Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأحد 11 مايو 2025 8:59 صباحًا - بتوقيت القدس

ترامب ونتنياهو.. هل وصل الخلاف نقطة اللاعودة؟

خـاص بـ"القدس" و"القدس" دوت كوم

  د. دلال عريقات: ترامب يدرك أن بقاء نتنياهو يعرقل مشروعه الطموح لإنشاء "تحالف إقليمي جديد" يعزز النفوذ الأمريكي في المنطقة 

د. رائد الدبعي: مواجهة ترامب قد تكون غير متوقعة وبمثابة نهاية الحياة السياسية لنتنياهو خاصة في ظل الشرق الأوسط الملتهب 

فايز عباس: ترامب توصل إلى قناعة راسخة بأن نتنياهو "كذاب ومراوغ" ولا يفي بوعوده أو يتخذ قرارات تتماشى مع السياسة الأمريكية 

د. سعيد شاهين: النفوذ الصهيوني داخل الولايات المتحدة الأمريكية عميق ما يجعل فكرة انفكاك العلاقة عن إسرائيل مستحيلة 

د. سهيل دياب: بعد رفع ترامب بطاقتين صفراوتين واحتمال بطاقة حمراء مزلزلة فربما يرد نتنياهو بقلب الطاولة 

مهند عبد الحميد: سياسة ترامب تشترك مع سياسة بوش الأب في رفض الخضوع للابتزاز وضبط إسرائيل وفق المصالح الأمريكية عبر الضغط السياسي  


في ظل الحديث عما تشهده العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من توتر غير مسبوق، حيث تتصاعد الخلافات حول الرؤى الاستراتيجية للمنطقة، فإن التساؤل حول إن كان ذلك مجرد خلافات شخصية، أم ستؤثر على التحالف التاريخي بينهما. 


ويوضح كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات في أحاديث منفصلة مع "القدس"، أن ترامب يسعى إلى تعزيز النفوذ الأمريكي عبر تحالفات إقليمية جديدة، خاصة مع دول الخليج، لكن نتنياهو يصر على سياسات متشددة تتعارض مع هذه الأولويات، ما جعل الخلاف يتصاعد مؤخراً.  


وبحسب الكتاب والمحللين والمختصين وأساتذة الجامعات، فإن هذه الفجوة لم تعد مجرد خلاف تكتيكي، بل تحولت إلى عبء على المصالح الأمريكية، مما دفع ترامب إلى وضع حد لنتنياهو. 


 ويوضحون أن أزمة الثقة بين ترامب ونتنياهو تتجلى في عدة ملفات، أبرزها الملف الإيراني، حيث يفضل ترامب الدبلوماسية بينما يصر نتنياهو على المواجهة العسكرية، كما أن مفاوضات واشنطن السرية مع حماس، واتفاقها مع الحوثيين دون تنسيق مع إسرائيل، شكلت صفعات قوية لنتنياهو، وكشفت عن تراجع نفوذه في القرار الأمريكي، وهذه الخطوات تعكس تحولًا في سياسة ترامب، الذي بات يرى في نتنياهو عقبة أمام صفقاته الاقتصادية والأمنية مع دول المنطقة.   ويشيرون إلى أنه رغم أن التحالف الاستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب يبقى ركنًا ثابتًا، إلا أن شخصية ترامب غير المتوقعة وتركيزه على "أمريكا أولاً" يهددان مستقبل نتنياهو السياسي، فمع تزايد الضغوط الداخلية في إسرائيل وتراجع شعبيته، قد يدفعه اليأس إلى تصعيد خطير، مثل ضربات ضد إيران، مما يعمق الأزمة، في المقابل، يستثمر ترامب هذا الصدام لدفع تسوية في غزة تخدم مصالحه، مؤكدًا أن عهد الولاء الأعمى لإسرائيل دون مقابل قد شهد نهايته.    


خلاف شخصي وليس تراجعاً عن التحالف الاستراتيجي

  تقول أستاذة الدبلوماسية وحل الصراعات في الجامعة العربية الأمريكية، د. دلال عريقات، إن الحديث عن قطع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعكس خلافاً شخصياً، وليس تراجعاً عن التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل.  


وتوضح عريقات أن ترامب، الذي قدم دعماً غير مسبوق لإسرائيل خلال ولايته الأولى، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، يسعى من خلال هذا الإعلان إلى التخلص من نتنياهو كشخص بات يمثل عبئاً على هذا التحالف. 


