أقلام وأراء

الخميس 05 أكتوبر 2023 11:22 صباحًا - بتوقيت القدس

إتفاق أوسلو...ما قبل...وما بعد!

ثلاثون عاماً على ما أطلقت عليه المعارضة مسمّى الكارثة والمأساة وما أطلق عليه المؤيدون مسمّى الإتفاق ذلك هو الاجتماع الذي جرى في البيت الأبيض بين الرئيس الشهيد ياسر عرفات ممثلاً لمنظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وبين رئيس وزراء دولة الاحتلال في حينه إسحق رابين. 


هذه المصافحة و المصالحة جاءت على أساس نهاية الصراع بين الجانبين، والتي جاءت وكما نعلم ويعلم الجميع في ظل ظروف دولية معقدة للغاية تُوِجَت بتسيد أمريكا على الكرة الأرضية وصاحبة الكلمة والقرار على المسرح الدولي بدون أدنى منازعة، والذي جاء بعد حدثين عالمين تاريخيين أولهما: إنهيار الاتحاد السوفيتي أمام الجبروت الأمريكي، الذي تلاه إجبار أمريكا للعراق على الانسحاب من الكويت الذي كان بداية وعلامة على هزيمة العراق على طريق تحطيم وتشتيت الأمة العربية خاصة وحكم بقية دول العالم عامة، العراق الذي كان العقبة الوحيدة على مستوى العالم في طريق طموحات أمريكا في سعيها للسيطرة على المنطقة العربية، ونهب ثرواتها ومن ثم تأمين دولة الاحتلال من أي خطر قادم والمتمثل تحديداً في العراق، وقد سبق كل ذلك، وهو الذي اضطّر معه الشهيد ياسر عرفات إلى توقيع أوسلو، مطاردة بعض الدول العربية لمنظمة التحرير ورئيسها ياسر عرفات ولفصائل العمل الوطني كافة، التي كانت تخطط لشن هجمات ومقاومة الاحتلال من أراضي بعض هذه الدول.


هذه الأسباب مجتمعة أدت بأن يختار الشهيد ياسر عرفات العودة الى أرض الوطن ولو على متر واحد، على أساس أن يبدأ وينطلق من خلال ذلك للمقاومة بأشكالها كافة، للبدء بوضع لبنات الدولة الفلسطينية ذات السيادة الكاملة على الأرض الفلسطينية، هذا الطريق الذي اختاره الشهيد ياسر عرفات يسمى إتفاق أوسلو، واختار ذلك على أساس أنه أفضل من أن يبقى في (شنططة) كما يقول الأخوة المصريون، وبطبيعة الحال لستُ مع أو ضد أوسلو ليس لأنني عديم الشخصية، ولا إمعة ولا لأنني لا أملك رأيا، بل بالعكس أنا فلسطيني الهوية قومي الفكر والثقافة و لكنني لستُ متعصباً حزبياً أو فكرياً وأحترم كل الأفكار والثقافات والأحزاب والتيارات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، من حزب التحرير إلى الحزب الشيوعي، ولكني على قناعة تامة بأن كل شيء نسبي فليس هناك من يملك الحقيقة المطلقة، ولأن كل شخص يقيس الأمور من زاويته الخاصة وطبقاً لثقافته وفكره وميوله الحزبي، حتى أنه في بعض الأوقات المصلحة الشخصية هي التي تتحكم بتفكير وقرارات الشخص، سواء الموالاة أو المعارضة لكل مبرراته وأسبابه.


إستعرضتُ ما يمكن كتابته في عدة كتب عبر بعض الأسطر بشكل موجز ومختصر، الظروف التي أدت وآتت بأوسلو، أوسلو هذا الذي يعتبره البعض الكارثة الوطنية التي حلت بالشعب الفلسطيني، أو بالفخ الذي نصب للقيادة الفلسطينية وعلى رأسها ياسر عرفات، هذا الفخ وهذه الكارثة جاءتنا نتيجة ظروف أكبر وأقوى من إرادتنا وطاقتنا، أوسلو بدأ بغزة وأريحا أولاً وأخذ البعض يعزف على نغمة سياسية هي غزة وأريحا أولاً وأخيراً.

