أقلام وأراء
الخميس 08 أغسطس 2024 9:39 صباحًا - بتوقيت القدس
إسرائيل وإيران: ما بين النهج الجراحيّ ويوم الصفر
تلخيص
يتّخذ ترقّب الردّ الإيرانيّ، وكذلك حزب اللّه، على اغتيال رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس، إسماعيل هنّيّة، في العاصمة الإيرانيّة طهران، فجر ٣١ تموز، واغتيال القياديّ العسكريّ في حزب اللّه فؤاد شكر، بعد أن استهدفته إسرائيل ومعه ثماني ضحايا مدنيّين في الضاحية الجنوبيّة في بيروت، وذلك قبل ستّ ساعات من اغتيال هنيّة، حالة تأهّب عال على مستوى الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة، فيما تعجّ شبكات التواصل الاجتماعيّ العربيّة من يومها بمنشورات وفيديوهات التهكّم والسخرية من التوعّد الإيرانيّ بالردّ المتوقّع على مدار الساعة باعتباره "ابتذالًا مسرحيًّا".
على أيّ حال، تصعّد إسرائيل ضدّ إيران وحلفائها في المنطقة، خاصّة حزب اللّه على الجبهة الشماليّة، ضمن ما يعرف بنهج "السلاح الجراحيّ"؛ أي الضربات العسكريّة المباشرة ومحدّدة الهدف، بغرض تصفية شخصيّات وقيادات سياسيّة وعسكريّة تعتبرها إسرائيل مصدر تهديد وفاعلة في مجابهتها عسكريًّا وسياسيًّا. اعتبر الاحتلال اغتيال هنيّة في طهران ضربًا لـ "عصفورين بحجر واحد" حيث النيل من رئيس المكتب السياسيّ للحركة، وفي بيت التشريفات من مقرّ المحاربين القدامى في عقر دار الحرس الثوريّ الإيرانيّ في العاصمة طهران، وذلك في رسالة إلى طهران من سلسلة بريد رسائل الاستهداف الّتي ما انفكّت تبعث بها إسرائيل للجمهوريّة الإسلاميّة وقادتها وقادة محورها منذ بدء الحرب على غزّة.
تصعّد إسرائيل ضدّ إيران ليس لدعم هذه الأخيرة وإسناد بعض قوى محورها لغزّة فقط، إنّما لما تمثّله إيران وحلفاؤها، وتحديدًا حزب اللّه اللبنانيّ، من تهديد استراتيجيّ فعليّ على الدولة العبريّة، فالعبرة ليست في دعم وإسناد غزّة، إنّما في نموذج غزّة وطوفانها، والّتي مفادها أنّه "لم يعد بالإمكان ترك أيّ تهديد يمكنه أي يكون في أيّ وقت طوفان أكبر وأخطر ممّا شهدته مستوطنات غلاف غزّة في صبيحة يوم السابع من أكتوبر الماضي".
وهذه خلاصة متّصلة بالأمن القوميّ الصهيونيّ، لا علاقة للتجاذبات السياسيّة الإسرائيليّة الداخليّة والموقف من الحكومة ورئيسها فيها، أو القول بـ"البحث عن صورة انتصار"، ومحاولة النظر إلى عمليّات "السلاح الجراحيّ" بوصفها نهجًا على هامش الفشل في تحقيق أهداف الحرب الإسرائيليّة العلنيّة على غزّة.
لا يمكن لإسرائيل خوض حرب إقليميّة شاملة دون دعم وغطاء غربيّ، وتحديدًا أميركيّ، هذا صحيح، غير أنّها دولة من نوع تلك الّتي لا تخلع شوكها إلّا بيديها في كلّ الأحوال، وهذه حقيقة يجب تذكّرها دائمًا. إذ لا تنتظر الدولة العبريّة إذنًا بتوجيه ضربة أو شنّ حرب من أحد، وتفترض دائمًا أنّ الدعمَين الأميركيّ والغربيّ عمومًا هما تحصيل حاصل على طريقة إسرائيل "لا تخطئ، وإن أخطأت فمن حقّها ذلك" كما عبّر عن ذلك الرئيس الأميركيّ جو بايدن غير مرّة منذ بدء الحرب على قطاع غزّة.