وتشير عريقات إلى أن الخلاف بين ترامب ونتنياهو ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى بدايات علاقتهما، حيث شعر ترامب أن نتنياهو يستغل الدعم الأمريكي لتعزيز موقعه السياسي الداخلي، متجاهلاً المصالح الأمريكية الإقليمية الأوسع.


  وتشير عريقات إلى أن سياسات نتنياهو هي بمثابة "مشروع شخصي للبقاء في السلطة بأي ثمن"، حيث أصبحت تهديداً للديمقراطية الإسرائيلية، والاستقرار الإقليمي، وفرص تحقيق سلام عادل.   


ترامب يفكر بمنطق رجل الأعمال وصانع الصفقات  

وتؤكد عريقات أن استمرار نتنياهو في قيادة إسرائيل لا يضر بالفلسطينيين فحسب، بل يعيق إعادة ترتيب العلاقات الاستراتيجية في المنطقة، خاصة مع تزايد الانتقادات الداخلية والدولية لسياساته المتشددة. 


وفي سياق تحليل دوافع ترامب، توضح عريقات أن الرئيس الأمريكي يفكر بمنطق رجل الأعمال وصانع الصفقات، حيث يرى في نتنياهو عقبة أمام مصالحه الكبرى مع دول الخليج وشمال إفريقيا. 


 وتشير عريقات إلى أن هذه الدول تعتبر سياسات نتنياهو - من التصعيد العسكري المستمر وتوسيع الاستيطان إلى إفشال أي أفق سياسي للحل - عائقاً رئيسياً أمام تحقيق التطبيع الشامل والاستقرار الإقليمي.  


وتؤكد عريقات أن ترامب يدرك أن بقاء نتنياهو يعرقل مشروعه الطموح لإنشاء "تحالف إقليمي جديد" يعزز النفوذ الأمريكي في المنطقة. وفي مقارنة تاريخية، تربط عريقات بين موقف ترامب الحالي وموقف الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب، الذي استخدم الضغوط الاقتصادية في عام 1991 لإجبار حكومة إسحاق شامير على المشاركة في مؤتمر مدريد للسلام، ورغم أن دوافع ترامب ليست مبدئية مثل دوافع بوش، إلا أن الهدف قد يتقارب، وهو إزاحة زعيم إسرائيلي يعيق تحقيق التوازن الإقليمي.  


