عربي ودولي
الجمعة 08 نوفمبر 2024 8:55 صباحًا - بتوقيت القدس
العودة الدراماتيكية لترمب.. ما هي خيارات السلطة أمام "المدحلة " الـمُندفعة؟
رام الله - خاص بـ"القدس" والقدس دوت كوم-
د.صبري صيدم: نتطلع إلى مواقف مختلفة لترمب قادرة على الاستجابة لمتغيرات الواقعَين الفلسطيني والإقليمي
د. حسن أيوب: لا تغيير إيجابياً في تعامل واشنطن مع القضية الفلسطينية وعلى القيادة اتخاذ خطوات استباقية
د.دلال عريقات: على السلطة تبني مسار براغماتي مع إدارة ترمب والتعامل مع أي قرارات سياسية جديدة بحذر ووعي
سري سمور: عهد ترمب الجديد قد يكون مختلفاً عن السابق والمطلوب عدم إفساح المجال أمام نتنياهو للاستفراد به
د. سعد نمر: السلطة أمام خيار واحد: الالتزام بمسار المقاومة وتعزيز الوحدة وعدم العودة إلى سياساتها قبل ٧ أكتوبر
مهند عبد الحميد: سياسات ترمب كشفت الوجه القاسي للمعايير الأمريكية وليس من مصلحتنا قطع العلاقات مع أي إدارة
تثير عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض أسئلة كثيرة حول تأثير هذه العودة على القضية الفلسطينية ومستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة، بعدما شهدت فترة رئاسته السابقة تحولات كبيرة في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ما يثير مخاوف بشأن سياسات ترمب المستقبلية.
ويأمل قادة وكتاب ومحللون سياسيون وأساتذة جامعات ومختصون، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن تتحول وعود ترمب بوقف الحرب على فلسطين، خاصة في قطاع غزة إلى خطوات فعلية، وأن يتحرك ترمب نحو إنهاء السياسات التي تُعمق الأزمة الفلسطينية، مثل ضم الضفة الغربية.
ويؤكدون أن تهنئة الرئيس محمود عباس لترمب تعد خطوة دبلوماسية بروتوكولية، ولكن يمكن أن تكون فرصة لتوطيد العلاقات في حال تغيرت سياسات الإدارة الأمريكية المستقبلية تجاه القضية الفلسطينية، وسط التأكيد على أهمية فتح قنوات التواصل مع الإدارة الأمريكية لضمان حماية المصالح الفلسطينية وتعزيز مكانة الفلسطينيين كطرف فاعل في المنطقة، تزامناً مع الحذر من أي سياسة جديدة قد تُقدمها إدارة ترمب، خاصة إذا حاولت إحياء "صفقة القرن".
الحديث عن تعهدات بضم أراضٍ فلسطينية يُعمّق الأزمة
يوضح د.صبري صيدم، نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، رؤية الشعب والقيادة الفلسطينية تجاه عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وقال: نأمل أن نرى مجتمعين نسخة مختلفة عن ترمب الذي خبرناه، قادرة على الاستجابة لمتغيرات الواقع الفلسطيني والإقليمي.
ويعبّر صيدم عن الرغبة في أن يكون ترمب هذه المرة مهتماً بمعالجة جذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأبعاده المستمرة، وتأثيراته على استقرار المنطقة بأسرها، وألا يعود إلى السياسات السابقة التي ارتكزت على التطبيع مع الدول العربية وتجاهل حقوق الفلسطينيين.
ويشير صيدم إلى أن وعود ترمب الحاليةوالتي قدمها لبعض الناخبين العرب والفلسطينيين، والتي تشتمل على ضرورة وقف الحرب على فلسطين، يجب أن تتحول إلى خطوات فعلية.
ويؤكد صيدم أهمية تحرك ترمب نحو حل جذري وشامل للصراع، بدلًا من العودة إلى خطط لا طائل منها، أو تنفيذ فكرة ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل.
