أقلام وأراء

السّبت 30 مارس 2024 11:22 صباحًا - بتوقيت القدس

المدن الذكية بيئة حضرية مستدامة!

تلخيص

قبل ظهور الانترنت والتطور التكنولوجي كانت جميع المدن حول العالم عبارة عن مدن تقليدية تتمايز فيما بينها من حيث: موقعها الجغرافي، وعدد سكانها، وطبيعة نشاطها، وغيرها من المعاير الاخرى، ولكن مع ظهور الانترنت وتطور وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تطورت المدن وأصبحت تنقسم إلى قسمين رئيسيين؛ مدن تقليدية، ومدن ذكية.
تعتبر المدن الذكية بانها تلك المدن التي تعتمد على قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) بشكل رئيسي وعلى التشغيل الذكي، وعلى تكامل البيانات لتحسين الإدارة الحضرية والاستخدام المستدام للموارد بهدف تحسين جودة حياة سكانها وتوفير الخدمات الحضرية بشكل أكثر كفاءة واستدامة وتحقيق الاستجابة والتفاعل مع احتياجاتهم.
تعتبر المدن الذكية حلاً فعلاً للمشاكل التي تعاني منها المدن التقليدية مثل الازدحام المروري والتلوث والاستهلاك المفرط للطاقة وغيرها، من خلال جمع البيانات من الوسائل التكنولوجية المتعددة التي تعتمد عليها ومنها على سبيل المثال أجهزة الاستشعار في تقنية انترنت الأشياء (IoT) وكذلك شبكات الالياف الضوئية وشبكات الجيل الخامس (5G) وتقنية البلوكتشين (Blockchain) وتقنية البيانات الضخمة (Big Data Analytics) وتقنية الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) وتقنية الحوسبة السحابية (Cloud Computing) وغيرها.
تتسم المدن الذكية بانها تمتلك بنية تحتية تكنولوجية متطورة وتمتلك أنظمة نقل ذكية ولديها المقدرة على إدارة الطاقة بشكل اكثر استدامة وتوفر بيئات قادرة على التكيف وقادرة على الاستخدام الفعال للموارد والاستجابة لاحتياجات المواطنين ومشاركتهم.
بحسب التقرير الصادر عن الأمم المتحدة -الاسكوا في العام 2021، والذي يشير الى ان الدول العربية هي الأعلى نموا في عدد السكان بعد افريقيا، وهذا ما يجلعنا نتوقف هنا لنتسائل عن مستقبل المدن العربية في مواجهة تحديات النمو السكاني وكيفة التحول الرقمي للمدن العربية من شكلها التقليدي إلى مدن ذكية؟
هناك العديد من الدول العربية التي عملت على خوض تجربة التحول نحو المدن الذكية وكان من ابرزها مدينة دبي ومدينة الدوحة ومدينة مسقط في الامارات العربية المتحدة، وكذلك مدينة الدمام ومدينة نيوم في المملكة العربية السعودية، ومدينة رام الله في فلسطين.
تعتبر مدينة نيوم في المملكة العربية السعودية من المدن الذكية التي تم انشاؤها من الصفر وتم وضع مخططاتها كمدينة ذكية منذ لحظة البناء وليس كما هو معهود في باقي المدن الذكية التي يتم بها تحول القطاعات بشكل تقليدي إلى قطاعات ذكية، حيث قدمت مدينة نيوم مشروع " ذا لاين" The line، وهو عبارة عن مدينة ممتدة على طول 170 كيلومتر مترابط ومعزز بالذكاء الاصطناعي بهدف إيجاد بيئة خالية من التلوث والضوضاء وخالية من المركبات ومن الازدحام وبيئة محافظة على ما نسبته 95% من الطبيعة في مدينة نيوم.
بالإضافة إلى ذلك، سوف تُدار مجتمعات (ذا لاين) بالاعتماد الكامل على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتسهيل عملية تواصل المدينة مع ساكنيها بطريقة تمكِّنها من التوقع والتفاعل بقدرات غير مسبوقة، وهو ما يوفر وقت السكان والشركات ورواد الاعمال، وكذلك اعتماد المدينة على الطاقة النظيفة بنسبة 100%، وسوف تكون المجتمعات بداخلها مترابطة افتراضيًّا فيما بينها وسوف يتم تسخير نحو 90% من البيانات لتعزيز قدرات البنية التحتية.
اما في فلسطين، فقد تم الإعلان في العام 2014 من خلال مؤتمر Expotech عن مدينة رام الله الذكية وكان هدف المشروع هو توفير خدمات إلكترونية للمواطنين، وتوفير خدمة الإنترنت اللاسلكي (Wi-Fi) للسكان والزوار، وربط مباني ومرافق بلدية رام الله بمقرها الرئيسي باستخدام الألياف البصرية، كذلك عملت بلدية رام الله الذكية على انشاء موقف مركبات ذكي ("موقف المنارة") والذي يتكون من 450 موقفا ويضم أجهزة استشعار لحساب عدد المواقف المشغولة وتحديد عدد المواقف الفارغة، ومن ثم يتم عرض هذه المعلومات على شاشات موضوعه في أماكن متعددة للسائقين لتوفير الوقت والجهد عليهم في الحصول على موقف شاغر.
بالإضافة إلى ذلك، يتم دخول مبنى موقف المنارة من خلال قطع تذكرة تحتوي على رمز الاستجابة السريعة QR code بحيث يقوم سائق المركبة عند المغادرة بعرض تذكرة الحجز على الجهاز المخصص لكي يتم حساب الرسوم المترتبة عليه والاعلان عن الانتهاء من اشغال الموقف، وبعد إتمام عملية الدفع من خلال الجهاز المخصص يقوم السائق بمسح رمز الاستجابة السريعة QR Code على الأجهزة المخصصة عند المخارج، لكي يتم فتح البوابة المخصصة للخروج، حيث تتم هذه العملية بشكل مؤتمت بدون الحاجة الى التعامل مع موظفين.
وعلى الرغم من ان المدن الذكية تمثل تطورا في إدارة المدن وتحسن من معدلات الاستجابة لاحتياجات المواطنين، وأثبتت انها بيئة قادرة على مواجهات الازمات، وكون المدن الذكية تعتمد على تقنيات متعددة فكان ذلك عاملاً رئيسياً في تخوف العديد من خبراء امن المعلومات من بعض القضايا الأمنية السيبرانية التي يمكن ان تواجه المدينة الذكية ومنها على سبيل المثال سرقة الهوية الرقمية وسرقة البيانات والمعلومات التي يتم جمعها من مختلف تقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الخاصة بالمواطنين، وكذلك التخوف الأمني من الهجمات الانتحالية (Attack Spoofing) وهجمات (Sinkhole attack) وهجمات (JAMMING Attack) وهجمات (TAMPERING Attack) وهجمات (SYBIL ATTACK) وهجمات (WORMHOLES) وهجمات (DDoS Attacks) وغيرها الكثير من التهديدات السيبرانية، حيث ان اغلب هذه الهجمات يتلخص في هدفين رئيسيين الأول هو سرقة البيانات والمعلومات والانتحال، والهدف الثاني هو تزويد صناع القرار في المدن الذكية ببيانات ومعلومات غير صحيحة تؤدي الى اتخاذهم قرارات غير صحيحة.
وبما ان مدينة رام الله الذكية هي اول مدينة فلسطينية ذكية تهدف إلى تحويل بعض القطاعات الرئيسية من قطاعات تقليدية إلى قطاعات ذكية، بحيث تصبح تمتلك بنية تحتية تكنولوجية ذكية، وحكما ذكيا، وتعليما ذكيا، واقتصادا ذكيا، وقطاع نقل ذكي، وبيئة ذكية، فهذا يتطلب منا ان نقف لطرق أبواب الباحثين والمستثمرين الى ضرورة العمل الجاد على وضع رؤى في اليات التحول الرقمي للمدن الفلسطينية، بحيث تصبح مدنا ذكية قادرة على الاستجابة الى احتياجات المواطنين ومواكبة المدن المتقدمة حول العالم، وخصوصاً ان ما تمتلكه فلسطين اليوم من بنية تحتية تكنولوجية مثل شبكة الالياف الضوئية (Fiber) وشبكة الجيل الثالث (3G) وغيرها من تقنيات قادرة على المساهمة في التحول الرقمي نحو المدن الذكية.
وكذلك، إلى ضرورة الاستثمار بقطاع التعليم لإيجاد جيل متخصص في تكنولوجيا المدن الذكية وفي التقنيات التي تقوم عليها، ليتمكن الجيل القادم من إعادة تشكيل الخريطة العالمية ورسم فلسطين في مقدمة الدول المتقدمة.