نتنياهو تهديد لمصالح ترامب الاستراتيجية  

وتؤكد عريقات أن ترامب يعمل على عزل نتنياهو كشخصية سياسية باتت تمثل تهديداً لمصالحه الاستراتيجية الأوسع. وتدعو عريقات الفلسطينيين والمجتمع الدولي إلى استثمار هذا التحول في الموقف الأمريكي لدفع مسار سلام حقيقي يقوم على أسس الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، بعيداً عن التسويات المؤقتة التي تخدم مصالح شخصية.  وتؤكد عريقات أن إزاحة نتنياهو من المعادلة باتت ضرورة أمريكية وإسرائيلية وعربية، خاصة في ظل سياساته المتطرفة التي تقوض أي فرصة للتقدم في الملفات الإقليمية. وترى عريقات المجتمع الدولي، وبشكل خاص بريطانيا وأوروبا، مطالب بالتحرك بجدية للمطالبة بتحديد حدود دولة إسرائيل وفق القانون الدولي، كخطوة أساسية لإحياء حل الدولتين، وضمان حق الفلسطينيين في تقرير المصير، وإنهاء الاستثناء القانوني الذي سمح باستمرار الاحتلال والاستيطان.  وتؤكد عريقات أن إخراج نتنياهو لم يعد مطلباً فلسطينياً فقط، بل مصلحة دولية وإسرائيلية مشتركة لتحقيق سلام حقيقي يخدم استقرار المنطقة، بدلاً من خدمة بقاء زعيم سياسي على حساب مستقبلها.    خلافات عميقة بين ترامب ونتنياهو  من جانبه، يقول د. رائد الدبعي، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، إن الحديث عن قطع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكشف عن خلافات عميقة بين الزعيمين، دون أن يعني تخلياً عن التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل، التي تظل دولة وظيفية تخدم المصالح الأمريكية منذ تأسيسها.  ويوضح الدبعي أن هذا الخلاف ينبع من تباين الرؤى حول ملفات استراتيجية في الشرق الأوسط، مما يضع نتنياهو في موقف سياسي هش داخلياً وخارجياً. ويشير الدبعي إلى أن الخلافات تتجلى في ثلاثة محاور رئيسية، أولاً، الملف الإيراني، حيث تتبنى إدارة ترامب، بدعم من حركة "ماجا" (اجعل أمريكا عظيمة من جديد)، نهجاً مرناً يفتح الباب للتفاوض حول البرنامج النووي الإيراني، بينما يصر نتنياهو على موقف متشدد يدعو لضربة عسكرية مباشرة، معتبراً إياها ضرورة وجودية لإسرائيل، وهذا التناقض خلق فجوة استراتيجية بين الطرفين.  اما الأمر الثاني بحسب الدبعي، قرار ترامب المفاجئ بوقف إطلاق النار مع جماعة أنصار الله في اليمن دون التنسيق مع إسرائيل، والذي أثار غضب تل أبيب.   حركة "ماجا ودعواتها الانعزالية  ويؤكد الدبعي أن تصريحات السفير الأمريكي مايك هاكابي، التي أشارت إلى أن واشنطن لا تحتاج إلى إذن أحد في إدارة ملفاتها الإقليمية، شكلت صدمة للقيادة الإسرائيلية، مما عزز شعور نتنياهو بالعزلة. ويشير الدبعي إلى الأمر الثالث وهو أن تأثير حركة "ماجا"، التي تدعو إلى سياسة انعزالية تركز على المصالح الأمريكية، أدى إلى تصدع في العلاقات مع حلفاء تقليديين مثل إسرائيل وأوروبا، وانعكس هذا النهج في تجاهل المواقف الإسرائيلية في الملفين الإيراني والفلسطيني، حيث فاجأت إدارة ترامب نتنياهو بانفتاحها على قنوات مباشرة مع حركة حماس عبر المبعوث الخاص للرهائن، آدم بوهلر، دون تنسيق كامل مع إسرائيل.  ويشير الدبعي إلى أن مؤشرات قبول واشنطن المؤقت لبقاء الذراع العسكري لحماس في غزة مقابل صفقة تبادل رهائن، هو طرح يتعارض تماماً مع أولويات نتنياهو ويهدد استقرار ائتلافه الحكومي.  ويلفت الدبعي إلى تهديدات وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير بالانسحاب من الحكومة الإسرائيلية، مما قد يؤدي إلى انهيار الحكومة وسقوط نتنياهو سياسياً. ويرى الدبعي أن شخصية ترامب كرجل أعمال تجعل اعتباراته الاقتصادية محورية، حيث يرى في السعودية ودول الخليج شركاء استراتيجيين قادرين على ضخ استثمارات ضخمة في الاقتصاد الأمريكي، وبالتالي، لم يعد نتنياهو الوسيط الوحيد في المنطقة، بل قد أصبح عقبة أمام المصالح الأمريكية الكبرى.  