اقتصاد

الإثنين 01 مايو 2023 10:52 صباحًا - بتوقيت القدس

متى يحق لصاحب العمل حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة؟

تُعد مكافأة نهاية الخدمة من أهم الحقوق التي تترتب للعامل بعد انتهاء عقد العمل وكأثر من آثار هذا الانتهاء، وتكمن أهميتها في أنّها الحق الوحيد الذي يُمنح للعامل بعد انتهاء خدمته وليس خلال تلك الخدمة، لتمكينه من الاستفادة من مبلغ المكافأة فيما تبقي له من العمر.

وقد اهتم المشرّع الفلسطيني في تنظيم أحكام هذه المكافأة في قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م، من ناحية قيمتها وشروط ووقت منحها، حيث انه من المستقر فقها وقضاءا بان مكافأة نهاية الخدمة لا تعطى الا بعد انتهاء عقد العمل ، وليس من الجائز منحها خلال العمل .

قيمة مكافأة نهاية الخدمة

نصّت المادة 45 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م على أنّ (للعامل الذي أمضى سنة من العمل الحق في مكافأة نهاية خدمة، مقدارها أجر شهر عن كل سنة قضاها في العمل، على أساس آخر أجر تقاضاه، دون احتساب ساعات العمل الإضافية، وتُحتسب لهذا الغرض كسور السنة) ([1]).

يستفاد من أحكام هذا النص أنّ المشرّع الفلسطيني قرّر – كقاعدة عامة - صرف مكافأة نهاية الخدمة لكل العمال، وبغض النظر عن نوع العقود التي يعملون بموجبها سواء أكانت عقود محدَّدة المدَّة أم غير محدَّدة المدَّة، مقدارها شهر عن كل سنة عمل، على اساس الاجر الاجمالي لاخر شهر تقاضاه العامل الذي يعمل مشاهرة ، وبغض النظر عن عدد سنوات العمل التي يقضيها العامل في العمل ودون أنْ يضع سقفاً لقيمة المكافأة كما فعل قانون العمل الأردني الملغي رقم 21 لسنة 1960م([2]).

اما العمال الذين يعملون بالقطعة، أو بالعمولة فيحسب متوسط أجورهم الشهرية عن مدة السنة الأخيرة من العمل لغايات احتساب مكافأة نهاية الخدمة وفق مانصت عليه المادة (48) من قانون العمل.

قيمة مكافاة نهاية الخدمة في حالة استقالة العامل

مكافأة نهاية الخدمة هي حق للعامل يأخذها بعد انتهاء عمله وبغض النظر عن شكل هذا الإنهاء، وسواء كان من قِبل صاحب العمل، أو من قِبل العامل وفق ما جاء في نص الفقرة الأولى من المادة 42 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م، وأشرنا إلى أن القاعدة العامة في احتساب قيمة مكافأة نهاية الخدمة هي ما نصت عليه المادة 45 باحتساب أجر شهر عن كل سنة عمل لجميع العمال بلا استثناء .

غير أنّ الفقرة الثانية من المادة 42 أوردت استثناءً على هذه القاعدة في احتساب قيمة المكافأة؛ وهي المتعلقة بحال الاستقالة، حيث قرّرت حق العامل الذي يستقيل من عمله لأي سبب غير الأسباب الواردة في الفقرة الأولى من المادة 42 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م مكافأة نهاية خدمة على أساس ثُلث الأجر الشهري عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى، وثلثي الأجر الشهري عن السنوات الخمس التالية، والأجر الشهري الكامل إذا أكمل عشر سنوات في العمل([3]) .

و ينبغي أنْ يقدم العامل استقالته طواعية، وأنْ تكون مُعبرة تعبيراً حقيقياً عن إرادته، وفي حكم لمحكمة النقض الفلسطينية فقد اعتبرت إنَّ " قيام رئيسة الجمعية بأخذ كتاب استقالة (العاملة) عن طاولتها وداخل مكتبها، والاعتماد على هذه الواقعة للقول بأنَّ (العاملة) تركت العمل طوعاً بتقديم استقالتها لا يستند إلى واقع أو قانون، حيث أنَّ وجود كتاب الاستقالة على طاولة (العاملة) لا يُعتبر تعبيراً عن إرادتها بترك العمل، طالما لم يُقدَّم كتاب الاستقالة هذا من قبلها إلى الجمعية بشكل رسمي"([4]).

