فلسطين

الجمعة 09 يونيو 2023 9:59 مساءً - بتوقيت القدس

المربي المتقاعد محمد أبو مرار يروي صور وتفاصيل عن نكسة حزيران

جنين - "القدس" دوت كوم - علي سمودي

عندما اندلعت حرب الأيام الستة في حزيران عام 1967، كان الطالب "محمد علي" يمني كامل أبو مرار، في قاعة الامتحانات يؤدي مع أقرانه طلبة الثانوية امتحان مبحث الرياضيات، فأخفى المشرفون، نبأ الحرب عن الطلاب حتى انتهت الجلسة، وفور معرفتهم باندلاع الحرب، عادوا لمنازلهم يترقبون الهزيمة النكراء التي كان يبشر فيها "صوت العرب"، لكنه ما زال يتذكر اللحظات الصعبة، عندما عاشوا مع الجميع الصدمة الكبرى، لأنهم كانوا يعيشون كما يروي "أجواء الانتصار ودحر اليهود"، خاصة بعد المعركة الشرسة التي وقعت على أبواب جنين بين الجيش الأردني وقوات الاحتلال قرب مفرق مثلث الشهداء القريب من بلدة قباطية.

المربي المتقاعد حالياً محمد علي "أبو علي"، المولود في جنين عام 1948، كان يعيش مع أسرته، في أقدم أحياء مدينة جنين "السيباط"، الذي ولد ونشأ وعاش فيه، كما تلقى تعليمه في مدارس المدينة حتى وصل الثانوية العامة، ورغم مرور السنوات ما زالت ذاكرته، تحتفظ بصور وتفاصيل الأحداث التي بدأت في يوم الإثنين 5-6-1967.

ويقول أبو علي: "كل الأخبار كانت تؤكد قرب حلول الحرب والمعركة مع إسرائيل، وما سمعناه خاصة من إذاعة صوت العرب حفز الناس وزرع فيهم المعنويات العالية، وحقيقة واحدة هزيمة نكراء لإسرائيل ونصر مؤزر للجيوش العربية، وما زالت ذاكرتنا تتذكر تحرير الجيش العراقي لمدينة جنين في نكبة عام 1948، وطرد العصابات الصهيونية منها".

قبيل الحرب، والهجوم الإسرائيلي المباغت كانت الحياة تسير بشكل طبيعي في مدينة جنين الحدودية، والتي تمتد أراضيها داخل حدود الكثير من البلدات والقرى التي احتلتها العصابات الصهيونية في النكبة، وضمن صور الحياة، استمرار التعليم في المدارس، ويقول: "يوم الإثنين توجهنا لتقديم الامتحان، ولم يبقى أمامنا، سوى يومان ومبحثان في تخصص الأحياء والتربية الدينية، ولم نقدمهما، لأن الحرب اندلعت خلال جلسة الامتحانات، ولم نعلم سوى بعد انتهاء الفحص".

ويضيف: "غادرنا الامتحان الساعة العاشرة صباحاً، وقد عمت أجواء الاستنفار، بعدما سمعنا في الاخبار، أن الحرب قامت بين الأردن ومصر وسوريا ولبنان وإسرائيل، وبدأ القصف المتبادل".

مع انتشار خبر الحرب، وبدأ الجيش الأردني بقصف المناطق الحدودية، تأثرت الحياة ومشاعر الناس، ويقول المربي محمد علي: "بعض العائلات قررت الهرب من جنين للأرياف والأردن، لكن عائلتي والكثير أمثالنا رفضوا الهرب، عدنا لمنازلنا ولدينا معنويات عالية، بأن النصر حليف العرب".

ويضيف: "في اليوم الأول الجميع كان يعيش بحالة نفسية ومعنوية عالية، والناس يجهزون أنفسهم لدحر اليهود، وتوقعنا أنهم سقطوا في فخ العرب، وكل حديث الناس عن النصر".

ويكمل: "يوم الثلاثاء شعرنا بالصدمة والاحباط الشديد عندما بدأ الاقتحام الإسرائيلي لمدينة جنين".

ترتسم معالم الحزن والتأثر على محيا المربي المتقاعد محمد علي وهو يستعيد الذكريات، ويقول: "لم نصدق حتى في أسوا كوابيس علينا، بعد المانشيات العسكرية وبلاغات الانتصار وبيانات دحر اليهود، عندما شاهدنا جنود الاحتلال يقتحمون جنين من شارع حيفا بواسطة حافلات شركة "ايغد"، ودبابات تقتحم من حي السويطات المطل على جنين ثم حي المراح ودبة العطاري".

ويضيف: "لعدم معرفتهم بهزيمة الجيوش العربية، خرج الناس فرحين وهم يرددون الأناشيد الوطنية باستقبال الحافلات القادمة، لاعتقادهم أنهم الجيش العربي المنتصر، لكن عاش الجميع صدمة النكسة الكبيرة ".

ويكمل: "أثناء دخول الدبابات الإسرائيلية لجنين، خرج المواطن عنتر عساف وهو يمتشق بندقيته فرحاً وانتصاراً، لاعتقاده أنها دبابات عراقية، لكنهم أطلقوا النار عليه، وأصيب في شريان اليد، وتعرض لنزيف حاد، وحاصره الجيش حتى سلم نفسه ونجا من الموت بأعجوبة، كما أصيب عدد من المواطنين بينهم حسن البمبجي وغيرهم".