ويعتبر صيدم في هذا الإطار أن الحديث عن تعهدات بضم أراضٍ فلسطينية يعمّق الأزمة ويؤدي إلى مزيد من الدمار والخراب، مما يجعل الحاجة ماسة لنهج مختلف يركز على الحقوق الفلسطينية وفق الشرعية الدولية.
وفي حديثه عن المطلوب من إدارة ترمب، يشدد صيدم على ضرورة اتخاذ خطوات سياسية وسيادية ملموسة لدعم الشعب والسلطة الوطنية الفلسطينية، والخروج عن تقليدية التعامل مع الصراع، التي رسخت ظلم الفلسطينيين.
ويعتقد صيدم أن من بين الخطوات المحورية الهامة وقف محاولات إسرائيل اغتيال الهوية الفلسطينية عبر سلاحي التهجير والتضييق، ووقف خطوات إسرائيل تجاه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ووضع حد لحجب أموال السلطة، وفتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة الأمريكية واشنطن، والذي أغلق في فترة ترمب الأولى، وكذلك إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وهذه المطالب تعيد توازن العلاقات وتؤكد احترام أمريكا لتعهداتها الدولية.
أما بخصوص اتصال الرئيس محمود عباس بالرئيس المنتخب دونالد ترمب، يوضح صيدم أن هذه الاتصالات تندرج ضمن الأعراف الدبلوماسية والبروتوكولية، مؤكداً أن القيادة الفلسطينية لطالما أكدت التزامها باحترام الديمقراطية ونتائج الانتخابات الأمريكية، وتتطلع للتعامل مع أي إدارة جديدة يتم انتخابها.
ومع ذلك، يرى صيدم في هذه الاتصالات فرصة لتوطيد علاقات جديدة مبنية على تغييرات في سياسات الإدارة الأمريكية المنتخبة تجاه فلسطين.
ويؤكد صيدم أن القيادة الفلسطينية تريد أن ترى رؤية موقف أمريكي جديد ينطلق من فهم أعمق لحقوق الفلسطينيين.
تهنئة "أبو مازن" لترمب خطوة دبلوماسية تقليدية
يؤكد د. حسن أيوب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية والمختص في الشأن الأمريكي، أن ملامح سياسة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب، تتسم برغبة عميقة في الانتقام الشخصي وتحقيق انتصارات سياسية لإسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية.
ويشير أيوب إلى أن تهنئة الرئيس محمود عباس "أبو مازن" لترمب بعد انتخابه كانت بمثابة خطوة دبلوماسية تقليدية، لم تُثمر عن أي تحسن ملموس في العلاقة المتوترة مع الإدارات الأمريكية الجمهورية، وهي علاقة تاريخياً وُصفت بالسيئة، خاصة مع التزام إدارة ترمب بوعودها الانتخابية التي عمقت الدعم غير المحدود لإسرائيل.
ويوضح أيوب أن الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية غالباً ما انتظرت السياسات الأمريكية بدلاً من صياغة خطط استباقية، معتمدين على منهجية المقارنة بين السيئ والأسوأ في الإدارات الأمريكية.
غير أن هذا النهج، وفق رأي أيوب، لا يؤدي إلا إلى إضعاف الموقف الفلسطيني، مشدداً على ضرورة وجود خطة واضحة ومحددة لكيفية التعامل مع أي إدارة أمريكية.
ويشير أيوب إلى أن إدارة ترمب في رئاسته الأولى كانت تعج بالشخصيات الصهيونية المؤثرة، ما أثّر بشكل مباشر على اتخاذ قرارات تعزز من موقف إسرائيل في المنطقة، وتمنحها الحرية لتطبيق خطط توسعية في غزة والضفة الغربية، وعودتها يعني الاقدام على تعميق تلك السياسات.