وقد تشدد القضاء مع العامل الذي يتقدم باستقالته، حيث حَرمه من فرصة التراجع عن هذه الاستقالة بعد تقديمها لصاحب العمل، وقضت محكمة النقض الفلسطينية بهذا الخصوص بأنّ " طلب رجوع العامل عن الاستقالة هو إيجاب جديد لا يرتب أثراً إلا إذا صادفه قبول من صاحب العمل "([5]).

اشتراط مرور سنة لاستحقاق مكافاة نهاية الخدمة

لا يُشترط لاستحقاق العامل مكافأة نهاية الخدمة إكماله فترة السنة الاولى في عمله، بل يستحقها حتى لو لم يمضِ في عمله إلاّ بضعة شهور، وهذا واضح من الفقرة الأخيرة من نص المادة 45 التي جاء فيها (...وتُحتسب لهذا الغرض كسور السنة)، فالعامل الذي يَمضي في عمله فترة ستة شهور مثلاً يستحق مكافأة نهاية خدمة أجر نصف شهر، وهكذا .

استحقاق مُكافأة نهاية الخدمة وفق المادة 40 من قانون العمل.

نصت المادة 40 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م على أنّ (لصاحب العمل إنهاء عقد العمل من طرف واحد دون إشعار، مع حقه في مطالبة العامل بكافة الحقوق الأخرى عند ارتكابه أية مخالفة من المخالفات الآتية ...).

مَنحت هذه المادة صاحب العمل حق فصل العامل دون إشعار إذا قام بارتكاب إحدى الحالات التسع التي وردت فيها، ودون أنْ تذكر صراحة على حق العامل في مكافأة نهاية الخدمة في هذه الحال، مما أثار اللُبس في حق العامل بالمكافأة بموجبها.

ويبدو لأول وهلة أنّ العامل الذي يُفصَل لسبب من الأسباب الواردة في المادة 40 لا يستحق مكافأة نهاية الخدمة، إلاّ أنّنا وفي تتبعنا لمصدر هذه المادة وأصلها التاريخي، وجدنا أنّ النص الأصلي المقدم للمجلس التشريعي في القراءة الأولى، كانَ يتضمّن صراحةً نصاً على حرمان العامل من الإشعار ومكافأة نهاية الخدمة في حالة ارتكابه المخالفات الواردة فيها، حيث جاء النص في المشروع الأصلي على النحو الآتي (لصاحب العمل إنهاء عقد العمل من طرف واحد دون إشعار أو مكافأة نهاية خدمة، مع حقه في مطالبة العامل بكافة الحقوق الأخرى عند ارتكابه أية مخالفة من المخالفات الآتية)([6]).

ولكن بعد مناقشات متعددة لنص هذه المادة، فقد قرّر المجلس التشريعي في القراءة الثالثة حذف عبارة مكافأة نهاية الخدمة من نص المشروع والإبقاء على الحرمان فقط من الإشعار دون المُكافأة. وهذا يعني بأنّ المشرّع قرّر عدم حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة حتى لو قام صاحب العمل بفصله بسبب ارتكابه إحدى الحالات التسع الواردة في المادة 40.

وقد استقرت محكمة النقض الفلسطينية على هذه القراءة للمادة 40 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م في العديد من أحكامها، فقضت في حُكم لها بأنّه " إذا تمّ فصل العامل لأي سبب من الأسباب الواردة في المادة (40) من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م، فإنّ ذلك يؤدي إلى عدم استحقاق العامل بدل الإشعار فقط، ولا يوجد في قانون العمل ما يُبرّر حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة في مثل هذه الحال"([7]). وقضت في حكم آخر بأنّه " وفقاً للمادة 40/ 9 من قانون العمل فإنّ اعتداء العامل على رب العمل أو من يمثله بالضرب؛ إنّما يحرمه من بدل الإشعار فقط، ولا يحرمه من حقوقه الأخرى"([8]). وقضت أيضاً بأنّ " اعتداء العامل على ابن صاحب العمل بالضرب، يَحرمه من بدل الإشعار فقط ولا يحرمه من باقي حقوقه الأخرى، وخصوصاً بدل مكافأة نهاية الخدمة وبدل الإجازة وبدل إجازة اليوم السابع "([9]).

