أقلام وأراء

الأحد 27 أغسطس 2023 10:06 صباحًا - بتوقيت القدس

الاستقرار الامني والسياسي في قطاع غزة ..محرك حاسم لانتعاشة اقتصادية

 يعتبر الاستقرار الأمني والسياسي من أهم المقومات الرئيسية للتنمية الاقتصادية, فبدون الأمن لا توجد تنمية وبدون التنمية لاتوجد المنظومة القوية ذات الأسس السليمة. 


والاستقرار السياسي لأي بلد يعتبر الارضية الخصبة والاساس لكل عملية تطور او تقدم وفي المجالات كافة ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية...وغيرها ، الى جانب تحقيق الامن.


وعندما نتحدث عن قطاع غزة الجيب الساحلي الصغير على شاطئ البحر الابيض المتوسط وبما يشمله من تضاريس جغرافية مهمة وحياة لحوالي مليوني مواطن فلسطيني جلهم يعيشون تحت خط الفقر بسبب الظروف السياسية والامنية المعقدة التي تحيط بهذا الجيب المحاصر من كل الجهات فان قراءة لما كان عليه الوضع قبل ١٧ سنة وما آلت اليه الاوضاع اليوم من تحسن طفيف طرأ على الحالة السياسية والامنية بعد سلسلة الحروب والدمار تضعنا امام منعطف جديد وسؤال جدي مفاده : هل يؤثر هذا الاستقرار الامني والسياسي ولو كان مرحليا على النمو الاقتصادي والازدهار في المنطقة ؟ 


صحيح ان الاستقرار والهدوء يساهم بتحسين ورفع وتيرة العمل وتوفير الاجواء المناسبة لتحقيق التقدم والنمو في كافة المجالات ومن اهمها مجال التنمية الصناعية لاننا نتحدث عن رقعة جغرافية فقيرة وتحتاج اكثر من اي وقت مضى الى الاستقرار السياسي والامني الذي سيؤثر حتما في نمو وازدهار وتطور الصناعة والاقتصاد ليعود بالفائدة على معظم سكان القطاع الا ان الهدوء في قطاع غزة يبقى مرحليا لانه وليد ونتاج صراع سياسي وامني معقد ففي اي لحظة قد تنقلب الاوضاع وتسود اجواء الحرب والهجوم الذي يتسبب بتدمير ما يتم بناؤه في سنوات الهدوء ، ومن هنا يمكن القول بشكل واضح ان الاستقرار في كل الجبهات والمجالات يسهم الى حد كبير يتنفس مواطني غزة ومنحهم وقتا جيدا للعمل والتطوير وتحسين وضع الاقتصاد ليعود عليهم بالفائدة لكن ذلك مشروط باستقرار دائم وهدوء متواصل وهذا ما لا يمكن تحقيقه الا اذا تغيرت المعادلات السياسية في المنطقة كليا وحصل قطاع غزة بموجب اتفاقيات دولية ورعاية اممية على استقلاله وحريته التامة ، آنذاك يمكن القول ان الانتعاشة الاقتصادية ستظهر معالمها بشكل كبير وواضح نظرا لعدم الخشية من العودة الى مربع الصدام والنزاع .


هل هذا ممكن في المنظور الحالي ؟

نؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان التطورات الخارجية والداخلية في قطاع غزة على حد سواء لا يمكن ان تتحقق معها هذه الامنية في أمد قريب نظرا لتعقيدات كبيرة مرتبطة بالحصار والسياسات الاسرائيلية والانقسام الفلسطيني وطبيعة الحكم من قبل حركة حماس وغيرها من المعوقات الاجتماعية وعليه ما البديل لضمان استمرار الاستقرار المؤقت الحالي؟ 

الجواب يكمن في العقلية والوعي لفصائل المقاومة التي دأبت خلال الاشهر الاخيرة على نهج اسلوب دبلوماسي جديد فيه روح من المقاومة والكبرياء ولكن في نفس الوقت تفكير بوعي وعقلانية بالظروف المحيطة في القطاع وامكانية تحولها في ليلة وضحاها الى مأساوية ومن هنا فان هذا التفكير الذي يركز على امن المواطنين وسلامتهم وتجنيبهم خطر وجحيم الاعتداءات الاسرائيلية فوت الفرصة كثيرا على اسرائيل بتحقيق مآربها لفرض مزيد من القلق والجوع والنكبات في القطاع من جهة وساهم من الجهة الاخرى بجلب الامن والهدوء ولو مؤقتا لمواطني القطاع ..


ان استغلال هذه الوضعية والابتعاد عن لغة التهديد والوعيد والحروب في الوقت الحالي يساهم بخلق واقع اجتماعي واقتصادي يساعد على ايجاد ارضية يتم البناء عليها لخلق مناخ اقتصادي منتج يوظّف الموارد المالية والبشرية، مما يكون له اثر اقتصادي مباشر ببدء النمو الاقتصادي وتوظيف المزيد من العاطلين عن العمل نحو مستقبل يحقق رغبات الجيل الفقير الحاضر ويحمي مصالح الاجيال المقبلة. 


