فلسطين

السّبت 04 مارس 2023 10:35 صباحًا - بتوقيت القدس

"قُصْرَة".. على خط المواجهة مع الزحف الاستيطاني

نابلس - "القدس" دوت كوم - وفاء أبو ترابي- تجددت مؤخرا الهجمة الاستيطانية المسعورة في أراضي بلدة قصرة، جنوب شرق نابلس، والتي طالما تعرضت لهجمات متكررة يحاول الاحتلال عبرها تكريس مخطط متكامل الأركان بالتعاون مع المستوطنين؛ لبسط السيطرة على أراضٍ تتميز بموقعها الاستراتيجي، وتشكل امتداداً لأعالي سبعة جبال تربط وسط الضفة بشمالها، يتخذها المستوطنون ممراً للوصول إلى المستوطنات والبؤر الاستيطانية المنتشرة في المنطقة.


 وتعني السيطرة على أراضي قصرة، وغيرها من القرى الموجودة على هذا الامتداد الجغرافي من الوسط حتى الشمال، قطع الأوصال بين محافظات نابلس ورام الله وأريحا، وتحويلها إلى "كنتونات" منفصلة عن بعضها بعضاً، تتوسطها المستوطنات الاسرائيلية الجاثمة على أراضي المواطنين.


وفي صباح اليوم الأول من آذار الحالي، شهدت بلدة قصرة اقتحاماً لقوات الاحتــلال التي قامت بإجراء عمليات تفتيش للمنازل ومصادرة تسجيلات الكاميرات وسط إغلاق لكافة مداخل البلدة، الأمر الذي شوش الحياة العامة في البلدة وآثار مخاوف المواطنين من أن يكون هذا الأمر تمهيدا لهجمات استيطانية جديدة.


وكانت المنطقة المسماة  "رأس النخل" من أراضي البلدة، قد تعرضت في الثاني والعشرين من الشهر المنصرم، لعمليات هدم واسعة نفذها جيش الاحتلال وشمل ذلك عددا من المنشآت وغرفا زراعية وسلاسل حجرية وبرك تجميع مياه الأمطار، وكذلك اقتلاع الأشجار. وفي منتصف الليله التالية هاجم المستوطنون أطراف البلدة، وتصدى لهم الأهالي العزل بأجسادهم؛  ما أسفر عن إصابة شابيّن برصاص جيش الاحتلال في تلك الليلة.


ويقول رئيس بلدية قصرة، هاني عودة، "تفاجأنا بقدوم جيش الاحتلال ومعه جرافات قامت بهدم السلاسل الحجرية والغرف الزراعية للمواطنين وبرك تجميع المياه، كما اقتلعوا أشجار الزيتون أيضاً، وجرّفوا الأراضي وأزالوا السياج عنها، بحجة قربها من مستوطنتي "مجدوليم" و"ييش قودش"، كما قاموا في وقت سابق أيضاً بهدم مغسلة سيارات قريبة من نقطة "ميكروت" (شركة المياه الاسرائيلية) الواقعة شرقي قصرة".


ويلفت عودة إلى أن المستوطنين والاحتلال الاسرائيلي ينفذون مخططهم بوتيرة متسارعة، فبعد أن كانت قمم الجبال فارغة تماما،ً أصبحت الآن مليئة بالمستوطنات والبؤر الاستيطانية، متوقعاً انه في السنوات القادمة لن يتمكن الفلسطينيون من التنقل بين نابلس ورام الله دون المرور عبر هذه المستوطنات المقامة على أراضيهم.


وتُحاصِر بلدةَ قصرة -التي تبلغ مساحة أراضيها تسعة آلاف دونم والمصنفة ضمن منطقتي (ب) و(ج)- خمسُ مستوطنات تجثم فوق أراضي المواطنين، حيث تقع في المنطقة الشرقية مستوطنة "مجدوليم" وهي أكبر المستوطنات في المنطقة، فيما تقع أربعة أخرى في المنطقة الجنوبية وهي "ييش قودش" و"عادي عاد" و"كيدا" و"أحيا".


الدفاع عن الأرض والتضحية في سبيلها


وعاش أهالي البلدة (نحو سبعة آلاف نسمة) مسلسلاً متكرراً من الصراع حول أراضيهم التي يسلبها المستوطنون قطعة تلو قطعة بحماية مباشرة من قوات الاحتلال، وردا على ذلك قام الأهالي بتشكيل لجان الحراسة منذ عام 2012 –وفق عودة- فالشباب في لبلدة يحرسون أراضيهم في ساعات الليل والنهار.


