أقلام وأراء

الإثنين 18 ديسمبر 2023 10:18 صباحًا - بتوقيت القدس

الذبحة الإقتصادية وإنعاش الضحية

بقلم:- الدكتور سعيد صبري، مستشار اقتصادي دولى، وعضو مجلس إدارة صندوق دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة



يتجه الإقتصاد الفلسطيني نحو المجهول والأنين المؤلم، ولا يوجد من يطبطب الآلالم ، هل نحن مقبلين على كارثة اقتصادية غير محسوبة ، مع ضعف الاداء والتخطيط ، هل الشلل الاقتصادي الذي ضرب مناحي الحياة الاقتصادية ليس كافيا على ان نبحث عن بدائل إقتصادية ، ام الحلول الترقيعيه هي الوسيله، فماذا بعد منع المزارع الفلسطيني من تحصيل محاصيل الزيتون والحمضيات، وتوقف الموسم السياحي، وتوقفت الرواتب والأجور للعاملين في المؤسسات الحكومية، وماذا ننتظر بعد وصول عدد الفقراء من ابناء شعبنا الى فوق مليوني مواطن ، وعدد العاطلين عن العمل الى 400 الف عامل؟ هل ننتظر الحلول الذي سيقدمها الممول العربي أو الأجنبي ، أوالحكومة اليمينه الإسرائيلية، وننتظر تصدقهم بعدد محدود من العمالة الفلسطينية للانقاذ 1% من شلل اقتصادنا حل؟ ام هي عملية ذر الرماد بالعيون وارضاء للولايات المتحدة. أين القرار الفلسطيني بين طيات رياح المحتل؟
ثلاثة أشهر منذ بداية الحرب على قطاع غزة ونحن نشهد حالة التوهان تحولت الى حالات من صعقات وذبحات إقتصادية ادت الى شلل جزئي في أطراف الحياة الرئيسيه ، ونحن نترقب اجراء حكومي ينقذ ما تبقى من الاقتصاد ، 305 الف وحدة سكنية دمرت وحوالي 205 الف وحدة دمرت جزئيا وتشكل التقديرات الدولية ان ما يقارب 11 مليار دولار خسائر الاقتصادية الاولية للإعمار في قطاع غزة، بينما تشيرالمعلومات عن ان ما يزيد عن 30% من المنشآت الإقتصادية قد اغلقت ابوابها كليا بالضفة الغربية والرقم بتزايد ، وتبلغ فاتورة أجور هؤلاء العمال من الذين يعملون بالداخل قرابة 1.7مليار شيكل (420 مليون دولار) شهريا، معظمها يتم ضخه في أسواق الضفة الغربية، على شكل قوة شرائية واستهلاكية.
إن تراجع مصادر الدخل بسبب فقدان الوظائف وتراجع التجارة وتشديد القيود وخفض الرواتب، ستؤدي إلى تراجع مستويات النمو بسبب التأثير على مستويات الاستهلاك. توقف فلسطيني الداخل 1948 من زيارة مناطق الضفة الغربية والتسوق بها حيث ينفق ما يقارب 1.5 مليار دولار سنوياً كما وقد اثر على قطاع الاستثمار في الضفة الغربية ، حيث ان كثير منهم استثمروا وآخرين يستثمرون برام الله واريجا بشراء الفلل والشقق السكنيه.
أما الإجراء الأكثر أثرا مباشرا وقد أدى الى شلل كامل فيتمثل في عدم تحويل المقاصة الصريبية الشهرية للحكومة الفلسطينية ، وهذا يعني عدم دفع الرواتب لأكثر من 150 ألف موظف من موظفي السلطة الفلسطينية وايضا ضربة اهتزازية بهيكلية السلطة الفلسطينية والمركز المالي لها، وتعتبر الفاتورة الشهرية للحكومة الفلسطينية لدفع الرواتب والتى تقدر ب 300 مليون دولار شهري أساسية بالدوران الإقتصادي حيث أن معظم موظفي القطاع العام هم موظفين مقترضين من البنوك المحلية ، وعدم حصولهم على رواتبهم الشهرية سيؤدي الى توقف سداد القروض للبنوك الفلسطينة ، وقرار الحكومة الاسرائيلية بإقتطاع مبلغ مخصص لقطاع غزة ياتي ضمن سلسة من القرارت التى تهدف الى شلل الحركة التجارية الداخلية للمواطن الفلسطينيى بشطرية الضفة الغربية والقطاع .
مما لاشك فيه اننا مقبلين بالضفة الغربية الى مرحلة حرب ولكن هي حرب إقتصادية ، وهذا يقرأ من المؤشرات الإقتصادية والاجراءات الإسرائيلية التى يمارسونها على حد سواء بالقطاع من حرب عسكرية مكثفة تدميرية يدمرون البناء والإنسان، وكذلك حرب في لقمة العيش للمواطن بالضفة الغربية ، فقد انخفضت القدرة الشرائية لدى المواطن بالضفة الغربية الى 50% وهذا مؤشر ايضا أن الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة قد تأثرت في بنيتها التحتية الإقتصادية اي ما يقارب 70% من الإقتصاد الفلسطيني قد تأثر ، إما بإغلاق تام للنشاط الإقتصادي او إغلاق جزئي نتيجة إجراءات الاحتلال بعزل المدن والمناطق عن بعضها البعض ، ومنع الموظفين والحركة التجارية الداخلية والخارجية من عملية انسيابية طبيعية ، أعاق ويعيق وثمثل ذبحة إقتصادية أدت بالمرحلة الحالية الى الشلل الواضح بالنشاط الإقتصادي، فتأثر البنوك والمواطنين من الشيكات المعادة "لعدم كفاية الرصيد" لهو مؤشر على ما يحدث من شلل للمنظومة الإقتصادية الفلسطينية الهشه وأرقام الشيكات والقيم المالية المعادة التى وصلت الى ارقام تفوق أزمة كورونا حيث وصلت نسبة الشيكات المعادة الى 200% ، أن قيمة الشيكات المقدمة للصرف في أكتوبر، زادت بنسبة 25% إلى 2.13 مليار دولار، صعودا من 1.75 مليار دولار في الشهر السابق له، وحسب بيانات منشورة فقد بلغت قيمة الشيكات المرتجعة خلال شهر اكتوبر (الشهر الأول للحرب) ، 240.8 مليون دولار، صعودا من 97.7 مليون دولار في سبتمبر/أيلول السابق له.
أما مدينة القدس والتى هي جزء لا يتجزأ من المنظومة الفلسطينية والتى ترزح تحت الإحتلال ، فحدث ولا حرج، إغلاق شامل بالمدينة القديمة ، المشهد محزن للمدينة القديمة والمحلات التجارية مغلقة ابوابها والمستوطنين اليهود يتجولون بالشوارع والأزقة العربية الفلسطينية بحرية، بينما يتعرض المواطن المقدسي من التفتيش والتنكيل على ابواب المدينة المقدسة ، يعتمد المواطن المقدسي على قوتة اليومي إما من العمل المباشر بالمحلات التجارية التى تعتمد على الحركة السياحية التى توقفت منذ شهر اكتوبر أو من المواطنين الفلسطينين القادمين من مناطق الداخل الفلسطيني الذين ايضا توقفو من زيارة القدس الاسبوعية نتيجة للحواجز الاحتلالية التى تعيق قدومهم او تنقلهم بالمدينة المقدسة او القديمة منها. وكما يعتاش المواطن المقدسي من العمل بالجزء الغربي من المدينة المقدسة بشركات اسرائيلية والتى اصبحت غير آمنه نتيجة التهديدات بطرد عقابي للمواطن المقدسي من العمل. وكما يعتاش كثير من المواطنين على معيشتهم اليومية على النظام الإجتماعي والصحي الإسرائيلي بمبالغ زهيدة لا تعينهم على متطلبات الحياة، في ظل الهجمة الشرسة على المواطنين المقدسيين والذي وصل تعدادهم 350 الف مواطن يسكنون داخل الجدار يعانون الأمرين مر الإحتلال وقلة الحال ولا معين لهم إلا الله.

