 3.67

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.01

شراء 5.0

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 585)