أقلام وأراء

الإثنين 21 أغسطس 2023 10:06 صباحًا - بتوقيت القدس

الجنية الفلسطيني الرقمي يستبدل الشيكل

هل سنجد انفسنا بعد فترة قصيرة من الزمن نتعامل بعملة جديدة اسمها " الجنية الفلسطيني الرقمي" ، وهل ستستطيع السلطة الفلسطينية بفرضها على المواطنين المحلين بالضفة الغربية وقطاع غزة من غير تحديات وعقبات من قبل الاحتلال ، وقبول سهل من المواطنين؟ وكيف ستتم عمليات التجارة الخارجية ؟


 وهل سيتم الاستغناء عن التمويل الخارجي من قبل دول العالم الذين يحولون بعملتهم ويلزموك بالتعامل بها؟ وكيف سنعالج الدخل اليومي والشهري للعمال الفلسطينين الذين يعملون بالداخل والذي يقدر عددهم ب 170 -200الف عامل والذين يحصلون على دخلهم بالشيكل الاسرائيلي؟
قررت الحكومة الفلسطينية، بتاريخ 6/2/2018، تشكيل لجنة من الوزارات المختصة للبدء بإعداد الدراسات والمقترحات للشروع في خطوات لفك الارتباط مع الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك تشكيل لجنة لدراسة الانتقال من استخدام عملة "الشيكل الإسرائيلي" إلى أي عملة أخرى، وإمكانية إصدار عملة وطنية.


فهل ستستطيع الحكومة الفلسطينية بالقفز نحو عملة رقمية وطنية بالرغم من قيود بروتوكول باريس الاقتصادي، أحد ملحقات اتفاق "أوسلو"؟ وهل سنستطيع تعزيز الاقتصاد الفلسطيني المتهلهل ، ام سيؤدي الى صفعة جديدة من الصفعات على الاقتصاد الفلسطيني، وهل سنستقطب المزيد من الاستثمارات الخارجية ام سنخلق هجرة للمستثمرين نحو اسواق اكثر امانا, ام يمكن أن يحقق إصدار عملة فلسطينية رقمية مستقلة الاستقرار النسبي في السياسة النقدية والمالية في فلسطين، والذي قد يؤدي الى استقلالية السياسة الاقتصادية الفلسطينية، والتحكم بالمتغيرات الاقتصادية، والحد من مشكلتي البطالة والتضخم عبر سياسات تلائم كل مشكلة اقتصادية، واستقطاب رؤوس أموال فلسطينية في الخارج، إذ تبلغ استثمارات الفلسطينيين في الخارج، بحسب بعض تقديرات الجهات الرسميه ، ما بين 80-150 مليار دولار.


لاشك إن العملة الوطنية تعد من رموز سيادة الدولة، ووجودها إحدى أهم عنواين السيادة الاقتصادية ، وعنوان مهم للحد من التبعية للجهات الاجنبية التي ما زالت تسيطر على الواقع الفلسطيني، كما ستساعد في تعزيز الموقف السياسي الفلسطيني ، واتخاذ القرار الوطني المستقل. 


كما ستساعد في تبني سياسات مالية داعمة لتحقيق الأهداف الاقتصادية للدولة. ومن الاوجه الايجابية لوجود عملة وطنية المساهمه في تمويل انشطة القطاع العام، وعلاج المشكلة المتفاقمة بعجز الموازنة وتقليل حجم الاعتماد على الخارج. إضافة الى تخفيض قيمة العملة وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد. كما انها ستساعد الحكومة في إصدار سندات. ومن الادوار المساهمة في حماية ومراقبة وتنظيم النظام المالي من خلال تحسين دور المقرض ، بدلًا من التنازل عن دور الرقابة على النظام المصرفي للسلطات النقدية صاحبة العملات المتداولة في فلسطين.


لقد بدأت قصتنا بموضوع العملة منذ توقيع اتفاقية باريس الاقتصادية والتي "نصّت المادةُ الرابعة فيه على استخدام الشيكل الإسرائيليّ الجديد كوسيلةٍ للدفع في الضفّة الغربيَّة وغزَّة، وللأغراض كافة، بما في ذلك الصفقات التجاريّة، والتعامل الحكوميّ والمصرفيّ،ولكن بالنظر حول النظام المالي الفلسطيني يظهر ان المواطنين يتعاملون مع عملتي الدينار الاردني والدولار الامريكي ولا يثقون بالشيكل حيث إن معظم مدخرات وودائع المواطنين الفلسطنين بالبنوك هي بعملتي الدينار الاردني والدولار الامريكي.


ومن الآثار التي تأثر فيها الاقتصاد الفلسطيني من إتفاقية باريس الاقتصادية ،أزمة السيولة النقديّة، وايضا فائض عملة الشيكل والمتوفرة لدى البنوك الفلسطينية والتي اثرت سلبا على اداء البنوك، بينما وبحسب بروتوكول باريس، يتوجّب على البنوك الإسرائيلية استقبال فائض الشيكل من البنوك العاملة في فلسطين بالتنسيق المشترك بين سلطة النقد و"بنك إسرائيل"، وفقاً لنص الفقرة 18. إن أهمية تحويل الفائض من عملة الشيكل للعملات الأخرى في أنه يُساهم في استمرار تداول العملات الأجنبيّة بالأسواق، ما يعني استقراراً اقتصاديّاً أفضل.


