مع مرور ستة شهور على اعتقاله، وانقطاع أخباره، وحرمان أسرته من زيارته، تعيش الوالدة الأربعينية وفاء مراعبة، حياة صعبة ومريرة، لشدة قلقها وخوفها على مصير نجلها الثاني في عائلتها المكونة من 7 أفراد، جمال محمد مراعبة، فلا تجف دموعها، ولا تملك سوى الدعاء لرب العالمين ليطمئن قلبها عليه، ويفرحها بعودته لأحضانها.

في منزلها بقرية فحمة جنوب جنين، تقضي أم فراس أوقاتها في الحديث عن حبيب قلبها، تقول: "فجمال الغالي والمحبوب وصاحب القلب الكبير والذي لا يسد مكانه أحد، اشتقت له كثيراً، فإلى متى يستمر هذا الفراق القسري والظالم؟".

وأضافت: "كل يوم يمر وهو بعيد عني، قلبي يبكي دماً قبل عيوني، فقد اشتقت لطلعته البهية وحضوره الجميل، أقضي وقتي أحدث صوره في فراشه وغرفته، فكل شيء يشتاق لعيوني جمال".

وأضافت: "كنت أفرح باجتماع أبنائي وأسرتي حولي، لكن كلما شاهدتهم اليوم وما زال الاحتلال يعاقبنا بمنع زيارته أبكي، وأتذكر لحظاته ومواقفه وصوره، الطعام الذي يحبه، فكلنا نفتقده ونتمنى عودته والخلاص من دوامة السجون".

في قرية فحمة، أبصر جمال النور قبل 18 عاماً، ويقول والده: "تربى ونشأ وعاش وسط عائلتنا المحبة له كثيراً، تعلم بمدارس قريتنا، ولم يكمل بعدما أنهى المرحلة الإعدادية، تحمل المسؤولية، وخرج للعمل لمساعدتي في اعالة أسرتنا الكبيرة، عمل في مجال البناء في الضفة والداخل حتى أصبح سندي ومساعدي الأكبر".

ويضيف: "بعد عام من عمله، فوجئنا باقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنزلنا، فجر تاريخ 21-12-2022، عزلونا في غرفة واحدة وفصلوه عنا، حتى انتهت حملة التفتيش التي رافقها تدمير كامل أثاث المنزل وتكسير كافة الأبواب".

ويكمل: "شعرنا بصدمة عندما حاصره الجنود مدججين بسلاحهم، عصبوا عينيه وكلبشوه ومنعونا من وداعه، وما زلنا محرومين منه حتى اليوم".

احتجز الأسير جمال، لفترة طويلة رهن التحقيق في زنازين العزل في سجن الجلمة رغم صغر سنه، ويقول والده: "لم تعد والدته قادرة على النوم وهي تعيش مثلنا كوابيس رعب رهيبة، فقد منعوه من لقاء المحامين، وانقطعت أخباره ولغاية اللحظة لم تصلنا أي معلومة عنه، ولم تتحرك أي جهة لمتابعة قضيته رغم صغر سنه".

ويضيف: "المحكمة الظالمة مددت توقيفه بناء على طلب المخابرات، ومن المقرر عقد جلسة جديدة له في محكمة سالم بتاريخ 26/ 6/ 2023، ولن يسمح لنا بحضورها، بينما ما زال الاحتلال يرفض منحنا تصريح لزيارته".

ويكمل: "اعتقال جمال تعسفي وظالم، فهو لا ينتمي وليس له علاقة بأي حزب أو فصيل، وغير متهم سوى بعمله وأسرته، ابني شاب بار وطيب ومعطاء، محبوب للجميع، وأعتبره ذراعي اليمين الذي اعتمد عليه في أمور حياتنا ومساعدي الأول".

ويتابع: "لا يوجد قانون في العالم، يجيز هذا العقاب والظلم، خاصة حرماننا من زيارته، نتمنى حريته في الجلسة القادمة، ونناشد المؤسسات الإنسانية والقانونية الضغط للإفراج عنه".

وتقول والدته: "ما زال في ريعان الشباب، طفلي تحمل المسؤولية وكبر قبل أوانه من أجلنا، فكيف يسمح العالم المتباكي على حقوق الإنسان، بزجه خلف القضبان وتدمير حياته ونفسيته ومستقبله؟، في ظل الفراق المؤلم، تلازمني الأحزان، فمتى ينتهي هذا الظلم؟".