ماتوا جوعًا... هذا هو حال الناس في غزة. حالٌ صعب، وحياةٌ مستحيلة وسط انعدام كل شيء، وتحت القصف المتواصل على خيام النزوح ومراكز الإيواء.
الموت جوعًا سببه نقص الغذاء والدواء، واستمرار الحصار الوحشي، ومنع دخول المواد الغذائية والدوائية، وشحّ الطعام وحليب الأطفال، وتفشي الأمراض، وكل ذلك يحدث على مرأى العالم، الذي يكتفي بالمشاهدة بينما يموت الناس في غزة، دون أن يتحرك لإنقاذهم. وسط صمت دولي غير مسبوق، تغيب الإرادة الجادة لوقف الإبادة، ومعاقبة الجناة الذين يواصلون ارتكاب المجازر، ويفرضون الحصار بكل أدوات العنصرية والإرهاب، ولا يستجيبون للدعوات التي تطالبهم بضرورة إدخال المساعدات على وجه السرعة، والسبب في ذلك هو الإمعان في القتل وفي ارتفاع أعداد الشهداء، فمن لم يمت قصفًا يموت جوعًا وعطشًا.
سياسة عنصرية يتبعها الاحتلال، وإجراءات محرمة دوليًا، ففي كل الحروب هناك مساحة آمنة للناس المدنيين، يكون لزامًا على المؤسسات الدولية تأمينها، وفق القانون الدولي والمواثيق الدولية، إلا أن الاحتلال في هذه الإبادة تجاوز كل المحرمات الدولية والأممية، فقصف مؤسسات الصليب الأحمر ومكاتب الأونروا، وسيارات الإسعاف، كما قصف المستشفيات ومراكز الهلال الأحمر، وأمام ذلك أيضًا صمت العالم، ولم يتحرك بقوانينه، ومع استمرار الإبادة فإن المؤسسات الدولية باتت تجتمع بشكل خجول، بلا قيمة فعلية، ولا مواقف جادة لوقف مسلسل الجرائم والتطهير العرقي.
الطفلة جنان ماتت بالأمس جوعًا، لتبلغ معها حصيلة الأطفال الذين ماتوا جوعًا حوالي خمسين طفلًا. ماتوا جميعهم من قلة الطعام والشرب، فما كانت أجسادهم تقوى على احتمال ألم الأمعاء الخاوية، ولم ينصفهم العالم الواقف على الحياد، بإدخال الطعام ليأكلوا ويشربوا، فماتوا جوعًا.
هل هناك شيء أبشع من الموت جوعًا؟!!
ما يحدث في غزة ليس فقط أزمة إنسانية، إنه وصمة عار على جبين العالم كله الذي يقف متفرجًا، وبطون أطفال غزة خاوية ولسانهم يقول"يمّا جوعان". إنه فصل آخر من فصول الإبادة التي تُرتكب على مرأى ومسمع الجميع، ومع ذلك، لا يوجد تحرك جاد، ولا حتى محاولة لإنقاذ الأرواح البريئة التي لا ذنب لها، ولا حول ولا قوة.
تجويع الناس هو جزء من سياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تمارسها حكومة الاحتلال بحق سكان غزة، وهي سياسة تهدف إلى دفع الناس لمواصلة الهجرة، فلا تترك هذه الحكومة العنصرية أي فرصة للنجاة أمامهم، إذ تضعهم أمام ثلاثة خيارات: إما الموت قصفًا، أو الموت جوعًا، أو الرحيل. فإلى متى سيبقى العالم متفرجًا على ما يحدث؟ ومتى سوف يتدخل لينقذ الناس الذين أرهقهم الموت والنزوح والجوع والقصف.
شارك برأيك
غزة تموت جوعاً