ويقول أيوب: "يجب أن لا نتوقع أي تغيير إيجابي في تعامل واشنطن مع القضية الفلسطينية، بل علينا أن نستعد لمرحلة قد تكون أشد دموية وأكثر قسوة".
ويؤكد أيوب أن السياسة الأمريكية تجاه الفلسطينيين من غير المرجح أن تشهد أي تحسن، بل قد تتجه نحو المزيد من التدهور والدعم المفرط لإسرائيل.
ويرى أيوب أن منظمة التحرير الفلسطينية يجب أن تتخذ خطوات استباقية بدلاً من الانتظار حتى تشرع الإدارة الأمريكية الجديدة بتنفيذ سياساتها، داعيًا إلى توحيد الصف الفلسطيني، وتعزيز الموقف في المحافل الدولية، والاستمرار في السعي لتطبيق القرارات الأممية التي تدعم الحقوق الفلسطينية.
وأطلق أيوب تحذيراً شديد اللهجة بشأن المرحلة المقبلة، قائلًا: "نحن كفلسطينيين أمام تحدٍ حقيقي لوجودنا على أرضنا"، مؤكدًا أن الفصائل ومنظمة التحرير أمام مسؤولية تاريخية تفرض عليها توحيد الجهود وترتيب البيت الداخلي لمواجهة التحديات.
ويؤكد أيوب أنه لا خيار أمام الفلسطينيين سوى تعزيز وحدتهم والعمل بشكل جماعي لمواجهة السياسات الإسرائيلية المدعومة أمريكيًا، مشددًا على أن هذه المرحلة تتطلب استراتيجيات فاعلة للتمسك بالحقوق الفلسطينية ومواصلة المقاومة السياسية على الساحة الدولية.
ويشدد أيوب على أهمية التمسك بالقرارات الدولية التي تدعم القضية الفلسطينية، داعياً إلى عدم التردد في تعميق التعاون مع المؤسسات الأممية، والاستفادة من أي فرصة لتعزيز الموقف الفلسطيني ضد الدعم اللامحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، بهدف إحباط أية محاولات لتقويض الحقوق الفلسطينية في الأرض والوطن.
العمل فلسطينياً على بناء التحالفات الدولية
ترى د. دلال عريقات، أستاذة الدبلوماسية وحل الصراع في الجامعة العربية الأمريكية، أن السلطة الفلسطينية مطالبة بأن تتبنى مساراً براغماتياً في التعامل مع إدارة دونالد ترمب بعد فوزه بالانتخابات، بما يضمن حماية المصالح الفلسطينية وتعزيز مكانة الفلسطينيين كطرف فاعل ومؤثر في المنطقة، وبدلاً من خلق الأضداد، يجب على الفلسطينيين العمل على بناء التحالفات الدولية.
وتؤكد عريقات أنه من بين الخيارات المتاحة للسلطة بعد عودة ترمب: أن يشكل الرئيس محمود عباس فريقاً فلسطينياً متخصصاً بالدبلوماسية والسياسة الخارجية للتعامل بشكل مدروس ووطني وبراغماتي مع الإدارة الجديدة، وكذلك تعزيز الوحدة الوطنية عبر إنهاء الانقسام الداخلي وتوحيد الصف الفلسطيني بتشكيل حكومة توافق وطني لمواجهة التحديات المشتركة.
ومن بين الخيارات المتاحة، أيضاً، تفعيل الدبلوماسية الدولية من خلال العمل مع المجتمع الدولي لإعادة التأكيد على الحقوق الفلسطينية وفق القرارات الدولية، وأيضا ً تبني البراغماتية في التعامل مع واشنطن عبر الحفاظ على التواصل مع الإدارة الأمريكية وفريق ترمب بما يخدم المصالح الفلسطينية ويعزز فرص إنهاء الحرب ويضمن الحفاظ على غزة كجزء من الدولة الفلسطينية.
وفي ما يتعلق بتهنئة الرئيس عباس لترمب، تؤكد عريقات أنها خطوة دبلوماسية مهمة وإلزامية تؤكد الرغبة في فتح قنوات اتصال بناءة.
