أقلام وأراء

الأربعاء 13 أبريل 2022 1:58 مساءً - بتوقيت القدس

منصور عباس… ما بين البراغماتية الاخوانية والثبات على الحقوق التاريخية

بقلم: الأسير إسماعيل عارف عودة

الأيديولوجيا هي “بناء فكري متكامل يحمل في طياته معتقدات تكون جزءا من الفكر، والأفكار عادة ما تبنى من خلال التنشئة الثقافية السياسية وفي كثير من المجتمعات تكون التنشئة السياسية مختلفة حتى في داخل المجتمع الواحد” وهذا ما سيتم تناوله في متن مقالتي هذه عن ما يحدث داخل الأقلية الفلسطينية في فلسطين المحتلة عام 1948، وبالتالي سيتمحور الحديث عن مواقف أعضاء الكنيست الفلسطينيين من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في بعض المحطات التاريخية المهمة والتي كان فيها أعضاء الكنيست الإسرائيلي من فلسطينيي الداخل يحددون مواقفهم حول المشاركة في الحكومات أو حتى إعطاء ما يسمى شبكة الأمان لهذه الحكومة أو تلك.
وتجدر الإشارة الى أن هناك عدة اراء ومواقف في الداخل الفلسطيني من المشاركة في الانتخابات للكنيست الإسرائيلي، عكس الانتخابات للمجالس المحلية والبلديات في الوسط الفلسطيني في الداخل حيث الإقبال والمشاركة كبيرة جداً، فمنهم من يرى بأن خوض الانتخابات هو جزء أساسي ومهم في العملية النضالية لتثبيت القومية الفلسطينية كأقلية أصلانية والمواساة المدنية في داخل دولة إسرائيل مثل التيارات القومية والوطنية وجزء من الإخوان المسلمين أي الحركة الإسلامية في الجنوب بقيادة منصور عباس، مع العلم أن الحركة الاسلامية الشمالية بقيادة رائد صلاح ترفض وبشدة أي مشاركة في الكنيست، لأن طبيعة العلاقة ما بين فلسطينيي48 والاحتلال الإسرائيلي على مدار أكثر من 73 عاماً هي صراع ما بين أصحاب الأرض الأصلانيين وما بين الاستيطان االصهيوني فالتناقض سيد الموقف، إلا أن في بعض المحطات ومن باب المصلحة الوطنية للكل الفلسطيني في فلسطين التاريخية ما بين البحر والنهر تقتضي بعض المواقف التي تتطلب كموقف أعضاء الكنيست الفلسطينيين من حكومة اسحق رابين في 1992 ففي تلك الانتخابات لم يستطيع اليمين الإسرائيلي بقيادة اسحق شامير المتطرف من تشكيل حكومة الاحتلال، وكلف اسحق رابينالذي كان يمثل حزب العمل واليّسار الإسرائيلي وتاريخه لا يقل تطرفاً عن اسحق شامير إلا أن المفاوضات السرية في النرويج في تلك الفترة بين م.ت.ف (وإسرائيل) دفعت بقيادة م.ت.ف بالطلب من أعضاء الكنيست الفلسطينيين في 48 أن يشكل شبكة أمان (لحكومة رابين) لكي تحصل على الأغلبية في الكنيست والمتمثل ت61 مقعداً وقد تم ذلك، واستطاع(رابين) أن يشكل الحكومة وبعد أقل من عامين تم توقيع (اتفاق أوسلو). والذي رأت فيه القيادة الفلسطينية مدخلاً لإنجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية وتحديداً في موضوعة الدولة المستقلة.
إذ ورغم ما تضَمنه اتفاق اوسلو من تحقيق بعض الانجازات وتحديداً فيما يتعلق ببناء أول سلطة وطنية على الأرض الفلسطينية وعودة مئات الألاف من القيادات والكوادر والمقاتلين الفلسطينيين الى أرض الوطن.
أما اليوم وفي حكومة اليميني المتطرف(نفتالي) وحزيران 2021 والتي لم بكن فب الإمكان أن تتشكل هذه الحكومة إلا بدعم من قبل الحركة الإسلامية الجنوبية بقيادة عباس منصور حيث تم توقيع الاتفاق بينهم وبذلك يكون منصور عباس قد أعلى من شأن المصالح المباشرة والمتمثلة بالموازنات ومكافحة العنف على أهميتها، على حساب المصالح الغير مباشرة المتمثلة بالحقوق القومية العادلة، كما أن السياسة يجب أن لا ينتهك الأيديولوجيا فمن الضروري أن لا تنتهك التكتيك الاستراتيجية، وسمة فرق بين الواقعية والاستسلام والمهادنة مع الضد والمتمثل باليمين الإسرائيلي المتطرف.
