أقلام وأراء

السّبت 06 يناير 2024 10:35 صباحًا - بتوقيت القدس

ثلاثة أشهر على حرب غزة

نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقالين الأسبوع الماضي يصفان ردود الفعل الإسرائيلية والفلسطينية على الحرب المستمرة، ويرسمان معاً صورة مزعجة لما وصلنا إليه بعد ثلاثة أشهر، بدءاً من السابع من أكتوبر.
المقال الأول بعنوان «السابع من أكتوبر يجبر الإسرائيليين على إعادة التفكير في هويتهم». وكتب في عنوانه الفرعي «هز الهجوم الإيمان بوجود ملاذ آمن، ولكنه وحد أيضاً شعباً منقسماً». أما المقال الآخر، الوارد من «مخيم جنين»، بعنوان «مواجهة القوات الإسرائيلية والدمار، مع التعهد بالبقاء على قيد الحياة» فيحتوي على اقتباس للانسحاب: «القتل، والغزو، والغارات - كل ذلك سيؤجج المزيد من المواجهة».

يركز المقال الأول على متشددين يعبرون الآن عن اهتمامهم بالخدمة في الجيش والمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل الذين يقولون إنهم يفضلون العيش تحت الحكم الإسرائيلي على أن تحكمهم «حماس». لكن مثل هذه الاستجابات العاطفية لا تؤدي إلا مؤقتاً إلى سد خطوط الصدع المتبقية والتي ستظهر من جديد.

وبينما اهتزت فكرة «إسرائيل كملاذ آمن»، فإن الشعور بالوحدة والهوية الذي يتقاسمه معظم اليهود الإسرائيليين الآن يكمن في يهوديتهم وعدم ثقتهم في الفلسطينيين وفي أي حل سلمي للصراع. وهم يكرهون رئيس وزرائهم، ولكنهم يظلون داعمين للحرب في غزة ويلتزمون الصمت إزاء أعمال العنف المستمرة في الضفة الغربية.

وإذا كان الإسرائيليون يتصورون أن هجومهم الشامل على غزة والقمع المكثف في الضفة الغربية من شأنه أن يُخضِع الفلسطينيين، فإن المقال الثاني والاستطلاع الأخير للمواقف الفلسطينية يؤكدان العكس. إذ يؤيد 70% من الفلسطينيين الهجوم الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر. والآن أصبح الرأي العام في الضفة الغربية وغزة يفضل قيادة «حماس» على السلطة الفلسطينية.

وبينما تم الإعلان عن أعداد القتلى (21.000) والجرحى (أكثر من 55.000) في غزة، فإن تأثير الغارات الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية لا يزال غير معلن على نطاق واسع. تصف نيويورك تايمز الهجوم - الشبيه بالهجوم على غزة - على مخيم جنين من قبل الإسرائيليين: (تضررت خطوط الكهرباء، وثُقبت خزانات المياه، وتحولت الطرق المعبدة إلى مجرد حصى وتراب، بينما تنتشر رائحة مياه الصرف الصحي بكثافة في الهواء. وعلى مدى الشهرين الماضيين، انتقل نحو 80% من السكان البالغ عددهم حوالي 17000 شخص بشكل مؤقت...«وتم اعتقال 330 من سكان جنين وقُتل 67 منهم).

وقال أحد السكان:«ما يحاول الإسرائيليون فعله بكل هذا الدمار هو خلق حالة من اليأس.. وما لا يدركونه هو أن قوتنا الكبرى هي وحدتنا».

قبل ثلاثة أشهر، أعربت عن حزني لأن الإسرائيليين والفلسطينيين لم يتعلموا من دروس الماضي - فالعنف لن ينهي الاحتلال ولا يوقف مواجهته. وعندما ينتهي هذا الصراع سنجد أنفسنا قد عدنا من حيث بدأنا، إلا أننا سنعود بمزيد من الموت والغضب والتطرف من كلا الجانبين.
كما أن الولايات المتحدة لم تتعلم أي دروس. لقد وقفنا صامتين بعد تحذير إسرائيل من أخطائنا في أفغانستان. لقد حذرناهم من استهداف المدنيين ثم قمنا بشحن القنابل التي تسببت في خسائر فادحة في حياة المدنيين، وتقبلنا بشكل سلبي نيتهم في القيام بإبادة جماعية. كما منعنا جميع الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار.
ولم تخف إسرائيل نواياها، إذ أعلنت مراراً وتكراراً أنها ستسوي غزة بالأرض، وتعيد احتلالها، وتقوم بتهجير سكانها إلى مصر. وكان الرد الأميركي ضعيفاً: مجرد تصريحات ضد إعادة الاحتلال والتهجير القسري.

لا يمكن وصف «الخطة» الأميركية للمضي قدماً إلا بكل تهذيب، باعتبارها تزيد الطين بلة. ومن الوهم الاعتقاد بأن السلطة الفلسطينية يمكن أن تحكم غزة في أعقاب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، أو أن هذا أو أي ائتلاف إسرائيلي في المستقبل سيتحرك نحو حل الدولتين عن طريق التفاوض. مع تدمير غزة، والمستوطنات الإسرائيلية التي تجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية متجاورة، وقيام المستوطنين والجيش الإسرائيلي بتطهير الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، وعدم وجود حكومة ائتلافية إسرائيلية محتملة مستعدة لقبول دولة فلسطينية مستقلة، وإضعاف السلطة الفلسطينية وإصابة حماس بالشلل، ورفض الولايات المتحدة كبح جماح إسرائيل – ما الذي سيتم التفاوض عليه ومع من؟

إن السلوك السيئ الذي يُترك دون رادع ينمو ويتفاقم. لقد سمحت الولايات المتحدة بحدوث هذا الوضع. وإلى أن نجد الشجاعة السياسية للمطالبة بوقف إطلاق النار وإنهاء المساعدات السياسية والعسكرية في المستقبل، فإن دائرة العنف والقمع ستستمر. وعلينا أن نتعلم الدروس من إخفاقاتنا في الماضي والحاضر وأن نغير المسار.

ودروس ما جرى خلال الأشهر الثلاثة الماضية من شأنها أن تجبر الإسرائيليين على مواجهة التكاليف المترتبة على المسار الذي اختاره قادتهم ويسمح للفلسطينيين بالشعور بالأمل في فهم محنتهم. وهذا يمكن أن يمثل بداية عملية طويلة من التحول تقود الطريق إلى السلام.


*رئيس المعهد العربي الأميركي

دلالات

شارك برأيك

ثلاثة أشهر على حرب غزة

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أمريكا وحروب الإبادة: سجل حافل بالصناعة أو التورط

صبحي حديدي

انتظروا بياناً هاماً ...!!

سمير عزت غيث

اليوم التالي ووهْم حلّ الدولتين

محمد الهندي

ألسنة اللهب ترتفع في الجنوب والشمال والدبلوماسية الدولية تكتفي بالأقوال ..!!

حديث القدس

احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية

د. أسعد عبدالرحمن

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

جواد العناني

النكبة وسرديّة المخيّم الكبرى

سمير الزبن

الجامعات والإعلام ودورهما في تعزيز"الانتماءِ للقضية الفلسطينية"

تهاني اللوزي

المقاومة ونتنياهو ولعبة الوقت

بهاء رحال

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 73)

القدس حالة الطقس