أقلام وأراء

الأربعاء 23 أغسطس 2023 9:59 صباحًا - بتوقيت القدس

تمييز عنصري أمريكي حيال الفلسطينيين

في برنامجه الإنتخابي ، طرح الرئيس بايدن كمرشح للحزب الديموقراطي للرئاسة الأمريكية قبل ثلاثة أعوام، أن يعيد الإعتبار لمكتب منظمة التحرير في واشنطن، ويعيد فتحه من جديد. وطرح أن يرفع اسم منظمة التحرير الفلسطينية من قائمة المنظمات المصنفة إرهابية. وطرح أن يزيد قيمة المساعدات للشعب الفلسطيني بشكل كبير. وللآن ما زالت تراوح هذه الوعود مكانها، وبقيت حبرا على ورق، وما زال مكتب المنظمة مغلقا ومنظمة التحرير على قائمة الإرهاب، حتى المنظمة الأمريكية للتنمية لم تعد للتواجد على أرض فلسطين ومعونتها المسماة تنموية جزافا لم تصل بعد. بل إن المبعوث الأمريكي لفلسطين مرتبته متدنية في سلك الخارجية الأمريكية في حين وزير الخارجية الأمريكية ومستشار الأمن الوطني الأمريكي ووزير الدفاع الأمريكي يروحون ويغدون إلى تل أبيب والقدس في مشاورات حامية.


هذا مثال صارخ على وعود الإدارة الأمريكية المخادعة الكاذبة حيال فلسطين و/ أو السلطة الفلسطينية و/ أو منظمة التحرير الفلسطينية و/ أو الشعب الفلسطيني، أيا كانت التسمية التي تختارون. وتفسير ذلك عصي على العقل الفلسطيني البسيط، بمعنى لماذا لا تنفذ الإدارة الأمريكية وعودها حيال الفلسطينيين بينما تنفذ وعودها لغيرهم من شعوب الأرض وسلطهم. فهل الفلسطينيون أناس سذج، أم بسطاء، أم لا يطالبون بحل قضيتهم على يد الأمريكيين لموقف عدائي منها، أم لسياسة قائمة على التمييز العنصري تجاه الفلسطينيين. علما أنه ليس واردا عند الإدارة الأمريكية ولا من سبقها حل القضية الفلسطينية حلا مبرما، فمن المعلوم والمؤكد أن الإدارات الأامريكية جميعا من عام 1948 تدير الصراع فقط ولا تحله، استرشادا بمبادىء السياسة البراغماتية التي تنتهجها السياسة الأمريكية على مر العقود.


من ضمن طروحات الرئيس بايدن في حملته الإنتخابية قبل ثلاث سنوات ، وذهبت أدراج الرياح، وتداولته الألسن الأمريكية وراوغت الإدارة الأمريكية فيه مرارا وتكرارا، إعادة القنصلية الأمريكية للقدس لخدمة الفلسطينيين المقدسيين وسكان الضفة الغربية بعد إقفالها أيام ترامب، حينما تم نقل السفارة الأمريكية لحي أرنونا في القدس الغربية. حتى هذا الإجراء البسيط الذي تمليه السيادة الأمريكية لم تستطع الإدارة الأمريكية تنفيذه رغم وعودها القاطعة في كثير من تصريحاتها. والحقيقة أن هناك قنصليتين واحدة في غربي القدس وأخرى في شرقيها قرب بوابة مندلبوم سابقا، وبقرب مدرسة المطران حاليا. فلا واحدة منهما أعيد فتح أبوابها تنفيذا لوعد قطعه الرئيس بايدن على نفسه. ولو اعيد فتح واحدة لكفى.