وتشدد عريقات على أنه ليس من مصلحة الفلسطينيين خلق الأضداد؛ بل من الضروري تبني البراغماتية وبناء التحالفات لتحقيق الأهداف الفلسطينية، وكذلك فتح جسور التواصل مع الإدارة الأمريكية لأن ذلك يسهم في تعزيز فرص إنهاء الحرب ويعزز من فرص استقرار المنطقة.
وتعتقد عريقات أن هناك دائماً فرصة لتغيير السياسات، ومن الضروري تحضير فريق فلسطيني متخصص للتعامل بشكل براغماتي مع الإدارة الجمهورية الجديدة، خاصة إذا تم تفعيل الضغط الدولي والعمل مع الحلفاء.
وتؤكد عريقات أنه يجب تعلم الدروس من التجربة السابقة مع إدارة ترمب، التي انتهجت سياسة اتفاقيات "أبراهام" والتي استثنت الطرف الفلسطيني، وأن أخذ الدروس عبر تعزيز أهمية إشراك الفلسطينيين كطرف أساسي.
وتشدد عريقات على أن وجود الفلسطينيين يضمن التأكيد على احترام القانون الدولي والشرعية الدولية، ويعزز من التزام الأطراف بحلول تتوافق مع قرارات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، ما يُسهم في تحقيق سلام حقيقي يراعي مصالح كل الأطراف على قاعدة (ربح- ربح).
من جهة ثانية، تؤكد عريقات أن السلطة الفلسطينية رفضت "صفقة القرن" سابقًا، لأنها لم تشمل الفلسطينيين كلاعب أساسي، عدا خروجها عن الشرعية الدولية، ومع ذلك، فإن البراغماتية تقتضي التعامل مع أي قرارات سياسية جديدة بحذر ووعي.
وترى عريقات أنه إذا حاولت الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترمب إحياء "صفقة القرن"، فيجب أن تشمل الطرف الفلسطيني لضمان تحقيق حلول مستدامة وواقعية، مع التركيز على إنهاء الحرب وضمان أن تكون غزة جزءًا من الدولة الفلسطينية.
وتؤكد عريقات أن الاعتراف بالدولة ليس هو الهدف بحد ذاته؛ بل الهدف يتحقق بدولة فلسطينية ذات سيادة كاملة، تضمن إنهاء الاحتلال وتحديد حدود دولة إسرائيل بشكل واضح وفق قرارات الشرعية الدولية.
وتشدد عريقات على أن الدرس الأهم الذي يجب أخذه من تجربة إدارة ترمب واتفاقيات "أبراهام" هو أن استثناء الفلسطينيين لن يسهم في تحقيق سلام حقيقي.
وترى عريقات أنه بناءً على ذلك، من الضروري تبني البراغماتية في السياسة، والبقاء كطرف مؤثر وشريك أساسي لضمان مستقبل يحفظ حقوق الفلسطينيين ويحقق الاستقرار في المنطقة، وفقًا لمبادئ القانون الدولي وحلول تضمن مصالح جميع الأطراف، حيث لا خيار أمام الفلسطيني إلا بتحويل التحديات الواقعية لفرص.
من المبكر الحديث عن تغيير استراتيجي في الموقف الأمريكي
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي سري سمور أنه من السابق لأوانه تحديد خيارات السلطة الفلسطينية أو أي طرف آخر تجاه فوز دونالد ترمب بالرئاسة الأمريكية، حيث إن الأمور لا تزال غير واضحة.
وبالرغم حالة الترقب، يشير سمور إلى أن التجارب السابقة تؤكد أن أي إدارة أمريكية، سواء ديمقراطية أو جمهورية، تضع مصالح إسرائيل فوق كل اعتبار.
