أقلام وأراء

الجمعة 10 نوفمبر 2023 10:01 صباحًا - بتوقيت القدس

ما خفي من خطة تغيير خريطة المنطقة

لم تكن تخيلات نتنياهو، حين قال إن إسرائيل ستغير خريطة الشرق الأوسط، مجرد تصرف انفعالي وليد لحظته، وهو ما دعا المختصين بالشؤون العالمية، للبحث عن جذور تلك الكلمات، فتوقفوا أمام اليوم الذي ألقى فيه نتنياهو خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1996، وهو يعرض خريطة للشرق الأوسط، تتمدد فيها حدود إسرائيل، حسب تعبيره، من النهر إلى البحر، مبتلعة غزة والضفة الغربية، وبلا أي وجود للفلسطينيين. وحين تفجرت الأزمة الأخيرة، والاجتياح الدموي التدميري لغزة، بدأت تظهر ملامح خطته.

فقد تحدث نتنياهو بعد يوم 7 أكتوبر مرتين، إحداهما أمام عُمَد المستوطنات الحدودية، بقوله إن رد إسرائيل على هجوم حماس سوف يغير خريطة الشرق الأوسط، ثم عاد ليكرر نفس العبارات في خطاب موجه إلى الشعب الإسرائيلي قائلاً: إن ما سنفعله مع أعدائنا في الأيام القادمة سوف ينعكس على أجيال قادمة.

لعل أكثر الخبراء تعمقاً في الأبعاد الخفية لتفكير نتنياهو هو المفكر الأمريكي ديفيد هيرست الذي تعددت بحوثه، ومنها دراسة بعنوان «إسرائيل وخرافة الدفاع عن النفس»، وأخرى عنوانها «انتفاضة جديدة لجيل جديد»، تحدث فيها عن ظهور لا بدّ منه لجيل جديد من شباب الفلسطينيين، يصنع قراراته بنفسه بعيداً عن حماس بل وحتى فتح، وهم الذين تفتحت عيونهم وهم في عمر الثماني سنوات منذ وفاة ياسر عرفات.

الدراسة الأخيرة لهيرست تُلقي نظرة متعمقة تجاه ما يقصده نتنياهو الآن من تغيير خريطة الشرق الأوسط، وإن كان قد سبقه بها في مرات سابقة مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون، وظل الكثيرون ينظرون إلى أقوالهم باعتبارها كلاماً أجوف.

وكان شيمون بيريز رئيس الوزراء الاسبق قد سبقه في طرح الفكرة في كتابه «الشرق الأوسط الجديد»، لكن بصورة مختلفة. وهو ما دعا نتنياهو في الاجتماع السنوي لل«إيباك» في واشنطن قبل 20 عاماً، لأن يعلن رفضه لفكرة بيريز.. وقال: لا يوجد شرق أوسط جديد، الشرق الأوسط هو نفس الشرق الأوسط الذي نعرفه، وكان يقصد بذلك تنفيذ فكرته الرامية إلى تفريغ غزة والضفة الغربية من سكانهما، ودفعهم قسرياً للهجرة نحو سيناء والأردن.

هنا يتساءل هيرست: ما هو المخطط الأكبر الذي يدور الإسرائيليون الآن حوله؟ وما هي النتائج التي سيجرها من ورائه؟ وما هي المخاطر التي سيلحقها بالمنطقة بأكملها؟

ثم يشير إلى خروج الكولونيل الإسرائيلي ريتشارد هيشت ليعلن للصحفيين أنه سينصح الفلسطينيين في غزة بعبور منفذ رفح إلى سيناء. ومعنى ذلك دفع الفلسطينيين رغماً عنهم نحو مصر، ولو كان ذلك قد حدث، كما يتوهمون، لكانت الحلقة التالية هي دفع الفلسطينيين في الضفة الغربية للهجرة إلى الأردن.

هيرست يضيف إلى ذلك أن الرئيس الأمريكي بايدن أعطى ضوءاً أخضر لإسرائيل، لكن هيرست لا يعتقد أن أمريكا يمكن أن تدفع الأوضاع إلى لعبة خطرة ستكون لها نتائج مدمرة.

وفي تحليله لموقف الفلسطينيين من تلك الخطط يرى أن الفلسطينيين يقولون إن المسجد الأقصى في القدس في حد ذاته رمز لهويتنا الوطنية، وإن على الإسرائيليين أن ينظروا لأنفسهم في المرآة، ويفكروا في قيمة التصالح وفق مبدأ المساواة مع شعب يعيش في أرضه. ويمكن للاثنين، الفلسطينيون والإسرائيليون، أن يعيشوا معاً. وهذا لن يحدث، إلا إذا غلب عليهم الوعي بأن الفلسطينيين موجودون هنا ليبقوا جيلاً بعد جيل. 


على ضوء ذلك كله، فإن مكونات خطة نتنياهو لن تحقق لإسرائيل ما تطمح فيه، فالفلسطينيون، مثلهم مثل أي شعب أرضه محتلة، لن يغادروا أرضهم ولو حتى تحت القصف اليومي والتدميري بالقنابل. كما أن سيناء مغلقة في وجه أي تجاوز للحدود الوطنية لمصر، وإن ما ينجم عما يدور في عقل حكومة إسرائيل لن يؤدي إلا إلى إشعال صدام قد يمتد إلى مساحة أبعد من دائرته، التي يتصورون أنهم فقط هم الذين يتحركون فيها. ولن تكون إسرائيل هي الرابحة بالاتفاق مع "الخليج".

دلالات

شارك برأيك

ما خفي من خطة تغيير خريطة المنطقة

المزيد في أقلام وأراء

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أميركا إذ تقف عارية أمام المرآة

أسامة أبو ارشيد

إنكار النكبة

جيمس زغبي

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

أسعار العملات

السّبت 04 مايو 2024 11:31 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 212)

القدس حالة الطقس