أقلام وأراء

الخميس 27 يوليو 2023 10:07 صباحًا - بتوقيت القدس

إسرائيل والمغرب واعتراف بالسيادة المتبادلة

تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، دعوة رسمية من العاهل المغربي محمد السادس لزيارة الرباط، هذا ولم يتقرّر حتى كتابة هذه السطور الموعد الرسمي للزيارة، ولكنها يمكن أن تجري في منتصف سبتمبر/ ايلول المقبل.


وجاءت هذه الدعوة الرسمية بعد اعتراف الإسرائيليين الرسمي بسيادة المغرب على اراضي الصحراء الغربية، حيث يحاول النظام المغربي جاهدًا اقناع العديد من دول العالم كي يدعم مثل هذه السيادة عنوةً ضد سكان الصحراء الغربية الأصليين، وتتنازع المغرب والجمهورية العربية الصحراوية بقيادة البوليساريو على سيادة هذه المنطقة، وتؤيدها العديد من الدول الافريقية وبعض الدول العربية.


وتعتبر الجُمهورية العَربية الصَحراوية الدِيمقرَاطية المسمّاة صحراء السهارى، دولة عربية ذات اعتراف محدود ومستعمرة سابقة لإسبانيا، التي خرجت منها عام 1975. حيث تقع في غرب أفريقيا على المحيط الأطلسي ويحدّها من الشمال المغرب ومن الشرق الجزائر ومن الجنوب موريتانيا ومن الغرب المحيط الأطلسي، وكانت قد أعلنت جبهة البوليساريو قيام الجمهورية العربية الصحراوية في 27 فبراير/ شباط من عام 1976 وشكلت أول حكومة صحراوية، برئاسة محمد الأمين أحمد في 6 مارس/ آذار 1976 وضمّت عدداً من الوزارات الميدانية التي سارعت إلى تنظيم واستكمال الهياكل التنظيمية والإدارية.


 تسيطر البوليساريو على نسبة تتراوح بين 20% و 25% من الإقليم المتنازع عليه. تطلق الحكومة الصحراوية على هذه المناطق «المناطق المحررة» أو «المنطقة الحرّة». أما المنطقة المتبقية المتنازع عليها من الصحراء فتُديرُها الحكومة المغربية وتطلق عليها اسم الأقاليم الجنوبية التابعة لها، حيث تفرض المغرب سياسة الضمّ الاقليمي على هذه المناطق تمامًا كما تفعل اسرائيل في الضفة الغربية.


تعتبر الحكومة الصحراوية المنطقة الخاضعة تحت الحكم المغربي منطقةً محتلة، وفي المقابل فإن الحكومة المغربية تعتبر المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة الجمهورية الصحراوية منطقة عازلة. تعد مدينة العيون العاصمة التي تزعمها الجمهورية الصحراوية، لكن نقلت حكومة الجمهورية الصحراوية العاصمة المؤقتة من بئر لحلو إلى تفاريتي عام 2008.


تقيم الجمهورية الصحراوية علاقات دبلوماسية مع 38 بلدًا تعترف بها، معظمها دول أفريقية والباقي دول ذات توجه شيوعي، وتتمتع بعضوية كاملة في الاتحاد الأفريقي، لكن جبهة البوليساريو ليست عضوًا في الأمم المتحدة ولا جامعة الدول العربية.


حيث تحاول المغرب جاهدة منعها من الانضمام لتلك المنظمات الدولية، والحصول على حق تقرير المصير. ويعتبر النظام المغربي اعتراف نتنياهو بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، إنجازًا كبيرًا لسياسة الملك، حيث انه يعتبر إسرائيل حليفة وصديقة لنظامه.


وتربط المغرب علاقات تاريخية بإسرائيل، حيث كانت الدولة الأساسية إضافة إلى العراق التي ساعدت الكيان الإسرائيلي منذ بدء إقامته في جلب وإرسال اليهود المغاربة إلى إسرائيل، الامر الذي زاد في قوة إسرائيل استراتيجيًا واقتصاديًا ومعنويًا في مطلع الخمسينات.