ويشدد سمور على أنه لم تكن هناك إدارة أمريكية، حتى الآن، وقفت بجدية إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني، حتى وإن أطلقت تصريحات مرضية في بعض الأحيان، فعلى أرض الواقع، لم يُترجم أي دعم حقيقي للقضية الفلسطينية، مما يدعو إلى الحذر في استباق التوقعات والحديث عن احتمالات التغيير.
من جانب آخر، يوضح سمور أن اتصال الرئيس محمود عباس بترمب لتهنئته بالفوز يعد إجراءً بروتوكولياً روتينياً، لا يحمل أبعادًا سياسية كبرى.
وفي سياق حديثه عن الانتقادات الموجهة لمثل هذا الاتصال، يلفت سمور إلى أن هذه الاتصالات لا ترسم السياسات العامة، بل هي جزء من العرف الدبلوماسي الذي تلتزم به السلطة الفلسطينية.
وعلى رغم ذلك، يشير إلى بعض النصائح التي تتلقاها السلطة من ناشطين عرب في الولايات المتحدة، الذين يؤكدون ضرورة عدم إفساح المجال أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للاستفراد بترمب.
ووفق سمور، فإن هؤلاء النشطاء يرون أن الحفاظ على العلاقات مع الإدارة الأمريكية وعدم قطعها بالكامل قد يمنح الفلسطينيين فرصاً لتعديل الكفة، خاصة إذا أظهرت واشنطن بوادر استياء من تصرفات إسرائيل.
ويشير سمور إلى واقع السياسة الأمريكية المتقلبة، موضحاً أن الولايات المتحدة تغير توجهاتها بناءً على مصالحها وموازين القوى.
ويؤكد سمور أن حدث "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر من العام الماضي، خلق واقعاً جديداً يمكن للسلطة الفلسطينية البناء عليه، خصوصاً مع إدارة ترمب المعروفة بشحها المالي.
ويتطرق سمور إلى موقف ترمب من المساعدات المالية الكبيرة التي تحصل عليها إسرائيل، حيث يشير إلى أنه لم يكن معجباً بتقديم مساعدات تصل إلى 30 مليار دولار، وأبدى تحفظاً على استمرار هذا الدعم السخي، ما قد يفتح المجال أمام إعادة النظر في الدعم العسكري والاقتصادي المقدم لإسرائيل.
وبالرغم من هذه الإشارات، يوضح سمور أنه من المبكر الحديث عن تغيير استراتيجي في الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية.
ومع ذلك، يرى سمور أن عهد ترمب الجديد قد يكون مختلفاً عن السابق، مع احتمالات بأن يتخذ مقاربة جديدة للشرق الأوسط.
سمور يشير إلى أن ترمب، في ظل الدماء التي أريقت في غزة، قد يتجنب السعي لإبرام اتفاقيات "إبراهام 2" أو دفع الدول العربية نحو تطبيع جديد مع إسرائيل، دون تقديم شيء ملموس للفلسطينيين، لكن يبقى الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل ضمن استراتيجية ثابتة، لا تتغير بتغير الإدارات.
ويتحدث سمور عن العلاقات المتوترة بين ترمب ونتنياهو، مبرزاً أن ترمب قد لا يمنح نتنياهو الهدايا السياسية نفسها التي حصل عليها خلال فترته الأولى.
٧ أكتوبر أصبح أساساً لتغيراتٍ لا يمكن تجاهلها
يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، د.سعد نمر، أن السابع من أكتوبر كان محطة فارقة غيرت الكثير من المعطيات على الساحة الفلسطينية، وكذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث يعتبر هذا التاريخ نقطة تحول عالمية في مسار الأحداث، وأصبح أساساً للعديد من التغيرات التي لا يمكن تجاهلها.
ويوضح نمر أن السلطة الفلسطينية أمام خيار استراتيجي واحد: الالتزام بمسار المقاومة، وتعزيز الوحدة الوطنية، وعدم العودة إلى أنماط التفكير والسياسات التي كانت سائدة قبل السابع من أكتوبر.