فالموقف الأول النابع من الفكر الوطني والذي أنتج كما ذكرنا سابقاً دخول مئات الالاف من الفلسطينيين وعلى رأسهم الشهيد الرئيس ياسر عرفات وبناء أول سلطة وطنية، ولكن الأحداث في تلك الفترة وقتل(إسحاق رابين) رئيس حكومة الاحتلال عام 1995 على يد صهيوني متطرف(ايغال عامير)، وصعود اليمين الإسرائيلي بقيادة بن يمين (نتنياهو)عام 1996 وحالة الاندفاع في الشارع الإسرائيلي باتجاه اليمين ، ومن ثم فشل مفاوضات كامب ديفيد 2000 بين م.ت.ف وحكومة الاحتلال في تلك الفترة يرأسها (يهود باراك ) وبدء انتفاضة الأقصى عام 2000 وما تلاها من أحداث أوقفت التفاوض لسنوات طويلة .
أما مشاركة منصور عباس وقائمته في التصويت هي الأخطر في التاريخ الفلسطيني منذ عام 1948 بأن يقوم حزب عربي بدخول بشكل مباشر في تركيبة الائتلاف لحكومة الاحتلال ويكون الجزء الأساسي الداعم التي تبنى الحكومة عليه يجعلنا نتساءل، مع كل هذه الفوارق والمواقف ما بين اليمين المتطرف بقيادة(نفتالي بنت) رئيس حكومة الاحتلال، الحالي والحركة الاسلامية بقيادة منصور عباس فهل ما تم تحقيقه جراء المشاركة كافي لتبرير التصويت لصالح حكومة بنت-لبيت، وهل فعلاً الهم الفلسطيني في الداخل فقط اقتصادي، أم أنها مشكلة قومية ! ؟!؟،إن سلوك منصور عباس أشبه ما يكون الى صاحب الناقة الذي يحتاج يحتال على ناقته بإيهامها بالبو(ابن الناقة الميت المحشي بالقش) ليمارس بشكل طبيعي حلبها دون أي معوقات، ذلك أن الناقة اصلاً من الصعوبة بمكان حلبها دون أن يكون ابنها تحتها، وعليها فقد استبدل منصور عباس الحقوق القومية للأقلية الأصلانية لفلسطينيي 48 بقضايا اشبه ما تكون بالبو للاحتيال على الحالة والوجود الأصلاني في الداخل.
في الوقت الذي نشهد فيه فعلاً شعبياً عالمياً قد يستولد شروط تحقيق إختلاقات في الراي العام العالمي المناصر للقضية الوطنية الفلسطينية والمناهض للعنصرية الصهيونية الاحتلالية.
وهذا ما ساهم في توفير وتراكم شروط هبة فلسطينية جديدة في مواجهة الإجراءات الاحتلالية والعنصرية والتهويدية في القدس(الأقصى والشيخ جراح والعيساوية…الخ)وعموم الأراضي الفلسطينية.
وعلى الرغم من التوجهات والتقارير الدولية والمحلية التي تؤشر على عنصرية الإجراءات الاحتلالية مثل تقرير بتسيلم وتقرير مجلس حقوق الإنسان ومؤسسة هيومن راتش.
فإن خطوة منصور عباس وقائمته جاءت بمثابة تلميع لوجه حكومة بنيتت العنصرية وإعطائها مظهرا ديمقراطيا رغم عن برنامجها وخطابها الذي قدمته في الكنيست، وما يمثله بنيتت من يمين متطرف قد يكون أشد تطرفاً من نتنياهو وحكومته السابقة، إذ أكد في خطاب منح الثقة لحكومته في 14 حزيران 2021 على استمرار الاستيطان في المناطق المصنفة(ج) هذا يعني تدمير إمكانية إقامة دولة فلسطينية على حدود 4 حزيران 1967،ومواقفه الداعمة لرفض المساواة المدنية الكاملة لفلسطينيي 48، ولقانون القومية اليهودي الذي يؤكد التعالي والعنصرية اليهودية تجاه الأخر، وكأن إسرائيل تقول للعالم الغربي بأنها الدولة الديمقراطية الغربية الأولى التي يدخل في إتلافها الحكومي حركة إسلامية تمثل الإخوان المسلمين.
فما هي الأسباب والدوافع والأهداف التي يريد تحقيقها منصور عباس ! ؟ ! ؟.
مع العلم أن أحد أعضاء قائمته ويدعى(سعيد الحرومي) الذي امتنع عن التصويت لصالح حكومة(بنت) لأنه لم يستطيع أن يحمي بيت والدته المهدد للهدم في القرى الغير معترف بها بالنقب، فما هي الإنجازات اذاً! ؟!؟.
فهنا التاريخ يعيد نفسه مرتين مرة على شكل مأساة(وعد بلفور) وتجاهله وتنكره للحقوق الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني الأصلاني، ومرة على شكل مهزلة بتصويت منصور عباس لحكومة اليميني المتطرف نفتالي بنت وتجاهله للحقوق السياسية والوطنية والقومية للأقلية الفلسطينية الأصلانية وللشعب الفلسطيني المشتت ما بين الوطن والشتات.