كما يشكل الأهالي ولجان الحراسىة دروعا بشرية لمواجهة اعتداءات المستوطنين المتواصلة، ومراقبة تحركاتهم، والدفاع عن ممتلكاتهم وبيوتهم وأشجارهم بكامل قواهم الجسدية، ومنهم من ضحوا بأرواحهم في سبيل الدفاع عن الأرض، فالمواطن "محمود عودة" استشهد برصاص مستوطن عام 2017 خلال تواجده في أرضه، وكذلك "محمد فريد حسن" استشهد وهو في بيته عام 2021 متأثراً بإصابته برصاص المستوطنين وقوات الاحتلال، الذين أطلقوا النار باتجاه بيوت المواطنين على أطراف البلدة، ويتعرض الموطنون دوما للاصابة بالإختناق نتيجة الغاز المسيل للدموع، وبعضهم ما زالوا يعانون من الإصابات برصاص قوات الاحتلال منذ عدة سنوات.


عرقلة الحياة العامة في البلدة


وهذا الاستيطان يحول دون وصول المزارعين في قصرة إلى أراضيهم، ما أعاق كثيراً من تحركاتهم وحدَّ من ممارساتهم في زراعة المحاصيل المتعددة التي اعتادوا عليها، وعلى سبيل المثال فان سهل "باسلطة" الذي كان يزرع بالقمح والشعير والعدس والفول –بحسب عودة-، أصبح يحتوي على أعداد قليلة من شجر الزيتون، كما يُسمح للمزارعين بالوصول له في فترات محددة من السنة، عن طريق التنسيق من خلال ما يسمى بالإدارة المدنية الإسرائيلية، التي تقرر لهم مواعيداً بغير موسم حصاد المحاصيل التي يزرعونها، بحيث لا يستفيد المواطنون من هذه المزروعات والمحاصيل.


وييقول عودة: "نحن في المجلس البلدي نعاني كثيراً من هذه الممارسات الاستيطانية التي تمنعنا من تقديم الخدمات التي يحتاجها أهالي البلدة، فخطوط المياه والكهرباء، لا نستطيع تمديدها في المنطقة(ج)، فهناك حارات كاملة لا يمكننا إدخال المعدات لها لإيصال خدمة الكهرباء، وحتى تعبيد شوارعها بالاسفلت، وكذلك النفايات أصبحنا لا نجد مكاناً لتصريفها، حيث قامت قوات الاحتلال قبل فترة بمصادرة مركبة النفايات ما يقارب شهرا كاملا، بدعوى أنها مخالِفة، لأنها كانت قد وصلت أول البلدة التي تقع ضمن المنطقة(ج) حيث يوجد المكب الخاص بها".


ووضح أنه مع قدوم الحكومة اليمينية الاسرائيلية الحالية، زاد المستوطنون تطرفاً في اعتداءاتهم على البلدة، وأيضاً جيش الاحتلال وما يسمى بالادارة المدنية، ملاحظاً ذلك من خلال حديثه مع أحد العاملين في هذه الإدارة عندما جاؤوا لهدم أرضية المغسلة الواقعة في المنطقة الشرقية.


متطلبات الصمود في وجه الاستيطان


ويهيب، عودة، بأهالي بلدته من اجل المزيدٍ من الصمود، واستصلاح أراضيهم والمحافظة عليها رغم التحديات الكبيرة التي تواجههم، مؤكداً أنهم صامدون في بلدتهم ولن يغادروها مهما تعرضوا لاعتداءات ومضايقات متواصلة، وسوف يعمّرون كل خراب يخلّفه هؤلاء المستوطنون، لأن الفلسطينيين دعاة سلام وإعمار، لكنهم عندما يتعرضون للخطر يواجهونه بكل قوتهم.


ودعا كافة المؤسسات الرسمية والحقوقية للتوجه إلى قصرة، وتقديم المساعدات لهذه البلدة المهددة وتعويض أهاليها المتضررين من الاستيطان بقدر ما يستطيعون؛ لإعادة بناء السلاسل والسياج والآبار والغرف الزراعية، مطالباً المؤسسات الحكومية والجهات المختصة الوقوف عند احتياجات المواطنين في البلدة التي يشكل الاستيطان تحدياً أساسياً أمام النهوض بها، وإدعم قامة المشاريع التنموية والخدماتية فيها، فهي تعاني من النقص في مختلف المرافق والخدمات العامة وعلى جميع الأصعدة، من المياه الذي تقل كمياته في فصل الصيف، والنفايات التي لا يجدون مكاناً لتصريفها، وأيضا المياه العادمة أصبحت تهدد السلم الأهلي والمجتمعي بين أهالي البلدة؛ نتيجة عدم وجود شبكات للصرف الصحي فيها، بالاضافة لقضايا الصحة والمدارس.

دلالات

شارك برأيك

"قُصْرَة".. على خط المواجهة مع الزحف الاستيطاني

نابلس - فلسطين 🇵🇸

فلسطيني قبل حوالي سنة

من لهؤلاء من لهذا السرطان يا مسلمين

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الإثنين 13 مايو 2024 9:47 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.26

شراء 5.2

يورو / شيكل

بيع 4.01

شراء 3.98

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%3

%97

(مجموع المصوتين 38)

القدس حالة الطقس