ويشير نمر إلى أن التفكير بعقلية ما قبل هذه المحطة التاريخية ليس في مصلحة أحد، مؤكداً أن المعطيات الجديدة تفرض على السلطة الفلسطينية إعادة تقييم سياساتها وخططها.
ووفق نمر، يتطلب الوضع الحالي من القيادة الفلسطينية العمل فوراً على توحيد الصف الوطني، واستثمار النتائج التي أفرزها السابع من أكتوبر.
هذه النتائج، بحسب نمر، كشفت هشاشة الرواية الإسرائيلية أمام العالم ودفعت بالقضية الفلسطينية إلى الواجهة مرة أخرى، ما يستدعي البناء على هذه المكاسب السياسية والدبلوماسية بدلاً من الالتفات إلى الماضي.
وفي ما يتعلق بعلاقة السلطة الفلسطينية مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد عودة دونالد ترمب إلى الرئاسة، يؤكد نمر أن تهنئة الرئيس محمود عباس لترمب لن تؤثر فعلياً على طبيعة العلاقات الثنائية، لأنها في جوهرها دبلوماسية وبروتوكولية.
ويُعقب نمر أن ما يهم فعلاً هو كيفية تعامل السلطة الفلسطينية مع سياسات إدارة ترمب، موضحاً أن السلطة تحتاج إلى أن تستعد لمواجهة التحديات التي قد تفرضها الإدارة الأمريكية الجديدة بناءً على سياساتها في المنطقة.
ويوضح نمر أن السؤال الأساسي يتمثل في ما إذا كانت إدارة ترمب ستدعم حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية، أو ستواصل تأييد سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل مطلق، والتي تهدف إلى إلغاء أي احتمال لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
ويشدد نمر على أن التعامل مع الولايات المتحدة يجب أن يستند إلى طبيعة القرارات والإجراءات الأمريكية الفعلية، خاصة إذا كانت تتعلق بإعادة إحياء "صفقة القرن"، والتي يصفها بأنها مرفوضة أصلًا فلسطينيًا.
وحتى إن عاد ترمب وقدم نسخة معدلة من صفقة القرن، فإن نمر يرى أنها قد تكون أكثر قسوة مما كان مطروحاً سابقاً، نظراً لرفض نتنياهو المطلق لأي شكل من أشكال الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية.
ويؤكد نمر أن احتمالات تغيير السياسة الأمريكية تجاه فلسطين ضئيلة جداً، لأن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل استراتيجية وتحكمها مصالح الدولة العميقة في واشنطن، وليس تغيّر الإدارات أو الحكومات.
هذه العلاقة، كما يوضح نمر، تستمر بغض النظر عن الشخصيات السياسية، سواء أكانوا رؤساء أمريكيين جمهوريين أم ديمقراطيين، أم حتى رؤساء وزراء إسرائيليين من اليسار أو اليمين أو اليمين الأكثر تطرفاً، وقد تنشأ خلافات بين إدارة أمريكية معينة وحكومة إسرائيلية معينة، لكن ذلك لا يمس الأساس المتين للعلاقة الاستراتيجية.
أما بالنسبة لموقف السلطة الفلسطينية، فإن نمر يصفه بأنه أصبح هامشياً في ظل الأحداث المتسارعة، لذلك، يكرر نمر دعوته للسلطة إلى التصاق أكبر بشعبها، والتركيز على تعزيز الوحدة الوطنية كشرط أساسي لمواجهة أي خطط مستقبلية قد تطرحها إدارة ترمب أو غيرها.
إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية أصبح ضرورياً
يوضح الكاتب الصحفي مهند عبد الحميد أن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية عانت من تجربة مريرة مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، خاصة خلال فترة حكم الإدارة السابقة للرئيس دونالد ترمب.