وبناءا على ما تقدم أين نحن من هذا أين الحكومة الفلسطينية وبرنامج للإنعاش الإقتصادي ، مع العلم إذا كنا نعتمد بالحروب الماضيه على المساعدات الخارجية ، في ظل الموقف الرسمي لدول المساعدات الداعم للحرب، لا أعتقد انهم سيساعدون الشعب الفلسطيني ، وتشير المؤشرات الإقتصادية السابقة الى تضاؤل الدخل من المساعدات الخارجية العربية والغربية حيث انها هوت لتصل الى 30% مما تلتزم به هذة الدول الغربية والعربية على حد سواء. وكيف سنقوم ياستيعاب البطالة المتفاقمة التى وصلت الى 45% في أحدث أرقامها في ظل عجز المنشأت الإقتصادية الصغيرة والمتوسطة من القيام بواجبها الحالي ومعانتهم من نقص بالمواد الخام وزيادة التكلفة ومحدودة السوق المحلي وصعوبة التنقل بين أطراف الوطن.
وعلية فإنني اتقدم الى صناع القرار بالحكومة الفلسطينية بالعمل على إنجاز برنامج إنعاش للمنشآت الاقتصادية حالاً ، والعمل على إعفاء الشركات الصغيره والمتوسطة من الضرائب لكي تتمكن من القيام بمهاتها برفد الإقتصاد الوطني، كما أوصى أن يتم إعتماد برنامج تحفيزي للشركات المحلية يشجعهم على استيعاب العمالة الفلسطينية ، واستحداث برنامج تمويلي بضمان القروض من قبل الحكومة مربوط بمن يستوعب عدد من الأيدي العاملة الفلسطينية ، كما أوصى أن يعتمد برنامج إعفاء جمركي للمواد الخام الغير متوفرة محليا لدعم القطاع الصناعي. كفانا إنتظاراُ ونحن متفرجين.

دلالات

شارك برأيك

الذبحة الإقتصادية وإنعاش الضحية

المزيد في أقلام وأراء

كابينيت الحرب يقرر مواصلة الحرب

حديث القدس

الإصرار الأميركي نحو فلسطين

حمادة فراعنة

من "اجتثاث حماس" الى "الهزيمة النكراء" .. الصفقة خشبة خلاص لإسرائيل

حمدي فراج

زمن عبد الناصر

سمير عزت غيث

الأسير باسم خندقجي بروايته طائرة مسيّرة تخترق القبة الحديدية

وليد الهودلي

مرحى بالصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة

مروان الغفوري

متى تضع أمريكا خطًّا أحمر؟

سماح خليفة

بين انتفاضة الجامعات الأميركية والجامعات العربية

عبد الله معروف

انتفاضة الجامعات ضد حرب الابادة.. هل تنجح في احياء الوعي بقيم العدالة ؟

جمال زقوت

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 227)

القدس حالة الطقس