ان هذه الارضية المرتكزة على استقرار سياسي وامني اصبحت مطلبا رئيسيا لنجاح عملية التنمية الاقتصادية في قطاع غزة  حيث انها  تعد الدعامة الاساسية للأرتقاء بمؤشرات التنمية البشرية من خلال توافر امكانية تعزيز الانفاق في مجالات التعليم والصحة والتصدي للفقر وذلك مرتبط بمشاريع تنموية تقدمها الدول المانحة والداعمة ..


عندما يتوفر الامن وعوامل السلامة يحرص رجال الاعمال واصحاب المشاريع على اطلاق مشاريعهم واعمالهم في مناطق تتوافر فيها ظروف السلامة والامن حرصا على نجاحها ومن هنا يمكن القول ان المشاريع التنموية في عالم الاقتصاد تقدم حتى هذه اللحظة من قبل رجال الاعمال والشركات الكبرى على خجل خشية عدم النجاح نظرا لان الحديث هنا عن مشاريع وخطط خمسية وعشرية متوسطة وطويلة الامد وبالتالي مع عدم ضمان توفر عوامل الهدوء والامن والسلامة لفترة زمنية طويلة خشية وقوع مواجهات  جديدة في القطاع تحد كثيرا من فرص بناء وانجاز مشاريع تنموية حقيقية في قطاع غزة وعليه فان الحالة الاقتصادية تبقى رهينة الظروف السياسية والامنية في المنطقة ومن هنا نقول ان غزة تحتاج الى هدنة طويلة الامد تضمن من خلالها الاسرة الدولية المعنية باستتباب الامن وتوفر الهدوء في القطاع ان يتواصل الهدوء لاطول وقت ممكن حتى ينعم القطاع بعامل مهم وحاسم لتحريك عجلة الاقتصاد …


اذا كان الاستقرار الامني والسياسي يعتبر ضرورة من ضرورات حقوق الانسان التي تحرم الاعتداءات والانتهاكات ايضا فهو هنا من وجهة نظرنا واجب ملقى على عاتق الفصائل الفلسطينية من اجل مصالحة تعيد الهدوء بعيدا عن الانقسام ومطلب حيوي لرفع الحصار الاسرائيلي الجائر ومنح قطاع غزة حقه بممارسة حياته الهادئة المستقرة لينجح بالبناء عليها لمشاريع الاقتصاد والتنمية في كل المجالات …


تمتلك معظم دول العالم  مقومات التنمية كالثروات الطبيعية والبشرية شأنها شأن قطاع غزة المطل على البحر لكن فقدان الاستقرار السياسي والأمني، وصراع الاحزاب والفصائل ، والتنافر احيانا بين الحكومة والمواطن والاستئثار بالسلطة والحكم واستمرار الانقسام والحصار  وغيرها من العوامل تحول  دون بناء كيان  مستقر في قطاع غزة الذي يحتاج اكثر من اي وقت مضى لهذا الكيان القائم على الهدوء والاستقرار السياسي والامني ليحقق انتعاشته  التي يستحقها بعد زمن طويل من الحصار والحروب والدمار والمعانيات .

دلالات

شارك برأيك

الاستقرار الامني والسياسي في قطاع غزة ..محرك حاسم لانتعاشة اقتصادية

المزيد في أقلام وأراء

في انتظار الموت المؤجل ...

يونس العموري

القرار في غزة والجواب في القاهرة

حديث القدس

قمع حراك الجامعات الأمريكية.. أهداف ومعان

فوزي علي السمهوري

تناقض أم تكامل الخطابين: العسكري والسياسي

سماح خليفة

الحكومة, الانتخابات والوحدة: ما هي استراتيجية الخروج؟

د. دلال صائب عريقات

تحديات أمام الأحزاب

حمادة فراعنة

الشارع الإسرائيلي يطالب بوقف الحرب ودفع الثمن

حديث القدس

الحجر بكى من وجع غزة

ريما محمد زنادة

الحرب على " ظهور الماعز"

عطية الجبارين

حصار إسرائيل وأميركا في الأمم المتّحدة

عائشة البصري

الهدنة وقرار اجتياح رفح

بهاء رحال

الاستحقاق الانتخابي في موعده

حمادة فراعنة

غزة ... والحرب العالمية الثالثة ... والعرب يتفرجون !!!

ابراهيم دعيبس

الهجوم الإسرائيلي على رفح محكومٌ بالفشل

محسن محمد صالح

نتانياهو وفيتو صفقة التبادل

حديث القدس

هل ما زالت ألمانيا تكره الحروب؟

وليد نصار

مكاسب استراتيجية للفلسطينيين

حمادة فراعنة

دورنا في مواجهة المعادلات الجديدة في ظل عجز أمريكا وأزمة إسرائيل

مروان أميل طوباسي

حماس وطوفان الأقصى.. والإكراهات الجيوسياسية

ماجد إبراهيم

رفح ثغر الشعب و حبل الصرة مع الأمة

حمدي فراج

أسعار العملات

الإثنين 29 أبريل 2024 9:46 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.8

شراء 3.79

دينار / شيكل

بيع 5.37

شراء 5.35

يورو / شيكل

بيع 4.1

شراء 4.04

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%73

%23

%4

(مجموع المصوتين 179)

القدس حالة الطقس