ومع ذلك، يحذر الدبعي من المبالغة في توقع انهيار العلاقة، مشيراً إلى نفي السفير هاكابي لوجود توتر، وتأكيده على قوة العلاقات، كما أن ترامب محاط بدائرة مؤثرة من الإنجيليين الصهاينة، مثل وزير الدفاع بيت هيجسيث والسفير هاكابي، إلى جانب ممولي حملته الانتخابية من الصهاينة غير اليهود، مما يعزز دعم إسرائيل.   ضغوط جورج بوش الأب على شامير  ويشير الدبعي إلى أن تسريبات تشير إلى استياء ترامب من استغلال نتنياهو له لتأبيد حكمه، مما يعكس تحولاً في نظرته لنتنياهو كشخص، وليس بالضرورة لإسرائيل كدولة. وفي سياق مقارنة تاريخية، يرى الدبعي أن الوضع الحالي يحمل أوجه شبه مع ضغوط الرئيس جورج بوش الأب على رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق شامير في التسعينيات، عندما هدد بوقف ضمانات القروض لدفع إسرائيل نحو مؤتمر مدريد.  ويؤكد الدبعي أن التاريخ لا يعيد نفسه حرفياً، نظراً لتغير الظروف، فاليوم، يواجه نتنياهو ضغوطاً داخلية من تحالف يميني متطرف يحد من مناوراته، ومعارضة قوية تتهمه بالفشل، إلى جانب تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي، في المقابل، تعتمد سياسات ترامب على حركة "ماجا"، التي تضع المصلحة الأمريكية فوق أي اعتبار، حتى لو تعارضت مع العلاقة التاريخية مع إسرائيل. ويوضح الدبعي أن نتنياهو يحاول استثمار نفوذه عبر الإنجيليين الصهاينة وممولي حملة ترامب، لكن نجاحه غير مضمون، خاصة مع تركيز ترامب على معادلة "أمريكا أولاً".  ويرجح الدبعي أن يتكرر الضغط على نتنياهو، ليس عبر تهديدات مالية كما فعل بوش، بل من خلال العزل السياسي والدبلوماسي، مما قد يسرع تفكك ائتلافه.  ويشير الدبعي إلى أن نتنياهو سيواجه هذه الضغوط بشراسة، مدفوعاً برغبته في الحفاظ على ائتلافه وأيديولوجيته اليمينية المتطرفة، التي لا تختلف عن رؤى سموتريتش وبن غفير.  ومع ذلك، يحذر الدبعي من أن مواجهة ترامب، الرئيس الشعبوي غير المتوقع، قد تكون بمثابة نهاية الحياة السياسية لنتنياهو، خاصة في ظل الشرق الأوسط الملتهب الذي يزيد من مخاطر أي تصعيد سياسي.    ترامب بات مقتنعاً أن نتنياهو "كذاب ومراوغ"  بدوره، يؤكد الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي فايز عباس أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توصل إلى قناعة راسخة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "كذاب ومراوغ"، ولا يفي بوعوده أو يتخذ قرارات تتماشى مع السياسة الأمريكية.  ويوضح عباس أن هذا الانطباع ترسخ لدى ترامب بعد رفض نتنياهو التوصل إلى صفقة لإعادة المحتجزين ووقف الحرب، رغم ضغوط ترامب، مما جعله يرى نتنياهو غير جاد وغير ملتزم بالتعهدات. ويشير عباس إلى أن ترامب، استناداً إلى هذا التقييم، قرر قطع الاتصالات مع نتنياهو، معتبراً أن الأخير يضع مصالحه الشخصية فوق مصالح الولايات المتحدة.  ويلفت عباس إلى أن نتنياهو صُدم من قرارات ترامب غير المتوقعة، خاصة اتفاقه مع الحوثيين في اليمن لوقف القصف مقابل حماية السفن الأمريكية، حيث وصف ترامب قادة الحوثيين بـ"أهل الثقة والشجاعة". وهذا التصريح، بحسب عباس، أثار غضب نتنياهو، لكنه اختار الصمت بدلاً من انتقاد ترامب. ويوضح عباس أن الوضع الحالي يختلف عن فترة الرئيس جورج بوش الأب، الذي هدد بقطع الدعم المالي عن إسرائيل لإجبارها على حضور مؤتمر مدريد عام 1991.   ترامب لا يكتفي بالتهديد  ويوضح عباس أن ترامب، على عكس بوش، لا يكتفي بالتهديد، بل يتخذ قرارات مباشرة تضر بمصالح إسرائيل، مثل إجراء مفاوضات مباشرة مع إيران حول الملف النووي، ورفض إلغاء الجمارك على البضائع الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاق مع الحوثيين.  