دخول جنين، رافقه مواجهات واشتباكات مسلحة، وقام عدد من الشبان والأهالي بأسلحتهم البسيطة، حتى تمكن الاحتلال من فرض سيطرته بإعلان التجول، ومنع المواطنين من التنقل والحركة، حتى حلول صبيحة يوم الأربعاء 7-6-1967، في هذا اليوم، يقول الشاهد محمد علي: "طلب الاحتلال من الناس عبر مكبرات الصوت الخروج من المنازل والملاجئ، وطالبوا كل مواطن يملك سلاحاً تسليمه فوراً، لأن الجنود سيقومون بحملة تفتيش كبيرة، وقد نشروا صناديق ومكاتب وسط الشارع الرئيسي مقابل مبنى البلدية الرئيسي في المدينة".

ويضيف: "قام بعض الناس بتسليم أسلحتهم وسلمهم الجنود وصل بالتسليم، ثم أحضروا قافلة باصات وضعوها وسط المدينة، لإفساح المجال أمام من يريد النزوح للأردن بواسطة مواصلات مؤمنة ومجانية بدون مقابل، وللأسف هناك عائلات لديهم أقارب في عمان، غادروا وانضموا لمن هربوا ونزحوا قبل يومين".

معركة جنين ...

يتذكر المربي محمد علي، تفاصيل معركة جنين عام 1967، ويقول: "كان يوجد للجيش الأردني ثكنات ومواقع عديدة في المنطقة، وقد صمد وقاوم واستبسل في الدفاع عن المدينة بعدة مناطق، لكن وقعت أقوى معركة قرب مفرق مثلث الشهداء و قباطية، وقتل فيها عدد كبير من الإسرائيليين وارتقى عدد من شهداء الأردن".

 ويضيف: "الاحتلال أقام بعد النكسة، موقع ونصب دبابة تم تدميرها خلال المعركة على مفرق مثلث الشهداء وتحتها حجارة كبيرة بعدد الجنود اللذين قتلوا، كما أقيمت مقبرة لشهداء الأردن في بلدة اليامون، وفيما بعد تم انشاء نصب تذكاري للشهيد الأردني في حي الجابريات، حيث كانت دباب أردنية قصفها الطيران الإسرائيلي واسشهد من فيها من الجنود الأردنيين".

آثار النكسة ..

في يوم الأربعاء، يروي الشاهد أبو علي، أن الجيش أكمل سيطرته وانتشاره في جنين، وبدأت محاولاته لإعادة الحياة بشكل شبه طبيعي، سمح بافتتاح المستشفيات والبدية لتقديم الخدمات للمعلمين وسمح باستئناف التدريس، لكن المعلمين خاضوا إضراباً شهيراً رفضاً للتعامل مع الاحتلال استمر لفترة طويلة.

ويضيف: "بعد ذلك استخدم الاحتلال كل الطرق، مع الوصول لشهر تشرين الثاني من عام النكسة، لتعود الحياة لطبيعتها، وتقديم صورة مختلفة للعالم، لكن النكسة ألقت بظلالها على حياة الناس والمجتمع، وأثارت اليأس والاحباط والجرح الذي ما زال نازفاً حتى اليوم، خاصة في ظل فرض الاحتلال لقوانينه العسكرية التي حكمت حياتهم".

لن نفقد الأمل ..

بعدما حطت الحرب أوزارها، عاد الطالب محمد علي، لاستئناف تعليمه، وأنهى الثانوية العامة في نفس العام، ثم التحق بجامعة بيروت العربية، وتخرج عام 1978 بتخصص جغرافية، والتحقت بسلك التعليم لمدة 30 عاماً حتى تقاعد في سن الخمسين، بعدما أسس أسرة مكونة من 3 بنات وولد، ولديه من الأحفاد 10، منهم من تخرج أو ما زال يكمل دراسته الجامعية، وبعد كل هذه السنوات، قال في ذكرى الناس: "الإنسان الفلسطيني، يولد بروح وطنية ونضالية عالية، ويعيش بالحب والانتماء والولاء لوطنه وأرضه وشعبه، لم ولن نفقد الأمل بحقنا وحريتنا، فالاحتلال لزوال لأنه لا يوجد احتلال يدوم للأبد".

دلالات

شارك برأيك

المربي المتقاعد محمد أبو مرار يروي صور وتفاصيل عن نكسة حزيران

نابلس - فلسطين 🇵🇸

محمود قبل 11 شهر

كنت في الثالث الاعدادي مدرسه عمرو بن العاص نابلس وكنا في اجازه تحضير لامتحان الاعدادي و بسبب الحرب لم يجري الامتحان وتم ترفيع الجميع

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الخميس 25 أبريل 2024 10:01 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.79

شراء 3.77

دينار / شيكل

بيع 5.37

شراء 5.34

يورو / شيكل

بيع 4.08

شراء 4.02

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%22

%4

(مجموع المصوتين 160)

القدس حالة الطقس