أقلام وأراء

الأحد 08 أكتوبر 2023 9:27 صباحًا - بتوقيت القدس

غزة ودبلوماسية القسر !

صحيح أن إسرائيل انسحبت من قطاع غزة عام 2005 وأعادت نشر 9000 مستوطن حول القطاع, لكن في صلب الحقيقة، غزة لم تتحرر، قطاع غزة بقي تحت السيطرة الكاملة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي برا وجوا وبحرا. وكما أوضح مساعد أرييل شارون، دوف فايسجلاس "فك الارتباط هو في الواقع الفورمالديهايد" فهو يوفر كمية الامداد اللازمة للحاجات الأساسية حتى يتجنبوا أي عملية سياسية مع الفلسطينيين"!


لقد تم الانسحاب الإسرائيلي من غزة من جانب واحد ولم يتم التنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية او "م.ت.ف"، مما أدى إلى الانقسام المؤسسي والسياسي منذ عقدين من الزمن. إسرائيل وظفت المقاومة المشروعة كذريعة لوسم غزة بـ"الإرهاب"، وروجت أمام المجتمع الدولي انها منحت قطاع غزة حكما ذاتيا بمحاولة منها لتقول أن الفلسطينيين منقسمين وفشلوا في إدارة القطاع، مما دفعها لفرض الحصار! 


الدبلوماسية متعددة الأطراف خذلت 2.2 مليون فلسطيني عاشوا في أكبر سجن في العالم يسمى غزة تحت إغلاق شامل وسيطرة اسرائيلية جوية وبحرية وبرية، محرومين من أبسط حقوق الانسان. التعامل مع القطاع من منظور انساني جعل غزة تحدياً للمجتمع الدولي، حيث باتت منفصلة سياسياً ومؤسساتياً عن الضفة الغربية، بينما تحافظ إسرائيل على احتلال شامل بدون تكلفة. تحقيق الأمن المستدام يتطلب رفع الحصار وانهاء الاحتلال العسكري طويل الأمد، فهذا الحصار يمثل شكلا من أشكال العنف البنيوي والعقاب الجماعي الذي يرتقي لمستوى جريمة حرب لا يمكن تجاهله.
لقد تحمل العالم رؤية أكثر من 35000 شاب فلسطيني يلتمسون اللجوء عبر المياه الإقليمية، ويعرضون حياتهم للخطر، ويختارون الانجرار إلى البحر على حياتهم البائسة في سجن كبير يسمى غزة بعد حصار إسرائيلي دام 17 عامًا، ناهيك عن 75 عاما من الابارتهايد والاضطهاد ومنظومة الاستعمار الكولونيالي.


شهد العالم ما واجهته غزة من غارات وتوغلات عسكرية مميتة لإضعاف روح المقاومة. اعتمدت المقاومة على إطلاق الصواريخ كتكتيك تفاوضي للضغط على إسرائيل وتحصيل بعض التسهيلات تحت الحصار. طالما رفضت الحركة أدوات الدبلوماسية والمفاوضات باعتبارها تتعارض مع أيديولوجيتها. بدلاً من ذلك تم تعريف "الجهاد" ليس كتكتيك بل كاستراتيجية شاملة وفعالة, الدبلوماسية كانت مخالفة لأيديولوجية الحركة، اليوم الوضع مختلف! حركات المقاومة تقدم نموذجا للدبلوماسية القسرية وخاصة مفاوضات تبادل الأسرى, عنصر المباغتة الذي وظفته المقاومة الفلسطينية كان مفاجئا لآلة الجيش الإسرائيلي, عززت المقاومة الموقف الفلسطيني في حال تم البناء على أي اتفاقيات تطبيعية قادمة او أي مفاوضات ثنائية قد يقدم عليها الإسرائيليون على غرار مفاوضات تبادل الاسرى التي حصلت عام 2011 ، حيث اطلقت سلطات الاحتلال صراح 1027 أسيرا فلسطينيا مقابل رهينة واحدة، ما بالنا اليوم مع أكثر من 50 رهينة، وما زال 5200 أسير يقبعون خلف قضبان الاحتلال، إضافة لأكثر من  140 شهيدا أسيرا.


المقاومة فضحت دولة الاحتلال. ما نشهده من مقاومة هو مجرد كفاح إنساني طبيعي لنيل الحرية وأبسط حقوق الانسان, الشعب الفلسطيني كما باقي الشعوب له الحق بالعيش بكرامة بحريّة وباستقلال، وله الحق في الدفاع عن نفسه حسب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. 


بيانات الإدانة الدولية والدعم غير المشروط لحكومة نتنياهو الإسرائيلية اليمينية المتطرفة لا يمكن إلا أن تؤجج المزيد من إرهاب الدولة المنظم والمزيد من الإفلات من العقاب على جرائم إسرائيل المستمرة والعقاب الجماعي ضد المدنيين الفلسطينيين، منذ بداية 2023، الحكومة اليمينية المتطرفة أعدمت أكثر من 572 فلسطينيًا!


الفرصة مواتية لتمارس غزة دبلوماسية القسر, هذا التطور المفاجئ سيزيد من جهود التهدئة وفرص الانفراج, حالة الطوارئ التي أطلقها نتنياهو ستزيد من احتمالية التطبيع مع السعودية والتدخل الأمريكي الفعلي في المنطقة, نجحت المقاومة في ان تحمل العصا, وعززت الموقف الفلسطيني في أي مفاوضات تطبيعية او ثنائية في الأفق القريب. ضروري البناء من خلال تبادل أسرى تاريخي والتذكير ان غزة جزء من فلسطين. لا بد من المساءلة في الجرائم الاسرائيلية وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، ولكن قبل كل شيء، يجب المطالبة برفع الحصار وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

- دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.

دلالات

شارك برأيك

غزة ودبلوماسية القسر !

المزيد في أقلام وأراء

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

في ذكرى النكبة 76.. غزة تعيد الصراع للمربع الأول

وسام رفيدي

حِراك طلبة الجامعات.. وشبابنا العاطل!

المتوكل طه

أصغيتُ، شاهدتُ، فتعلمت فأيقنت

غسان عبد الله

النكبة الفلسطينية نزيف مستمر وشاهد على عجز الأمم المتحدة

عبد الله توفيق كنعان

ماذا يحدث في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وفي الجبهة الشمالية؟

أنطوان شلحت

لماذا تستميت أميركا لتطبيع سعودي مع إسرائيل؟

لميس أندوني

الكتابة بين الجثث.. قُبلة على جبين غزة في الذكرى الـ 76 للنكبة

عيسى قراقـع

مقارنة بين نكبتين.. من الطنطورة إلى الشابورة

إبراهيم ملحم

لاجئ وحتما عائد

حديث القدس

ذكرى النكبة محطة العودة

حمادة فراعنة

حق العودة بعد السابع من أكتوبر

عصري فياض

في يوم أوروبا.. بين مواقفها والوقائع بعد ٧٦ عاماً من جريمة النكبة

مروان إميل طوباسي

استقلالهم ونكبتنا

بهاء رحال

فلسطين و "إسرائيل".. من الهولوكوست اليهودي إلى الهولوكوست الفلسطيني

إبراهيم أبراش

عن القدس في ظل حرب الإبادة

يونس العموري

جبل غزة الذي لا ينحني….

محمد دراغمة

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

أسعار العملات

الأربعاء 15 مايو 2024 9:44 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.67

شراء 3.65

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.97

يورو / شيكل

بيع 5.18

شراء 5.15

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%3

%97

(مجموع المصوتين 64)

القدس حالة الطقس