
أقلام وأراء
الثّلاثاء 25 يوليو 2023 10:13 صباحًا - بتوقيت القدس
كرنڤالات التوجيهي واجتماع "30 تموز"

الفلسطينيون يفتشون عن لحظة فرح قد تدلهم على بصيص أمل يساعدهم على البقاء والصمود . فقد كان الناس هنا، و فيما مضى من سنوات يصنعون أملهم اليومي في الاستثمار بالتعليم رداً على نكبة الاقتلاع والتهجير، عله يساعدهم على استرداد بلادهم المغتصبة ، كما كانوا يصنعون مستقبلهم بالكفاح العنيد لانتزاع الحرية والخلاص من الاحتلال والعنصرية . ذلك ما تميّزت به سنوات النهوض الوطني وحاضنتها الشعبية تحت رايات الوحدة واستعادة الهوية الوطنية الجامعة في محطاتها الكبرى بدءاً بتأسيس منظمة التحرير وانضواء فصائل المقاومة تحت رايتها لقيادة مرحلة الكفاح المسلح مروراً بالانتفاضة الكبرى والمقاومة الشعبية الشاملة لكل مناحي حياة الفلسطينيين لمواجهة مخططات الاحتلال.
اليوم يتراجع التعليم في فلسطين بصورة خطيرة ، وربما تتراجع أهميته العملية والمعرفية لدي الأغلبية التي تكتوي من الاحتلال والافقار . فقد اظهر مركز الاحصاء الرسمي، ارتفاعاً غير مسبوق لنسبة البطالة في اوساط الشباب الخريجين في فلسطين، إذ بلغ معدل هذه البطالة على المستوى الوطني 48% في العام 2022، بواقع 28% في الضفة الغربية و74% في قطاع غزة.
بالتأكيد أن مثل هذه الأرقام المرعبة لها أسباب متعددة، ولا يتسع هذا المقال للوقوف عليها جميعها، إلّا أنه لا يمكن تجاهل أسبابها المباشرة والتي يأتي في صدارتها نوعية التعليم ومدى انتاجه للمعرفة، أو استجابته لحاجة السوق ، وأيضاً لمؤشرات تشوه البنية الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الاحتلال والاستيطان و الحصار المطبق على قطاع غزة وعزل مدينة القدس المحتلة عن محيطها، بالاضافة إلى فشل حكومتي الانقسام في تحمل المسؤولية عن تفشي هذه المعضلة الوطنية الكبرى، وبلورة حلول جادة وملموسة لها، ناهيك عن الانقسام بحد ذاته الذي كسر ويكسر ظهر المشروع الوطني ويقدمه لقمة سائغة لمخططات الضم والتهجير الاسرائيلية، بديلاً عما كانت توفره سنوات النهوض الوطني من أمل بالحرية والعودة وتقرير المصير .
بالتأكيد أن هذا الواقع وفي مقدمته الاحتلال والانقسام، وأثرهما على ارتفاع المعدلات المطردة لنسب البطالة في أوساط الخريجين يشكل عنصراً أساسياً لارتفاع معدلات الرغبة في الهجرة والتي بلغت حوالي 25٪ في أوساط الشباب وفق الدراسة التي أجراها مركز "الباروميتر العربي"لعام 2022. والملفت للنظر هو تخفيض معدلات التوجيهي للقبول بالجامعات، ولربما يعود ذلك لمتطلبات زيادة واردات الجامعات التي تعاني من فقر في البحث العلمي وانتاج المعرفة، الأمر الذي بالتأكيد سيزيد من نسب الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل ، ومتوالية الرغبة بالهجرة بحثاً عن حياة تصادر مصادرها كل يوم في بلادهم .
ومع ذلك كله نجد أن الاحتفالات التي تعم البلاد مع اعلان نتائج التوجيهي تتحول إلى ظاهرة اجتماعية ، تكاد تتفوق عما يمكن تخيله من احتفالات الظفر بالاستقلال أو دحر الاستيطان وتحرير الأسرى. وقد باتت هذه الظاهرة في ظل تناقض المؤشرات التي ينبئ بها مستقبل التعليم والتشغيل والمعرفة بحاجة لدراسات وحلول جدية . وبثقة أقول أن النتيجة الاساسية التي ستستخلصها مثل تلك الدراسة ستتمحور حول فشل المشروع الوطني بفعل انهيار واقع الحركة الوطنية التي باتت فريسة للانقسام والصراع على السلطة والهيمنة على الموارد، والفساد والاحتكار القائم على تحالف القطط السمان بين متنفذي سلطتي الانقسام والكمبرادور الاحتكاري لشريحة ضيقة من القطاع الخاص .