والأبرز، بحسب عباس، هو إجراء الولايات المتحدة مفاوضات سرية مع قادة حماس حول المحتجزين دون علم إسرائيل، وهي خطوة يصفها بـ"الصفعة المدوية" لنتنياهو. ويشير عباس إلى أن ترامب ألغى طرح التطبيع بين السعودية وإسرائيل، مؤكداً أن الرياض ستحصل على مفاعل نووي مدني دون إشراك إسرائيل في هذه الصفقة، كما قرر ترامب إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون موافقة إسرائيل، التي رفضت حتى الآن السماح بدخول هذه المساعدات.  ويؤكد عباس أن هذه القرارات تعكس تحولاً جذرياً في سياسة ترامب، حيث يعيد ترتيب أولوياته الإقليمية بعيداً عن دعم نتنياهو، مما يضع إسرائيل أمام تحديات استراتيجية غير مسبوقة.    خلافات ترامب ونتنياهو تعدت السياسة وأصبحت شخصية   من جهته، يرى أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الخليل، د. سعيد شاهين، أن أزمة تصاعد الخلافات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تتجاوز السياسة لتصبح شخصية، دون المساس بالتحالف العضوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مشيراً إلى أن تجنب ترامب زيارة إسرائيل، على غير عادته، يعزز هذه الفرضية. ويشير شاهين إلى أن بوادر هذا التوتر ظهرت خلال زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن، حيث كان استقبال ترامب له فاتراً على غير العادة، مما أبرز خلافات اقتصادية وسياسية بين الرجلين. ويوضح شاهين أن تسريبات نشرتها صحيفة "إسرائيل هيوم" أكدت وجود أزمة بين القيادتين، وليس بين البلدين، نظراً للعلاقة المتشابكة التي تربط إسرائيل بالولايات المتحدة، والمدعومة بنفوذ اللوبيات الصهيونية داخل أمريكا.  ويشير شاهين إلى أن تصريحات السفير الأمريكي في تل أبيب، مايك هكابي، حاولت التخفيف من حدة هذه الأزمة على المجتمع الإسرائيلي، خاصة مع اقتراب التوصل إلى اتفاق مع إيران، وإبرام اتفاق مع جماعة أنصار الله في اليمن دون إشراك نتنياهو.  ترامب يرى نتنياهو كرجل مغرور  ويؤكد شاهين أن الإعلان المنتظر يوم الإثنين، قبيل زيارة ترامب للمنطقة، والمتعلق بخطة لوقف الحرب في غزة، يعكس فقدان نتنياهو لثقة الإدارة الأمريكية.  ويوضح شاهين أن ترامب يرى نتنياهو كرجل مغرور يسعى لخدمة مصالحه الشخصية على حساب المصالح الأمريكية، بينما يركز ترامب على إبرام صفقات اقتصادية وسياسية تعزز نفوذ الولايات المتحدة ومكاسبها المالية.  ويلفت شاهين إلى أن هذا الخلاف يعقد العلاقة بين زعيمين يتبنيان رؤى متضاربة: نتنياهو يسعى لاستمرار الحرب لضمان بقائه السياسي، بينما يدفع ترامب نحو تهدئة الصراعات لتحقيق أهدافه الاقتصادية. وفي مقارنة تاريخية، يرى شاهين أن الوضع الحالي قد يشبه توتر العلاقات في التسعينيات بين إسرائيل وأمريكا خلال عهد بوش الأب، الذي جمّد الدعم المالي لإسرائيل لوقف بناء المستوطنات.   تسكين الصراعات لإبرام الصفقات  ويشير شاهين إلى أن النفوذ الصهيوني في داخل الولايات المتحدة الأمريكية اليوم أعمق بكثير وليس كفترة جورج بوش الأب، إلى جانب دعم أمريكي غير مسبوق لإسرائيل، يشمل حماية دبلوماسية وعسكرية واقتصادية لجرائمها في غزة والضفة الغربية، وهو ما يجعل فكرة الانفكاك بالعلاقة عن إسرائيل مستحيلة. ورغم ذلك، يؤكد شاهين أن شخصية ترامب المتقلبة وكاريزمته الفريدة تجعل أي سيناريو ممكناً، بما في ذلك تحولات دراماتيكية في العلاقة بينه وبين نتنياهو. ويؤكد شاهين أن عقلية ترامب الاقتصادية تركز على تسكين الصراعات لإبرام الصفقات، وهو ما يتضح في سعيه لوقف الحرب في غزة بالطرق الدبلوماسية، كما أشار المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، في المقابل، يعتمد نتنياهو على استمرار الحرب لتعزيز بقائه السياسي، مما يوسع الفجوة بين الرجلين ويهدد بتعقيد العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية في المستقبل القريب.  