أقلام وأراء

الإثنين 10 أبريل 2023 11:07 صباحًا - بتوقيت القدس

هل سقطت نظرية الردع الأمني الإسرائيلي؟

تعيش دولة الكيان هذه الأيام حالة من الارتباك الأمني في ظل تزايد العمليات الفلسطينية ضد اهداف إسرائيلية جنوداً ومستوطنين، وهذا يعود لأطلاق العنان لبطش المستوطنين واستباحتهم للمسجد الأقصى وعمليات الاقتحام المتكررة لباحات الأقصى المستمرة منذ عدة سنوات، فضلا عن التوغل المستمر لمدينتي جنين ونابلس والاعتداء السافر من قبل شبيبة التلال على تخوم مدينة نابلس والقرى المحاذية للخط الاستيطاني، وكأن حكومة الاحتلال لم تتعظ من ردة الفعل الفلسطيني، فثمة خطوط حمراء هناك كان على حكومة الاحتلال أن لا تتجاوزها البتة، ولكن صمّت اذانها عن ذلك، وكأن الأمر لا يعنيها، فحجم هذه العمليات جاءت بناءً على ذلك الاستهتار بالشعب الفلسطيني الذي حمل منذ مئة عام لواء الدفاع عن شرف الأمة والمقدسات، فرغم خروج أصوات من داخل الكيان تحمل بن غفير وسموتريتش المسؤولية عن ما يحدث في داخل إسرائيل إلا أن هذا لم يلق أذان صاغية، فهي ماضية أي حكومة اليمين قدما نحو تأجيج وتسخين المنطقة برمتها، واصبحت حكومة بن غفير وسموتريتش همها الوحيد هو اخماد نيران الفلسطينيين ونسوا ما قاله رابين في فترة الانتفاضة الأولى بأنه سينهي هذه المظاهرات خلال أسبوعين ولكن جاءت الأمور عكس ما توقع.


إسرائيل اليوم امام تحد كبير، وهو فلتان حالة الأمن الداخلي وامتعاض اليسار والوسط من نهج هذه الحكومة وتطرفها، وعلى حد تعبيرهم فهي تقود البلاد إلى حالة من عدم الاستقرار وخصوصاً بعدما فتحت جبهة الشمال مجدداَ بعدما سجل أكثر من حالة اطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه شمال فلسطين، وهذا الحدث الأمني الذي تكرر عدة مرات خلال شهر ونيف فتح الباب على مصرعيه وجعل حكومة الاحتلال تتخبط في كيفية الرد، فجاءت مخرجات الكابينت الإسرائيلي باهتة لا ترقى لحجم ما يريده اليمين، وهذا ما صرح به بن غفير بقوله أن قصف الرمال والتراب في اطراف غزة لا يلبي حجم الضربات الصاروخية التي تعرضت لها اسرائيل. بهذا التصريح نفهم أن أعضاء حكومة نتنياهو وخصوصاً اليمين لم يكونوا راضين عن أداء حكومتهم، ولم يفهموا رغم تطرف الحكومة أن هنالك شعرة معاوية يحاول نتنياهو ان يحتفظ بها مع الدول المطبعة، وهذا ما شهدناه عندما تدخلت بعض الدول العربية للضغط على إسرائيل بأن تخفف من ردة الفعل وتحييد غزة قدر الإمكان. نتنياهو أمام خيارين كلاهما مر إرضاء اليمين غاية لا تدرك وارضاء التحالف ودول التطبيع.


لقد كتبت قبل ذلك مقالة عن صمود حكومة إسرائيل الحالية امام هذا التحدي الداخلي والخارجي، أتوقع بأن عمرها قصير، ولم تعمر طويلاً إذا ما استمرت حالة عدم لجم شبيبة التلال وغلاة المستوطنين، بهذا يكون رئيس الحكومة قد خسر الاستمرارية في الحكومة ولم ينجح في تعديل النظام القضائي الذي يضمن له النجاة من السجن.


على ما يبدو نظرية الردع الأمني الإسرائيلي سقطت في ظل حجم العمليات الفردية ضد اهداف إسرائيلية، وهذا بحد ذاته يشكل معضلة لدى المؤسسة الأمنية للكيان، وهو ما اعترف به قادة الأمن، فهم امام خيارين، اما أن يتم وضع حد للصهيونية الدينية وهذا صعب، أو الامعان في إطلاق يد الجيش من اعتقالات وقتل وتدمير المدن والقرى الفلسطينية وهذا أيضا مرده سلبي. الملخص دولة الكيان تعيش حالة من الوهن والضعف لم تشهده منذ ان أقيمت على أنقاض الشعب الفلسطيني واطلاله.


إن خيارات تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود دولة الاحتلال لرص الصف ومواجهة الغضب الفلسطيني الذي وجد نفسه وحيداً في مواجهة أشرس احتلال شهدته البشرية وهذا بات ايضاً مستحيلاً لتباعد الفجوة الفكرية بين الأطراف المتخاصمة.
موجز القول، عجزت المنظومة الأمنية الإسرائيلية عن مواجهة العمليات الفردية الفلسطينية، وهذا ما اعتراف به جهابذة التحليل النفسي عندهم، وقد أفادوا بأن من تسول له نفسه أن يموت وهو يدافع عن الأقصى بدون خوف أو تردد لا يعني تفوقنا أمنياً، الخلاصة كل مقومات الأمن وحتى نظريات علم النفس تقف عاجزة عن إيجاد حلول تقضي على هذا الموج الجارف من المقاومة، وما عمليات الاجتياح للمدن الفلسطينية والقرى التابعة لها ما هي إلا مجرد ابر تخدير للإسرائيليين لا جدوى وبدون تحقيق نتائج ملموسة على الأرض .

دلالات

شارك برأيك

هل سقطت نظرية الردع الأمني الإسرائيلي؟

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أمريكا وحروب الإبادة: سجل حافل بالصناعة أو التورط

صبحي حديدي

انتظروا بياناً هاماً ...!!

سمير عزت غيث

اليوم التالي ووهْم حلّ الدولتين

محمد الهندي

ألسنة اللهب ترتفع في الجنوب والشمال والدبلوماسية الدولية تكتفي بالأقوال ..!!

حديث القدس

احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية

د. أسعد عبدالرحمن

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

جواد العناني

النكبة وسرديّة المخيّم الكبرى

سمير الزبن

الجامعات والإعلام ودورهما في تعزيز"الانتماءِ للقضية الفلسطينية"

تهاني اللوزي

المقاومة ونتنياهو ولعبة الوقت

بهاء رحال

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 73)

القدس حالة الطقس