اسعد سالم، باحث ومتخصص في الامن السيبراني

دلالات

شارك برأيك

المدن الذكية بيئة حضرية مستدامة!

المزيد في أقلام وأراء

ما أفهمه

غيرشون باسكن

صفقة التبادل إلى اين ؟

حديث القدس

دور الداخل الفلسطيني

حمادة فراعنة

معركة رفح هل تنقذ نتنياهو ومصيره السياسي ..؟

راسم عبيدات

"الطلبة يساهمون في صنع طريق التغيير وفلسطين هي معيار اختبار العدالة للجميع"

مروان أميل طوباسي

رفح تحت النار.. التصعيد الإسرائيلي يعمق أزمة غزة ويهدد استقرار المنطقة

فادي أبو بكر

قطر ورقة ضغط إسرائيل الخاسرة

سماح خليفة

ألتفاوض على الطريقة الفيتنامية والجزائرية..التفاوض تحت النار وبإسناد محور المقاومة

وسام رفيدي

قناة الجزيرة وانهيار سُمعة إسرائيل الهشّة

أحمد الحيلة

نتانياهو اصطاد العصافير دون النزول عن الشجرة

حديث القدس

القبول الفلسطيني والرفض الإسرائيلي

حمادة فراعنة

إطار للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط

جيمس زغبي

رفح آخر ورقة في يد نتنياهو

بهاء رحال

سامحني أبو كرمل.. أنا لم ولن انساك

خالد جميل مسمار

حرب ظالمة وخاسرة

سعيد زيداني

أن تصبح إسرائيل تاريخًا

فهمي هويدي

أمنوا بالنصر فحققوه ..

يونس العموري

التطبيع.. الدولة العربية، جدلية "المصلحة" والثقافة

إياد البرغوثي

كابينيت الحرب يقرر مواصلة الحرب

حديث القدس

الإصرار الأميركي نحو فلسطين

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الخميس 09 مايو 2024 9:40 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.31

شراء 5.28

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.98

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 240)

القدس حالة الطقس