شارك برأيك

منصور عباس… ما بين البراغماتية الاخوانية والثبات على الحقوق التاريخية

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل ترد على صفقة التبادل بعدوان متواصل

حديث القدس

احتلال معبر رفح

بهاء رحال

(كل جمعة)-- كونت لا دي نتنياهو

جواد العناني

احتجاجات الجامعات الأميركية: ماذا يفعل الفلسطينيون

مراد بطل الشيشاني

الحركة الطلابية ودورها في تعزيز الحوار والتكافل/ التضامن الاجتماعي

غسان عبد الله

فلسطين حرّة "من النهر إلى البحر"

أنيس فوزي قاسم

«رفح»... لا مفرّ؟

سوسن الأبطح

قمة البحرين.. مغادرة مربع الضعف ضرورة للأمن العربي ؟

فوزي علي السمهوري

عمليّة رفح محاولة يائسة لاقتناص إنجاز في اللحظة الأخيرة

سليمان أبو ارشيد

ما أفهمه

غيرشون باسكن

صفقة التبادل إلى اين ؟

حديث القدس

دور الداخل الفلسطيني

حمادة فراعنة

معركة رفح هل تنقذ نتنياهو ومصيره السياسي ..؟

راسم عبيدات

"الطلبة يساهمون في صنع طريق التغيير وفلسطين هي معيار اختبار العدالة للجميع"

مروان أميل طوباسي

رفح تحت النار.. التصعيد الإسرائيلي يعمق أزمة غزة ويهدد استقرار المنطقة

فادي أبو بكر

قطر ورقة ضغط إسرائيل الخاسرة

سماح خليفة

ألتفاوض على الطريقة الفيتنامية والجزائرية..التفاوض تحت النار وبإسناد محور المقاومة

وسام رفيدي

قناة الجزيرة وانهيار سُمعة إسرائيل الهشّة

أحمد الحيلة

نتانياهو اصطاد العصافير دون النزول عن الشجرة

حديث القدس

القبول الفلسطيني والرفض الإسرائيلي

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الخميس 09 مايو 2024 9:40 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.31

شراء 5.28

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.98

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 242)

القدس حالة الطقس