أقلام وأراء

الجمعة 02 يونيو 2023 10:07 صباحًا - بتوقيت القدس

صناعة الجوع في العالم المستهدف

صناعة الجوع هو عنوان لكتاب لمؤلفيه فرنسيس مورلافيه وجوزريف كولينز ما جاء به الكتاب في الوقت الذي تنتج فيه الأرض ما يكفي لإطعام ساكنيها وأكثر، التي يعيش عليها نصف مليار جائع، ثمة كلام في الصميم جاء في متن مقدمة المترجم فؤاد زكريا يقول: من يتحكم في خبزه قادر على التحكم بفكره، واردف في عالمنا هذا أصبحت أقوى مظاهر الاستقطاب بين من يملكون ومن لا يملكون، وبين الشعوب التي عاشت على حساب الغير وتلك التي راحت ضحية الغير، أما الكاتب يقول إن تشخيص الجوع بأنه نتيجة لندرة الغذاء والأرض وهو لوم للطبيعة على مشكلات من صنع البشر، فالنجاح الاقتصادي لأي أمة على وجه البسيطة لا يعتمد على الموارد الطبيعية الغنية بقدر ما يعتمد على الكفاءة في تشجيع وتعزيز الشعوب على العمل والإنتاج، والكف عن استغلالها والنأي عن التدخل في سياستها الداخلية.


السودان مثال


لو اخذنا المساحات غير المستغلة للزراعة في العالم العربي سوف نجد هنالك ما يزيد عن النصف منها غير مستغلة وهذا مسحوب على بعض دول العالم، وهذا يعود لتحكم المؤسسات الدولية وخصوصا المؤسسات التي تلجأ اليها دول العالم الثالث طلباً للمساعدة، فالسودان على سبيل المثال بلد سلة الغذاء العربي مزقته الحروب والنزاعات وقسم بحيث بات جائعاً وشعبه متهالك، لقد استحوذ قطاع الزراعة على الجزء الأكبر من نشاطات السكان، ويأتي بعده القطاع الصناعي، ويشغل القطاع الزراعي ما نسبته 80% من حيث القوى العاملة. تشير الدلائل الاقتصادية إلى أن الاقتصاد السوداني قد شهد حركة ملحوظة من النموّ والازدهار عام 2008،لكن هذا التقدم في الازدهار لم يدم على مدار الوقت، فهذا يشير إلى فرض سياسة التمزيق حتى لا يكون العالم العربي وحدة واحدة، وهذا ما يتمناه العربي أينما كان، وعبر الشاعر علي الجارم عن هذا الحلم، حيث قال: لقد كان حلما أن نرى الشرق وحدة ولكن من الاحلام ما يتوقع، بهذا يختصر الشاعر حالة المواطن العربي ويعبر عن ما يجول في داخله، والذي يريد أن ينفك عن الدولة المستعمرة التي ما زالت تهيمن على مؤسساتنا من خلال أصناف شتى من المؤسسات، وعلى رأسها البنك الدول وصندوق النقد الدولي ومؤسسة الفاو، وهي رغم ما تقدمه الأخيرة من دعم فهو لا يرقى للنهوض بتحسين الاقتصاد الزراعي للدول النامية. اذن هذه المؤسسة لا تخدم سوى الدول التي لها مصالح في العالم العربي وتحسين الإنتاج الزراعي مرهون بتحقيق مصالح الدول الكبرى، وهذا كله مرده لإبقاء حالة الفقر والعوز تحلق في سماء تلك الدول التي تصنف "دول العالم الثالث" فتحقيق التقدم والازدهار واقصد هنا ليس شكل المدن وجمالها وتخطيط الهيكلي لها، ولكن ازدهار الزراعة والصناعة لا يسمح به البتة فهنالك كثير من المعيقات التي تضعها الدول المتنفذة، سواء من خلال القوة الخشنة أو الناعمة، هذه السياسية المقصودة تعني تبعيتنا للغرب والدول الاستعمارية حتى قيام الساعة.