ومع ذلك، لا تعول إسرائيل على ضوء أخضر من أميركا والغرب، ولا حتّى على الدعم العربيّ – الرسميّ الممكن لها في حال اندلعت مواجهة إقليميّة شاملة فحسب، إنّما تعوّل أيضًا على مداومة إيران وحلفائها على تفادي الحرب المفتوحة مع إسرائيل. إذ تتصرّف الجمهوريّة الإسلاميّة بانضباط عال منذ بداية الحرب على غزّة، ومن قبلها حتّى، أمام نهج السلاح الجراحيّ الإسرائيليّ ضدّ رموزها وقادتها ومواقعها العسكريّة وأذرعها في المنطقة، في محاولة منها لتفادي المواجهة المباشرة الشاملة، وهذا ما صارت تعوّل عليه إسرائيل، إدراكها أنّ الطرف المستهدف غير معنيّ بالتصعيد، فتصعّد إسرائيل بدورها ضدّه. وهذا ما يجعل إيران وحزب اللّه في أزمة جدّيّة أمام هذه المعادلة.
منجزان إيرانيّان يدفعان إيران للمثابرة على الانضباط من الانجرار إلى مواجهة عسكريّة صفريّة مع إسرائيل، هما، مسار المسعى نحو إيران نوويّة، وموطئ القدم الّذي أنجزته الجمهوريّة الإسلاميّة في المنطقة العربيّة، والّذي تفترضه تقدّمًا جيوسياسيًّا يدفع بالحرب عن عمقها الإيرانيّ القوميّ. إلّا أنّ شكل العمليّات الّتي باتت تنفّذها إسرائيل داخل العمق الإيرانيّ، وحجم الاختراق في الدوائر الأمنيّة والعسكريّة الإيرانيّة، الّذي ينفذ منه سلاح إسرائيل الجراحيّ، يدلّان على أنّ إيران ومحورها أمام خيارين أحلاهما مرّ في الحقيقة.
إنّ سياسة ضبط النفس، لم تعد نهجًا مجديًا في تفادي المواجهة لطالما صار نهجًا تعوّل عليه إسرائيل ذاتها في النيل لا من هيبة وشرف الجمهوريّة وحلفائها كما عبّر الأمين العامّ لحزب اللّه حسن نصر اللّه، إنّما نيلًا حقيقيًّا من إمكانيّات المحور وقدراته الفعليّة.
لقد ردّت إيران على إسرائيل بعد استهداف هذه الأخيرة للقنصليّة الإيرانيّة في دمشق في نيسان/أبريل الماضي ردًّا رمزيًّا على طريقة "نردّ لأنّنا لسنا معنيّين بالأخذ والردّ". ثمّ كان حادث مروحيّة الرئيس الإيرانيّ السابق إبراهيم رئيسي الّذي راح ضحيّته ومعه وزير خارجيّة حكومته اللهيان وعدد من مرافقيهما في أيّار/مايو الماضي، وطوت إيران الملفّ، دون أن يعرف إذا ما كان حادث المروحيّة سقوطًا أم إسقاطًا، ضمن سياسة ضبط النفس الّتي باتت تهدّدها. وها هو ضيف الجمهوريّة يذبح على فراشها بعد ساعات من تبنّي إسرائيل لذبح أحد أبرز قادة الحزب على فراشه. وبالتّالي لم يعد السؤال متّصلًا بالردّ وتوقيته وحجمه على هذا الاستهداف أو ذاك، بقدر ما أنّ المأزق صار متعلّقًا بأيّام الجمهوريّة القادمة مع "يوم الصفر". لذا، قد تستبق إسرائيل الردّ المتوقّع بردّ آخر منها، إذ تصعّد هذه الأخيرة لا لأنّها تريد حربًا، بل لأنّ الطرف المقابل لا يريدها.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
"طفح الكيل "
حديث القدس
صراع الوهم ضد الحقيقة
حمادة فراعنة
نفس القاتل.. عائشة نور وراشيل كوري
بهاء رحال
إشراقة العام الدراسي الجديد
جابر سعادة / عابود
توضيحات لبعض المصطلحات والتقاليد المسيحية
لورنس كارلوس سمور/ بيت لحم
الصلاة خيرٌ من النوم
أشخين ديمرجيان
في اليوم العالمي لدعم التعليم.. الحاجة إلى بلورة رؤى لدعم النظام التربوي التعليمي الفلسطيني
غسان عبد الله
الشرعية تكتسب ولا تمنح من المجتمع الدولي!