الحالة الوحيدة لحرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة

نصت الفقرة الأولى من المادة 6 من قرار مجلس الوزراء رقم (121) لسنة 2005م بلائحة القواعد المنظمة للجزاءات طبقاً لقانون العمل رقم (7) لسنة 2000م([10])، على أنّه " لغايات إعمال المادة (40)، لصاحب العمل بناء على قرار قضائي، وَقْفْ دفع مُكافأة نهاية الخدمة في حال ارتكاب العامل لمخالفة متعمدة واردة في لائحة الجزاءات المصادق عليها ونتج عنها ضرر جسيم أو خسارة جسيمة متحقق منها

ويتبين من هذا النص أنّ القاعدة العامة في المادة 40 من قانون العمل هي حرمان العامل الذي يفصل بسبب ارتكابه أي حالة من الحالات الواردة فيها من بدل الإشعار فقط، أمّا حرمانه من مكافأة نهاية الخدمة فبحاجة إلى قرار قضائي([11]). ويشترط لحرمانه من المكافاة في هذه الحالة ان يتعمد ارتكاب مخالفة واردة في لائحة الجزاءات المعتمدة في المنشأة، وان يؤدي ارتكاب هذه المخالفة الى ضرر جسيم بصاحب العمل .

وإني أميل إلى هذا التوجه حيث أنّ الحق في مكافأة نهاية الخدمة ينشأ كمقابل للزمن الذي يقضيه العامل في العمل، وبالتالي لا يجوز حرمانه منه لمجرد أنّه اقترف مخالفات أعطت الحق لصاحب العمل بفصله من عمله وإنهاء عقده، إذْ لو كان الأمر كذلك لأصبح لزاماً علينا حرمان موظف في القطاع الخاص أَمضَى عشرات السنين من عمره في خدمة صاحب العمل من مكافأة نهاية الخدمة التي تُعينه على العيش فيما تبقى من حياته بشكل كريم، لمجرد أنّه ارتكب إحدى المخالفات الواردة في المادة 40 من قانون العمل، وهذا لا يستقيم لا مع العدالة ولا مع المنطق، ولا نَعتقد أنّه قصد المشرّع.

([1]) أنظر نص المادة 15/2 من قانون العمل الأردني الملغي المعدل لقانون العمل رقم 2 لسنة 1965م الذي كان مطبقاً في الضفة الغربية. وأنظر أيضاً نص المادة (48) من قانون العمل الفلسطيني رقم 16 لسنة 1964م الذي كان مطبقاً في قطاع غزة .

([2]) - أنظر نص المادة 15/2 من قانون العمل الأردني الملغي المعدل لقانون العمل رقم 2 لسنة 1965م الذي كان مطبقاً في الضفة الغربية .

([3]) - راجع نص الفقرة الثانية من المادة 42 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م التي جاء فيها (استثناء مما ورد في البند (1) أعلاه، يحق للعامل إذا استقال من عمله خلال السنوات الخمس الأولى ثلث مكافأة نهاية الخدمة، وثلثي مكافأة نهاية الخدمة إذا كانت الاستقالة خلال السنوات الخمس التالية، ويستحق المكافأة كاملة إذا أمضى عشر سنوات أو أكثر في العمل).

([4]) - حكم محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 379 لسنة 2010م، الصادر بتاريخ 31/5/2011م، والمنشورفي المقتفي على الرابط التالي: http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ViewCJCard.aspx?CJID=87228

([5]) - حكم محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 153 لسنة 2008م ، الصادر بتاريخ 31/5/2009م، والمنشور في المقتفي على الرابط :- http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ViewCJCard.aspx?CJID=53862

([6]) - راجع نص المادة (37) من الملحق الاول لهذا الكتاب . وراجع ايضا نص المادة (40) من الملحق الثاني لهذا الكتاب.