وقد استمرت العلاقات السرّية بين إسرائيل والمغرب منذ الخمسينات والستينات، خاصة على مستوى المخابرات، وقد ساعدت إسرائيل النظام الملكي في المغرب في تعقّب المعارضين والمناوئين لنظام الحكم الملكي، واتهمت فرنسا في منتصف الستينات الموساد الاسرائيلي بالتعاون مع النظام المغربي لقتل المعارض المغربي ابن بركة في فرنسا.


أما النظام المغربي فقد أيّد دائمًا سياسة المهاودة في سياسة الدول العربية بشأن إسرائيل، حيث أن هذا النظام كان دائمًا يؤيد عدم مواجهة إسرائيل، بل اتخاذ سياسة معتدلة مع إسرائيل وعدم الاهتمام والاخذ بعين الاعتبار للشأن الفلسطيني.


ووقفت وبشكل مباشر مع إسرائيل في مؤتمرات القمة العربية المختلفة التي عقدت في الستينات السبعينات والتمانينات، وقد أفشل الملك الحسن الثاني، والد الملك محمد السادس في عام1975، مؤتمر القمة الدولي بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، الذي نادى بحلّ القضية الفلسطينية على أساس إقامة دولتين لشعبين عندما توسّط الملك حسن الثاني وشاه ايران رضا بهلوي وزعيم رومانيا آنذاك تشاوشيسكو، الذين استضافوا الرئيس المصري أنور السادات في المغرب واقنعوه بالذهاب إلى إسرائيل والبدء بما سُمّي بمبادرة السلام العربية، حيث تمّ القضاء نهائيًا على القضية الفلسطينية.


وقد أقامت المغرب علاقات دبلوماسية مباشرة مع إسرائيل بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو، حيث افتتحت سفارة مغربية عام 1995 وأغلقت عام 2000 بعد نشوب الانتفاضة الفلسطينية.


وعلى الرغم من أن العلاقات الدبلوماسية واغلاق السفارات بين الدولتين، فقد استمرت العاقلات بين المغرب وإسرائيل بشكل سرّي، حيث استمرت السياحة الإسرائيلية إلى المغرب طوال تلك الفترة، حتى اعتيدت العلاقات بينهما عام 2020 عندما وقعت اتفاقية إبراهيم، وهي اتفاقيات التطبيع المشهورة التي ضمّت المغرب والامارات والبحرين في هذا الاتفاق، بدعم وتوجيه وأوامر من الرئيس الأمريكي المؤيد والداعم لإسرائيل دونالد ترامب.


وكان السفير الاسرائيلي في واشنطن آنذاك رون ديرمر، الذي كانت تربطه علاقات وثيقة بمستشار الرئيس الأمريكي جيريد كوشنر، وهو يهودي ومؤيد لإسرائيل ومتزوج من ابنة الرئيس، حيث طلب منه السفير الإسرائيلي الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وقد تمّ ذلك مباشرة وبسرعة ممكنة عندما أعلن ترامب عن هذا الاعتراف في القدس، إضافة إلى اعتراف أمريكي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.
كما طلب رون ديرمر وهو صديق مقرّب لنتنياهو، أن يأمر ترامب الدول العربية، خاصة دولة المغرب والدول الخليجية، بأن توقّع اتفاقَ سلام مع إسرائيل ليكون بمثابة اتفاقيات مُكّملة لاتفاقيات كامب ديفيد.


وقد نفّذ كوشنر أوامر ديرمر وطلب من دونالد ترامب، أن يأمر هذه الدول بتوقيع اتفاقيات التطبيع مع اسرائيل وهذا ما كان في عام 2020.