اما النقص في كميّات عملة الشيكل المتاحة للتداول والاستخدام في المعاملات اليوميّة، أو زيادتها.وهناك مسببان رئيسيان طفيا على السطح: الاول يعود لنمط الاقتصاد القائم على الاستهلاك، وما ينتج عن ذلك من تضخمٍ للديون- على شكليها الزيادة بنسبة القروضٍ الآجلة أو الشيكات المرتجعة. أما الثاني: فسيتعلّق بمكوّن الأزمةِ الرئيس بالتقييدات الإسرائيليّة، وتحكّم الاحتلال بالكميّة الماديّة المتاحة للتداول من عملة الشيكل الورقيّة والمعدنيّة . ويتسبب المكوّن الثاني، وهو محور هذه المقالة ، بتعقيد عمليات الدفع وتبادل الأموال وشراء السّلع والخدمات، خاصّة أنّ النظام المصرفيّ الفلسطينيّ ما زال في غالبه معتمداً على تبادل العملة، ولم يشهد النظام البنكي فيه وسائل الدفع الإلكترونيّة بعد كاملة، فمثلا نظام دفع الضريبة ما زال لا يخضع للنظام الكتروني وغيرة من الدفعات التي ما زال المواطن مطالبا ان يتمها بحضورة شخصياً بما في التوقيع على المعاملات البنكيه، وعزوف المواطنين على الثقة باستخدام النظام الالكتروني المعد حاليا. وهذا احدى الصعوبات التي قد تواجه العملة الرقمية .


بينما يظهر تحد كبير يتمثل في العمال الفلسطنيين الذين يعملون بالداخل المحتل، وتشير معلومات موثقة من مصادر معتمدة إلى أن العمال الفلسطينيين لدى إسرائيل يودعون ما بين 10 و12 مليار شيكل سنويا، وأن نحو 5 مليارات شيكل ينفقها فلسطينيو 48 بالضفة الغربية سنويا، فيما تشير بيانات رسميه ان عدد العمال الذين يعملون بالداخل(اراضي 48) يصل بين 170-200 الف فلسطيني. اما في موضوع التجارة الخارجية وتدفق البضائع بنسبة 80 في المئة يكون بواسطة إسرائيل، وهي لن تقبل بالعملة الفلسطينية الرقمية


ويتم استخدام الشيكل الاسرائيلي بشكل أساسي بين الفلسطينيين لإجراء معاملاتهم اليومية، منذ عام 1994 كما يعد الاقتصاد الإسرائيلي الأكثر تضررًا من توجه الفلسطينيين إلى إصدار عملة وطنية بغض النظر إن كانت الكترونية او ورقية ومعنية، لأسباب عدة، أهمها أن الضفة والقطاع يستحوذان على 10-15% من مجمل النقد الذي يصدره البنك المركزي الإسرائيلي، وتعتبر فلسطين مكانا خصبا لعملة الشيكل ، والمستفيد الوحيد منه الاقتصاد الاسرائيلي ، وعلية يجب البدء بالعمل على الاستقلال الاقتصادي وهو سيؤثر على الاقتصاد الاسرائيلي سلباُ، ونوصي ا،لجهات الرسميه الحكومة الفلسطينية وسلطة النقد الفلسطيني:-


اولاً:- العمل من كل الوزارات والهيئات الرسمية الحكومية وغيرها، بكافة الجهود الوطنية لدعم وتهيئة بنية تحتية تكنولوجية متطورة، كونها أساس إصدار عملة رقمية، والعمل على صياغة استراتيجية وطنية، ينتج عنها خطط تشغيلية، تعمل على تهيئة بنية تحتية تكنولوجية حديثة.


ثانيا:- إعداد خطط حكومية للتوقف عن قبول الدفعات النقدية، وقبول الدفعات الإلكترونية للرسوم والإيرادات الحكومية المتنوعة، في سبيل تشجيع عمليات الدفع الإلكتروني.


ثالثا:- اصول احتياطية ( من الذهب، والعملات العالمية) في ظل غياب العملة المحلية ، يجب تصميم عملة رقمية مستقرة ترتكز على اصول احتياطية بغض النظر ان كانت رقمية او ورقية، ، بحيث تؤدي وظائف العملة الرئيسية، وتكون هي العملة الرسمية الفلسطينية.


رابعا: يجب على سلطة النقد الفلسطينية العمل على تعزيز الشمول المالي من خلال تشجيع المنتجات المالية المختلفة ووضع لجان لخلق تجانس بين كافة الابتكارات التكنولوجية من قبل المصارف، ومؤسسات الإقراض وشركات الدفع وغيرها من المؤسسات المالية وغير المالية.


خامساً:- يجب العمل على معالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية ونشر الوعي المالي وتوسيع قاعدة الشمول المالي.


بالرغم من التكلفة العالية للمقترح ، باعتقادي فان تكلفة البقاء على الوضع الحالي سيضعف النظام المالي الشمولي ، والقدرة الاستثماريه لدى النظام المالي الحالي، بالاضافة الى تعزيز عملة الشيكل ، كبديل عن عملتنا الوطنية. وفي الختام اقتبس ما قاله إسلام كريموف


:"لا يوجد سعادة بالنسبة لي أكثر من حرية موطني".

دلالات

شارك برأيك

الجنية الفلسطيني الرقمي يستبدل الشيكل

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أمريكا وحروب الإبادة: سجل حافل بالصناعة أو التورط

صبحي حديدي

انتظروا بياناً هاماً ...!!

سمير عزت غيث

اليوم التالي ووهْم حلّ الدولتين

محمد الهندي

ألسنة اللهب ترتفع في الجنوب والشمال والدبلوماسية الدولية تكتفي بالأقوال ..!!

حديث القدس

احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية

د. أسعد عبدالرحمن

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

جواد العناني

النكبة وسرديّة المخيّم الكبرى

سمير الزبن

الجامعات والإعلام ودورهما في تعزيز"الانتماءِ للقضية الفلسطينية"

تهاني اللوزي

المقاومة ونتنياهو ولعبة الوقت

بهاء رحال

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 71)

القدس حالة الطقس