([7]) - حكم محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 765 لسنة 2011م، الصادر بتاريخ 11/12/2012م ، المنشور في مجموعة المبادئ القانونية الصادرة عن محكمة النقض الفلسطينية في الدعاوي المدنية لسنة 2012م ، الجزء الأول ، إصدار مجلس القضاء الأعلى ، المكتب الفني ،مطبعة النصر حجاوي ، سنة 2015م ، ص 438.

([8]) - حكم محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 103 لسنة 2010م ، الصادر بتاريخ 7/3/2010م، والمنشور في المقتفي على الرابط التالي: http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=60937

وقضت في حكم آخر بأنَّه (..يجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل من طرف واحد ودون إشعار إذا ارتكب العامل أحد المخالفات المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العمل لسنة 2000م، وكذلك لأسباب فنية أو خسارة اقتضت تقليص عدد العمال مع احتفاظ العامل في هذه الحالة ببدل الإشعار ومكافأة نهاية الخدمة، وشريطة إشعار وزارة العمل بذلك). أنظر حكم محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 182 لسنة 2004م، الصادر بتاريخ 29-1-2005م، المنشور في المقتفي على الرابط التالي :-

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJFullText.aspx?CJID=35166 م.أنظر أيضاً بنفس المضمون حكم محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوي الحقوقية رقم 103 لسنة 2010م المنشور في موقع المقتفي على الرابط التالي http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ViewCJCard.aspx?CJID=60937

([9]) - حكم محكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 103 لسنة 2010م، الصادر بتاريخ 3/7/2010م ، والمنشور في مجموعة المبادئ القانونية الصادرة عن محكمة النقض الفلسطينية (في القضايا الحقوقية ) للسنوات 2010م- 2011م ، الجزء الخامس (1) ، بدون مكان أو دار نشر ، 2013م، ص327. ومنشور أيضاً في المقتفي على الرابط التالي :-

http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/ViewCJCard.aspx?CJID=60937 تاريخ الزيارة 9-8-2016م. ويلاحظ أنَّ تاريخ إصدار القرار المدون على موقع المقتفي هو 7/3/2010م . وبالعودة إلى النص الأصلي للقرار فالصحيح هو صدوره بتاريخ 3/7/2010م .

([10]) - المنشور في العدد 63 من الجريدة الرسمية للسلطة الوطنية (الوقائع الفلسطينية) ، بتاريخ27/04/2006م، صفحة 620.

([11]) - وقد جاءت المادة 28 من قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996م بنص شبيه لنص المادة 40 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م ، حيث جاء مطلعها على النحو التالي (لصاحب العمل فصل العامل دون إشعار وذلك في أي من الحالات التالية...). ولذلك لم يكن واضحاً من هذا النص فيما إذا كان العامل يتقاضي مكافأة نهاية خدمة أم لا . وقد حسم ديوان التشريع والرأي في رئاسة مجلس الوزراء الأردني هذا الأمر وقرَّر أنَّ العامل يستحق مكافأة نهاية خدمة إذا تمَّ فصله للأسباب الواردة في المادة 28 ولكنه لا يستحق بدل إشعار . وبرأيي أنَّ ما ورد في هذا التفسير لنص المادة 28 يصلح ليكون تفسيراً لما ورد في نص المادة 40 من قانون العمل الفلسطيني التي جاءت لتوضح الحالات التي يجوز فيها لصاحب العمل إنهاء عقد العمل دون توجيه إشعار للعامل بذلك ولم يكن القصد منها أكثر من ذلك، ولا تشمل حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة في هذه الحالات، لأنَّه لو كان قصد المشرّع ذلك لنص عليه صراحة. وكما بيَّنا فقد استقر قضاء محكمة النقض الفلسطينية على عدم حرمان العامل المفصول بموجب المادة 40 من مكافأة نهاية الخدمة .

دلالات

شارك برأيك

متى يحق لصاحب العمل حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة؟

غزة - فلسطين 🇵🇸

حسام عرفات - كاتب المقال قبل 11 شهر

ماسبب عدم وجود اسم كاتب المقال حسام عرفات؟

المزيد في اقتصاد

أسعار العملات

الخميس 28 مارس 2024 9:50 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.69

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.21

شراء 5.19

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.97

هل تستطيع أميركا وإسرائيل استبدال حكم حماس في غزة؟

%15

%82

%3

(مجموع المصوتين 306)

القدس حالة الطقس