الاحتفالات بنتائج التوجيهي ، رغم هذه المؤشرات فاقت أيضاً أهميتها عند الناس على ترقبها وتوقعاتها لما يمكن أن تفضي إليه نتائج اجتماعات ما يسمى بالأمناء العامين في الثلاثين من الشهر الجاري. و السؤال الذي يتداوله أغلبية الناس هو : هل من الممكن لمن صنعوا الانقسام و راكموا الثروة بفعل الفساد الناجم عن احتكار السلطة و تغييب المساءلة بكل أشكالها البرلمانية والشعبية والصحافة الاستقصائية، والتي وصلت حد محاكمة من يفضح الفساد والفاسدين؛ أن يتخلوا عن فئويتهم ومصالحهم الذاتية، وأن يعودوا لرشدهم ويفتحوا الباب للشعب بأن يداوي جراحه التي صنعوها له بأيديهم، وألقوا معها بالمصير الوطني في أتون مقصلة الاستيطان والضم التي تقودها عصابة "نتانياهو سموتريتش بن غفير" .
رغم حاجة الناس لتغيير هذا الواقع ، إلا أنهم ما زالوا يعطون الفرصة دون تعويل كبير للاصلاح الجدي عبر انهاء الانقسام واستعادة وحدة الوطن والمؤسسات الوطنية والحكومية والبرلمانية الجامعة، و هم مستعدون في سبيل ذلك أن يتسامحوا مع هؤلاء إن فاجئونا باعلان قابل للتنفيذ ينهي هذا الانقسام المدمر ويعلن عند البدء بتشكيل حكومة وطنية لتعزيز صمود الشعب، وتُمكنه من اختيار ممثليه بالتحضير لانتخابات عامة ديمقراطية ونزيهة تعزز الوحدة و تنهي الاستفراد والاقصاء ، وإلا فلن يأتي هذا التغيير من أجل الاستمرار في معركة المصير الوطني الذي لن يتراجع الناس عنه ، سوى بمفهوم متجدد للثورة الوطنية بطابعها الاجتماعي الديمقراطي التي تفرض علينا تداخل محكم لمهمات التحرر الوطني والتصدى للاحتلال والاستيطان والضم، مع مهام دحر الانقسام والفساد والعبث بالمصير الوطني واستعادة المسار الديمقراطي لاعادة بناء الحركة الوطنية، وفي نفس الوقت. فالأيام حبلى بكل عناصر التغيير، و ما زالت الفرصة متاحة دون أوهام. فمن سيعلق الجرس ؟!
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
تحية وتقدير للتضامن العالمي مع شعبنا وحقوقه !!
حديث القدس
من ينزل نتنياهو عن الشجرة وكيف؟!
المحامي إبراهيم شعبان
الخيار في المقاومة
حمادة فراعنة
الحجيج المخابراتي للدوحة لإيجاد مخرج ما... المقاومة تفرض خياراتها
وسام رفيدي
اخطاء التسوية السياسية المعتادة
د.أحمد رفيق عوض/ رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية/جامعة القدس
في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ، تحية للمقاومة
منيب رشيد المصري
لا أمن ولا سلام لاسرائيل بدون دولة فلسطينية
حديث القدس
فلسطين عابرة للقارات
عصام بكر
حماس... شكراً
حمادة فراعنة
حل الدولتين
يونس السيد
هل تكون هدنة غزّة مدخل الحلّ؟
عبد الباسط سيدا
الرأي العام الأمريكي.. والاتجاه نحو تأييد الشعب الفلسطيني
جيمس زغبي
المعضلة والمخرج (2)
نبيل عمرو
المقاومة تحقق المزيد من الانتصارات
حديث القدس
صفقة التبادل الجزيئة والهدنة المؤقتة ،هل ستقودان الى تفكيك حكومة نتنياهو...؟؟؟
راسم عبيدات
إجراءات الدعم بعد الوجع
حمادة فراعنة
جنرالات إسرائيل و«جنرالات» غزة
غسان شربل
نجاح تبادل الأسرى بالمحتجزين يمهد الطريق نحو تحرير جميع الاسرى
المحامي علي أبو هلال
إسرائيل .. من الدلف فالمزراب فالمستنقع
حمدي فراج
صفقة الأسرى انتصار للمقاومة ... ماذا بعد؟
هاني المصري
الأكثر تعليقاً
الأكثر قراءة
غزة تعيد صياغة العالم اخلاقيا

الاحتلال يعيد المعتقلة المقدسية الطفلة نفوذ حماد إلى الأسر بعد قرار بالإفراج عنها

أسماء الدفعة السادسة من المعتقلين الذين سيفرج عنهم اليوم

القسام تنشر رسالة تلقتها من إحدى الأسيرات الإسرائيليات المفرج عنهن

المحامي الجبريني: الطفلة المعتقلة نفوذ حماد أصيبت بجروح جراء اعتداء الاحتلال عليها في "المسكوبية"

"الوقت يعمل ضدّ إسرائيل": مخاوف عسكرية من تمديد الهدنة في غزة

إصابة ثلاثة طلاب فلسطينيين في اعتداء مسلح بولاية أميركية

أسعار العملات
الأربعاء 29 نوفمبر 2023 1:30 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.67
شراء 3.65
يورو / شيكل
بيع 4.03
شراء 4.0
دينار / شيكل
بيع 5.18
شراء 5.15
هل تستطيع إسرائيل خوض حرب طويلة في غزة؟
%80
%20
(مجموع المصوتين 381)
القدس
()
شارك برأيك
كرنڤالات التوجيهي واجتماع "30 تموز"