التنافس الأممي على العالم الثالث


تنظر إسرائيل إلى الخرطوم على أنها بوابتها إلى أفريقيا، عدا الأطماع باستغلال الموارد الزراعية والطبيعية لتوسيع نشاط الشركات الإسرائيلية في القارة، ولتضع موطئ قدم لها بأفريقيا وعلى البحر الأحمر، لمنافسة أي محاولات استثمارية للسعودية ومواجهة النفوذ والاستثمار التركي فهي تسابق الزمن للدخول لأفريقيا المهمشة عربياَ، وقد نجحت بذلك باختصار الصراع البارد على دول العالم الثالث بات مكشوفاً وهو علني، لهذا النهج الدبلوماسي الذي يستخدمه الغرب وإسرائيل على حد سواء له عدة فوائد تجنيها تلك الدول، وهو إبقاء العالم العربي ممزقاً ومتشرذماً حتى يسهل السيطرة عليه وتفتيت وحدته الجغرافية والسياسية والدينية والاقتصادية، فوثيقة كامبل الممنهجة هدفت لاحتلال العالم العربي واخطر ما جاء في الوثيقة إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متناحرة، من خلال حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية، وعدم دعمها في هذا المجال، ومحاربة أي اتجاه من هذه الدول لامتلاك العلوم التقنية.


لقد رسم راتزل فنيات السيطرة على العالم وهو كيفية التحكم في قلب العالم والذي تشكل افريقيا الجزء الأيمن منه بعدما تسيطر الدول الكبرى على قلب العالم حتى تتحكم في الجزيرة العالمية، وهذا الصراع الموجود اليوم هو كيف تستطيع تلك الدول من بسط سيطرتها على العالم من خلال إبقاء دول العالم الثالث تحت خط الفقر والتحكم في طريقة انفاق أموالها واغرائها بمشاريع لا تحقق التكامل الاقتصادي والزراعي على الاطلاق، من هنا فإن نظريات الجيوبولتيك نجحت نوعا ما في تحدد خط سير الدول الكبرى للسيطرة على العالم، ورغم أننا نسمع ونشاهد ونقرأ عن سياسات تلك الدول واطماعها في بلادنا ما زلنا نتشبث ونفرش في طريقها الورود، فهي حتماً لا تريد مصلحتنا، وهم يدسوا السم في العسل، بالمختصر استطاعت الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من تفتيت كينونة الدول العربية وتفتيت أركانها، لتضمها تحت اجنحتها، لتبقى تلك الدول تدور في الفلك الأمريكي، وللأسف فكتاب صناعة الجوع ورغم انه كتاب قديم ألا أنه يفضح سياسات الدول المسيطرة والمستعمرة وما علينا إلا أن نتحد ونضع خططنا لنفشل تلك المؤامرات.

دلالات

شارك برأيك

صناعة الجوع في العالم المستهدف

المزيد في أقلام وأراء

رفح بين الصفقة والحرب

حديث القدس

رحيل الطبيب والوجيه الفاضل د. جواد رشدي سنقرط

معتصم الاشهب

الاسرى الفلسطينيون في مواجهة “مخططات هندسة القهر” الإسرائيلية

اسعد عبد الرحمن

هل سيجتاح نتنياهو رفح؟

المحامي أحمد العبيدي

الدولة العميقة في أمريكا تقرر مواصلة الحروب

راسم عبيدات

رفح في مرمى العاصفة

حديث القدس

الدعم الأميركي والعقوبات على «نيتساح يهودا»

إميل أمين

مسارات الحرب في مرحلتها الثالثة

معين الطاهر

وحدة الضفتين أنموذج للفكر الوحدوي الهاشمي

كريستين حنا نصر

لماذا يقف الأردن مع فلسطين

حمادة فراعنة

"عقوبات" أمريكية مع 26 مليار دعم.. تبرئة للمجرمين وتمويه الشراكة بالإبادة

وسام رفيدي

"التخطيط للمستقبل مع قائد السعدي : استراتيجيات التغلب على الأزمات المالية للشركات الناشئة"

قائد السعدي

عالم صامت امام عدوان إسرائيل على كل معالم الحياة البشرية ..!!

حديث القدس

كأن هذه الامة استمرأت الهزائم و لم تعد تحب الانتصار

حمدي فراج

"نيتساح يهودا" ... رشوة سخيفة ونكتة سمجة في قصة هزلية

تيسير خالد

مئتا يوم على حرب إبادة غزة

بهاء رحال

يحق لحماس أن تتباهى

حمادة فراعنة

التقرير الأخير حول عمل الاونروا.. دسمه قليل وسُمه كثير

سامي مشعشع

نتنياهو ومحاولات قتل الأسرى الإسرائيليين في غزة

حمزة البشتاوي

٢٠٠ يوم على أطول عدوان ضد قطاع غزة

حديث القدس

أسعار العملات

الخميس 25 أبريل 2024 10:01 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.79

شراء 3.77

دينار / شيكل

بيع 5.37

شراء 5.34

يورو / شيكل

بيع 4.08

شراء 4.02

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%22

%4

(مجموع المصوتين 161)

القدس حالة الطقس