تمنيتُ أن نحافظ على ما جاءت به هذه الكارثة؛ لأن هذه الكارثة وهذا الفخ بمقياس اليوم حافظ على أقل تقدير على نواة الهوية الوطنية الفلسطينية، ولا أريد أن أقول بأنه حافظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، تمنيتُ ألا نحافظ على الهوية بل على نواة الهوية، وإذ بنواة الهوية تنهار، فأصبحنا نقول لا دولة في غزة ولا دولة بدون غزة كعلامة وإشارة على بعض الطروحات التي طُرِحَت هنا وهناك، بأن هناك مشروعاً لقيام دولة في غزة بعد الذي حصل بين الضفة وغزة.


ولكن على الرغم من أن أوسلو كارثة وفخ، الَيسَ الشعب الفلسطيني موجوداً؟ والأرض موجودةً؟ والقيادة والعلم اللذان يرمزان للسيادة موجودين، إذاً نواة الدولة والسيادة والاستقلال موجودة، وهناك مجلس تشريعي وسلطة تنفيذية وقضاء وإنْ كان ذلك كله تحت الاحتلال، أتكلم عن الحد الأدنى في ظل الظروف التي نعيشها سواء كانت الدولية أو المحلية، ولكنّ الطامة الكبرى هل استطعنا أن نحافظ حتى على الحد الأدنى؟


حتى أوسلو الذي نعتبره كارثة ومصيبة منحنا على أقل تقدير وفي أسوأ الأحوال أرضاً بغض النظر عن مساحتها، وشعباً موجوداً عليها، وقيادة تملك بعض من القرار، وبالتالي امتلكنا سيادة وإن كانت منقوصة، وتحت الاحتلال فلماذا إذاً لم نقوِ ونعمل على تطوير أنفسنا وقدراتنا وإطلاق طاقاتنا حتى في ظل الاحتلال، من أجل أن نقيم دولتنا المستقلة فوق كامل التراب الوطني.


أوسلو كان بمثابته البناء المهدم الذي حصلنا عليه من المجتمع الدولي، فهل استطعنا أن نحافظ أصلاً على أساس هذا البناء المهدم؟ لنعيد ببناء الجدران من جديد، ومن ثم السقف ومن ثم إكمال البناء كما نريد.


هذا السؤال موجه إلى فصائل العمل الوطني والإسلامي كافة، وفي المقدمة حركتا فتح وحماس، وإلى كل الشخصيات الوازنة المؤثرة سواء في التنظيمات أو في الساحة الفلسطينية.


أدعوكم جميعاً أن تتقوا الله في الشهداء والجرحى والأسرى أدعوكم أن تقفوا مع الذات ولو للحظة وأن تحاسبوا أنفسكم قبل أن يحاسبكم التاريخ وقبل أن تقفوا أمام محكمة التاريخ.

دلالات

شارك برأيك

إتفاق أوسلو...ما قبل...وما بعد!

المزيد في أقلام وأراء

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

في ذكرى النكبة 76.. غزة تعيد الصراع للمربع الأول

وسام رفيدي

حِراك طلبة الجامعات.. وشبابنا العاطل!

المتوكل طه

أصغيتُ، شاهدتُ، فتعلمت فأيقنت

غسان عبد الله

النكبة الفلسطينية نزيف مستمر وشاهد على عجز الأمم المتحدة

عبد الله توفيق كنعان

ماذا يحدث في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وفي الجبهة الشمالية؟

أنطوان شلحت

لماذا تستميت أميركا لتطبيع سعودي مع إسرائيل؟

لميس أندوني

الكتابة بين الجثث.. قُبلة على جبين غزة في الذكرى الـ 76 للنكبة

عيسى قراقـع

مقارنة بين نكبتين.. من الطنطورة إلى الشابورة

إبراهيم ملحم

لاجئ وحتما عائد

حديث القدس

ذكرى النكبة محطة العودة

حمادة فراعنة

حق العودة بعد السابع من أكتوبر

عصري فياض

في يوم أوروبا.. بين مواقفها والوقائع بعد ٧٦ عاماً من جريمة النكبة

مروان إميل طوباسي

استقلالهم ونكبتنا

بهاء رحال

فلسطين و "إسرائيل".. من الهولوكوست اليهودي إلى الهولوكوست الفلسطيني

إبراهيم أبراش

عن القدس في ظل حرب الإبادة

يونس العموري

جبل غزة الذي لا ينحني….

محمد دراغمة

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

أسعار العملات

الأربعاء 15 مايو 2024 9:44 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.67

شراء 3.65

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.97

يورو / شيكل

بيع 5.18

شراء 5.15

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%2

%98

(مجموع المصوتين 62)

القدس حالة الطقس