تعارض سلم الأولويات الأمريكية مع الإسرائيلية  أستاذ العلوم السياسية والمختص بالشأن الإسرائيلي، د. سهيل دياب، يقول إن التوترات غير المسبوقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد تتصاعد إلى صدام "مزلزل"، متجاوزةً أزمة مؤتمر مدريد بين الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب ورئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق شامير.  ويوضح دياب أن الخلاف ينبع من تعارض سلم الأولويات الأمريكية مع الأولويات الإسرائيلية، مما يضع نتنياهو أمام خيارات صعبة قد تدفعه إلى "قلب الطاولة" عبر تصعيد خطير مثل مهاجمة أهداف نووية أو اقتصادية إيرانية أو تنفيذ اغتيالات غير عادية، حال انتظرته بطاقات صفراء أخرى اضافية قد تصل إلى بطاقة حمراء مزلزلة. ويشير دياب إلى أن الأولويات الإسرائيلية الحالية تشمل القضاء على حركة حماس، واسترجاع الأسرى الإسرائيليين، وتوجيه ضربة للمفاعل النووي الإيراني، وأخيراً التوصل إلى تفاهم تطبيعي مع دول الخليج. وفي المقابل، تركز الأولويات الأمريكية، بحسب دياب، على إبرام صفقة اقتصادية وأمنية استراتيجية مع دول الخليج، ةاستنفاذ الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، وتهدئة البؤر الساخنة في سوريا ولبنان وفلسطين.   الأزمة الحالية تختلف عن سابقاتها   هذا التعارض، وفق دياب، دفع ترامب إلى رفع "بطاقتين صفراوتين" لنتنياهو: الأولى خلال استدعائه للبيت الأبيض لمناقشة المباحثات الإسرائيلية-الإيرانية، والثانية عند إبرام اتفاق مع الحوثيين لوقف الهجمات المتبادلة دون التنسيق مع إسرائيل، مما اعتبره نتنياهو تجاوزاً استراتيجياً. ويؤكد دياب أن الأزمة الحالية تختلف عن سابقاتها، لأنها تأتي من موقع ضعف أمريكي، حيث تحتاج الولايات المتحدة إلى تحسين اقتصادها، وصفقات مع السعودية، وتهدئة الشرق الأوسط، ودبلوماسية متقدمة في الملف الإيراني.  ويوضح دياب أن عدم تماهي نتنياهو مع رؤية ترامب قد يضر بالمصالح الأمريكية الاستراتيجية إقليمياً ودولياً، كما يتضح من الاتفاق الأمريكي-الحوثي الذي تم دون مراعاة الموقف الإسرائيلي.  ويؤكد دياب أن خيارات نتنياهو شبه معدومة داخلياً وخارجياً، إذ إن التخلي عن مظلة ترامب يعرض إسرائيل لمخاطر محلية وإقليمية ودولية غير مسبوقة. ويرجح دياب أن استمرار التوتر قد يدفع ترامب إلى رفع "بطاقة حمراء" تتمثل بفرض صفقة حول غزة لا ترضي إسرائيل، مما يضع نتنياهو أمام خيارين: إما التضحية بائتلافه ومستقبله السياسي، أو "قلب الطاولة" عبر تصعيد خطير ضد إيران وهو أمر مرجح.     نتنياهو قد يعيد خلط الأوراق  ويشير دياب إلى أن شخصية ترامب، المعروفة بالتلاعب السياسي وردود الفعل الحادة، تجعل الصدام المحتمل أكثر حدة من أي أزمة سابقة، بما في ذلك إذلال نتنياهو بما يتجاوز مع ما حدث مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي.  ويرى دياب أن نتنياهو، بدافع الحفاظ على ائتلافه وأيديولوجيته اليمينية المتطرفة ومصالحه الشخصية، قد يلجأ إلى خيارات جذرية لإعادة خلط الأوراق وربما توجيه ضربات لإيران وتنفيذ اغتيالات داخلها، مما يهدد بتفجير الوضع الإقليمي.  ويؤكد دياب أن هذه الأزمة، بما تحمله من طابع شخصي واستراتيجي، تمثل نقطة تحول قد تعيد تشكيل العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية بشكل غير مسبوق.    