أقلام وأراء

الخميس 05 أكتوبر 2023 11:23 صباحًا - بتوقيت القدس

خطاب (الأجندات الخارجية) في ميزان العلاقات الوطنية

لا تنقص الدلائل لاعتبار مصطلح (الأجندات الخارجية) مكونا رئيسا من خطاب سلطة أوسلو، حتى بات علامة مسجلة يحتكرها مسؤولو السلطة. هل هناك مَنْ يأخذ هذا الخطاب بمصطلحه هذا على محمل الجد مثلاً؟ اعتقد لا دون أن أجزم، ولكن ما اعتقده جازماً أن مَنْ يستخدم هذا المصطلح يعرف أنه إنما يسوق ويسوّق خطاباً مستهلكاً، فارغاً، لا يحوي على ذرة من حقيقة، لا يثير سوى الاستهزاء، والسؤال الذي ينطرح إذاً: لماذا يستخدمه أصلاً إن كان لا يثق بتسويقه؟ لأنه ببساطة لا يملك غيره، لذلك قلت خطابا فارغاً.


كيف سترد على إضراب المعلمين الحكوميين والأطباء والمهندسين مثلاً؟ انهم يخدمون (أجندات خارجية).


 كيف سترفض وتشهّر بالمقاومين وتبرر اعتقالهم؟ إنهم يخدمون أجندات خارجية، وبعضهم طوّر المصطلح ليقول: أجندة فارسية شيعية!!!!. كيف ستهاجم المقاومة وسلاحها وفصائلها؟ إنهم يخدمون (أجندات خارجية). كيف سترد على حراك (إرفعوا العقوبات) عن غزة في العام 2018 وتبرر القمع ضد النشطاء؟ بالقول (اجندات خارجية). كيف ستبرر قمع المحتجين الشباب في شوارع رام الله على الإعدام العلني، الواضح والمكشوف، للشهيد نزار بنات؟ إنهم يخدمون (أجندات خارجية).


قلنا لا تنقص الدلائل، لأن المتتبع لخطاب سلطة اوسلو تجاه كل مَنْ يرفع صوته تجاه نهجها سواء الوطني أو الاجتماعي النقابي، يواجه بخطاب (الأجندات الخارجية)، فيما يحق للمتندرين ان يعلقوا بسخرية على أصحاب هذا الخطاب بتقديم كشف حساب للجهات التي تموّلهم.


وعندما تسمع ( الأجندات الخارجية) فاعلم ان المقصود (بالخارجية) إيران. إيران تموّل الإضرابات النقابية للمعلمين، إيران تموّل الحركات الاحتجاجية الشبابية في الشارع، إيران تموّل المقاومة المسلحة. وهنا لا بد من وقفة.


سوريا وحزب الله وإيران أعلنوا مراراً دعمهم للمقاومة في فلسطين، وهذا ليس سراً بل مدعاة لمفخرة هذا الثلاثي، ومَنْ يتلقى دعمهم، والسيد كشف مرة بوضوح أن صواريخ الكورنيت التي استخدمها مقاومو القطاع ضد الآليات العسكرية الصهيونية، جاءت من سوريا، فيما ظهر جلياً بعد استشهاد القائد الكبير قاسم سليماني قائد فيلق القدس دوره في دعم المقاومة في القطاع. هذا ما يعيبه خطاب (الأجندات الخارجية) على المقاومين: إنكم تتلقون دعماً من إيران. اتذكر الآن المثل المصري الجميل: ما لقوش في الورد عيبة قالولو يا أحمر الخدين.


مرة أخرى، ليس لدى هذا الخطاب ما يقوله سوى مصطلحات وجمل باتت تثير السخرية فوق الحنق، فكيف يكون التنسيق الأمني خدمة للمشروع الوطني؟ تماماً مثلما كيف يكون افتتاح سلسلة مطاعم أمريكية مدماكاً في بناء الدولة المستقلة؟ وتماماً كيف تكون مقاومة المحتل خدمة (لأجندات خارجية)؟ مقاومون يستشهدون ويصابون ويضحون ويحاكمون بعشرات السنين ويخرج من يقول (يخدمون أجندات خارجية).


ولكن الأثر الأكثر سوءا لهذا الخطاب أنه يوتّر العلاقات الوطنية، وهي المتوترة أصلاً، بفعل مسار أوسلو أولاً، وبفعل الانقسام ثانياً، والاعتقالات السياسية للمقاومين والنشطاء ثالثاً، اي بصراحة لا ينقصها توتير. وإن كنت من الذين لا يتفقون مع الأماني الواهمة بممكنات إستعادة وحدة منظمة التحرير في الزمن المنظور، مع بقاء نهج أوسلو مهيمناً كقيادة وتوجهات وسلطة بديلة للمنظمة اصلاً، إلا أنني بذات الوقت أتطلع لسيادة نهج يدير الأزمة الفلسطينية المتمثلة بالانقسام، بعقلانية وروح مسؤولة، تمنع تفجر الأوضاع الداخلية في ظل هجمة اليمين الصهيوني الفاشي، الاستيطانية والقمعية، وفي ظل الحاجة الوطنية الملحة لدعم النضال الميداني بمختلف اشكاله وتمظهراته، ويقيني أن خطاب (الاجندات الخارجية) ليس فقط لا يتفق مع هذا التطلع، بل على العكس يخلق الظروف لتفجير الأوضاع الداخلية.

دلالات

شارك برأيك

خطاب (الأجندات الخارجية) في ميزان العلاقات الوطنية

المزيد في أقلام وأراء

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

في ذكرى النكبة 76.. غزة تعيد الصراع للمربع الأول

وسام رفيدي

حِراك طلبة الجامعات.. وشبابنا العاطل!

المتوكل طه

أصغيتُ، شاهدتُ، فتعلمت فأيقنت

غسان عبد الله

النكبة الفلسطينية نزيف مستمر وشاهد على عجز الأمم المتحدة

عبد الله توفيق كنعان

ماذا يحدث في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وفي الجبهة الشمالية؟

أنطوان شلحت

لماذا تستميت أميركا لتطبيع سعودي مع إسرائيل؟

لميس أندوني

الكتابة بين الجثث.. قُبلة على جبين غزة في الذكرى الـ 76 للنكبة

عيسى قراقـع

مقارنة بين نكبتين.. من الطنطورة إلى الشابورة

إبراهيم ملحم

لاجئ وحتما عائد

حديث القدس

ذكرى النكبة محطة العودة

حمادة فراعنة

حق العودة بعد السابع من أكتوبر

عصري فياض

في يوم أوروبا.. بين مواقفها والوقائع بعد ٧٦ عاماً من جريمة النكبة

مروان إميل طوباسي

استقلالهم ونكبتنا

بهاء رحال

فلسطين و "إسرائيل".. من الهولوكوست اليهودي إلى الهولوكوست الفلسطيني

إبراهيم أبراش

عن القدس في ظل حرب الإبادة

يونس العموري

جبل غزة الذي لا ينحني….

محمد دراغمة

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

أسعار العملات

الأربعاء 15 مايو 2024 9:44 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.67

شراء 3.65

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.97

يورو / شيكل

بيع 5.18

شراء 5.15

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%2

%98

(مجموع المصوتين 61)

القدس حالة الطقس