دلال صائب عريقات
شهيدة بيتا "عائشة نور إيزغي" التي ساحَت في السطوع
المتوكل طه
جنديّ يروي قصّة كلبهم الذي نهش طفل متلازمة داون (محمد بهار) ؟؟
وليد الهودلي
عن الشاهد والشهيد كان صديقي محاولة لكتابة سيرة غيرية لـ "مثقف ثوري" ما
توفيق العيسى
الضحايا الفلسطينيون.. السياق والمعنى
إياد البرغوثي
الشيخ والبحر!
ابراهيم ملحم
بأي ذنب قتلتا ؟
حديث القدس
قل لي ماذا تسميه أنت؟
فراس عبيد
حماية الحق في التعليم في ظل الإبادة التعليمية
ثروت زيد الكيلاني
غزة.. والمسؤولية الأميركية
جيمس زغبي
البرلمان الانتقالي والاعلان الدستوري المرتقبين
فهمي الزعارير
الأقصى لنا …
حديث القدس
حِمايةُ الحَقِّ في التَّعْليمِ في ظِلِّ الإبادةِ التَّعْليميَّةِ
بقلم: ثروت زيد الكيلاني
الأكثر تعليقاً
الشيخ: قتل الاحتلال متضامنة أميركية جريمة تتطلب محاسبة مرتكبيها في المحاكم الدولية
الضحايا الفلسطينيون.. السياق والمعنى
صحيفة المانية تكشف الوثيقة السرية للسنوار حول التفاوض والحرب النفسية ضد إسرائيل
الديمقراطيون في الكونغرس يطالبون بايدن بمسائلة إسرائيل بمقتل الناشطة عائشة نور
اجتماع إسرائيلي يبحث الصفقة ومسؤول أميركي يتحدث عن عقبة رئيسية
فرق الطوارئ تشرع بتهيئة مؤقتة للشوارع وإعادة الخدمات الأساسية في جنين
الرئيس يهاتف الرئيس تبون مهنئا بفوزه بالانتخابات لولاية جديدة
الأكثر قراءة
شيرين تتحدى روتانا بـ"البوتاجاز".. ومغردون: نريد سماع الأغاني بأي وسيلة
جهات إسرائيلية تحذر من تحويل الضفة إلى غزة ثانية
الضحايا الفلسطينيون.. السياق والمعنى
استشهاد متضامنة أجنبية برصاص الاحتلال جنوب نابلس
مشكلة الفائض النقدي (الشيكل) في فلسطين: تأثير السياسات الإسرائيلية
صحيفة المانية تكشف الوثيقة السرية للسنوار حول التفاوض والحرب النفسية ضد إسرائيل
مقتل 3 إسرائيليين قرب معبر الكرامة والكشف عن هوية المنفذ
أسعار العملات
الأحد 08 سبتمبر 2024 8:41 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.68
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.2
يورو / شيكل
بيع 4.14
شراء 4.1
هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟
%19
%81
(مجموع المصوتين 94)
شارك برأيك
إسرائيل وإيران: ما بين النهج الجراحيّ ويوم الصفر