خلاف تكتيكي لا يمس جوهر العلاقة الاستراتيجية  بدوره، يؤكد الكاتب الصحفي مهند عبد الحميد أن تصاعد التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وما تحدثت عنه وسائل إعلام إسرائيلية، مثل إذاعة الجيش والقناة 14، حول وجود قرار لترامب بقطع الاتصال مع نتنياهو بسبب سياسة التلاعب التي يتبعها الأخير، رغم كون الخلاف تكتيكياً ولا يمس جوهر العلاقة الاستراتيجية بين واشنطن وتل أبيب، لكنه يعكس تعارضاً واضحاً بين أولويات ترامب ونتنياهو، مما يضع الأخير في موقف ضعيف أمام الإدارة الأمريكية. ويشير عبد الحميد إلى أن ترامب، كما صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، يركز على إطلاق سراح الرهائن الاسرائيليين في غزة كأولوية قصوى، وقد أثار استياء نتنياهو بإعلانه وفاة ثلاثة رهائن، مخالفاً التقاليد الإسرائيلية. ويلفت عبد الحميد إلى أن نتنياهو وحكومته المتطرفة يتبنون سياسة تصعيد الحرب في غزة، التي تهدف إلى طرد السكان، وإعادة احتلال القطاع، وبناء مستوطنات، وضم الضفة الغربية، مما يعرض حياة الرهائن للخطر، وهو ما لا ينسجم مع رؤية ترامب. ويؤكد عبد الحميد أن إدارة ترامب تولي أهمية كبرى للتوصل إلى هدنة، وإطلاق سراح الأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية قبل زيارته المرتقبة للمنطقة، التي يراهن من خلالها على جذب استثمارات وصفقات أسلحة بقيمة تريليونات الدولارات من دول الخليج.  كفة ترامب هي الراجحة  ويوضح عبد الحميد أن كفة ترامب هي الراجحة في هذا الخلاف، خاصة أن مواقفه تتسق مع رغبة 61% من الإسرائيليين، بحسب استطلاعات الرأي، في دعم صفقة تبادل ووقف الحرب، ومع موقف المعارضة الإسرائيلية التي تعارض أي هجوم عسكري مزمع. ويشير عبد الحميد إلى أن نتنياهو اعتاد ابتزاز الإدارة الأمريكية السابقة برفض مبادراتها أو تعطيلها دون مواجهة عواقب، حتى في ولاية ترامب الأولى، حيث فرض رؤيته باستبعاد القضية الفلسطينية من الاتفاقات الإبراهيمية، وضم القدس والجولان، وصيغ صفقة القرن بمساهمة فريق يميني إسرائيلي متشدد، كما رفض نتنياهو إدراج حل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في اتفاق سعودي كانت إدارة بايدن تعمل عليه، مما أدى إلى انفجار المنطقة وانهيار استقرارها، وإفراغ اتفاقات السلام من محتواها الجيوسياسي والاقتصادي الذي أسسه كيسنجر. ويؤكد عبد الحميد أن مصالح نتنياهو الأنانية، التي تركز على استمرار الحرب في غزة، والتوسع الاستيطاني في الضفة، الحل العسكري مع إيران، واستمرار التصعيد في لبنان وسوريا، تهدف إلى تكريسه كزعيم لا يُنازع في إسرائيل، ومنع انهيار حكومته أو محاكمته وسجنه.  لكن هذه المصالح وفق عبد الحميد، تتعارض مع أهداف ترامب، الذي يسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية ضخمة من الخليج بعد فشله في معركة الجمارك العالمية.   خطوات حاسمة لتحجيم نتنياهو    ويوضخ عبد الحميد أنه لتحجيم نتنياهو، اتخذ ترامب خطوات حاسمة: أولاً، إبرام اتفاق مع الحوثيين لوقف الاشتباكات دون تنسيق مع إسرائيل؛ ثانياً، تحذير نتنياهو بأنه سيُترك وحيداً إذا لم يدعم اتفاقاً في غزة؛ ثالثاً، التخلي عن اشتراط تطبيع سعودي-إسرائيلي في الصفقات الأمريكية-السعودية، بما في ذلك التعاون النووي؛ ورابعاً، مواصلة التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي بما يخدم المصالح الأمريكية، خلافاً لرغبة نتنياهو في الحسم العسكري. ويشدد عبد الحميد على أن سياسة ترامب تشترك مع سياسة بوش الأب في رفض الخضوع للابتزاز الإسرائيلي، وسعيها لضبط إسرائيل وفق المصالح الأمريكية عبر الضغط السياسي.  ويؤكد عبد الحميد أن هذه الخطوات تناقض الاعتقاد السائد بأن القرار الأمريكي يخضع لحكومات إسرائيل، مما يضع نتنياهو أمام تحدٍ غير مسبوق قد يعيد تشكيل ديناميكيات العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية في المنطقة.

دلالات

شارك برأيك

ترامب ونتنياهو.. هل وصل الخلاف نقطة اللاعودة؟

فلسطيني قبل 12 أيام

نابلس - فلسطين 🇵🇸

اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين لأن الظلم عواقبه وخيمة

المزيد في فلسطين

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 1261)