تزداد الخطوات العنصرية التمييزية الأمريكية وضوحا وجلاء ، حينما يزور الرئيس بايدن المنطقة لأيام طويلة، حيث يصول ويجول في الجانب الإسرائيلي ويصافح هذا ويضحك مع ذاك ويزور قواعد عسكرية إسرائيلية، ويمضي فيها وقتا كبيرا، بينما لا يقضي سوى أقل من ساعتين بلقاء الرئيس الفلسطيني في بيت لحم وليس في رام الله. ويكبر الألم في صدر الفلسطيني البسيط، حينما لا يلاحق الأمريكيون قتلة مواطنين أمريكيين من قوات الأمن الإسرائيلية كالشهيدة شيرين أبو عاقلة والشهيد عمر عبد المجيد أسعد، في خطوة تمييزية عنصرية واضحة. ولا تتخذ موقفا من المستوطنين الأمريكيين، منفذي الهجوم على قرية ترمسعيا وسكانها حملة الجنسية الأمريكية.


وقريبا، أي في الخامس عشر من تشرين الأول من هذا العام، ستمنح الولايات المتحدة الأمريكية إعفاء للإسرائيليين ومواطني أربعين دولة أخرى مثل البرازيل وقبرص ورومانيا وبلغاريا، من تأشيرة الدخول للولايات المتحدة بينما ستبقيها بالنسبة للفلسطينيين من القدس والضفة الغربية وقطاع غزة. وهي تأشيرة معقدة ومكلفة، حيث تبلغ رسومها حوالي مئتي دولار أمريكي، وتأخذ وقتا طويلا على قائمة الإنتظار لمدة قد تصل عاما كاملا. وهي خطوة تمييزية عبر مقياس تمييزي واضح حيال الفلسطينيين أيا كان مكان تواجدهم. فلا يشفع لهم أي عذر إلا من تجنس بالجنسية الإسرائيلية سواء أكان من عرب الداخل أو من شرقي القدس. وكأن الإدارة الأمريكية تتآمر على الهوية الفلسطينية وتسعى وتحض الفلسطينيين على اكتساب الجنسية الإسرائيلية ليعطيهم حرية الدخول للولايات المتحدة الأمريكية بدون تأشيرة دخول.


ولو طرقنا الباب الأوسع الذي تزعم الولايات المتحدة الإنطلاق منه وتشرط مساعداتها به ضيقا واتساعا وتقييدا، ألا وهو قيم حقوق الإنسان، لرأينا عجبا وتمييزا عنصريا فاضحا حيال الفلسطينيين وحقوقهم. بل نرى بعدا كبيرا عن مفاهيم حقوق الإنسان القانونية كما أقرتها وبينتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وتسييسا واضحا لجميع ما أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ووزارة الخارجية الأمريكية تكيل بمكيالين، واحد لإسرائيل وأوكرانيا، وآخر لمصر وفلسطين.


فلماذا تسمح الولايات المتحدة للإسرائيليين هدم منازل الفلسطينيين بجرافات أمريكية هي كاتر بيلر تصدرها لها وتسمح لإسرائيل باستيرادها، ، وهي تعلم علم اليقين أن هذا النوع من الجرافات مخصص لهدم المباني الكبيرة، وأن هذا الهدم خرق فاضح وجسيم لحقوق الإنسان وعبر تصديرها فهي تسهل خرق حقوق الإنسان الفلسطيني. لماذا لا تصر الولايات المتحدة على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة الغربية وقطاع غزة والإنتخاب وسيلة رئيسية لترجمة حقوق الإنسان السياسية إلى واقع ملموس. لماذا لا تمنع الولايات المتحدة من تصدير القنابل الغازية لإسرائيل وهي تعلم أنها تستعملها في الاماكن المأهولة حيث يسكن الرضع والشيوخ والنساء والأطفال حيث تعرض صحتهم وحياتهم للخطر. بل لماذا تدافع الإدارة الأمريكية عن جرائم الإحتلال الإسرائيلي وبخاصة جرائم التعذيب. ولماذا كثيرة مثل إبطال ضم القدس العربية، وملاحقة المستوطنين باعتبار أن الإستيطان جريمة حرب والسماح بالتمييز العنصري في القدس والأراضي المحتلة وقضايا لم شمل العائلات في القدس. ولماذا على الأقل، لا تطالب بتدويل القدس وقد كانت إحدى الدول المؤيدة لقرار 181 عام 1947.