وبحسب عبد الحميد، فقد كشفت سياسات ترمب الوجه القاسي للمعايير الأمريكية التي تتبعها كلتا المؤسستين الحزبيتين، الديمقراطية والجمهورية، والمرتكزة أساساً على تعزيز المصالح الأمريكية فقط، دون اعتبار يُذكر للحقوق الفلسطينية.
ويشير عبد الحميد إلى أن فلسطين، بعيون السياسة الأمريكية، لم تكن ولن تكون مجالاً لتحقيق مكاسب استراتيجية، ما لم يتم تهديد هذه المصالح بشكل مباشر.
ويلفت عبد الحميد إلى أن سياسات محور المقاومة والممانعة في المنطقة، وما اعتبرته الولايات المتحدة وإسرائيل ودول غربية أخرى تهديداً لأمنها، سببت انعكاسات سلبية كبيرة على القضية الفلسطينية، فقد أُدرجت تلك السياسات ضمن خانة "الإرهاب" الذي يجب استئصاله، مما أعطى غطاءً دولياً لممارسات الاحتلال الإسرائيلي وأجنداته.
ويؤكد عبد الحميد أنه لا يبقى خيار للسلطة الفلسطينية سوى التركيز على فرضية مفادها بأن إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية أصبح ضرورياً لضمان الاستقرار الإقليمي والدولي، وهذا الحل يخدم استراتيجياً دولاً مهمة، مثل: مصر والأردن والسعودية ودول الخليج، التي ترى في حل القضية الفلسطينية وسيلة لتجنب الفوضى والانفجارات المتتالية، كما قد يحول دون استغلال إيران للقضية الفلسطينية كأداة لتعزيز نفوذها في المنطقة.
وفي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، يرى عبد الحميد أن الحل الدولي للصراع بات أكثر إلحاحاً وضرورة، فمحكمة العدل الدولية قد أصدرت توصية بإنهاء الاحتلال في غضون عام، وهناك تزايد في عدد الدول الأوروبية التي تعترف بالدولة الفلسطينية كجزء من سعيها لتفعيل هذا الحل على أرض الواقع، بالإضافة إلى الدعم الكبير الذي توفره دول مثل روسيا والصين، وتأييد أغلبية الجمعية العامة للأمم المتحدة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
لكن هذا الدعم الدولي وفق عبد الحميد، يتعارض بشكل حاد مع مواقف حكومة نتنياهو اليمينية القومية المتطرفة، ويصطدم أيضاً مع سياسة إدارة بايدن، ما يزيد من تعقيد الأوضاع.
ويؤكد عبد الحميد أن التحدي يتضاعف الآن مع فوز ترمب، صاحب خطة "صفقة القرن" التي تتناقض بشكل صارخ مع أي حل دولي عادل للقضية الفلسطينية، وهذا الوضع الجديد سيجعل من مهمة السلطة والمنظمة أكثر صعوبة، ويضعهما أمام خيار وحيد: العمل المكثف لوقف أي تدهور إضافي، وتحصين مقومات الصمود، وبناء تحالفات قوية تحول دون تطبيق سياسات ضم الأغوار وأجزاء أخرى من الضفة الغربية.
ويشدد عبد الحميد على أنه في هذه المرحلة الحرجة، ليس من مصلحة الفلسطينيين قطع العلاقات مع أي إدارة أمريكية، رغم أنه من غير الواقعي توقع تغييرات كبيرة في سياسات إدارة ترمب الجديدة دون ضغط دولي كبير.
ويكمن التأثير على السياسة الأمريكية والدولية في المقام الأول بحسب عبد الحميد، بإعادة بناء الوضع الداخلي الفلسطيني، وتطوير بنيته الإدارية والسياسية لتعزيز صمود الشعب وطاقاته، مع فتح قنوات تواصل فعالة مع الحلفاء العالميين، لا سيما داخل الولايات المتحدة، فقد أظهرت الأوساط الشبابية الأمريكية، خاصة في الجامعات وحركات اجتماعية مؤثرة، تغيراً ملموساً في مواقفها الداعمة للحقوق الفلسطينية، حتى بعض المنظمات اليهودية التقدمية وأعضاء الكونغرس يبدون دعماً جاداً للقضية.