وقد أجبرت هذه الدول على فتح السفارات في إسرائيل، متجاهلة كدول عربية اشقاءها الفلسطينيين، حيث وعدت إسرائيل آنذاك بأن لا تستمر في سياسة الضم الدستوري لأراضي الضفة الغربية، لكن إسرائيل وبقيادة من نتنياهو ولا نعلم إذا كانت المغرب وسياسييها، تعلم ما يجري وتستمر في سياسة الضمّ الاستيطاني وقضم أراضي الضفة الغربية بشكل بشع وقمعي.


وقد جاء الاعتراف الإسرائيلي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية وزيارة قريبة ممكّنه لنتنياهو إلى المغرب، بمثابة ازدياد وتعاظم للعلاقات المغربية الإسرائيلية المدعومة أمريكيا على حساب القضية الفلسطينية وإمكانيات حلها.


حيث أن هذا الامر يزيد من العناد الإسرائيلي بعدم إمكانية أي حل قريب او بعيد للقضية الفلسطينية.
ولا نعي إذا ما كان النظام المغربي يعلم او يفهم بتلك التطورات والاستنتاجات الجوهرية والبنيوية لتوقيعه على مثل هذه الاتفاقية مع إسرائيل.


وهنالك شرخ كبير بين النظام المغربي الذي يتجه بشدة نحو توثيق العلاقات السياسية لاقتصادية والعسكرية والأمنية، مع إسرائيل ومع الشعب المغربي، الذي يؤيد الكثير منه الشعب الفلسطيني، وقد ظهر ذلك جليًّا في مباريات كأس العالم، التي أقيمت في قطر عندما كان يهتف الشعب المغربي بحياة وحق تقرير الشعب الفلسطيني.


أما الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ، في خطابه امام الكونغرس في 18\7\،2023 فقد ادعى أن الإسرائيليين هم الذين يدعمون اتفاقيات إبراهيم مع المغرب، حيث زارها حوالي مليون سائح اسرائيلي خلال السنوات الاربع الأخيرة، لكن إسرائيل لا تسمح للمغاربة، في ظل هذا السلام أن يقوم أحدهم بزيارة القدس ويتمّ ذلك بصعوبة قصوى.


مهما يكن وفي حديثي مع مصادر دبلوماسية، فهنالك إمكانية أن يقوم الملك محمد السادس بزيارة إلى القدس، مستغلًّا كونه رئيَس لجنة القدس، التي أعطيت له في مؤتمرات القمة العربية آنذاك، حيث سيدّعي أنه سيقابل مسؤولين في السلطة الفلسطينية ويزور المسجد الأقصى، لكن زيارته هذه سوف تكون تمامًا كزيارة الرئيس السادات إلى القدس والمسجد الاقصى عام 1977، لكنها في واقع الامر، زيارة الى الجانب الإسرائيلي ونتنياهو الذي سيزور الرباط ويعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.

دلالات

شارك برأيك

إسرائيل والمغرب واعتراف بالسيادة المتبادلة

نابلس - فلسطين 🇵🇸

فلسطيني قبل 10 شهر

الطيور على اشكالها تقع ردلي القالك

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أمريكا وحروب الإبادة: سجل حافل بالصناعة أو التورط

صبحي حديدي

انتظروا بياناً هاماً ...!!

سمير عزت غيث

اليوم التالي ووهْم حلّ الدولتين

محمد الهندي

ألسنة اللهب ترتفع في الجنوب والشمال والدبلوماسية الدولية تكتفي بالأقوال ..!!

حديث القدس

احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية

د. أسعد عبدالرحمن

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

جواد العناني

النكبة وسرديّة المخيّم الكبرى

سمير الزبن

الجامعات والإعلام ودورهما في تعزيز"الانتماءِ للقضية الفلسطينية"

تهاني اللوزي

المقاومة ونتنياهو ولعبة الوقت

بهاء رحال

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 72)

القدس حالة الطقس