اين سيذهب أهل غزة وأبناء غزة الذين يتعرضون يوميا لقرارات التهديد والوعيد الاسرائيلية لترحيلهم من مواقع نزحوا اليها ، تارة إلى الجنوب ،وتارة أخرى إلى الشمال ، وثالثة إلى الوسط ، دون وجود أماكن آمنة ومساكن، يودعون فيها احلامهم بنوم ولو قصير ، دون مسلسلات وروايات الرعب التي تقض مضاجعهم وكأن يوم القيامة ينتظرهم ويحاصرهم من كل زاوية ..
أمس وزع الجيش الاسرائيلي مناشير جديدة ، تطالب عشرات الاف المواطنين في مدينة غزة بالرحيل عنها ، وهي المرة الاولى التي يطلب فيها الجيش من سكان مدينة باكملها مغادرتها ، بعد ان كانت المرات السابقة تستهدف أحياء بعينها ، فأين يذهب هؤلاء المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة ، اين يقطنون ، اين ينامون ، كيف يأكلون ، كيف يشربون ، اين يقضون حاجاتهم ، كيف يتغلبون على أمراضهم وأزماتهم ، هل لازال بمقدورهم ان يشرحوا لأطفالهم ماذا يحصل ، وهل فرض القدر على الطفولة الفلسطينية ان تولد من رحم المعاناة دوما وتنمو وتكبر على حب الوطن الجريح ، لكن مقومات هذا الوطن مدمرة ، والحياة الكريمة مسلوبة ، والشقاء لغة ما بقي ، ولا مفر من الموت سوى الموت ..
كانت غزة تستأنس بالبحر ، وتستيقظ على هدير أمواجه حيث شكل متنفسا للأطفال والفتيات لممارسة الهوايات، والتفريغ عن النفس ، جراء الكبت والحصار والحرمان ، في الوقت الذي كان فيه صوت الآذان يرفع عاليا ، وينادي الباعة في الأسواق ، وتجرى الرياضة بنسق عال من الممارسة ، وتنتظم الدراسة في المدارس والكليات والجامعات ، ويخرج الاف العمال يوميا بحثا عن قوت عائلاتهم ومصادر رزقهم ، وتعمل غزة بما استطاعت من إمكانيات لتلبي الاحتياجات ، في حياة من الرضى والقبول ، لتذهب هذه المظاهر اليوم ادراج الرياح وتعصف بها همجية وعدوانية وقسوة وظلم الاحتلال ..
اين سيذهب من عاشوا بكبرياء حكاية العشق الأزلي لغزة ، بعد ان اغلق البحر شواطئه ومراسيه امام الصيادين والمتنزهين ، بعد ان كان مسالما لطيفا يداعب احلام الغزيين ، لتحوله اسرائيل إلى بحر هائج ومائج ،شاهد على لغة القتل والحروب ..
لم يعد لمواطني غزة سوى السماء كملاذ أخير للهروب من نقمة العدوان ،ففيها انصات جيد وبإمعان ، لصرخات من فقدوا الامان ، لتحتضنهم بحنان ، بعيدا عن سطوة وشرور المحتل ، في حكاية ستدون على مر الزمان ، انها أقسى وأصعب ما عرفه تاريخ البشرية ، انها حرب لا رحمة فيها واقوى من الزلزال والبركان ، في اكبر حملة انتقام ردا على معركة الطوفان ..
أقلام وأراء
الخميس 11 يوليو 2024 10:41 صباحًا - بتوقيت القدس
الملاذ الأخير ..السماء !!

دلالات
المزيد في أقلام وأراء
هل ساميتهم خير من ساميتنا ؟
أمين الحاج
غزة والإبادة جوعاً
د. جبريل العبيدي
سِــفر الآلام
نبهان خريشة
القدس تحت المجهر.. معركة وعي بلا مرجعية "بين أوسلو وعدوان أكتوبر 2023".. السياسات تصوغ مواجهة...
مالك زبلح
هذا هو الفرق بيننا وبينهم
من الدولة المدللة.. إلى المنبوذة
سلاح التظاهرات دعماً لفلسطين
مواقف دولية وتصريحات واعدة
قطع الرواتب.. دعوة لإعادة النظر !
الفرصة الأوروبية.. كيف نبني على التحولات الشعبية والسياسية في الغرب؟
الرأي القانوني في قرار الكابينيت الأخير منع عملية تسوية الأراضي في مناطق C وإلغاء إجراءات...
على هذه الأرض ما يستحق البقاء
مصطفى إبراهيم
المساعدات والمفاوضات والتهديدات
بهاء رحال
صحوةٌ بعد طول غفوة !
إبراهيم ملحم
فلسطين فرصة اقتصادية تنتظر التفعيل العربي
إن لم تكن شريكاً في الطبخة فأنت الوجبة!
إبراهيم ملحم
تطورات سياسية غير مسبوقة
حمادة فراعنة
حين تتحول الساحات إلى منصات للنضال الثقافي// من أوسلو إلى "فدائي" النشيد الوطني الفلسطيني...
توفيق العيسى
زيارة ترامب ومستقبل القضية الفلسطينية
جمال زقوت
من عامود السحاب الى عربات جدعون... الطريق غير سالك
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
واشنطن تعيد النظر في تصنيف «طالبان» إرهابية

حماس: إسرائيل تضلل العالم بادعاء إدخال مساعدات لغزة

محدث:: دخول أول شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة منذ شهرين

الحد من مخاطر التدخين في النرويج بين واقع المجتمع وطموح السياسات العامة

زامير يتوعد: سنوسّع الاجتياح ونحتل مزيدًا من مناطق قطاع غزة

الضفة تحت النار.. تفجير منازل وحرق مركبات واعتقالات

الكشف عن تفاصيل خطة إسرائيلية لإفراغ شمال قطاع غزة
الأكثر قراءة
أهم تدخلات وزارة المواصلات خلال العام الأول من تولي حكومة مصطفى مهامها

الرئيس عباس يجتمع مع رئيس الوزراء اللبناني

79 شهيدا بغزة وأنباء عن انهيار مبنى على قوة إسرائيلية

شهيدان ومصابون في قصف للاحتلال غرب دير البلح

رئيس وزراء إسبانيا يدعو لاستبعاد إسرائيل من "يوروفيجن"

قصف إسرائيلي يستهدف مركبة في عين بعال جنوبي لبنان

هجوم روسي يقتل 6 جنود أوكرانيين وسط حراك دولي لإنهاء الحرب

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%56
%44
(مجموع المصوتين 1260)
شارك برأيك
الملاذ الأخير ..السماء !!