ويشدد عبد الحميد على أنه يتعين على الفلسطينيين الاستفادة من كل موقف إيجابي، وتراكم عناصر الدعم العالمي التي يمكن تحويلها إلى سياسات تخدم حقوقهم.
ويلفت عبد الحميد إلى أن ما يهم إدارة ترمب بشكل أساسي هو تحقيق إنجازات دبلوماسية في المنطقة، كتوقيع اتفاقيات تطبيع بين السعودية وإسرائيل، مع تفعيل الاتفاقات الإبراهيمية التي باتت تعاني من حالة من الجمود، لكن من المؤكد أن أي تجاهل للقضية الفلسطينية، أو استخدام تلك الاتفاقات كغطاء لتصفية حقوق الفلسطينيين، سيواجه بحائط صلب من الدعم الشعبي العربي والإسلامي للقضية، مما سيعيد إنتاج معادلة السلام الكاذب مع الأنظمة والعداء مع الشعوب.
ويرى عبد الحميد أن السعودية يبدو، أنها استوعبت هذا الدرس، حيث ربطت توقيع أي اتفاقية تطبيع بحل عادل للقضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، حيث تقود السعودية اليوم، إلى جانب الاتحاد الأوروبي ودول عربية وإسلامية بارزة، مبادرة تدعو لتنفيذ حل الدولتين، مستندة إلى اعتراف 149 دولة بدولة فلسطين.
ويتساءل عبد الحميد هل ستتمكن إدارة ترمب من تجاهل هذه المبادرة وتفريغها من محتواها؟ إذا نجحت في ذلك، فستعيد إنتاج "صفقة القرن" والاتفاقات الإبراهيمية في مواجهة الشعوب العربية، مما سيزيد من تأجيج الصراع
دلالات
فلسطيني قبل 28 أيام
المدخلة المنفعة لا يأتي بها إلا مداخل ثم إن ياطالب الدبس من
الأكثر تعليقاً
اختتام فعالية تحكيم المرحلة الثالثة من مسابقة "ماراثون القراءة الفلسطيني الأول" في الخليل
محدث:: إحراق منزلين و3 مركبات ومحلاً تجارياً وهدم منشأتين في نابلس
استشهاد مسن بعد اعتداء قوات الاحتلال عليه جنوب نابلس
ترمب يهدد "حماس" في حال لم تطلق سراح المحتجزين الإسرائيليين
اعلان بنيامين نتنياهو اليائس وملف المحتجزيين
الفصائل المسلحة تدخل مدينة حماة في وسط سوريا
وزير الخارجية السعودي يبحث مع رئيس وزراء فلسطين الأوضاع في الأراضي المحتلة
الأكثر قراءة
اتفاق "فتح" و"حماس".. لجنة إسناد لوحدة الساحات في الضفة والقطاع
بانتظار القادم الجديد للبيت الأبيض.. لا مؤشرات تعد بإنطفاء الحريق
الرهائن في عهدي جيمي كارتر وجو بايدن
حماس وفتح تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة غزة
يديعوت: مؤشرات على أن الاحتلال الإسرائيلي لغزة سيستمر سنوات
حماس تعلن مقتل 33 أسيرا إسرائيليا وتوجه رسالة لنتنياهو
فورين بوليسي تخوض في الأسباب وراء التقارب السعودي الإيراني وابتعاد الرياض عن التطبيع
أسعار العملات
الجمعة 06 ديسمبر 2024 8:09 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.6
شراء 3.59
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.79
دينار / شيكل
بيع 5.07
شراء 5.06
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 186)
شارك برأيك
العودة الدراماتيكية لترمب.. ما هي خيارات السلطة أمام "المدحلة " الـمُندفعة؟