من المعروف والمؤكد أن الولايات المتحدة تؤيد الموقف الإسرائيلي السياسي، وتدير الصراع بدون نية حله، وترضخ للوبي الصهيوني، وتتلاقى مصالحها مع المصالح ألإسرائيلية. ولكن كان الإعتقاد أن الأمر سيختلف حينما يصطدم ذلك مع حقوق الإنسان بشكل عام ومنها الفلسطيني بشكل خاص، كحق الإنسان الفلسطيني في الحياة والسلامة الجسدية والحق في الحرية الدينية والحق في التظاهر والعيش بكرامة وفي بيئة نظيفة والحق في التعلم. ولكن أثبتت الإدارة الأمريكية أنها تمارس تمييزا عنصريا بحق الفلسطينيين وحرياتهم وحقوقهم المدنية والإجتماعية والسياسية والإقتصادية والثقافية. وكان الإعتقاد أن الأمريكيين سيقدمون روح الدستور الأمريكي الرائدة على أي اعتبار آخر، لكن خابت ظنوننا. لا تقدموا صدقة ولا منة للشعب الفلسطيني، بل اصدقوا مع أنفسكم ومع دستوركم، هذا ما نطلبه منكم حتى لا تتهمون بالإزدواجية.


للأسف الشديد إن القانون الدولي وبخاصة فرعه الخاص بحقوق الإنسان، لا تحترم قواعده القانونية الجميلة والراقية من الإدارة الأمريكية بسبب ضعف جزائه، فهم يسيسونها ويجعلون منها شكلين، واحدة للأمريكيين والإسرائيليين وأخرى للفلسطينيين والعراقيين والسوريين والمصريين، وكأن الدستور الأمريكي الذي يحظر التمييز لأي سبب غدا في حكم الماضي وورقا أثقله مداده ، فالأمريكيون يمكنهم إغلاق أعينهم عن الأشياء التي ينظرون والجرائم التي يشاهدون، لكن قلوبهم الجميلة المؤمنة لا تستطيع ذلك ولن تستطيع!!!

دلالات

شارك برأيك

تمييز عنصري أمريكي حيال الفلسطينيين

المزيد في أقلام وأراء

في انتظار الموت المؤجل ...

يونس العموري

القرار في غزة والجواب في القاهرة

حديث القدس

قمع حراك الجامعات الأمريكية.. أهداف ومعان

فوزي علي السمهوري

تناقض أم تكامل الخطابين: العسكري والسياسي

سماح خليفة

الحكومة, الانتخابات والوحدة: ما هي استراتيجية الخروج؟

د. دلال صائب عريقات

تحديات أمام الأحزاب

حمادة فراعنة

الشارع الإسرائيلي يطالب بوقف الحرب ودفع الثمن

حديث القدس

الحجر بكى من وجع غزة

ريما محمد زنادة

الحرب على " ظهور الماعز"

عطية الجبارين

حصار إسرائيل وأميركا في الأمم المتّحدة

عائشة البصري

الهدنة وقرار اجتياح رفح

بهاء رحال

الاستحقاق الانتخابي في موعده

حمادة فراعنة

غزة ... والحرب العالمية الثالثة ... والعرب يتفرجون !!!

ابراهيم دعيبس

الهجوم الإسرائيلي على رفح محكومٌ بالفشل

محسن محمد صالح

نتانياهو وفيتو صفقة التبادل

حديث القدس

هل ما زالت ألمانيا تكره الحروب؟

وليد نصار

مكاسب استراتيجية للفلسطينيين

حمادة فراعنة

دورنا في مواجهة المعادلات الجديدة في ظل عجز أمريكا وأزمة إسرائيل

مروان أميل طوباسي

حماس وطوفان الأقصى.. والإكراهات الجيوسياسية

ماجد إبراهيم

رفح ثغر الشعب و حبل الصرة مع الأمة

حمدي فراج

أسعار العملات

الإثنين 29 أبريل 2024 9:46 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.8

شراء 3.79

دينار / شيكل

بيع 5.37

شراء 5.35

يورو / شيكل

بيع 4.1

شراء 4.04

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%73

%23

%4

(مجموع المصوتين 179)

القدس حالة الطقس